( فصل )
( يصح
nindex.php?page=treesubj&link=20984_20982إطلاق جمع المشترك ) على معانيه ( ومثناه ) على معنييه معا ( ك ) إطلاق ( مفرد على كل معانيه ) أما إرادة المتكلم باللفظ المشترك أحد
[ ص: 368 ] معانيه أو أحد معنييه . فهو جائز قطعا ، وهو حقيقة ، لأنه استعمال اللفظ فيما وضع له . وأما إرادة المتكلم باللفظ المشترك استعماله في كل معانيه - وهي مسألة المتن - ففيه مذاهب . أحدها - وهو الصحيح - يصح ، كقولنا : العين مخلوقة ، ونريد جميع معانيها .
وعلى هذا أكثر الأصحاب . قال في الانتصار - لما قيل له فيمن لا يجد نفقة امرأته - : يفرق بينهما ، أي لا يحبسها . فقال : الظاهر منها الإطلاق ، على أنه عام في العقد والمكان معا . ونسب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقطع به من أصحابه :
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة ، ومثله بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56إن الله وملائكته يصلون على النبي } فإن الصلاة من الله الرحمة ، ومن الملائكة الدعاء . وكذا لفظ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18شهد الله أنه لا إله إلا هو } وشهادته تعالى علمه ، وشهادة غيره إقراره بذلك . وبقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } النكاح العقد ، والوطء مرادان لنا منه إذا قلنا : النكاح مشترك . وقطع به
nindex.php?page=showalam&ids=12604الباقلاني . ونقله
أبو المعالي عن مذهب المحققين وجماهير الفقهاء ويكون إطلاقه على معانيه أو معنييه مجازا لا حقيقة . نقله صاحب التلخيص من الشافعية عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وإليه ميل
إمام الحرمين واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب وتبعه في جمع الجوامع . وقيل : حقيقة . المذهب الثاني : يصح إطلاقه على معنييه أو معانيه بقرينة متصلة . المذهب الثالث : صحة استعماله في معنييه في النفي دون الإثبات ، لأن النكرة في سياق النفي تعم . المذهب الرابع : صحة استعماله في غير مفرد . فإن كان جمعا كاعتدي بالأقراء ، أو مثنى ، كقرأين صح . المذهب الخامس : صحة استعماله إن تعلق أحد المعنيين بالآخر ، نحو قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43أو لامستم النساء } فإن كلا من اللمس باليد والوطء لازم للآخر . المذهب السادس : يصح استعماله بوضع جديد ، لكن ليس من اللغة ، فإن اللغة منعت منه المذهب السابع : لا يصح مطلقا . اختاره من أصحابنا
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبو الخطاب وابن القيم .
وحكاه عن الأكثرين . قال في كتابه جلاء الأفهام في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم - في منع كون الصلاة من الله سبحانه وتعالى الرحمة - : الأكثرون لا يجوزون استعمال اللفظ المشترك في معنييه لا بطريق الحقيقة ولا بطريق المجاز .
[ ص: 369 ]
ورد ما ورد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . قال : وقد ذكرنا على إبطال استعمال اللفظ المشترك في معنييه معا بضعة عشر دليلا في مسألة القرء في كتاب التعليق على الأحكام .
فعلى الجواز : هو ظاهر في معنييه أو معانيه ، فيحمل على جميعها ; لأنه لا تدافع بينها وقيل : هو مجمل ، فيرجع إلى مخصص . قال
الإسنوي وغيره : ومحل الخلاف بين
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره في استعمال اللفظ في كل معانيه إنما هو في الكلي العددي ، كما قاله في التحصيل ، أي في كل فرد ، فردوا ذلك بأن يجعله يدل على كل واحد منهما على حدته بالمطابقة في الحالة التي تدل على المعنى الآخر بها . وليس المراد بالكلي المجموعي ، وهو أن يجعل مجموع المعنيين مدلولا مطابقا كدلالة العشرة على آحادها ، ولا الكلي البدلي ، وهو أن يجعل كل واحد منهما مدلولا مطابقا على البدل . انتهى . ثم اعلم أن جمع المشترك باعتبار معانيه مبني على جواز استعمال المفرد في معانيه . ووجه البناء : أن التثنية والجمع تابعان لما يسوغ على المفرد فيه ، فحيث جاز استعمال المفرد في معنييه أو معانيه جاز تثنية المشترك وجمعه ، وحيث لا فلا ، فتقول : عيون زيد ، وتريد : بذلك العين الباصرة ، والعين الجارية ، وعين الميزان ، والذهب الذي لزيد . واستعمل
الحريري ذلك في المقامات ، في قوله " فانثنى بلا عينين " يريد الباصرة والذهب . وهذا قول كثير . وقيل : يجوز تثنيته وجمعه ، وإن لم يصح إطلاق المفرد على معانيه . وقيل بالمنع مطلقا .
