وقوله تعالى - ولا تنابزوا بالألقاب  روى  حماد بن سلمة  عن يونس  عن  الحسن   : أن  أبا ذر  كان عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان بينه وبين رجل منازعة فقال له  أبو ذر   : يا ابن اليهودية فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما ترى ما ههنا من شيء أحمر ولا أسود وما أنت أفضل منه إلا بالتقوى قال : ونزلت هذه الآية ولا تنابزوا بالألقاب  وقال  قتادة  في قوله تعالى - : ولا تنابزوا بالألقاب  قال  " لا تقل ؛ لأخيك المسلم يا فاسق يا منافق " حدثنا عبد الله بن محمد  قال : حدثنا  الحسن  قال : أخبرنا  عبد الرزاق  عن  معمر  عن  الحسن  قال  : " كان اليهودي والنصراني يسلم فيقال له يا يهودي يا نصراني ، فنهوا عن ذلك "  . 
حدثنا محمد بن بكر  قال : حدثنا  أبو داود  قال : حدثنا  موسى بن إسماعيل  قال : حدثنا وهيب  عن داود  عن عامر  قال : حدثني أبو جبيرة بن الضحاك  قال : فينا نزلت هذه الآية في بني سلمة   : ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان  قال : قدم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس منا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا فلان فيقولون : مه يا رسول الله إنه يغضب من هذا الاسم فأنزلت هذه الآية : ولا تنابزوا بالألقاب   . وهذا يدل على أن اللقب المكروه هو ما يكرهه صاحبه ويفيد ذما للموصوف به ؛ لأنه بمنزلة السباب والشتيمة فأما الأسماء والأوصاف الجارية غير هذا المجرى فغير مكروهة لم يتناولها النهي ؛ لأنها بمنزلة أسماء الأشخاص والأسماء المشتقة من أفعال . 
وقد روى  محمد بن إسحاق  عن محمد بن يزيد بن خثيم  عن  محمد بن كعب  قال : حدثني محمد بن خثيم المحاربي  عن  [ ص: 287 ]  عمار بن ياسر  قال : كنت أنا  وعلي بن أبي طالب  رفيقين في غزوة العشيرة من بطن ينبع  ، فلما نزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بها شهرا وصالح فيها بني مدلج  وحلفاءهم من بني ضمرة  ووادعهم ، فقال لي  علي  رضي الله عنه : هل لك أن تأتي هؤلاء من بني مدلج  يعملون في عير لهم ننظر كيف يعملون فأتيناهم فنظرنا إليهم ساعة ثم غشينا النوم ، فعمدنا إلى صور من النخل في دقعاء من الأرض فنمنا ، فما أنبهنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدمه ، فجلسنا ، وقد تتربنا من تلك الدقعاء ، فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  لعلي   : يا أبا تراب لما عليه من التراب ، فأخبرناه بما كان من أمرنا فقال : ألا أخبركم بأشقى رجلين ؟ قلنا : من هما يا رسول الله ؟ قال : أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا  علي  على هذا ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسه حتى تبل منه هذه ووضع يده على لحيته  . 
وقال  سهل بن سعد   : " ما كان اسم أحب إلى  علي  رضي الله عنه أن يدعى به من أبي تراب " فمثل هذا لا يكره ، ؛ إذ ليس فيه ذم ولا يكرهه صاحبه  . وحدثنا محمد بن بكر  قال : حدثنا  أبو داود  قال : حدثنا إبراهيم بن مهدي  قال : حدثنا  شريك  عن عاصم  عن  أنس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا ذا الأذنين ، وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماء قوم ، فسمى العاص عبد الله  وسمى شهابا  هشاما  وسمى حربا  سلما ،  وفي جميع ذلك دليل على أن المنهي من الألقاب ما ذكرنا دون غيره ، وقد روي أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : انظر إليها فإن في أعين الأنصار  شيئا يعني الصغر قال  أبو بكر   : فلم يكن ذلك غيبة ؛ لأنه لم يرد به ذم المذكور ولا غيبته . 
				
						
						
