الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1489 - (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم والقسوة والغفلة والعيلة والذلة والقلة والمسكنة وأعوذ بك من الفقر والكفر والفسوق والشقاق والنفاق والسمعة والرياء وأعوذ بك من الصمم والبكم والجنون والجذام والبرص وسيئ الأسقام) . (ك) والبيهقي في الدعاء عن أنس. (صح)

التالي السابق


(اللهم إني أعوذ بك من العجز) بسكون الجيم سلب القوة وتخلف التوفيق إذ صفة العبد العجز وإنما يقوى بقوة يحدثها الله فيه فكأنه استعاذ به أن يكله إلى أوصافه فإن كل من رد إليها فقد خذل (والكسل) التثاقل والتراخي مما ينبغي مع القدرة أو هو عدم انبعاث النفس لفعل الخير والعاجز معذور والكسلان لا ومع ذلك هو حالة رؤية ولو مع عذر فلذا تعوذ منه (والجبن) بضم فسكون الخور عن تعاطي الحرب خوفا على المهجة وإمساك النفس والضن بها عن إتيان واجب الحق (والبخل) منع السائل المحتاج عما يفضل عن الحاجة (والهرم) كبر السن المؤدي إلى تساقط القوى وسوء الكبر ما يورثه كبر السن من ذهاب العقل والتخبط في الرأي وقال الموفق البغدادي: هو اضمحلال طبيعي وطريق للفناء ضروري فلا شفاء له (والقسوة) غلظ القلب وصلابته (والغفلة) غيبة الشيء عن البال وعدم تذكره واستعمل في تاركه إهمالا وإعراضا كما في قوله سبحانه وهم في غفلة معرضون (والعيلة والذلة) بالكسر الهوان على الناس ونظرهم إلى الإنسان بعين الاحتقار والاستخفاف به (والقلة) بالكسر قلة البصر أو قلة الأنصار أو القلة في أبواب الخير وخصال البر أو قلة المال بحيث لا يجد كفافا من قوت فيعجز عن وظائف العبادة (والمسكنة) قلة المال وسوء الحال (وأعوذ بك من الفقر) أي فقر النفس لا ما هو المتبادر من معناه من إطلاقه على الحاجة الضرورية فإن ذلك يعم كل موجود يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله وأصله كسر فقار الظهر (والكفر) عنادا أو جحدا أو نفاقا وأورده عقب الفقر لأنه قد يفضي إليه (والفسوق) الخروج عن الاستقامة والجور ومنه قيل للعاصي فاسق (والشقاق) مخالفة الحق بأن يصير كل من المتنازعين في شق أي ناحية كان كل فريق يحرص على ما يشق على الآخر [ ص: 123 ] (والنفاق) الحقيقي أو المجازي (والسمعة) بضم فسكون التنويه بالعمل ليسمعه الناس (والرياء) بكسر الراء والمد ومثناة تحتية إظهار العبادة ليراها الناس فيحمدوه فالسمعة أن يعمل لله خفية ثم يتحدث بها تنويها والرياء أن يعمل لغير الله وذكر هذه الخصال لكونها أقبح خصال الناس فاستعاذته منها إبانة عن قبحها وزجر للناس عنها بألطف وجه وأمر بتجنبها بالالتجاء إلى الله (وأعوذ بك من الصمم) بطلان السمع أو ضعفه. قال القاضي: وأصله صلابة من اكتناز الأجزاء ومنه قيل حجر أصم وقناة صماء سمي به فقدان حاسة السمع لأن سببه أن يكون باطن الصماخ كنزا لا تجويف فيه يشتمل على هواء يسمع الصوت بتموجه (والبكم) بالتحريك الخرس أو أن يولد لا ينطق ولا يسمع والخرس أن يخلق بلا نطق (والجنون) زوال العقل (والجذام) علة تسقط الشعر وتفتت اللحم وتجري الصديد منه (والبرص) علة تحدث في الأعضاء بياضا رديئا (وسيئ الأسقام) الأمراض الفاحشة الرديئة المؤدية إلى فرار الحميم وقلة الأنيس أو فقده كالاستسقاء والسل والمرض المزمن وهذا من إضافة الصفة للموصوف أي الأسقام السيئة قال التوربشتي ولم يستعذ من سائر الأسقام لأن منها ما إذا تحامل الإنسان فيه على نفسه بالصبر خفت مؤنته كحمى وصداع ورمد وإنما استعاذ من السقم المزمن فينتهي صاحبه إلى حال يفر منه الحميم ويقل دونه المؤانس والمداوي مع ما يورث من الشين وهذه الأمراض لا تجوز على الأنبياء بل يشترط في النبي سلامته من كل منفر وإنما ذكرها تعليما للأمة كيف تدعو

(ك) والبيهقي في) كتاب (الدعاء عن أنس) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه اللهم إلى آخره قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي.




الخدمات العلمية