( فائدة : )   ( الأعيان والمعاملات )  المنتفع بها ( والعقود المنتفع بها قبل ) ورود ( الشرع ) بحكمها ( إن ) فرض أنه ( خلا وقت عنه ) أي عن الشرع مع أن الصحيح : أنه لم يخل وقت من شرع . قاله  القاضي  وهو ظاهر كلام  أحمد  ، لأنه أول ما خلق آدم  قال له ( { اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة    } ) أمرهما ونهاهما عقب خلقهما . فكذلك كل زمان . 
قال الجزري    : لم تخل الأمم من حجة ، واحتج بقوله تعالى ( { أيحسب الإنسان أن يترك سدى    } ) والسدى : الذي لا يؤمر ولا ينهى ، وبقوله تعالى ( { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا    } ) وبقوله تعالى ( { وإن من أمة إلا خلا فيها نذير    } )  [ ص: 103 ] قال  القاضي    : هذا ظاهر رواية عبد الله فيما خرجه في مجلسه : الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم . فأخبر أن كل زمان فيه قوم من أهل العلم ( أو بعده ) أي بعد ورود الشرع ( وخلا عن حكمها ) . 
قال  أبو الخطاب    : لو قدرنا خلو شرع عن حكم ما حكمها ( أو لا ) : أي أو لم يخل الشرع عن حكمها ( وجهل ) قال  القاضي    : ويتصور فائدة المسألة فيمن نشأ ببرية ولم يعرف شرعا . وعنده فواكه وأطعمة    . وكذا قال  أبو الخطاب    ( مباحة ) خبر لقوله " الأعيان " وبالإباحة قال أبو الحسن التميمي   والقاضي أبو يعلى  في مقدمة المجرد ، وأبو الفرج الشيرازي  ،  وأبو الخطاب  والحنفية والظاهرية   وابن سريج    .  وأبو حامد المروزي  وغيرهم ، لأن خلقها لا لحكمة عبث ، ولا حكمة إلا انتفاعنا بها ، إذ هو خال عن المفسدة . كالشاهد . وقد قال الله تعالى ( { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا    } ) قال  القاضي    : وأومأ إليه  أحمد  ، حيث سئل عن قطع النخل ؟ قال : لا بأس ، لم نسمع في قطعه شيئا . 
وفي الروضة ما يقتضي : أنه عرف بالسمع إباحتها قبله . وقاله بعضهم : كما في الآيات والأخبار . قال ابن قاضي الجبل  وغيره : الأدلة الشرعية دلت على الإباحة لقوله تعالى ( { خلق لكم ما في الأرض جميعا    } ) وقوله تعالى ( { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق    } ) وقوله صلى الله عليه وسلم { من أعظم المسلمين جرما : من سأل عن شيء لم يحرم ، فحرم لأجل مسألته   } وقوله صلى الله عليه وسلم { ما سكت عنه : فهو عفو   } . 
وعند ابن حامد  ،  والقاضي  في العدة ، والحلواني  ، وبعض الشافعية ،  والأبهري  من المالكية : محرمة . لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه فحرم كالشاهد . ثم على القول بالتحريم : يخرج من محل الخلاف على الصحيح عند العلماء - وحكى إجماعا - ما يحتاج إليه كتنفس وسد رمق ونحوه . 
وقول من قال بحرمة ذلك ساقط لا يعتد به . إذا تقرر هذا : فقد نقل عن بعض العلماء أنه قال : من لم يوافق المعتزلة  في التحسين والتقبيح العقليين ، وقال بالإباحة أو الحظر : فقد ناقض . فاحتاج من قال  [ ص: 104 ] بأحد القولين إلى استناد إلى سبب غير ما استندت إليه المعتزلة  ، وهو ما أشير إليه بقوله ( بإلهام ) قال الحلواني  وغيره : عرفنا الحظر والإباحة بالإلهام ، كما ألهم أبو بكر    وعمر  رضي الله تعالى عنهما أشياء ورد الشرع بموافقتهما ( وهو ما يحرك القلب بعلم يطمئن ) القلب ( به ) أي بذلك العلم حتى ( يدعو إلى العمل به ) أي بالعلم الذي اطمأن به   ( وهو ) أي الإلهام    ( في قول : طريق شرعي ) حكى  القاضي أبو يعلى  في الإلهام : هل هو طريق شرعي  ؟ على قولين . 
وحكي في جمع الجوامع : أن بعض الصوفية  قال به . وقال ابن السمعاني  نقلا عن أبي زيد الدبوسي  وحده أبو زيد بأنه ما حرك القلب بعلم يدعوك إلى العمل به من غير استدلال ولا نظر في حجة . 
وقال بعض الحنفية : هو حجة بمنزلة الوحي المسموع من رسول الله صلى الله عليه وسلم . واحتج له بقوله تعالى ( { ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها    } ) أي عرفها بالإيقاع في القلب ، وبقوله تعالى ( { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام    } ) وبقوله صلى الله عليه وسلم { الإثم ما حاك في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك   } فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة قلبه بلا حجة أولى من الفتوى . والقول الثاني : أنه خيال لا يجوز العمل به إلا عند فقد الحجج كلها ، ولا حجة في شيء مما تقدم ; لأنه ليس المراد الإيقاع في القلب بلا دليل ، بل الهداية إلى الحق بالدليل ، كما قال  علي  رضي الله تعالى عنه : إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في كتابه . 
				
						
						
