فصل . يستحب تعزية أهل المصيبة  حتى الصغير ولو بعد الدفن [ ( 5 ) ] كذا ذكره جماعة من أصحابنا ، والشافعية مذهب  أبي حنيفة  ، ومذهبه كما يأتي ، وفي الخلاف : بعده أولى ، للإياس التام منه ، ويكره لامرأة شابة أجنبية للفتنة ، ويتوجه فيه ما في تشميتها إذا عطست ويعزى من شق ثوبه ، نص عليه ، لزوال المحرم وهو الشق ، ويكره استدامة لبسه ، ولم يحد جماعة آخر وقت التعزية ، منهم  الشيخ  ، فظاهره يستحب مطلقا ، وهو ظاهر الخبر ،  ولأحمد  عن  معاوية بن قرة  عن أبيه : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس يجلس إليه نفر من أصحابه ، فيهم رجل له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره فيقعده بين يديه ، فهلك ، فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة ، لذكر ابنه ، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم وقال ما لي لا أرى فلانا ؟ قالوا : يا رسول الله ، بنيه الذي رأيته هلك ، فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأله النبي عليه السلام ، فأخبره أنه هلك ، فعزاه عليه   } . وذكر تمام الحديث . 
وفي المستوعب وغيره : يستحب إلى ثلاثة أيام ، وذكر  [ ص: 293 ] ابن شهاب  والآمدي  وأبو الفرج  وغيرهم ، يكره بعدها ( و هـ    ش    ) لتهييج الحزن ، واختاره صاحب المحرر ، لإذن الشارع في الإحداد فيها . 
وقال : لم أجد في آخرها كلاما لأصحابنا . 
وقال  أبو المعالي    : اتفقوا على كراهته بعدها ، ولا يبعد تشبيهها بالإحداد على الميت . 
وقال : إلا أن يكون غائبا فلا بأس بتعزيته إذا حضر ، واختاره صاحب النظم ، وزاد : ما لم تنس المصيبة ، وقيل : آخرها يوم الدفن ( م 3 ) . وهي التسلية ، والحث على الصبر بوعد الأجر والدعاء للميت والمصاب ،  [ ص: 294 ] ولا تعيين في ذلك ، وإن شاء قال : أعظم الله أجرك ، وأحسن عزاءك ، وغفر لميتك ، وعزى  أحمد  رجلا فقال : أجرنا الله وإياك في هذا الرجل وعزى أبا طالب  فقال : أعظم الله أجركم ، وأحسن عزاءكم وفي تعزية أهل الذمة  خلاف يأتي في أحكامهم ، ويدعو له بما يرجع إلى طول الحياة وكثرة المال والولد . 
وفي التبصرة : ويقول : وأحسن عزاءك ، وقيل : لا يعزى مسلم عن كافر  ، وهو رواية في الرعاية ، ولا يدعو لكافر حي بالأجر ، ولا لكافر ميت بالمغفرة ، وروي أنه مات  لعمر بن عبد العزيز  أخت ، فأتوه للتعزية فلم يقبلها منهم : وقال : كانوا لا يعزون لامرأة إلا أن تكون أما ، ومثله عن  مالك  ، ولم يذكر الأصحاب هل يرد المعزى شيئا ؟  ورد  أحمد  استجاب الله دعاءك ، ورحمنا وإياك ، ومن قال لآخر : عز عني فلانا  ، توجه أن يقول له : فلان يعزيك ، كما يقول : فلان يسلم عليك ، أو فلان يقول لك كذا ، ويدعو . 
وقال  أحمد  للمروذي    : عز عني فلانا ، قال : فعزيته فقلت له : أعظم الله أجرك ، ولا يكره أخذه بيد من عزاه ، نص عليه ،  وعنه    : الواقف ، وكرهه عبد الوهاب الوراق    . 
وقال  الخلال    : أحب أن لا يفعله ، وكرهه أبو حفص  عند القبر ، ولم ير  أحمد  لمن جاءته التعزية في كتاب  ردها [ كتابة ] بل يردها على الرسول لفظا ، ويكره تكرار التعزية  ، نص عليه ، فلا يعزى عند القبر من عزي . 
     	
		 [ ص: 293 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					