ومن سورة المجادلة
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله - عز وجل - :
nindex.php?page=treesubj&link=29029_28723_32498_34433_32344_32385_12129_29717nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=1قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2وإن الله لعفو غفور روى
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن
خالد عن
أبي قلابة قال : " كان طلاقهم في الجاهلية
nindex.php?page=treesubj&link=11827_23271الإيلاء والظهار ، فلما جاء الإسلام جعل الله في الظهار ما جعل فيه ، وجعل في الإيلاء ما جعل فيه . " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : " كانت النساء تحرم بالظهار حتى أنزل الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=1قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها الآية " .
وأما المجادلة التي كانت في المرأة ، فإن
عبد الله بن محمد حدثنا قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14103الحسن بن أبي الربيع قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
أبي إسحاق في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=1قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها " في امرأة يقال لها
خويلة " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة :
بنت ثعلبة وزوجها
أوس بن [ ص: 302 ] الصامت ، قالت إن زوجها جعلها عليه كظهر أمه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=936817ما أراك إلا قد حرمت عليه وهو يومئذ يغسل رأسه ، فقالت : انظر جعلني الله فداك يا نبي الله قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=936817ما أراك إلا قد حرمت عليه فأعادت ذلك مرارا ، فأنزل الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=1قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثم يعودون لما قالوا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : " حرمها ثم يريد أن يعود لها فيطأها فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=936817ما أراك إلا قد حرمت عليه يحتمل أن يريد به
nindex.php?page=treesubj&link=11698_23271تحريم الطلاق على ما كان عليه حكم الظهار ، ومحتمل أن يريد به تحريم الظهار ؛ والأولى أن يكون المراد تحريم الطلاق لأن حكم الظهار مأخوذ من الآية والآية نزلت بعد هذا القول ، فثبت أن مراده تحريم الطلاق ورفع النكاح ؛ وهذا يوجب أن يكون هذا الحكم قد كان ثابتا في الشريعة قبل نزول آية الظهار ، وإن كان قبل ذلك من حكم أهل الجاهلية .
فإن قيل : إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حكم فيها بالطلاق بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=936817ما أراك إلا قد حرمت فكيف حكم فيها بعينها بالظهار بعد حكمه بالطلاق بذلك القول بعينه في شخص بعينه ؟
وإنما النسخ يوجب الحكم في المستقبل بخلاف الأول في الماضي قيل له : لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم بالطلاق ، وإنما علق القول فيه فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=936817ما أراك إلا قد حرمت فلم يقطع بالتحريم ، وجائز أن يكون الله - تعالى - قد أعلمه قبل ذلك أنه سينسخ هذا الحكم وينقله من الطلاق إلى تحريم الظهار الآن ،
فجوز النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل الله الآية فلم يثبت الحكم فيه ، فلما نزلت الآية حكم فيها بموجبها .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا يعني - والله أعلم - في تشبيهها بظهر الأم ، لأن
nindex.php?page=treesubj&link=10972الاستمتاع بالأم محرم تحريما مؤبدا ، وهي لا تحرم عليه بهذا القول تحريما مؤبدا ، فكان ذلك منكرا من القول وزورا ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2الذين يظاهرون منكم من نسائهم وذلك خطاب للمؤمنين يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=12033الظهار مخصوص به المؤمنون دون أهل الذمة فإن قيل فقد قال الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا ولم يخصص المذكورين في الثانية قيل له : المذكورون في الآية الثانية هم المذكورون في الآية الأولى ، فوجب أن يكون خاصا في المسلمين دون غيرهم .
وأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثم يعودون لما قالوا فقد اختلف الناس فيه ، فروى
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن أبيه :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثم يعودون لما قالوا قال : " الوطء ، فإذا حنث فعليه الكفارة " وهذا تأويل مخالف للآية ؛ لأنه قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس قال : " إذا تكلم بالظهار لزمه " وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
[ ص: 303 ] " أنه
nindex.php?page=treesubj&link=12116إذا قال أنت علي كظهر أمي لم تحل له حتى يكفر " وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة : " إذا أراد جماعها لم يقربها حتى يكفر " . وقد اختلف فقهاء الأمصار في
nindex.php?page=treesubj&link=12143معنى العود ، فقال أصحابنا
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد : " الظهار يوجب تحريما لا يرفعه إلا الكفارة " ومعنى العود عندهم استباحة وطئها فلا يفعله إلا بكفارة يقدمها .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15536بشر بن الوليد عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : " لو وطئها ثم ماتت لم يكن عليه كفارة " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : " إذا ظاهر منها لم تحل له إلا بعد الكفارة ، وإن طلقها ثم تزوجها لم يطأها حتى يكفر " ، وهذا موافق لقول أصحابنا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " إذا أجمع بعد الظهار على إمساكها ، وإصابتها فقد وجبت عليه الكفارة ، فإن طلقها بعد الظهار ولم يجمع على إمساكها ، وإصابتها فلا كفارة عليه ، وإن تزوجها بعد ذلك لم يمسها حتى يكفر كفارة الظهار " .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم عنه أنه
nindex.php?page=treesubj&link=12141_12144إذا ظاهر منها ثم وطئها ثم ماتت فلا بد من الكفارة ؛ لأنه وطئ بعد الظهار وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " إذا أجمع بعد الظهار على إمساكها ، وإصابتها وطلب الكفارة فماتت امرأته فعليه الكفارة " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : " إذا أجمع رأي المظاهر على أن يجامع امرأته فقد لزمته الكفارة ، وإن أراد تركها بعد ذلك ؛ لأن العود هو الإجماع على مجامعتها " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي فيمن ظاهر من امرأته ثم طلقها قبل أن يطأها قال : " أرى عليه الكفارة راجعها أو لم يراجعها ، وإن ماتت لم يصل إلى ميراثها حتى يكفر " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : " إن أمكنه أن يطلقها بعد الظهار فلم يطلق فقد وجبت الكفارة ماتت أو عاشت " . وحكي عن بعض من لا يعد خلافا أن العود أن يعيد القول مرتين قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : روت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية أن آية الظهار نزلت في شأن
خولة حين ظاهر منها زوجها
أوس بن الصامت nindex.php?page=hadith&LINKID=65429فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بعتق رقبة فقال : لا أجد ، فقال : صم شهرين متتابعين قال : لو لم آكل في اليوم ثلاث مرات كاد أن يغشى على بصري ، فأمره بالإطعام وهذا يدل على بطلان قول من اعتبر العزم على إمساكها ووطئها ؛ لأنه لم يسأله عن ذلك ، وبطلان قول من اعتبر إرادة الجماع ؛ لأنه لم يسأله ، وبطلان قول من اعتبر الطلاق ؛ لأنه لم يقل هل طلقتها ، وبطلان قول من اعتبر إعادة القول ؛ لأنه لم يسأله هل أعدت القول مرتين ؛ فثبت قول أصحابنا وهو أن لفظ الظهار يوجب تحريما ترفعه الكفارة .