( ويصح إطلاق اللفظ على حقيقته ومجازه الراجح معا ) ويكون إطلاقه عليهما معا مجازا . فيحمل عليهما على ما تقدم من الأقوال والأحكام ، إلا أن القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12604أبا بكر الباقلاني قال : استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه محال لأن الحقيقة استعمال اللفظ فيما وضع له والمجاز فيما لم يوضع له ، وهما متناقضان . انتهى . ومن أمثلة ذلك : قوله سبحانه وتعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم } فإنه حقيقة في ولد الصلب ، مجاز في ولد الابن . ومثله قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77وافعلوا الخير } فإنه شامل للوجوب والندب ، خلافا لمن خصه بالوجوب وبعضهم قال : إن مدلول ذلك القدر المشترك ، وهو مطلق الطلب ، فرارا من الاشتراك والمجاز . ومن ذلك ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13028المجد في قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13720اقرءوا يس [ ص: 370 ] على موتاكم } يشمل المحتضر والميت قبل الدفن وبعده ، فبعد الموت حقيقة ، وقبله مجاز . ومن ذلك أيضا : ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل وغيرهما : اللمس حقيقة في اللمس باليد ، مجاز في الجماع ، فيحمل عليهما . ويجب الوضوء منهما جميعا ، لأنه لا تدافع بينهما . وفي المسألة قول آخر : أنه يجب الحمل على الحقيقة دون المجاز ( وهو ) أي اللفظ حالة إطلاقه على الحقيقة ومجازه ( ظاهر فيهما ) أي غير مجمل ، ولا ظاهر في أحدهما دون الآخر ، إذ لا قرينة تدل على أن المراد أحدهما ( فيحمل عليهما كعام ) ومحل صحة الإطلاق والحمل إن لم يكن تناف بين المعنيين ( فإن تنافيا كافعل ، أمرا وتهديدا : امتنع ) الإطلاق والحمل ( وألحق ) بالبناء للمفعول ( بذلك ) أي بما تقدم اللفظان ( المجازان المستويان ) مثال ذلك لو حلف لا يشتري دار زيد ، وقامت قرينة على أن المراد : أنه لا يعقد بنفسه ، وتردد الحال بين السوم وشراء الوكيل : هل يحمل عليهما أم لا ؟ فمن جوز الحمل يقول : يحنث كل منهما ( ودلالة الاقتضاء والإضمار عامة ) عند الأكثر من أصحابنا والمالكية .
وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي وجمع مجملة . وعند
ابن حمدان وأكثر الحنفية والشافعية هي لنفي الإثم . واستدل للأول - وهو الصحيح - بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني بإسناد جيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11219إن الله تعالى تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه } ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه بلفظ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46715إن الله وضع } ورواه
ابن عدي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46716إن الله رفع عن هذه الأمة ثلاثا : الخطأ ، والنسيان ، والأمر يكرهون عليه } فمثل هذا يقال فيه : مقتضى الإضمار ، ومقتضاه الإضمار ، ودلالته على المضمر دلالة إضمار واقتضاء .
فالمضمر عام . قال
ابن العراقي : ويسمى مقتضى ، لأنه أمر اقتضاه النص لتوقف صحته عليه . وهو بكسر الضاد : اللفظ الطالب للإضمار ، وبفتحها . ذلك المضمر نفسه الذي اقتضاه الكلام . تصحيحا . . وهو المراد هنا . انتهى . قال
البرماوي : المقتضي - بالكسر - : الكلام المحتاج للإضمار ، وبالفتح : هو . ذلك المحذوف . ويعبر عنه أيضا بالمضمر . فالمختلف في عمومه : على الصحيح المقتضى - بالفتح - بدليل استدلال من نفى عمومه بكون العموم من عوارض الألفاظ ، فلا يجوز دعواه
[ ص: 371 ] في المعاني . ويحتمل أن يكون في المقتضي - بالكسر - وهو المنطوق به ، المحتاج في دلالته للإضمار ، كما صور به بعض الحنفية . وبالجملة في أصل المسألة : أن المحتاج إلى تقدير في نحو {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة } وغيرها من الأمثلة ، إن دل الدليل على تقدير شيء من المحتملات كلها ، وهو المراد بالعموم في هذه المسألة أولا ؟ . فيه مذاهب . ووجهه : أنه لم يرد رفع الفعل الواقع ، بل ما تعلق به . فاللفظ محمول عليه بنفسه مع قرينة عقلية . احتج به القاضي وغيره قال بعض أصحابنا إن ما عليه اللفظ بنفسه مع قرينة عقلية . فهو حقيقة ، أو أنه حقيقة عرفية ، لكن مقتضاه الأول . وكذا في التمهيد والروضة : أن اللفظ يقتضي ذلك .
واعترض : لا بد من إضمار ، فهو مجاز ، ورد بالمنع كذلك . ثم قولنا أقرب إلى الحقيقة ، وعورض بأن باب الإضمار في المجاز أقل ، فكلما قل قلت مخالفة الأصل فيه ، فيسلم قولنا : لو عم أضمر من غير حاجة . ولا يجوز رد بالمنع ، فإن حكم الخطإ عام ولا زيادة ، ويمنع أن زيادة حكم مانع . وقال بعض أصحابنا عن بعضهم : التخصيص كالإضمار . وكذا قال
إلكيا في الإضمار : هل هو من المجاز أم لا ؟ فيه قولان ، كالقولين في العموم والخصوص ، فإنه نقص المعنى عن اللفظ . والإضمار عكسه ، وليس فيهما استعمال اللفظ في موضع آخر . وفي التمهيد : لأن الإثم لا مزية لأمته فيه على الأمم لأن الناسي غير مكلف ، ولأنه المعروف في نحو : ليس . للبلد سلطان ، لنفي الصفات التي تنبغي له . ولا وجه لمنع
الآمدي العرف في نحو : ليس للبلد سلطان . وكلام
الآمدي وغيره في التحريم المضاف إلى العين ، ونحو {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30832لا صلاة إلا بطهور } يخالف ما ذكروه هنا . وقالوا فيه بزيادة الإضمار ، وأنه أولى . وقالوا في {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19568رفع عن أمتي } لا إجمال فيه ولا إضمار ، لظهوره لغة قبل الشرع في نفي المؤاخذة والعقاب ، وتبادره إلى الفهم . والأصل فيما تبادر : أنه حقيقة لغة أو عرفا . ( و ) ما من اللفظ ( مثل : لا آكل ، أو إن أكلت فعبدي حر : يعم مفعولاته ، فيقبل تخصيصه ) وكذا سائر الأفعال المتعدية قال
البرماوي : الفعل المنفي هل يعم ، حتى إذا وقع في يمين ، نحو والله لا آكل
[ ص: 372 ] أو لا أضرب أو لا أقوم ، أو ما أكلت أو ما قعدت ونحو ذلك ، ونوى تخصيصه بشيء يقبل ، أو لا يعم فلا يقبل ؟ ينظر . إما أن يكون الفعل متعديا أو لازما . فالأول : هو الذي ينصب فيه الخلاف عند الأكثر . فإذا نفي ولم يذكر له مفعول به ، ففيه مذهبان . أحدهما - وهو قول أصحابنا والشافعية والمالكية
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف - أنه يعم . والمذهب الثاني : أنه لا يعم . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14979والقرطبي والرازي .
ومنشأ الخلاف : النفي للأفراد ، فيقبل إرادة التخصيص ببعض المفاعيل به لعمومه . أو لنفي الماهية ولا تعدد فيها ، فلا عموم . والأصح هو الأول ( فلو نوى ) مأكولا ( معينا : قبل باطنا ) عند أصحابنا والمالكية والشافعية ، خلافا للحنفية
وابن البنا nindex.php?page=showalam&ids=14979والقرطبي والرازي . فإن ذكر المفعول به ، . ك لا أكل تمرا أو زبيبا ، أو لا أضرب عبدا ، فلا خلاف بين الفريقين في عمومه وقبوله التخصيص . واحتج القائلون بقوله " باطنا " بصحة الاستثناء فيه ، فكذا تخصيصه . قال المخالف : المأكول لم يلفظ به ، فلا عموم ، كالزمان والمكان . ورد بأن الحكم واحد عندنا وعند المالكية . قال
ابن مفلح : ويتوجه احتمال بالفرق كقول الشافعية ( فلو زاد ) فقال : إن أكلت ( لحما ) مثلا ( ونوى ) لحما ( معينا ، قبل ) منه نية التعيين ( مطلقا ) أي باطنا وظاهرا قال ابن مفلح عندنا وهو ظاهر ، ما ذكر عن غيرنا ، وقاله الحنفية ، وذكره بعض أصحابنا اتفاقا ، وخرجه
الحلواني من أصحابنا على روايتين ( والعام في شيء عام في متعلقاته ) وهذا هو المعروف عند العلماء . قال
ابن مفلح : خلافا لبعض المتأخرين . قال الإمام .
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم } ظاهرها على العموم : أن من وقع عليه اسم ولد فله ما فرض الله . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو المعبر عن الكتاب - أن الآية إنما قصدت للمسلم ، لا للكافر . وقال بعض أصحابنا : سماه عاما . وهو مطلق في الأحوال يعمها على البدل . ومن أخذ بهذا لم يأخذ بما دل عليه ظاهر لفظ القرآن ، بل بما ظهر له مما سكت عنه القرآن . وقال في . قوله تعالى . " اقتلوا المشركين " عامة فيهم ، مطلقة في أحوالهم . فإذا جاءت السنة بحكم لم يكن مخالفا لظاهر لفظ القرآن ، بل لما
[ ص: 373 ] لم يتعرض له . وقال : واحتج أصحابنا ،
nindex.php?page=showalam&ids=14953كالقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبي الخطاب وغيرهم من المالكية والشافعية ، بعموم قوله . صلى الله عليه وسلم . {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24642لا وصية لوارث } في الوصية للقاتل ، وفي وصية المميز .
