الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى - : والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون روي عن إبراهيم النخعي في معنى الآية قال : " كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم فيجترئ عليهم الفساق " . وقال السدي هم ينتصرون معناه : ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا عليهم .

قال أبو بكر : قد ندبنا الله في مواضع من كتابه إلى العفو عن حقوقنا قبل الناس ، فمنه قوله : وأن تعفوا أقرب للتقوى وقوله تعالى في شأن القصاص : فمن تصدق به فهو كفارة له وقوله : وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم وأحكام هذه الآي ثابتة غير منسوخة .

وقوله : والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون يدل ظاهره على أن الانتصار في هذا الموضع أفضل ، ألا ترى أنه قرنه إلى ذكر الاستجابة لله - تعالى - وإقامة الصلاة ؟ وهو محمول على ما ذكره إبراهيم النخعي أنهم كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم فيجترئ الفساق عليهم ، فهذا فيمن تعدى وبغى وأصر على ذلك ، والموضع المأمور فيه بالعفو إذا كان الجاني نادما مقلعا .

وقد قال عقيب هذه الآية : ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ومقتضى ذلك إباحة الانتصار لا الأمر به ، وقد عقبه بقوله : ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور فهو محمول على الغفران عن غير المصر . فأما المصر على البغي والظلم فالأفضل الانتصار منه ، بدلالة الآية التي قبلها .

وحدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا الحسن قال : أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قوله تعالى - : ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل قال : هذا فيما يكون بين الناس من القصاص ، فأما لو ظلمك رجل لم يحل لك أن تظلمه . آخر سورة حم عسق .

التالي السابق


الخدمات العلمية