ومعنى قوله تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثم يعودون لما قالوا يحتمل وجهين . أحدهما : ذكر الحال الذي خرج عليه الخطاب ، وهو أنه قد كان من عادتهم في الجاهلية الظهار فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2الذين يظاهرون منكم من نسائهم قبل هذه الحال
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثم يعودون لما قالوا والمعنى : ويعودون
[ ص: 304 ] بعد الإسلام إلى ذلك ، كما قال - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد ومعناه : والله شهيد ، فيكون نفس القول عودا إلى العادة التي كانت لهم في ذلك ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=39حتى عاد كالعرجون القديم
والمعنى : حتى صار كذلك ، وكما قال
أمية بن أبي الصلت :
هذي المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
معناه : صارا كذلك ؛ لأنهما في الثدي لم يكونا كذلك وكما قال
لبيد :
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
ويحور يرجع ، وإنما معناه ههنا يصير رمادا .
كذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثم يعودون لما قالوا أنهم يصيرون إلى حال الظهار الذي كان يكون مثله منهم في الجاهلية .
والوجه الآخر : أنه معلوم أن حكم الله في الظهار إيجاب
nindex.php?page=treesubj&link=12116تحريم الوطء موقتا بالكفارة ، فإذا كان الظهار مخصوصا بتحريم الوطء دون غيره ولا تأثير له في رفع النكاح وجب أن يكون العود هو العود إلى استباحة ما حرمه بالظهار ، فيكون معناه : يعودون للمقول فيه ، كقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652400العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه ، وإنما هو عائد في الموهوب ، وكقولنا : اللهم أنت رجاؤنا ، أي من رجونا ؛ وقال - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99واعبد ربك حتى يأتيك اليقين يعني : الموقن به وقال الشاعر :
أخبر من لاقيت أن قد وفيتم ولو شئت قال المنبئون أساءوا
، وإني لراجيكم على بطء سعيكم كما في بطون الحاملات رجاء
يعني مرجوا وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثم يعودون لما قالوا معناه : لما حرموا ، فيستبيحونه فعليهم الكفارة قبل الاستباحة ويبطل قول من اعتبر البقاء على النكاح من وجهين :
أحدهما : أن الظهار لا يوجب تحريم العقد والإمساك فيكون العود إمساكها على النكاح ؛ لأن العود لا محالة قد اقتضى عودا إلى حكم معنى قد تقدم إيجابه ، فلا يجوز أن يكون للإمساك على النكاح فيه تأثير .
والثاني : أنه قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثم يعودون و " ثم " يقتضي التراخي ، ومن جعل العود البقاء على النكاح فقد جعله عائدا عقيب القول بلا تراخ ، وذلك خلاف مقتضى الآية .
وأما من جعل العود العزيمة على الوطء فلا معنى لقوله أيضا ؛ لأن موجب القول هو تحريم الوطء لا تحريم العزيمة ، والعزيمة على المحظور ، وإن كانت محظورة فإنما تعلق حكمها بالوطء ، فالعزيمة على الانفراد لا حكم لها ، وأيضا لا حظ للعزيمة في سائر الأصول ولا
[ ص: 305 ] تتعلق بها الأحكام ، ألا ترى أن سائر العقود ، والتحريم لا يتعلق بالعزيمة فلا اعتبار بها ؟ وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=11219إن الله عفا لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا به أو يعملوا به فإن قيل : هلا كان العود إعادة القول مرتين ؛ لأن اللفظ يصلح أن يكون عبارة عنه كما قال الله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=28ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ومعناه لفعلوا مثل ما نهوا عنه . قيل له : هذا خطأ من وجهين . أحدهما : أن إجماع
السلف والخلف جميعا قد انعقد بأن هذا ليس بمراد ، فقائله خارج عن نطاق الإجماع . والثاني : أنه يجعل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثم يعودون لما قالوا تكرارا للقول واللفظ مرتين ، والله - تعالى - لم يقل ثم يكررون القول مرتين ، ففيه إثبات معنى لا يقتضيه اللفظ ولا يجوز أن يكون عبارة عنه .
وإن حملته على أنه عائد لمثل القول ففيه إضمار لمثل ذلك القول وذلك لا يجوز إلا بدلالة ، فالقائل بذلك خارج عن الإجماع ومخالف لحكم الآية ومقتضاها فإن قيل : وأنت إذا حملته على تحريم الوطء وأن تقديم الكفارة لاستباحة الوطء فقد زلت عن الظاهر قيل له : إذا كان الظهار قد أوجب تحريم الوطء فالذي يستبيحه منه هو الذي حرمه بالقول ، فجاز أن يكون ذلك عودا لما قال ؛ إذ هو مستبيح لذلك الوطء الذي حرمه بعينه وكان عودا لما قال من إيجاب التحريم .
ومن جهة أخرى أن الوطء إذا كان مستحقا بعقد النكاح ، وحكم الوطء الثاني كالأول في أنه مستحق بسبب واحد ثم حرمه بالظهار ، جاز أن يكون الإقدام على استباحته عودا لما حرم فكان هذا المعنى مطابقا للفظ .
فإن قيل : إن كانت الاستباحة هي الموجبة للكفارة فليس يخلو ذلك من أن يكون العزيمة على الاستباحة وعلى الإقدام على الوطء أو إيقاع الوطء ، فإن كان المراد الأول فهذا يلزمك إيجاب الكفارة بنفس العزيمة قبل الوطء كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح . وإن كان المراد إيقاع الوطء فواجب أن لا تلزمه الكفارة إلا بعد الوطء ، وهذا خلاف الآية ، وليس هو قولك أيضا .
قيل له : المعنى في ذلك هو ما قد بينا من الإقدام على استباحة الوطء ، فقيل له : إذا أردت الوطء وعدت لاستباحة ما حرمته فلا تطأ حتى تكفر ، لا أن الكفارة واجبة ولكنها شرط في رفع التحريم ، كقوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=98فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم يعني فقدم الاستعاذة قبل القراءة ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا والمعنى : إذا أردتم القيام وأنتم محدثون فقدموا الغسل . وكقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=12إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة وكقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن [ ص: 306 ] والمعنى : إذا أردتم ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قد ثبت بما قدمنا أن الظهار لا يوجب كفارة ، وإنما يوجب تحريم الوطء ، ولا يرتفع إلا بالكفارة ، فإذا لم يرد وطأها فلا كفارة عليه ، وإن ماتت أو عاشت فلا شيء عليه ؛ إذ كان حكم الظهار إيجاب التحريم فقط موقتا بأداء الكفارة ، وأنه متى لم يكفر فالوطء محظور عليه فإن وطئ سقط الظهار والكفارة وذلك لأنه علق حكم الظهار وما أوجب به من الكفارة بأدائها قبل الوطء لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3من قبل أن يتماسا فمتى وقع المسيس فقد فات الشرط فلا تجب الكفارة بالآية ؛ لأن كل فرض محصور بوقت أو معلق على شرط فإنه متى فات الوقت وعدم الشرط لم يجب باللفظ الأول واحتيج إلى دلالة أخرى في إيجاب مثله في الوقت الثاني .
فهذا حكم الظهار إذا وقع المسيس قبل التكفير ، إلا أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا ظاهر من امرأته فوطئها قبل التكفير ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له :
nindex.php?page=hadith&LINKID=66277استغفر الله ولا تعد حتى تكفر فصار التحريم الذي بعد الوطء واجبا بالسنة ، وقد اختلف
السلف nindex.php?page=treesubj&link=12150فيمن وطئ ما الذي يجب عليه من الكفارة بعده ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب : " ليس عليه إلا كفارة واحدة " ، وكذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين في آخرين وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص nindex.php?page=showalam&ids=16812وقبيصة بن ذؤيب nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة " عليه كفارتان " . قال : وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن رجلا قال : يا رسول الله ظاهرت من امرأتي فجامعتها قبل أن أكفر ؟ فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=66277استغفر الله ولا تعد حتى تكفر فلم يوجب عليه كفارتين بعد الوطء .
واختلف الفقهاء في
nindex.php?page=treesubj&link=12109توقيت الظهار ، فقال أصحابنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : " إذا قال أنت علي كظهر أمي اليوم بطل الظهار بمضي اليوم " ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح : " هو مظاهر أبدا " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : تحريم الظهار لا يقع إلا موقتا بأداء الكفارة ، فإذا وقته المظاهر وجب توقيته ؛ لأنه لو كان مما لا يتوقت لما انحل ذلك التحريم بالتكفير كالطلاق ، فأشبه الظهار اليمين التي يحلها الحنث ، فوجب توقيته كما يتوقت اليمين وليس كالطلاق ؛ لأنه لا يحله شيء .
فإن قيل : تحريم الطلاق الثلاث يقع موقتا بالزوج الثاني ولا يتوقت بتوقيت الزوج إذا قال أنت طالق اليوم قيل له : إن الطلاق لا يتوقت بالزوج الثاني ، وإنما يستفيد الزوج الأول بالزوج الثاني إذا تزوجها بعد ثلاث تطليقات مستقبلات والثلاث الأول واقعة على ما كانت .
وإنما استفاد طلاقا غيرها ، فليس في الطلاق توقيت بحال ، والظهار موقت لا محالة بالتكفير فجاز توقيته بالشرط ، واختلفوا في الظهار هل يدخل
[ ص: 307 ] عليه إيلاء ؟ فقال أصحابنا
nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري في إحدى الروايتين
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي " لا يدخل الإيلاء على المظاهر ، وإن طال تركه إياها " وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك " لا يدخل على حر إيلاء في ظهار إلا أن يكون مضارا لا يريد أن يفيء من ظهاره . وأما العبد فلا يدخل على ظهاره إيلاء " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم عنه " يدخل الإيلاء على الظهار إذا كان مضارا ومما يعلم به ضراره أن يقدر على الكفارة فلا يكفر فإنه إذا علم ذلك وقف مثل المولي فإما كفر ، وإما طلقت عليه امرأته " .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري أن الإيلاء يدخل على الظهار قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر ليس الظهار كناية عن الطلاق ولا صريحا فلا يجوز إثبات الطلاق به إلا بتوقيف وقال النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=848512من أدخل في أمرنا ما ليس منه فهو رد ومن أدخل الإيلاء على المظاهر فقد أدخل عليه ما ليس منه وأيضا نص الله على حكم المولي بالفيء أو عزيمة الطلاق . ونص على حكم المظاهر بإيجاب كفارة قبل المسيس فحكم كل واحد منهما منصوص عليه فغير جائز حمل أحدهما على الآخر ؛ إذ من حكم المنصوصات أن لا يقاس بعضها على بعض وأن كل واحد منها مجرى على بابه ، ومحمول على معناه دون غيره ، وأيضا فإن معنى الإيلاء وقوع الحنث ووجوب الكفارة بالوطء في المدة ولا تتعلق كفارة الظهار بالوطء فليس هو إذا في معنى الإيلاء ولا في حكمه ، وأيضا فإن المولى سواء قصد الضرار أو لم يقصد لا يختلف حكمه وقد اتفقنا أنه متى لم يقصد الضرار بالظهار لم يلزمه حكم الإيلاء بمضي المدة فوجب أن لا يلزمه ، وإن قصد الضرار فإن قيل لم يعتبر ذلك في الإيلاء ؛ لأن نفس الإيلاء ينبئ عن قصد الضرار ؛ إذ هو حلف على الامتناع من الوطء في المدة .
قيل له : الظهار قصد إلى الضرار من حيث حرم وطأها إلا بكفارة يقدمها عليه فلا فرق بينهما فيما يقتضيانه من المضارة ، واختلف
السلف ومن بعدهم وفقهاء الأمصار في
nindex.php?page=treesubj&link=12057الظهار من الأمة فروى
عبد الكريم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال " من شاء باهلته أنه ليس من أمة ظهار " وهذا قول
إبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب وهو قول أصحابنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار قالوا : " هو ظهار " ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح ، وقالوا : " يكون مظاهرا من أمته كما هو من زوجته " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : " إن كان يطأها فهو مظاهر ، وإن كان لا يطأها فليس بظهار " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قال الله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3والذين يظاهرون من نسائهم وهذا اللفظ ينصرف من الظهار إلى الحرائر دون الإماء ، والدليل
[ ص: 308 ] عليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن فكان المفهوم من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أو نسائهن الحرائر ، لولا ذلك لما صح عطف قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أو ما ملكت أيمانهن عليه ؛ لأن الشيء لا يعطف على نفسه ، وقال - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وأمهات نسائكم فكان على الزوجات دون ملك اليمين فلما كان حكم الظهار مأخوذا من الآية ، وكان مقتضاها مقصورا على الزوجات دون ملك اليمين ، لم يجز إيجابه في ملك اليمين ، إذ لا مدخل للقياس في إثبات ظهار في غير ما ورد فيه ووجه آخر ، وهو ما بينا فيما سلف أنهم قد كانوا يطلقون بلفظ الظهار ، فأبدل الله - تعالى - به تحريما ترفعه الكفارة ، فلما لم يصح طلاق الأمة لم يصح الظهار منها .
ووجه آخر ، وهو : أن الظهار يوجب تحريما من جهة القول يوجب الكفارة ، والأمة لا يصح تحريمها من جهة القول ، فأشبه سائر المملوكات من الطعام والشراب متى حرمها بالقول لم تحرم ، ألا ترى أنه لو حرم على نفسه طعاما أو شرابا لم يحرم ذلك عليه ، وإنما يلزمه إذا أكل أو شرب كفارة يمين ؟ فكذلك ملك اليمين وجب أن لا يصح الظهار منها ؛ إذ لا يصح تحريمها من جهة القول .
وَمِنْ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=treesubj&link=29029_28723_32498_34433_32344_32385_12129_29717nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=1قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ عَنْ
خَالِدٍ عَنْ
أَبِي قِلَابَةَ قَالَ : " كَانَ طَلَاقُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=11827_23271الْإِيلَاءَ وَالظِّهَارَ ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ جَعَلَ اللَّهُ فِي الظِّهَارِ مَا جَعَلَ فِيهِ ، وَجَعَلَ فِي الْإِيلَاءِ مَا جَعَلَ فِيهِ . " وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةُ : " كَانَتِ النِّسَاءُ تُحَرَّمُ بِالظِّهَارِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=1قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا الْآيَةَ " .
وَأَمَّا الْمُجَادَلَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْمَرْأَةِ ، فَإِنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14103الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٌ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=1قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا " فِي امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا
خُوَيْلَةُ " وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةُ :
بِنْتُ ثَعْلَبَةَ وَزَوْجُهَا
أَوْسُ بْنُ [ ص: 302 ] الصَّامِتِ ، قَالَتْ إِنَّ زَوْجَهَا جَعَلَهَا عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=936817مَا أُرَاكِ إِلَّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يَغْسِلُ رَأْسَهُ ، فَقَالَتْ : اُنْظُرْ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=936817مَا أُرَاكِ إِلَّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ فَأَعَادَتْ ذَلِكَ مِرَارًا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=1قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : " حَرَّمَهَا ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يَعُودَ لَهَا فَيَطَأَهَا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا " .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=936817مَا أُرَاكِ إِلَّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=11698_23271تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حُكْمُ الظِّهَارِ ، وَمُحْتَمَلٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ تَحْرِيمَ الظِّهَارِ ؛ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ لِأَنَّ حُكْمَ الظِّهَارِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْآيَةِ وَالْآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ ، فَثَبَتَ أَنَّ مُرَادَهُ تَحْرِيمُ الطَّلَاقِ وَرَفْعُ النِّكَاحِ ؛ وَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحُكْمُ قَدْ كَانَ ثَابِتًا فِي الشَّرِيعَةِ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الظِّهَارِ ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ .
فَإِنْ قِيلَ : إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَكَمَ فِيهَا بِالطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=936817مَا أُرَاكِ إِلَّا قَدْ حَرُمْتِ فَكَيْفَ حَكَمَ فِيهَا بِعَيْنِهَا بِالظِّهَارِ بَعْدَ حُكْمِهِ بِالطَّلَاقِ بِذَلِكَ الْقَوْلِ بِعَيْنِهِ فِي شَخْصٍ بِعَيْنِهِ ؟
وَإِنَّمَا النَّسْخُ يُوجِبُ الْحُكْمَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فِي الْمَاضِي قِيلَ لَهُ : لَمْ يَحْكُمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّلَاقِ ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الْقَوْلَ فِيهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=936817مَا أُرَاكِ إِلَّا قَدْ حَرُمْتِ فَلَمْ يَقْطَعْ بِالتَّحْرِيمِ ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ - تَعَالَى - قَدْ أَعْلَمَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ سَيَنْسَخُ هَذَا الْحُكْمَ وَيَنْقُلَهُ مِنَ الطَّلَاقِ إِلَى تَحْرِيمِ الظِّهَارِ الْآنَ ،
فَجَوَّزَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ الْآيَةَ فَلَمْ يُثْبِتِ الْحُكْمَ فِيهِ ، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ حَكَمَ فِيهَا بِمُوجِبِهَا .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فِي تَشْبِيهِهَا بِظَهْرِ الْأُمِّ ، لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10972الِاسْتِمْتَاعَ بِالْأُمِّ مُحَرَّمٌ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا ، وَهِيَ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِهَذَا الْقَوْلِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا ، فَكَانَ ذَلِكَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَلِكَ خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=12033الظِّهَارَ مَخْصُوصٌ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ دُونَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا وَلَمْ يُخَصِّصِ الْمَذْكُورِينَ فِي الثَّانِيَةِ قِيلَ لَهُ : الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا فِي الْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ ، فَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا قَالَ : " الْوَطْءُ ، فَإِذَا حَنِثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ " وَهَذَا تَأْوِيلٌ مُخَالِفٌ لِلْآيَةِ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٍ قَالَ : " إِذَا تَكَلَّمَ بِالظِّهَارِ لَزِمَهُ " وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ :
[ ص: 303 ] " أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=12116إِذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ " وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنِ شِهَابٍ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ : " إِذَا أَرَادَ جِمَاعَهَا لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ " . وَقَدِ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=12143مَعْنَى الْعَوْدِ ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ : " الظِّهَارُ يُوجِبُ تَحْرِيمًا لَا يَرْفَعُهُ إِلَّا الْكَفَّارَةُ " وَمَعْنَى الْعَوْدِ عِنْدَهُمُ اسْتِبَاحَةُ وَطْئِهَا فَلَا يَفْعَلُهُ إِلَّا بِكَفَّارَةٍ يُقَدِّمُهَا .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15536بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ : " لَوْ وَطِئَهَا ثُمَّ مَاتَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ " وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ : " إِذَا ظَاهَرَ مِنْهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ ، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ " ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَصْحَابِنَا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابْنُ وَهْبٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ : " إِذَا أَجْمَعَ بَعْدَ الظِّهَارِ عَلَى إِمْسَاكِهَا ، وَإِصَابَتِهَا فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الظِّهَارِ وَلَمْ يُجْمِعْ عَلَى إِمْسَاكِهَا ، وَإِصَابَتِهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَمَسَّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ " .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16337ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=12141_12144إِذَا ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ وَطِئَهَا ثُمَّ مَاتَتْ فَلَا بُدَّ مِنَ الْكَفَّارَةِ ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ الظِّهَارِ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12321أَشْهَبُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ : " إِذَا أَجْمَعَ بَعْدَ الظِّهَارِ عَلَى إِمْسَاكِهَا ، وَإِصَابَتِهَا وَطَلَبَ الْكَفَّارَةَ فَمَاتَتِ امْرَأَتُهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ " وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : " إِذَا أَجْمَعَ رَأْيُ الْمَظَاهِرِ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ فَقَدْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ ، وَإِنْ أَرَادَ تَرْكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مُجَامَعَتِهَا " . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16542عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فِيمَنْ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا قَالَ : " أَرَى عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ رَاجَعَهَا أَوْ لَمْ يُرَاجِعْهَا ، وَإِنْ مَاتَتْ لَمْ يَصِلْ إِلَى مِيرَاثِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : " إِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الظِّهَارِ فَلَمْ يُطَلِّقْ فَقَدْ وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ مَاتَتْ أَوْ عَاشَتْ " . وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ مَنْ لَا يُعَدُّ خِلَافًا أَنَّ الْعَوْدَ أَنْ يُعِيدَ الْقَوْلَ مَرَّتَيْنِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : رَوَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ أَنَّ آيَةَ الظِّهَارِ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ
خَوْلَةَ حِينَ ظَاهَرَ مِنْهَا زَوْجُهَا
أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ nindex.php?page=hadith&LINKID=65429فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ فَقَالَ : لَا أَجِدُ ، فَقَالَ : صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ : لَوْ لَمْ آكُلْ فِي الْيَوْمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَادَ أَنْ يُغْشَى عَلَى بَصَرِي ، فَأَمَرَهُ بِالْإِطْعَامِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنِ اعْتَبَرَ الْعَزْمَ عَلَى إِمْسَاكِهَا وَوَطْئِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ ذَلِكَ ، وَبُطْلَانِ قَوْلِ مَنِ اعْتَبَرَ إِرَادَةَ الْجِمَاعِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ ، وَبُطْلَانِ قَوْلِ مَنِ اعْتَبَرَ الطَّلَاقَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ هَلْ طَلَّقْتَهَا ، وَبُطْلَانِ قَوْلِ مَنِ اعْتَبَرَ إِعَادَةَ الْقَوْلِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ هَلْ أَعَدْتَ الْقَوْلَ مَرَّتَيْنِ ؛ فَثَبَتَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ أَنَّ لَفْظَ الظِّهَارِ يُوجِبُ تَحْرِيمًا تَرْفَعُهُ الْكَفَّارَةُ .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ . أَحَدُهُمَا : ذِكْرُ الْحَالِ الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ الْخِطَابُ ، وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الظِّهَارُ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ قَبْلَ هَذِهِ الْحَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا وَالْمَعْنَى : وَيَعُودُونَ
[ ص: 304 ] بَعْدَ الْإِسْلَامِ إِلَى ذَلِكَ ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ وَمَعْنَاهُ : وَاللَّهُ شَهِيدٌ ، فَيَكُونُ نَفْسُ الْقَوْلِ عَوْدًا إِلَى الْعَادَةِ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=39حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ
وَالْمَعْنَى : حَتَّى صَارَ كَذَلِكَ ، وَكَمَا قَالَ
أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ :
هَذِي الْمَكَارِمُ لَا قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ شِيبَا بِمَاءٍ فَعَادَا بَعْدُ أَبْوَالًا
مَعْنَاهُ : صَارَا كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُمَا فِي الثَّدْيِ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ وَكَمَا قَالَ
لَبِيدٌ :
وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا كَالشِّهَابِ وَضَوْئِهِ يَحُورُ رَمَادًا بَعْدَ إِذْ هُوَ سَاطِعُ
وَيَحُورُ يَرْجِعُ ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ هَهُنَا يَصِيرُ رَمَادًا .
كَذَلِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ إِلَى حَالِ الظِّهَارِ الَّذِي كَانَ يَكُونُ مِثْلُهُ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ .
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ : أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ فِي الظِّهَارِ إِيجَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=12116تَحْرِيمِ الْوَطْءِ مُوَقَّتًا بِالْكَفَّارَةِ ، فَإِذَا كَانَ الظِّهَارُ مَخْصُوصًا بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي رَفْعِ النِّكَاحِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْعَوْدُ هُوَ الْعَوْدَ إِلَى اسْتِبَاحَةِ مَا حَرَّمَهُ بِالظِّهَارِ ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ : يَعُودُونَ لَلْمَقُولِ فِيهِ ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652400الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ عَائِدٌ فِي الْمَوْهُوبِ ، وَكَقَوْلِنَا : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَجَاؤُنَا ، أَيْ مَنْ رَجَوْنَا ؛ وَقَالَ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ يَعْنِي : الْمُوقَنَ بِهِ وَقَالَ الشَّاعِرُ :
أَخْبِرْ مَنْ لَاقَيْتَ أَنْ قَدْ وَفَيْتُمْ وَلَوْ شِئْتَ قَالَ الْمُنَبِّئُونَ أَسَاءُوا
، وَإِنِّي لَرَاجِيكُمْ عَلَى بُطْءِ سَعْيِكُمْ كَمَا فِي بُطُونِ الْحَامِلَاتِ رَجَاءُ
يَعْنِي مَرْجُوًّا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا مَعْنَاهُ : لِمَا حَرَّمُوا ، فَيَسْتَبِيحُونَهُ فَعَلَيْهِمُ الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الِاسْتِبَاحَةِ وَيَبْطُلُ قَوْلُ مَنِ اعْتَبَرَ الْبَقَاءَ عَلَى النِّكَاحِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ الظِّهَارَ لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْعَقْدِ وَالْإِمْسَاكَ فَيَكُونُ الْعَوْدُ إِمْسَاكَهَا عَلَى النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ لَا مَحَالَةَ قَدِ اقْتَضَى عَوْدًا إِلَى حُكْمِ مَعْنًى قَدْ تَقَدَّمَ إِيجَابُهُ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْإِمْسَاكِ عَلَى النِّكَاحِ فِيهِ تَأْثِيرٌ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثُمَّ يَعُودُونَ وَ " ثُمَّ " يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ ، وَمَنْ جَعَلَ الْعَوْدَ الْبَقَاءَ عَلَى النِّكَاحِ فَقَدْ جَعَلَهُ عَائِدًا عَقِيبَ الْقَوْلِ بِلَا تَرَاخٍ ، وَذَلِكَ خِلَافُ مُقْتَضَى الْآيَةِ .
وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ الْعَوْدَ الْعَزِيمَةَ عَلَى الْوَطْءِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقَوْلِ هُوَ تَحْرِيمُ الْوَطْءِ لَا تَحْرِيمُ الْعَزِيمَةِ ، وَالْعَزِيمَةُ عَلَى الْمَحْظُورِ ، وَإِنْ كَانَتْ مَحْظُورَةً فَإِنَّمَا تَعَلَّقَ حُكْمُهَا بِالْوَطْءِ ، فَالْعَزِيمَةُ عَلَى الِانْفِرَادِ لَا حُكْمَ لَهَا ، وَأَيْضًا لَا حَظَّ لِلْعَزِيمَةِ فِي سَائِرِ الْأُصُولِ وَلَا
[ ص: 305 ] تَتَعَلَّقُ بِهَا الْأَحْكَامُ ، أَلَا تَرَى أَنَّ سَائِرَ الْعُقُودِ ، وَالتَّحْرِيمَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَزِيمَةِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهَا ؟ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=11219إِنَّ اللَّهَ عَفَا لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ فَإِنْ قِيلَ : هَلَّا كَانَ الْعَوْدُ إِعَادَةَ الْقَوْلِ مَرَّتَيْنِ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِبَارَةً عَنْهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=28وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَمَعْنَاهُ لَفَعَلُوا مِثْلَ مَا نُهُوا عَنْهُ . قِيلَ لَهُ : هَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ . أَحَدُهُمَا : أَنَّ إِجْمَاعَ
السَّلَفِ وَالْخَلَفِ جَمِيعًا قَدِ انْعَقَدَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ ، فَقَائِلُهُ خَارِجٌ عَنْ نِطَاقِ الْإِجْمَاعِ . وَالثَّانِي : أَنَّهُ يَجْعَلُ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا تَكْرَارًا لِلْقَوْلِ وَاللَّفْظِ مَرَّتَيْنِ ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - لَمْ يَقُلْ ثُمَّ يُكَرِّرُونَ الْقَوْلَ مَرَّتَيْنِ ، فَفِيهِ إِثْبَاتُ مَعْنًى لَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِبَارَةً عَنْهُ .
وَإِنْ حَمَلْتَهُ عَلَى أَنَّهُ عَائِدٌ لِمِثْلِ الْقَوْلِ فَفِيهِ إِضْمَارٌ لِمِثْلِ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِدَلَالَةٍ ، فَالْقَائِلُ بِذَلِكَ خَارِجٌ عَنِ الْإِجْمَاعِ وَمُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْآيَةِ وَمُقْتَضَاهَا فَإِنْ قِيلَ : وَأَنْتَ إِذَا حَمَلْتَهُ عَلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَأَنَّ تَقْدِيمَ الْكَفَّارَةِ لِاسْتِبَاحَةِ الْوَطْءِ فَقَدْ زُلْتَ عَنِ الظَّاهِرِ قِيلَ لَهُ : إِذَا كَانَ الظِّهَارُ قَدْ أَوْجَبَ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ فَاَلَّذِي يَسْتَبِيحُهُ مِنْهُ هُوَ الَّذِي حَرَّمَهُ بِالْقَوْلِ ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَوْدًا لِمَا قَالَ ؛ إِذْ هُوَ مُسْتَبِيحٌ لِذَلِكَ الْوَطْءِ الَّذِي حَرَّمَهُ بِعَيْنِهِ وَكَانَ عَوْدًا لِمَا قَالَ مِنْ إِيجَابِ التَّحْرِيمِ .
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْوَطْءَ إِذَا كَانَ مُسْتَحَقًّا بِعَقْدِ النِّكَاحِ ، وَحُكْمُ الْوَطْءِ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فِي أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ حَرَّمَهُ بِالظِّهَارِ ، جَازَ أَنْ يَكُونَ الْإِقْدَامُ عَلَى اسْتِبَاحَتِهِ عَوْدًا لِمَا حَرَّمَ فَكَانَ هَذَا الْمَعْنَى مُطَابِقًا لِلَّفْظِ .