وفيه نظر . واحتج جماعة على الشفعة للذمي على المسلم بقوله . صلى الله عليه وسلم . " الشفعة فيما لم يقسم " وأجاب جماعة من أصحابنا أنه عام في الأملاك . والله أعلم .
( فَصْلٌ )
( يَصِحُّ
nindex.php?page=treesubj&link=20984_20982إطْلَاقُ جَمْعِ الْمُشْتَرَكِ ) عَلَى مَعَانِيهِ ( وَمُثَنَّاهُ ) عَلَى مَعْنَيَيْهِ مَعًا ( كَ ) إطْلَاقِ ( مُفْرَدٍ عَلَى كُلِّ مَعَانِيهِ ) أَمَّا إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ بِاللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ أَحَدَ
[ ص: 368 ] مَعَانِيهِ أَوْ أَحَدَ مَعْنَيَيْهِ . فَهُوَ جَائِزٌ قَطْعًا ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ ، لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيمَا وُضِعَ لَهُ . وَأَمَّا إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ بِاللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ اسْتِعْمَالَهُ فِي كُلِّ مَعَانِيهِ - وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ - فَفِيهِ مَذَاهِبُ . أَحَدُهَا - وَهُوَ الصَّحِيحُ - يَصِحُّ ، كَقَوْلِنَا : الْعَيْنُ مَخْلُوقَةٌ ، وَنُرِيدُ جَمِيعَ مَعَانِيهَا .
وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ . قَالَ فِي الِانْتِصَارِ - لَمَّا قِيلَ لَهُ فِيمَنْ لَا يَجِدُ نَفَقَةَ امْرَأَتِهِ - : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ، أَيْ لَا يَحْبِسُهَا . فَقَالَ : الظَّاهِرُ مِنْهَا الْإِطْلَاقُ ، عَلَى أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْعَقْدِ وَالْمَكَانِ مَعًا . وَنُسِبَ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . وَقَطَعَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ :
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ } فَإِنَّ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّهِ الرَّحْمَةُ ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ الدُّعَاءُ . وَكَذَا لَفْظُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ } وَشَهَادَتُهُ تَعَالَى عِلْمُهُ ، وَشَهَادَةُ غَيْرِهِ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ . وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ } النِّكَاحُ الْعَقْدُ ، وَالْوَطْءُ مُرَادَانِ لَنَا مِنْهُ إذَا قُلْنَا : النِّكَاحُ مُشْتَرَكٌ . وَقَطَعَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12604الْبَاقِلَّانِيُّ . وَنَقَلَهُ
أَبُو الْمَعَالِي عَنْ مَذْهَبِ الْمُحَقِّقِينَ وَجَمَاهِيرِ الْفُقَهَاءِ وَيَكُونُ إطْلَاقِهِ عَلَى مَعَانِيهِ أَوْ مَعْنَيَيْهِ مَجَازًا لَا حَقِيقَةً . نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ
إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَاخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ . وَقِيلَ : حَقِيقَةً . الْمَذْهَبُ الثَّانِي : يَصِحُّ إطْلَاقُهُ عَلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ بِقَرِينَةٍ مُتَّصِلَةٍ . الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ : صِحَّةُ اسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنَيَيْهِ فِي النَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ ، لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ . الْمَذْهَبُ الرَّابِعُ : صِحَّةُ اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِ مُفْرَدٍ . فَإِنْ كَانَ جَمْعًا كَاعْتَدِّي بِالْأَقْرَاءِ ، أَوْ مُثَنًّى ، كَقُرْأَيْنِ صَحَّ . الْمَذْهَبُ الْخَامِسُ : صِحَّةُ اسْتِعْمَالِهِ إنْ تَعَلَّقَ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ بِالْآخَرِ ، نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ } فَإِنَّ كُلًّا مِنْ اللَّمْسِ بِالْيَدِ وَالْوَطْءِ لَازِمٌ لِلْآخَرِ . الْمَذْهَبُ السَّادِسُ : يَصِحُّ اسْتِعْمَالُهُ بِوَضْعٍ جَدِيدٍ ، لَكِنْ لَيْسَ مِنْ اللُّغَةِ ، فَإِنَّ اللُّغَةَ مَنَعَتْ مِنْهُ الْمَذْهَبُ السَّابِعُ : لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا . اخْتَارَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي nindex.php?page=showalam&ids=11851وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الْقَيِّمِ .
وَحَكَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ . قَالَ فِي كِتَابِهِ جَلَاءُ الْأَفْهَامِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنْعِ كَوْنِ الصَّلَاةِ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الرَّحْمَةُ - : الْأَكْثَرُونَ لَا يُجَوِّزُونَ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ لَا بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وَلَا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ .
[ ص: 369 ]
وَرَدَ مَا وَرَدَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . قَالَ : وَقَدْ ذَكَرْنَا عَلَى إبْطَالِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ مَعًا بِضْعَةَ عَشَرَ دَلِيلًا فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْءِ فِي كِتَابِ التَّعْلِيقِ عَلَى الْأَحْكَامِ .
فَعَلَى الْجَوَازِ : هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ ، فَيُحْمَلُ عَلَى جَمِيعِهَا ; لِأَنَّهُ لَا تَدَافُعَ بَيْنَهَا وَقِيلَ : هُوَ مُجْمَلٌ ، فَيُرْجَعُ إلَى مُخَصَّصٍ . قَالَ
الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ : وَمَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي كُلِّ مَعَانِيهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْكُلِّيِّ الْعَدَدِيِّ ، كَمَا قَالَهُ فِي التَّحْصِيلِ ، أَيْ فِي كُلِّ فَرْدٍ ، فَرَدُّوا ذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَهُ يَدُلُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ بِالْمُطَابِقَةِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الْآخَرِ بِهَا . وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكُلِّيِّ الْمَجْمُوعِيَّ ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ مَجْمُوعَ الْمَعْنَيَيْنِ مَدْلُولًا مُطَابِقًا كَدَلَالَةِ الْعَشَرَةِ عَلَى آحَادِهَا ، وَلَا الْكُلِّيِّ الْبَدَلِيِّ ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَدْلُولًا مُطَابِقًا عَلَى الْبَدَلِ . انْتَهَى . ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ جَمْعَ الْمُشْتَرَكِ بِاعْتِبَارِ مَعَانِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْمُفْرَدِ فِي مَعَانِيهِ . وَوَجْهُ الْبِنَاءِ : أَنَّ التَّثْنِيَةَ وَالْجَمْعَ تَابِعَانِ لِمَا يُسَوَّغُ عَلَى الْمُفْرَدِ فِيهِ ، فَحَيْثُ جَازَ اسْتِعْمَالُ الْمُفْرَدِ فِي مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ جَازَ تَثْنِيَةُ الْمُشْتَرَكِ وَجَمْعُهُ ، وَحَيْثُ لَا فَلَا ، فَتَقُولُ : عُيُونُ زَيْدٍ ، وَتُرِيدُ : بِذَلِكَ الْعَيْنَ الْبَاصِرَةَ ، وَالْعَيْنَ الْجَارِيَةَ ، وَعَيْنَ الْمِيزَانِ ، وَالذَّهَبِ الَّذِي لِزَيْدٍ . وَاسْتَعْمَلَ
الْحَرِيرِيُّ ذَلِكَ فِي الْمَقَامَاتِ ، فِي قَوْلِهِ " فَانْثَنَى بِلَا عَيْنَيْنِ " يُرِيدُ الْبَاصِرَةَ وَالذَّهَبَ . وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ . وَقِيلَ : يَجُوزُ تَثْنِيَتُهُ وَجَمْعُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ إطْلَاقُ الْمُفْرَدِ عَلَى مَعَانِيهِ . وَقِيلَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا .
( وَيَصِحُّ إطْلَاقُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ الرَّاجِحِ مَعًا ) وَيَكُونُ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِمَا مَعًا مَجَازًا . فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَحْكَامِ ، إلَّا أَنَّ الْقَاضِي
nindex.php?page=showalam&ids=12604أَبَا بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيَّ قَالَ : اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ مُحَالٌ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيمَا وُضِعَ لَهُ وَالْمَجَازُ فِيمَا لَمْ يُوضَعْ لَهُ ، وَهُمَا مُتَنَاقِضَانِ . انْتَهَى . وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ : قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي وَلَدِ الصُّلْبِ ، مَجَازٌ فِي وَلَدِ الِابْنِ . وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77وَافْعَلُوا الْخَيْرَ } فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِلْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ ، خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالْوُجُوبِ وَبَعْضُهُمْ قَالَ : إنَّ مَدْلُولَ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ ، وَهُوَ مُطْلَقُ الطَّلَبِ ، فِرَارًا مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ . وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13028الْمَجْدُ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13720اقْرَءُوا يس [ ص: 370 ] عَلَى مَوْتَاكُمْ } يَشْمَلُ الْمُحْتَضَرَ وَالْمَيِّتَ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ ، فَبَعْدَ الْمَوْتِ حَقِيقَةٌ ، وَقَبْلَهُ مَجَازٌ . وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا : مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي nindex.php?page=showalam&ids=13372وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا : اللَّمْسُ حَقِيقَةٌ فِي اللَّمْسِ بِالْيَدِ ، مَجَازٌ فِي الْجِمَاعِ ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا . وَيَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْهُمَا جَمِيعًا ، لِأَنَّهُ لَا تَدَافُعَ بَيْنَهُمَا . وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ آخَرُ : أَنَّهُ يَجِبُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ دُونَ الْمَجَازِ ( وَهُوَ ) أَيْ اللَّفْظُ حَالَةَ إطْلَاقِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَمَجَازهِ ( ظَاهِرٌ فِيهِمَا ) أَيْ غَيْرُ مُجْمَلٍ ، وَلَا ظَاهِرٍ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ، إذْ لَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا ( فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا كَعَامٍّ ) وَمَحَلُّ صِحَّةِ الْإِطْلَاقِ وَالْحَمْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَنَافٍ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ ( فَإِنْ تَنَافَيَا كَافْعَلْ ، أَمْرًا وَتَهْدِيدًا : امْتَنَعَ ) الْإِطْلَاقُ وَالْحَمْلُ ( وَأُلْحِقَ ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ( بِذَلِكَ ) أَيْ بِمَا تَقَدَّمَ اللَّفْظَانِ ( الْمَجَازَانِ الْمُسْتَوَيَانِ ) مِثَالُ ذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي دَارَ زَيْدٍ ، وَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ : أَنَّهُ لَا يَعْقِدُ بِنَفْسِهِ ، وَتَرَدَّدَ الْحَالُ بَيْنَ السَّوْمِ وَشِرَاءِ الْوَكِيلِ : هَلْ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا أَمْ لَا ؟ فَمَنْ جَوَّزَ الْحَمْلَ يَقُولُ : يَحْنَثُ كُلٌّ مِنْهُمَا ( وَدَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ وَالْإِضْمَارِ عَامَّةٌ ) عِنْدَ الْأَكْثَرِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْمَالِكِيَّةِ .
وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي وَجَمْعٌ مُجْمَلَةٌ . وَعِنْدَ
ابْنِ حَمْدَانَ وَأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ هِيَ لِنَفْيِ الْإِثْمِ . وَاسْتَدَلَّ لِلْأَوَّلِ - وَهُوَ الصَّحِيحُ - بِمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11219إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ } وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46715إنَّ اللَّهَ وَضَعَ } وَرَوَاهُ
ابْنُ عَدِيٍّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46716إنَّ اللَّهَ رَفَعَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ثَلَاثًا : الْخَطَأَ ، وَالنِّسْيَانَ ، وَالْأَمْرَ يُكْرَهُونَ عَلَيْهِ } فَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ فِيهِ : مُقْتَضَى الْإِضْمَارِ ، وَمُقْتَضَاهُ الْإِضْمَارُ ، وَدَلَالَتُهُ عَلَى الْمُضْمَرِ دَلَالَةُ إضْمَارٍ وَاقْتِضَاءٍ .
فَالْمُضْمَرُ عَامٌّ . قَالَ
ابْنُ الْعِرَاقِيِّ : وَيُسَمَّى مُقْتَضًى ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ اقْتَضَاهُ النَّصُّ لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَيْهِ . وَهُوَ بِكَسْرِ الضَّادِ : اللَّفْظُ الطَّالِبُ لِلْإِضْمَارِ ، وَبِفَتْحِهَا . ذَلِكَ الْمُضْمَرُ نَفْسُهُ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْكَلَامُ . تَصْحِيحًا . . وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا . انْتَهَى . قَالَ
الْبِرْمَاوِيُّ : الْمُقْتَضِي - بِالْكَسْرِ - : الْكَلَامُ الْمُحْتَاجُ لِلْإِضْمَارِ ، وَبِالْفَتْحِ : هُوَ . ذَلِكَ الْمَحْذُوفُ . وَيُعَبَّرُ عَنْهُ أَيْضًا بِالْمُضْمَرِ . فَالْمُخْتَلَفُ فِي عُمُومِهِ : عَلَى الصَّحِيحِ الْمُقْتَضَى - بِالْفَتْحِ - بِدَلِيلِ اسْتِدْلَالِ مَنْ نَفَى عُمُومَهُ بِكَوْنِ الْعُمُومِ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ ، فَلَا يَجُوزُ دَعْوَاهُ
[ ص: 371 ] فِي الْمَعَانِي . وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُقْتَضِي - بِالْكَسْرِ - وَهُوَ الْمَنْطُوقُ بِهِ ، الْمُحْتَاجُ فِي دَلَالَتِهِ لِلْإِضْمَارِ ، كَمَا صَوَّرَ بِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ . وَبِالْجُمْلَةِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ : أَنَّ الْمُحْتَاجَ إلَى تَقْدِيرٍ فِي نَحْوِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ } وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَمْثِلَةِ ، إنْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى تَقْدِيرِ شَيْءٍ مِنْ الْمُحْتَمَلَاتِ كُلِّهَا ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْعُمُومِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَوَّلًا ؟ . فِيهِ مَذَاهِبُ . وَوَجْهُهُ : أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ رَفْعَ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ ، بَلْ مَا تَعَلَّقَ بِهِ . فَاللَّفْظُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ مَعَ قَرِينَةٍ عَقْلِيَّةٍ . احْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنَّ مَا عَلَيْهِ اللَّفْظُ بِنَفْسِهِ مَعَ قَرِينَةٍ عَقْلِيَّةٍ . فَهُوَ حَقِيقَةٌ ، أَوْ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ ، لَكِنْ مُقْتَضَاهُ الْأَوَّلُ . وَكَذَا فِي التَّمْهِيدِ وَالرَّوْضَةِ : أَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي ذَلِكَ .
