الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أني دفعت إلى رجل مالا قراضا ، ونهيته أن لا يشتري حيوانا فاشترى ، فكان قيمة الحيوان أقل من رأس المال ، أو تجر بها تعديا فخسر ، فجاءني ، ومعه سلع ليس فيها وفاء برأس مالي ، أو جاء ، ومعه دنانير أو دراهم أقل من رأس مالي ، فأردت أن أضمنه وآخذ ما وجدت في يديه وأتبعه بما بقي من رأس مالي . وقامت الغرماء على العامل وقالوا : نحن في هذا المال وأنت أسوة ; لأنك إذا ضمنته فلست أولى بهذه السلع منا ولا هذه الدنانير ولا هذه الدراهم ، وأنت أولى بها منا لو لم تضمنه ؟ قال مالك : أما الدنانير والدراهم ، فرب المال أولى بها .

                                                                                                                                                                                      وإن كان باع أو اشترى ; لأن مالكا قال في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا ، فاستسلفه العامل مالا فاشترى به سلعة لنفسه ، قال : إن باع فربح فلصاحب المال ربحه على شرطه ، وإن نقص كان ضامنا لما نقص من رأس المال ، فأراه أولى بالدنانير والدراهم ، وأما السلع فإن أتى بالسلعة لم يبعها ، خير رب المال ، قال مالك : فإن أحب أن يشركه فيها ، إن شاء خلى بينه وبينها وأخذ رأس المال ، أي ذلك شاء فعل .

                                                                                                                                                                                      فأرى في السلع ، إن خلى بينه وبينها أنه أسوة الغرماء فيها سحنون عن ابن وهب قال : أخبرني رجال من أهل العلم عن عطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبي الزناد ونافع أنهم قالوا : إذا خالف ما أمره به فهلك ضمن ، وإن ربح فلهم . قال يحيى بن سعيد : قد كان الناس يشترطون على من قارضوا مثل هذا . وقال عطاء بن أبي رباح : الربح بينك وبينه ; لأنه عصى ما قارضته عليه والضمان عليه .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية