فصل ويجب في العسل العشر  ، سواء أخذه من موات أم من ملكه ، قال في الرعاية وغيرها : أو ملك غيره ، قال في رواية صالح    : العسل في أرض الخراج أو العشر حيث كان فيه العشر ، وبه قال  أبو يوسف   ومحمد   والشافعي  في القديم ، ولو من أرض خراجية ( هـ     ) لعدم اجتماع العشر والخراج عنده ، ومذهب (  م  هـ    ش    ) لا شيء فيه ، احتج الأصحاب رحمهم الله بخبر أبي سيارة المتعي  ، رواه  أحمد   وابن ماجه  ، رواه عنه سليمان بن موسى الأشدق  ولم يدركه مع أنه وإن كان ثقة عند أهل الحديث كما قاله الترمذي  فإن عنده مناكير كما قاله  البخاري  وغيره ، وبخبر  عمرو بن شعيب  عن أبيه [ عن ] جده قال : { جاء هلال  أحد بني متعان  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نخله ، وكان سأله أن يحمي له واديا يقال له سلبة  ،  [ ص: 449 ] فحمى له ذلك الوادي   } ، فلما ولي  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه ، كتب إليه سفيان بن وهب  يسأله عن ذلك ، فكتب إليه : إن أدى إليك ما كان يؤدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشور نخله فاحم له سلبه ، وإلا فإنما هو ذباب غيث يأكله من يشاء . رواه أبو داود   والنسائي  وغيرهما ، وعمرو  عن أبيه عن جده فيه كلام كثير للمحدثين . 
وقال  أحمد    : ربما احتججنا به . 
وقال أيضا : له مناكير ، يكتب حديثه يعتبر به ، أما أن يكون حجة فلا ، ورواه عنه عمرو بن الحارث المصري  ، وهو إمام . 
وقال  أحمد    : رأيت له مناكير ،   . ولأبي داود  هذا المعنى بإسنادين آخرين إلى عمرو  ، وفيهما مقال ، وفيهما : { من كل عشر قرب قربة   } ، ثم يتوجه منه عدم الوجوب وأن الأداء لأجل الحمى صلحا أو عوضا لمصلحة المسلمين ; لأن  عمر  رضي الله عنه أمر بالحمى إن أدى العشر ، ولم يأمر بأخذ العشر مطلقا ، ولو أخذ العشر مطلقا لكان دفعه مع الحمى أصلح لهلال  ، ولم يمتنع منه ، وأنه علم أنه إنما يؤخذ منه لأجل الحمى ، والله تعالى أعلم ، وأما  أحمد  رضي الله عنه فإنما احتج بقول  عمر  رضي الله عنه ، قيل  لأحمد    : إنهم تطوعوا به ، قال : لا ، بل أخذ منهم ، وهذا منه يدل على أنه لا حجة عنده في خبر مرفوع في ذلك ، لضعف إسناده أو دلالته ، أو لهما ، وكذا قال  البخاري  والترمذي   وابن المنذر  وغيرهم : إنه لا يصح في ذلك شيء ، وقول  عمر  في هذا لا بد من بيان صحته وصحة دلالته ، ثم قد بينا أنه لم يأمر بأخذ العشر مطلقا ، فيتعارض قولاه ، ثم المسألة ليست إجماعا في الصحابة ،  [ ص: 450 ] ولا حجة مع اختلافهم ، ثم في الاحتجاج بقول الصحابي  روايتان ، أشهرهما يحتج به ، ومن تأمل هذا وغيره ظهر له ضعف المسألة ، وأنه يتوجه  لأحمد  رواية أخرى : لا زكاة فيه ، بناء على قول الصحابي ، وسبق قول  القاضي  في التمر يأخذه من المباح يزكيه في قياس قول  أحمد  في العسل ، فقد سوي بينهما عند  أحمد  ، فدل أن على القول الآخر لا زكاة في العسل من المباح عند  أحمد  ، كرواية عن  أبي يوسف  ، وقد اعترف صاحب المحرر كما سبق أنه القياس ، لولا الأثر . 
فيقال : قد تبين الكلام في الأثر ، ثم إذا تساويا في المعنى تساويا في الحكم ، وترك القياس ، كما تعدى في العرايا إلى بقية الثمار وغير ذلك ، على الخلاف فيه ، ولهذا قال  ابن عقيل  وغيره : فما ينزل من السماء على الشجر ، كالمن والترنجبين والشيرخشك وشبهها ، ومنه اللاذن وهو طل وندى ينزل على نبت تأكله المعزى ، فتتعلق تلك الرطوبة بها فيؤخذ فيه العشر ، كالعسل ، قال بعضهم : وهو ظاهر كلام  أحمد  ، وقيل : لا عشر فيه ، لعدم النص ، وهو ظاهر كلام جماعة ، وجزم به في المغني والمحرر فيما يخرج من البحر    ( م 19 ) والله أعلم ، قال صاحب  [ ص: 451 ] المحرر : إن قصة هلال  المذكورة ترد هذا ; لأنه عليه السلام أخذه من عسل في واد مباح ; لأن الإقطاع إنما يكون في المباح ، فيقال : الفرق إنما هو في العسل بين أخذه من أرض مملوكة أو مباحة ، وأما إن كان النحل مملوكا ، كقصة هلال  ، فالعسل نماؤه تابع له ، فلا فرق بين أن يجنى من أرض مملوكة أو مباحة ، أو من شيء يوضع عنده . ولا زكاة في قليله ( هـ     ) ويعتبر فيه نصاب قدره عشرة أفراق ، نص عليه ، رواه الجوزجاني  عن  [ ص: 452 ]  عمر    . وسبق قول في نصاب الزيت  خمسة أفراق ، فيتوجه منه تخريج ; لأنه أعلى ما يقدر به فيه ، فاعتبر خمسة أمثاله كالوسق ، والفرق ، بفتح الراء ، وقيل : وبسكونها ، ستة عشر رطلا عراقية ، وهو مكيال معروف بالمدينة  ، ذكره  ابن قتيبة  وثعلب   والجوهري  وغيرهم ، ويدل على ذلك خبر  كعب بن عجرة  في الفدية ، وحمل كلام  عمر  في المتعارف ببلده أولى ، قال  أحمد  في رواية أبي داود    : قال الزهري    : في عشرة أفراق فرق ، والفرق ستة عشر رطلا ، وهذا ظاهر الأحكام السلطانية ، واختاره صاحب المحرر وغيره ، وفي الخلاف : الفرق ستة وثلاثون رطلا عراقية . 
وقال ابن حامد    : هو ستون رطلا عراقية وأما الفرق بسكون الراء فمكيال ضخم من مكاييل أهل العراق  ، قاله  الخليل  ، قال  ابن قتيبة  وغيره : يسع مائة وعشرين رطلا ، قال صاحب المحرر : لا قائل به هنا ، وذكره بعضهم قولا ، وحكى قول : مائة ، قال ابن تميم    : وعن  أحمد  نحوه ، وقيل : نصابه ألف رطل عراقية ، وقدمه في الكافي ، نقل أبو داود  من عشر قرب قربة . 
     	
		 [ ص: 450 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					