الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1653 - (أملك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك) (ت) عن عقبة بن عامر (ح)

التالي السابق


(أملك عليك لسانك) أي احفظه وصنه لعظم خطره وكثرة ضرره. قال ذو النون رضي الله عنه: أصوم الناس لنفسه أملكهم للسانه. وقال ابن مسعود أو عمر: ما على الأرض أحوج إلى طول سجن من اللسان. قال حجة الإسلام رضي الله عنه: معنى حفظ اللسان من الكذب فلا ينطق به في جد ولا هزل لأنه إن نطق به هزل تداعى إلى الجد والخلف بالوعد بل ينبغي أن يكون إحسانك فعلا بلا قول والغيبة فإنها أشد من ثلاثين زنية والمراد الجدال والمنافسة وتزكية النفس واللعن والدعاء على الخلق والمزاح والسخرية والاستهزاء بالخلق ونحو ذلك انتهى. قال بعض الحكماء: لا شيء أحق بالسجن من اللسان وقد جعله خلف الشفتين والأسنان ومع ذلك يكثر القول ويفتح الأبواب (وليسعك بيتك) سيما في زمن الفتن. قال الطيبي: الأمر في الظاهر وارد على البيت وفي الحقيقة على المخاطبة أي تعرض لما هو سبب لزوم البيت من الاشتغال بالله والمؤانسة بطاعته والخلو عن الأغيار (وابك على خطيئتك) أي ذنوبك ضمن بكى معنى الندامة وعداه بعلى أي اندم على خطيئتك باكيا فإن جميع أعضائك تشهد عليك في عرصات القيامة بلسان طلق ذلق تفضحك به على ملإ من الخلق يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون (تتمة) قال في الحكم: ما نفع القلب شيء مثل عزلة يدخل فيها ميدان فكره كيف يشرق القلب وصور الأكوان منطبع في مرآته أم كيف يرحل إلى الله وهو مكبل بشهواته أم كيف يطمع من يدخل حضرة الله وهو لم يتطهر من جنابة غفلاته أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار وهو لم يتب من هفواته.

(فائدة) قال ابن الحاج: عذل بعضهم عن الانعزال في خلوته فقال: وجدت لساني كلبا عقورا قل أن يسلم منه من خالطه فحبست نفسي ليسلم المسلمون من آفاته

(ت) في الزهد (عن عقبة بن عامر) الجهني قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقلت: ما النجاة فقال: أملك إلخ وهذا الجواب من أسلوب الحكيم سأل عن حقيقة النجاة فأجابه عن سببه لأنه أهم بحاله وأولى وكان حق الظاهر أن يقول حفظ اللسان فأخرجه على سبيل الأمر المقتضي للوجوب مزيدا للتقرير والاهتمام كذا قاله المصنف تبعا لعبد الحق في أحكامه. قال ابن القطان: وهو خطأ إنما هو عن أبي أمامة وسكت عنه والترمذي إنما قال حسن وهو إلى الضعف أقرب فإنه من رواية يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال في المنار وكلهم متكلم فيه.




الخدمات العلمية