والشهيد غير شهيد المعركة بضعة عشر ، مفرقة في الأخبار ، ومن أغربها ما رواه ابن ماجه والخلال من رواية الهذيل بن الحكم وهو ضعيف والدارقطني وصححه ، عن ابن عباس مرفوعا { موت الغريب شهادة } وقال ابن معين : حديث منكر ، وأغرب منه ما ذكره أبو المعالي بن المنجى وبعض الشافعية : أن العاشق منهم . وأشاروا إلى الخبر المرفوع { من عشق وعف وكتم فمات مات شهيدا } وهذا الخبر مذكور في ترجمة سويد بن سعيد فيما أنكر عليه ، قاله ابن عدي والبيهقي [ ص: 215 ] وغيرهما .
وقال الحاكم في تاريخه : أنا أتعجب من هذا الحديث ، فإنه لم يحدث به غير سويد ، وهو ثقة ، كذا قال ، وقد كذبه ابن معين .
وقال البخاري : حديثه منكر .
وقال أيضا : فيه نظر ، وقال النسائي : ضعيف ، وقال غير واحد : صدوق ، زاد أبو حاتم : كثير التدليس ، وزاد غيره : عمي فكان يلقن ما ليس من حديثه ، واحتج به مسلم .
وقال ابن عدي : هو إلى الضعف أقرب ، وذكر ابن الجوزي هذا الخبر في الموضوعات ، ورواه سويد من حديث عائشة ومن حديث ابن عباس ، ورواه أيضا موقوفا ، ورواه الزبير بن بكار ، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون ، عن عبد العزيز بن أبي حازم ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من عشق فعف فمات فهو شهيد } ، قال أحمد في عبد الملك : هو كذا وكذا ، ومن يأخذ عنه ؟ وقال أبو داود : كان لا يعقل الحديث .
وقال ابن الشرقي : لا يدري الحديث ، وضعفه الساجي والأزدي .
وقال ابن عبد البر : دارت الفتيا عليه في زمانه إلى موته ، وكان مولعا بسماع الغناء ، واحتج به النسائي ، ووثقه ابن حبان ، والله أعلم . وقد قال بعض متأخري الأصحاب : كون العشق شهادة محال ، وأتى بما ليس بدليل ، وما المانع منه ؟ وهو بلوى من الله ، ومحنة وفتنة ، صبر فيها وعف واحتسب ، وقد قال ابن عقيل في الفنون : سئل حنبلي : لم كان جهاد النفس آكد الجهادين ؟ قال : لأنها محبوبة ، [ ص: 216 ] ومجاهدة المحبوب شديدة ، بل نفس مخالفتها جهاد . وسبق كلامه وكلام غيره في أول صلاة التطوع .
وقال ابن الجوزي في المنهاج قبيل كتاب آداب السفر : وكل متجرد لله في جهاد نفسه فهو شهيد ، كما ورد عن بعض الصحابة : رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ، وسئل شيخنا عن هذا الخبر مرفوعا ، قال : لا يصح : وإنما يذكره بعض من صنف في الرقائق ، وذكره البغوي مرفوعا في قوله { وجاهدوا في الله حق جهاده } . ولابن ماجه من رواية إبراهيم بن أبي يحيى وهو ضعيف عن موسى بن وردان ، عن أبي هريرة مرفوعا { من مات مريضا مات شهيدا }


