الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
واختلف أصحابنا فيمن قال " لله علي بدنة " هل يجوز له نحرها بغير مكة ؟ فقال أبو حنيفة ومحمد : " يجوز له ذلك " وقال أبو يوسف : " لا يجوز له نحره إلا بمكة " . ولم يختلفوا فيمن نذر هديا أن عليه ذبحه بمكة وأن من قال : " لله علي جزور " أنه يذبحه حيث شاء . وروي عن ابن عمر أنه قال : " من نذر جزورا نحرها حيث شاء ، وإذا نذر بدنة نحرها بمكة " ، وكذا روي عن الحسن وعطاء ، وكذا روي عن عبد الله بن محمد بن علي وسالم وسعيد بن المسيب . وروي عن الحسن أيضا وسعيد بن المسيب قالا : " إذا جعل على نفسه هديا فبمكة وإذا قال بدنة فحيث نوى " . وقال مجاهد : " ليست البدن إلا بمكة " . وذهب أبو حنيفة إلى أن البدنة بمنزلة الجزور ولا يقتضي إهداءها إلى موضع فكان بمنزلة ناذر الجزور والشاة ونحوها ، وأما الهدي فإنه يقتضي إهداءه إلى موضع ، وقال الله تعالى : هديا بالغ الكعبة فجعل بلوغ الكعبة من صفة الهدي . ويحتج لأبي يوسف بقوله تعالى : والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فكان اسم البدنة مفيدا لكونها قربة كالهدي ؛ إذ كان اسم الهدي يقتضي كونه قربة مجعولا لله ، فلما لم يجز الهدي إلا بمكة كان كذلك حكم البدنة . قال أبو بكر : وهذا لا يلزم من قبل أنه ليس كل ما كان ذبحه قربة فهو مختص بالحرم ؛ لأن الأضحية قربة ، وهي جائزة في سائر الأماكن ، فوصفه للبدن بأنها من شعائر الله لا يوجب تخصيصها بالحرم .

التالي السابق


الخدمات العلمية