وَاعْتُرِضَ : لَا بُدَّ مِنْ إضْمَارٍ ، فَهُوَ مَجَازٌ ، وَرُدَّ بِالْمَنْعِ كَذَلِكَ . ثُمَّ قَوْلُنَا أَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ ، وَعُورِضَ بِأَنَّ بَابَ الْإِضْمَارِ فِي الْمَجَازِ أَقَلُّ ، فَكُلَّمَا قَلَّ قَلَّتْ مُخَالَفَةُ الْأَصْلِ فِيهِ ، فَيَسْلَمُ قَوْلُنَا : لَوْ عَمَّ أُضْمِرَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ . وَلَا يَجُوزُ رَدٌّ بِالْمَنْعِ ، فَإِنَّ حُكْمَ الْخَطَإِ عَامٌّ وَلَا زِيَادَةَ ، وَيَمْنَعُ أَنَّ زِيَادَةَ حُكْمٍ مَانِعٌ . وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ بَعْضِهِمْ : التَّخْصِيصُ كَالْإِضْمَارِ . وَكَذَا قَالَ
إلْكِيَا فِي الْإِضْمَارِ : هَلْ هُوَ مِنْ الْمَجَازِ أَمْ لَا ؟ فِيهِ قَوْلَانِ ، كَالْقَوْلَيْنِ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ ، فَإِنَّهُ نَقْصُ الْمَعْنَى عَنْ اللَّفْظِ . وَالْإِضْمَارُ عَكْسُهُ ، وَلَيْسَ فِيهِمَا اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ . وَفِي التَّمْهِيدِ : لِأَنَّ الْإِثْمَ لَا مِزْيَةَ لِأُمَّتِهِ فِيهِ عَلَى الْأُمَمِ لِأَنَّ النَّاسِيَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ، وَلِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ فِي نَحْوِ : لَيْسَ . لِلْبَلَدِ سُلْطَانٌ ، لِنَفْيِ الصِّفَاتِ الَّتِي تَنْبَغِي لَهُ . وَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ
الْآمِدِيِّ الْعُرْفَ فِي نَحْوِ : لَيْسَ لِلْبَلَدِ سُلْطَانٌ . وَكَلَامُ
الْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِ فِي التَّحْرِيمِ الْمُضَافِ إلَى الْعَيْنِ ، وَنَحْوُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30832لَا صَلَاةَ إلَّا بِطَهُورٍ } يُخَالِفُ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا . وَقَالُوا فِيهِ بِزِيَادَةِ الْإِضْمَارِ ، وَأَنَّهُ أَوْلَى . وَقَالُوا فِي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19568رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي } لَا إجْمَالَ فِيهِ وَلَا إضْمَارَ ، لِظُهُورِهِ لُغَةً قَبْلَ الشَّرْعِ فِي نَفْيِ الْمُؤَاخَذَةِ وَالْعِقَابِ ، وَتَبَادُرِهِ إلَى الْفَهْمِ . وَالْأَصْلُ فِيمَا تَبَادَرَ : أَنَّهُ حَقِيقَةٌ لُغَةً أَوْ عُرْفًا . ( وَ ) مَا مِنْ اللَّفْظِ ( مِثْلُ : لَا آكُلُ ، أَوْ إنْ أَكَلْت فَعَبْدِي حُرٌّ : يَعُمُّ مَفْعُولَاتِهِ ، فَيُقْبَلُ تَخْصِيصُهُ ) وَكَذَا سَائِرُ الْأَفْعَالِ الْمُتَعَدِّيَةِ قَالَ
الْبِرْمَاوِيُّ : الْفِعْلُ الْمَنْفِيُّ هَلْ يَعُمُّ ، حَتَّى إذَا وَقَعَ فِي يَمِينٍ ، نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ
[ ص: 372 ] أَوْ لَا أَضْرِبُ أَوْ لَا أَقُومُ ، أَوْ مَا أَكَلْت أَوْ مَا قَعَدْت وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَنَوَى تَخْصِيصَهُ بِشَيْءٍ يُقْبَلُ ، أَوْ لَا يَعُمُّ فَلَا يُقْبَلُ ؟ يَنْظُرُ . إمَّا أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مُتَعَدِّيًا أَوْ لَازِمًا . فَالْأَوَّلُ : هُوَ الَّذِي يَنْصَبُّ فِيهِ الْخِلَافُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ . فَإِذَا نُفِيَ وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مَفْعُولٌ بِهِ ، فَفِيهِ مَذْهَبَانِ . أَحَدُهُمَا - وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبِي يُوسُفَ - أَنَّهُ يَعُمُّ . وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي : أَنَّهُ لَا يَعُمُّ . وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14979وَالْقُرْطُبِيِّ وَالرَّازِيِّ .
وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ : النَّفْيُ لِلْأَفْرَادِ ، فَيُقْبَلُ إرَادَةُ التَّخْصِيصِ بِبَعْضِ الْمَفَاعِيلِ بِهِ لِعُمُومِهِ . أَوْ لِنَفْيِ الْمَاهِيَّةِ وَلَا تَعَدُّدَ فِيهَا ، فَلَا عُمُومَ . وَالْأَصَحُّ هُوَ الْأَوَّلُ ( فَلَوْ نَوَى ) مَأْكُولًا ( مُعَيَّنًا : قُبِلَ بَاطِنًا ) عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ
وَابْنِ الْبَنَّا nindex.php?page=showalam&ids=14979وَالْقُرْطُبِيِّ وَالرَّازِيِّ . فَإِنْ ذَكَرَ الْمَفْعُولَ بِهِ ، . كَ لَا أُكُلُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا ، أَوْ لَا أَضْرِبُ عَبْدًا ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي عُمُومِهِ وَقَبُولِهِ التَّخْصِيصَ . وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِ " بَاطِنًا " بِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِيهِ ، فَكَذَا تَخْصِيصُهُ . قَالَ الْمُخَالِفُ : الْمَأْكُولُ لَمْ يُلْفَظْ بِهِ ، فَلَا عُمُومَ ، كَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ . وَرُدَّ بِأَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ . قَالَ
ابْنُ مُفْلِحٍ : وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالْفَرْقِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيَّةِ ( فَلَوْ زَادَ ) فَقَالَ : إنْ أَكَلْت ( لَحْمًا ) مَثَلًا ( وَنَوَى ) لَحْمًا ( مُعَيَّنًا ، قُبِلَ ) مِنْهُ نِيَّةُ التَّعْيِينِ ( مُطْلَقًا ) أَيْ بَاطِنًا وَظَاهِرًا قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ عِنْدَنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ ، مَا ذُكِرَ عَنْ غَيْرِنَا ، وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ ، وَذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا اتِّفَاقًا ، وَخَرَّجَهُ
الْحَلْوَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( وَالْعَامُّ فِي شَيْءٍ عَامٌّ فِي مُتَعَلِّقَاتِهِ ) وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ . قَالَ
ابْنُ مُفْلِحٍ : خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ . قَالَ الْإِمَامُ .
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } ظَاهِرُهَا عَلَى الْعُمُومِ : أَنَّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ وَلَدٍ فَلَهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْ الْكِتَابِ - أَنَّ الْآيَةَ إنَّمَا قَصَدَتْ لِلْمُسْلِمِ ، لَا لِلْكَافِرِ . وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : سَمَّاهُ عَامًّا . وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ يَعُمُّهَا عَلَى الْبَدَلِ . وَمَنْ أَخَذَ بِهَذَا لَمْ يَأْخُذْ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ لَفْظِ الْقُرْآنِ ، بَلْ بِمَا ظَهَرَ لَهُ مِمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْقُرْآنُ . وَقَالَ فِي . قَوْله تَعَالَى . " اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ " عَامَّةٌ فِيهِمْ ، مُطْلَقَةٌ فِي أَحْوَالِهِمْ . فَإِذَا جَاءَتْ السُّنَّةُ بِحُكْمٍ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ لَفْظِ الْقُرْآنِ ، بَلْ لِمَا
[ ص: 373 ] لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ . وَقَالَ : وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا ،
nindex.php?page=showalam&ids=14953كَالْقَاضِي nindex.php?page=showalam&ids=11851وَأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ ، بِعُمُومِ قَوْلِهِ . صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24642لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ } فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ ، وَفِي وَصِيَّةِ الْمُمَيِّزِ .
وَفِيهِ نَظَرٌ . وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ عَلَى الشُّفْعَةِ لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ بِقَوْلِهِ . صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . " الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ " وَأَجَابَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْأَمْلَاكِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .