فصل واتفق فقهاء الأمصار على أن الجمعة مخصوصة بموضع لا يجوز فعلها في غيره  ؛ لأنهم مجمعون على أن الجمعة لا تجوز في البوادي ومناهل الأعراب ، فقال أصحابنا : " هي مخصوصة بالأمصار ولا تصح في السواد " ، وهو قول  الثوري  وعبيد الله بن الحسن   [ ص: 338 ] وقال  مالك   : " تصح الجمعة في كل قرية فيها بيوت متصلة وأسواق متصلة ، يقدمون رجلا يخطب ويصلي بهم الجمعة إن لم يكن لهم إمام " . 
وقال  الأوزاعي   : " لا جمعة إلا في مسجد جماعة مع الإمام " وقال  الشافعي   : " إذا كانت قرية مجتمعة البناء والمنازل وكان أهلها لا يظعنون عنها إلا ظعن حاجة وهم أربعون رجلا حرا بالغا غير مغلوب على عقله وجبت عليهم الجمعة " قال  أبو بكر   : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع ، وروي عن  علي  مثله وأيضا لو كانت الجمعة جائزة في القرى لورد النقل به متواترا كوروده في فعلها في الأمصار ؛ لعموم الحاجة إليه . 
وأيضا لما اتفقوا على امتناع جوازها في البوادي ؛ لأنها ليست بمصر وجب مثله في السواد وروي أنه قيل  للحسن   : إن الحجاج  أقام الجمعة بالأهواز فقال : لعن الله الحجاج  يترك الجمعة في الأمصار ويقيمها في حلاقيم البلاد فإن قيل : روي عن  ابن عمر  أن الجمعة تجب على من آواه الليل ، وأن  أنس بن مالك  كان بالطف  فربما جمع وربما لم يجمع ؛ وقيل من الطف  إلى البصرة  أقل من أربع فراسخ وأقل من مسيرة نصف يوم . 
قيل له : إنما هذا كلام فيما حكمه حكم المصر ، فرأى  ابن عمر  أن ما قرب من المصر فحكمه حكمه وتجب على أهله الجمعة ، وهذا يدل على أنهم لم يكونوا يرون الجمعة إلا في الأمصار أو ما حكمه حكم الأمصار . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					