ومن له القصر فله الفطر ولا [ ص: 66 ] عكس ; لأن المريض ونحوه لا مشقة عليه في الصلاة ، بخلاف الصوم . وقد ينوي المسافر مسيرة يومين ويقطعها من الفجر إلى الزوال مثلا فيفطر وإن لم يقصر ، أشار ابن عقيل إليه ، لكنه لم يذكر الفطر ، فقد يعايا بها ، ولعل ظاهر ما سبق أن من قصر جمع لكونه في حكم المسافر ، وظاهر ما ذكروه في باب الجمع : لا ، وفي الخلاف في بحث المسألة إذا نوى إقامة أربعة أيام له الجمع لا ما زاد ، وقيل له : فيما إذا لم يجمع إقامة لا يقصر ; لأنه لا يجمع ، فقال : لا نسلم هذا ، بل له الجمع ، وهل يمسح مسح مسافر من قصر ؟ قال الأصحاب كالقاضي وغيره : هو مسافر ما لم يفسخ أو ينو الإقامة أو يتزوج أو يقدم على أهل . واحتج القاضي على أن الجيش إذا أقام بدار الحرب مدة تزيد على أربعة أيام أتم بنص أحمد [ رحمه الله ] على ذلك ، وبقوله في رواية عبد الله : المسح في دار الحرب وغيره واحد ، للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، وللمقيم يوما وليلة ، وقال الأصحاب منهم ابن عقيل : الأحكام المتعلقة بالسفر الطويل أربعة : القصر والجمع والمسح ثلاثا والفطر ، قال ابن عقيل : وإن نوى إقامة تزيد على أربعة أيام صار مقيما ، وخرج عن رخصة السفر . ويستبيح الرخص ولا يخرج عن حكم السفر إذا نوى ما دونها ، وإن لم يعلم متى يخرج قصر ولو كان شهورا ; لأنه ليس بمستوطن بل منزعج انزعاج السائرين فصار بمثابة السائر ، وكذا ذكر ابن الجوزي وغيره أن السفر [ ص: 67 ] الطويل يستبيح [ به ] جميع الرخص ، إلى أن قال في الملاح ونحوه : لا يستبيح من رخص السفر إلا التيمم وأكل الميتة ، كذا قال .
قال : وإن نوى إقامة أكثر من إحدى وعشرين صلاة [ لم يترخص ، وإن نوى إقامة إحدى وعشرين صلاة ] فعلى روايتين ، وإن لم ينو إقامة مدة معينة بل أقام لحاجته ترخص وإن طال الزمان ، وسأل إسحاق بن إبراهيم لأحمد : رجل سافر في رمضان إذا دخل مصرا يأكل ؟ قال : يجتنب الأكل أحب إلي إلا أن يريد فيه إقامة ، فإذا زاد على إقامة أربعة أيام وزيادة صام وأتم الصلاة ، فدل على تساويهما . ولعل مراده باجتناب الأكل ظاهرا ، واحتج صاحب المحرر فيمن نوى إقامة طويلة في رستاق بما رواه الأثرم أن مورقا سأل ابن عمر فقال : إني تاجر أتنقل في قرى الأهواز فأقيم في القرية الشهر وأكثر ، قال : تنوي الإقامة ؟ قلت : لا ، قال : لا أراك إلا مسافرا ، صل صلاة مسافر . وكذا احتج في المغني وقال : لا يبطل حكم سفره ، وهذه المسألة واضحة ، وإنما ذكرت هذا لأمر اقتضى ذلك [ والله أعلم ] .


