الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1933 - (إن الله تعالى يقول أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير وإن شرا فشر) (طس) (حل) عن واثلة. (صح) [ ص: 312 ]

التالي السابق


[ ص: 312 ] (إن الله تعالى يقول أنا عند ظن عبدي بي) أي أعامله على حسب ظنه وأفعل به ما يتوقعه مني فليحسن رجاءه أو أنا قادر على أن أعمل به ما ظن أني أعامله به فالمراد الحث على تغليب الرجاء على الخوف والظن على بابه ذكره القاضي قال: ويمكن تفسيره بالعلم والمعنى أنا عند يقينه بي وعلمه بأن مصيره إلي وحسابه علي وأن ما قضيت من خير وشر فلا مرد له لا معطي لما منعت ولا راد لما أعطيت أي إذا تمكن العبد في مقام التوحيد ورسخ في مقام الإيمان والوثوق به سبحانه وتعالى قرب منه ورفع دونه الحجاب بحيث إذا دعاه أجاب وإذا سأله استجاب إلى هنا كلامه وجزم بعض المتأخرين بثاني احتماليه فقال: معناه عند يقينه بي فالاعتماد علي والوثوق بوعدي والرهبة من وعيدي والرغبة فيما عندي أعطيه إذا سألني وأستجيب له إذا دعاني كل ذلك على حسب ظنه وقوة يقينه والظن قد يرد بمعنى اليقين قال الله تعالى الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم أي يوقنون (إن خيرا فخير وإن شرا فشر) أي إن ظن بي خيرا أفعل به خيرا وإن ظن بي شرا أفعل به شرا. قال ابن القيم: وأعظم الذنوب عند الله تعالى إساءة الظن به فإن من أساء الظن به ظن به خلاف كماله الأقدس وظن به ما يناقض أسماءه وصفاته ولهذا توعد عليه بما توعد به غيره فقال عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وقال وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم قال الكرماني: وفيه إشارة إلى ترجيح جانب الرجاء على الخوف أي لأن العاقل إذا سمعه لا يعدل إلى ظن إيقاع الوعيد وهو جانب الخوف بل إلى ظن وقوع الوعد وهو جانب الرجاء وهو كما قال المحققون مقيد بالمحتضر وفي غيره أقوال ثالثها الاعتدال (تتمة) قال ابن عطاء الله : بخ بخ لحسن الظن به لمن من به عليه فمن وجده لم يفقد من الخير شيئا ومن فقده لم يجد منه شيئا لا تجد غدا عند الله لك أنفع منه ولا أجدى ولا تجد الآن أدل على الله ولا أهدى بعلمك عن الله بما يريد أن يصنعه معك ويبشرك ببشائر لا يقرأ سطورها العينان ولا يترجم عنها لسان.

(فائدة) قال سليمان بن علي أمير البصرة لعمرو بن عبيد ما تقول في أموالنا التي تعرفها في سبيل الخير فأبطأ في الجواب يريد به وقار العلم ثم قال من نعمة الله على الأمير أنه أصبح لا يجهل أن من أخذ الشيء من حقه ووضعه في وجهه فلا تبعة عليه غدا قال الأمير نحن أحسن ظنا بالله منكم فقال أقسم على الأمير بالله هل تعلم أحدا أحسن ظنا بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قال فهل علمت أنه أخذ شيئا قط من غير حله ووضعه في غير حقه قال اللهم لا قال حسن الظن بالله أن تفعل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

(طس) (حل) عن واثلة) بن الأسقع وهو في الصحيحين بدون قوله إن إلخ.




الخدمات العلمية