فَإِنْ قِيلَ : إِنْ كَانَتِ الِاسْتِبَاحَةُ هِيَ الْمُوجِبَةَ لِلْكَفَّارَةِ فَلَيْسَ يَخْلُو ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْعَزِيمَةَ عَلَى الِاسْتِبَاحَةِ وَعَلَى الْإِقْدَامِ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ إِيقَاعِ الْوَطْءِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْأَوَّلَ فَهَذَا يُلْزِمُكَ إِيجَابَ الْكَفَّارَةِ بِنَفْسِ الْعَزِيمَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=14117وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ . وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ إِيقَاعَ الْوَطْءِ فَوَاجِبٌ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْكَفَّارَةُ إِلَّا بَعْدَ الْوَطْءِ ، وَهَذَا خِلَافُ الْآيَةِ ، وَلَيْسَ هُوَ قَوْلُكَ أَيْضًا .
قِيلَ لَهُ : الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ هُوَ مَا قَدْ بَيَّنَّا مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَى اسْتِبَاحَةِ الْوَطْءِ ، فَقِيلَ لَهُ : إِذَا أَرَدْتَ الْوَطْءَ وَعُدْتَ لِاسْتِبَاحَةِ مَا حَرَّمْتَهُ فَلَا تَطَأْ حَتَّى تُكَفِّرَ ، لَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ وَاجِبَةٌ وَلَكِنَّهَا شَرْطٌ فِي رَفْعِ التَّحْرِيمِ ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=98فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ يَعْنِي فَقَدِّمُ الِاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وَالْمَعْنَى : إِذَا أَرَدْتُمُ الْقِيَامَ وَأَنْتُمْ مُحْدِثُونَ فَقَدِّمُوا الْغَسْلَ . وَكَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=12إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً وَكَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [ ص: 306 ] وَالْمَعْنَى : إِذَا أَرَدْتُمْ ذَلِكَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : قَدْ ثَبَتَ بِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ الظِّهَارَ لَا يُوجِبُ كَفَّارَةً ، وَإِنَّمَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ ، وَلَا يَرْتَفِعُ إِلَّا بِالْكَفَّارَةِ ، فَإِذَا لَمْ يُرِدْ وَطْأَهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ عَاشَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ؛ إِذْ كَانَ حُكْمُ الظِّهَارِ إِيجَابَ التَّحْرِيمِ فَقَطْ مُوَقَّتًا بِأَدَاءِ الْكَفَّارَةِ ، وَأَنَّهُ مَتَى لَمْ يُكَفِّرْ فَالْوَطْءُ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ فَإِنْ وَطِئَ سَقَطَ الظِّهَارُ وَالْكَفَّارَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَّقَ حُكْمَ الظِّهَارِ وَمَا أَوْجَبَ بِهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ بِأَدَائِهَا قَبْلَ الْوَطْءِ لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَتَى وَقَعَ الْمَسِيسُ فَقَدْ فَاتَ الشَّرْطُ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْآيَةِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرْضٍ مَحْصُورٍ بِوَقْتٍ أَوْ مُعَلَّقٍ عَلَى شَرْطٍ فَإِنَّهُ مَتَى فَاتَ الْوَقْتُ وَعَدِمَ الشَّرْطُ لَمْ يَجِبْ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَاحْتِيجَ إِلَى دَلَالَةٍ أُخْرَى فِي إِيجَابِ مِثْلِهِ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي .
فَهَذَا حُكْمُ الظِّهَارِ إِذَا وَقَعَ الْمَسِيسُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ ثُمَّ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=66277اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَلَا تَعُدْ حَتَّى تُكَفِّرَ فَصَارَ التَّحْرِيمُ الَّذِي بَعْدَ الْوَطْءِ وَاجِبًا بِالسُّنَّةِ ، وَقَدِ اخْتَلَفَ
السَّلَفُ nindex.php?page=treesubj&link=12150فِيمَنْ وَطِئَ مَا الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ بَعْدَهُ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=11867وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمُ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَابْنُ الْمُسَيِّبِ : " لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ " ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنِ سِيرِينَ فِي آخَرِينَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=59عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ nindex.php?page=showalam&ids=16812وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ " عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ " . قَالَ : وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ظَاهَرْتُ مِنَ امْرَأَتِي فَجَامَعْتُهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ ؟ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=66277اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَلَا تَعُدْ حَتَّى تُكَفِّرَ فَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَيْنِ بَعْدَ الْوَطْءِ .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=12109تَوْقِيتِ الظِّهَارِ ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : " إِذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي الْيَوْمَ بَطَلَ الظِّهَارُ بِمُضِيِّ الْيَوْمِ " ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابْنُ أَبِي لَيْلَى nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=14117وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ : " هُوَ مُظَاهِرٌ أَبَدًا " قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : تَحْرِيمُ الظِّهَارِ لَا يَقَعُ إِلَّا مُوَقَّتًا بِأَدَاءِ الْكَفَّارَةِ ، فَإِذَا وَقَّتَهُ الْمُظَاهِرُ وَجَبَ تَوْقِيتُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَوَقَّتُ لَمَا انْحَلَّ ذَلِكَ التَّحْرِيمُ بِالتَّكْفِيرِ كَالطَّلَاقِ ، فَأَشْبَهَ الظِّهَارُ الْيَمِينَ الَّتِي يُحِلُّهَا الْحِنْثُ ، فَوَجَبَ تَوْقِيتُهُ كَمَا يَتَوَقَّتُ الْيَمِينُ وَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحِلُّهُ شَيْءٌ .
فَإِنْ قِيلَ : تَحْرِيمُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ يَقَعُ مُوَقَّتًا بِالزَّوْجِ الثَّانِي وَلَا يَتَوَقَّتُ بِتَوْقِيتِ الزَّوْجِ إِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ قِيلَ لَهُ : إِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَوَقَّتُ بِالزَّوْجِ الثَّانِي ، وَإِنَّمَا يَسْتَفِيدُ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ بِالزَّوْجِ الثَّانِي إِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ مُسْتَقْبَلَاتٍ وَالثَّلَاثُ الْأُوَلُ وَاقِعَةٌ عَلَى مَا كَانَتْ .
وَإِنَّمَا اسْتَفَادَ طَلَاقًا غَيْرَهَا ، فَلَيْسَ فِي الطَّلَاقِ تَوْقِيتٌ بِحَالٍ ، وَالظِّهَارُ مُوَقَّتٌ لَا مَحَالَةَ بِالتَّكْفِيرِ فَجَازَ تَوْقِيتُهُ بِالشَّرْطِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الظِّهَارِ هَلْ يَدْخُلُ
[ ص: 307 ] عَلَيْهِ إِيلَاءٌ ؟ فَقَالَ أَصْحَابُنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14117وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ " لَا يَدْخُلُ الْإِيلَاءُ عَلَى الْمُظَاهِرِ ، وَإِنْ طَالَ تَرْكُهُ إِيَّاهَا " وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابْنُ وَهْبٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ " لَا يَدْخُلُ عَلَى حُرٍّ إِيلَاءٌ فِي ظِهَارٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُضَارًّا لَا يُرِيدُ أَنْ يَفِيءَ مِنْ ظِهَارِهِ . وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يَدْخُلُ عَلَى ظِهَارِهِ إِيلَاءٌ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16337ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ " يَدْخُلُ الْإِيلَاءُ عَلَى الظِّهَارِ إِذَا كَانَ مُضَارًّا وَمِمَّا يُعْلَمُ بِهِ ضِرَارُهُ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْكَفَّارَةِ فَلَا يُكَفِّرُ فَإِنَّهُ إِذَا عُلِمَ ذَلِكَ وُقِفَ مِثْلُ الْمُولِي فَإِمَّا كَفَّرَ ، وَإِمَّا طُلِّقَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ " .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ أَنَّ الْإِيلَاءَ يَدْخُلُ عَلَى الظِّهَارِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ لَيْسَ الظِّهَارُ كِنَايَةً عَنِ الطَّلَاقِ وَلَا صَرِيحًا فَلَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ الطَّلَاقِ بِهِ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=848512مَنْ أَدْخَلَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ وَمَنْ أَدْخَلَ الْإِيلَاءَ عَلَى الْمُظَاهِرِ فَقَدْ أَدْخَلَ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَأَيْضًا نَصَّ اللَّهُ عَلَى حُكْمِ الْمُولِي بِالْفَيْءِ أَوْ عَزِيمَةِ الطَّلَاقِ . وَنَصَّ عَلَى حُكْمِ الْمُظَاهِرِ بِإِيجَابِ كَفَّارَةٍ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَحُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فَغَيْرُ جَائِزٍ حَمْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ؛ إِذْ مِنْ حُكْمِ الْمَنْصُوصَاتِ أَنْ لَا يُقَاسَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُجْرًى عَلَى بَابِهِ ، وَمَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَاهُ دُونَ غَيْرِهِ ، وَأَيْضًا فَإِنَّ مَعْنَى الْإِيلَاءِ وُقُوعُ الْحِنْثِ وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ وَلَا تَتَعَلَّقُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ بِالْوَطْءِ فَلَيْسَ هُوَ إِذًا فِي مَعْنَى الْإِيلَاءِ وَلَا فِي حُكْمِهِ ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمُولَى سَوَاءٌ قَصَدَ الضِّرَارَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ وَقَدِ اتَّفَقْنَا أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَقْصِدِ الضِّرَارَ بِالظِّهَارِ لَمْ يَلْزَمْهُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ ، وَإِنْ قَصَدَ الضِّرَارَ فَإِنْ قِيلَ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي الْإِيلَاءِ ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْإِيلَاءِ يُنْبِئُ عَنْ قَصْدِ الضِّرَارِ ؛ إِذْ هُوَ حَلِفٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ الْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ .
قِيلَ لَهُ : الظِّهَارُ قَصْدٌ إِلَى الضِّرَارِ مِنْ حَيْثُ حَرَّمَ وَطْأَهَا إِلَّا بِكَفَّارَةٍ يُقَدِّمُهَا عَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَقْتَضِيَانِهِ مِنَ الْمُضَارَّةِ ، وَاخْتَلَفَ
السَّلَفُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=12057الظِّهَارِ مِنَ الْأَمَةِ فَرَوَى
عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَمَةٍ ظِهَارٌ " وَهَذَا قَوْلُ
إِبْرَاهِيمَ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابْنِ جُبَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَالنَّخَعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16049وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالُوا : " هُوَ ظِهَارٌ " ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثِ nindex.php?page=showalam&ids=14117وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ ، وَقَالُوا : " يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ أَمَتِهِ كَمَا هُوَ مِنْ زَوْجَتِهِ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : " إِنْ كَانَ يَطَأُهَا فَهُوَ مُظَاهِرٌ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَطَأُهَا فَلَيْسَ بِظِهَارٍ " قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَهَذَا اللَّفْظُ يَنْصَرِفُ مِنَ الظِّهَارِ إِلَى الْحَرَائِرِ دُونَ الْإِمَاءِ ، وَالدَّلِيلُ
[ ص: 308 ] عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ فَكَانَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أَوْ نِسَائِهِنَّ الْحَرَائِرَ ، لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا صَحَّ عَطْفُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ ، وَقَالَ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ فَكَانَ عَلَى الزَّوْجَاتِ دُونَ مِلْكِ الْيَمِينِ فَلَمَّا كَانَ حُكْمُ الظِّهَارِ مَأْخُوذًا مِنَ الْآيَةِ ، وَكَانَ مُقْتَضَاهَا مَقْصُورًا عَلَى الزَّوْجَاتِ دُونَ مِلْكِ الْيَمِينِ ، لَمْ يَجُزْ إِيجَابُهُ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ ، إِذْ لَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِي إِثْبَاتِ ظِهَارٍ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ فِيهِ وَوَجْهٌ آخَرُ ، وَهُوَ مَا بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا يُطَلِّقُونَ بِلَفْظِ الظِّهَارِ ، فَأَبْدَلَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِهِ تَحْرِيمًا تَرْفَعُهُ الْكَفَّارَةُ ، فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ طَلَاقُ الْأَمَةِ لَمْ يَصِحَّ الظِّهَارُ مِنْهَا .
وَوَجْهٌ آخَرُ ، وَهُوَ : أَنَّ الظِّهَارَ يُوجِبُ تَحْرِيمًا مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ ، وَالْأَمَةُ لَا يَصِحُّ تَحْرِيمُهَا مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْمَمْلُوكَاتِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مَتَى حَرَّمَهَا بِالْقَوْلِ لَمْ تَحْرُمْ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا لَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ؟ فَكَذَلِكَ مِلْكُ الْيَمِينِ وَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ الظِّهَارُ مِنْهَا ؛ إِذْ لَا يَصِحُّ تَحْرِيمُهَا مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ .