( باب المنطوق والمفهوم ) أما المنطوق : فهو المعنى المستفاد من اللفظ من حيث النطق به ، وأما المفهوم : فهو المعنى المستفاد من حيث السكوت اللازم للفظ . فإذا ( الدلالة ) أي دلالة اللفظ ( تنقسم إلى منطوق وهو ) أي المنطوق ( ما دل عليه لفظ في محل نطق ) وهو نوعان : صريح ، وغير صريح ثم الصريح ما أشير إليه بقوله ( فإن وضع له ) أي وضع اللفظ لذلك المعنى ( فصريح ) سواء كانت دلالة مطابقة أو تضمن حقيقة أو مجازا . النوع الثاني : غير الصريح وهو ما أشير إليه بقوله ( وإن لزم عنه ) أي لزم المعنى عن اللفظ بأن دل اللفظ على ذلك المعنى في غير ما وضع له ( فغيره ) أي فغير صريح . وتسمى هذه الدلالة :
nindex.php?page=treesubj&link=20799_20798_20797_20796_20795_20792_20791دلالة التزام وتنقسم إلى ثلاثة أقسام : اقتضاء وإشارة ، وتنبيه ويسمى التنبيه : إيماء ; لأن المعنى إما أن يكون مقصودا للمتكلم متضمنا لما يتوقف عليه صدق اللفظ ، أو لما يتوقف عليه صحته عقلا ، أو لما يتوقف عليه صحته شرعا ، أو لا يكون مقصودا للمتكلم .
فالأول ، وهو ما أشير إليه بقوله ( وإن قصد وتوقف الصدق عليه ك ) قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19568رفع عن أمتي الخطأ والنسيان } فإن ذات الخطأ والنسيان لم يرتفعا ، فيتضمن ما يتوقف عليه الصدق من الإثم أو المؤاخذة ونحو ذلك .
والثاني : ما أشير إليه بقوله ( أو الصحة عقلا ) أي ما يتضمن ما تتوقف عليه الصحة عقلا نحو قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82 " واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها } أي أهل القرية وأهل العير ، فإنه إذ لو لم يقدر ذلك لم يصح ذلك عقلا ; إذ القرية والعير لا يسألان . ومثله
[ ص: 447 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63أن اضرب بعصاك البحر فانفلق } أي فضرب فانفلق ومثله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } أي فأفطر فعدة من أيام أخر : والثالث : ما أشير إليه بقوله ( أو شرعا ) أي ما يتضمن ما تتوقف عليه صحته شرعا ( ك ) قول مطلق التصرف في ماله لمن يملك عبدا ( أعتق عبدك عني ) على خمسمائة درهم مثلا ، أو أعتقه عنى مجانا فإنه يقدر في الصورة الأولى إذا أعتقه : بيع ضمني ، وفي الصورة الثانية : هبة ضمنية لاستدعاء سبق الملك ; لتوقف العتق عليه ( ف ) الدلالة في صور المتن الثلاث (
nindex.php?page=treesubj&link=20797دلالة اقتضاء ) لاقتضائها شيئا زائدا على اللفظ .
( بَابُ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ ) أَمَّا الْمَنْطُوقُ : فَهُوَ الْمَعْنَى الْمُسْتَفَادُ مِنْ اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ النُّطْقُ بِهِ ، وَأَمَّا الْمَفْهُومُ : فَهُوَ الْمَعْنَى الْمُسْتَفَادُ مِنْ حَيْثُ السُّكُوتُ اللَّازِمُ لِلَّفْظِ . فَإِذًا ( الدَّلَالَةُ ) أَيْ دَلَالَةُ اللَّفْظِ ( تَنْقَسِمُ إلَى مَنْطُوقٍ وَهُوَ ) أَيْ الْمَنْطُوقُ ( مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظٌ فِي مَحَلِّ نُطْقٍ ) وَهُوَ نَوْعَانِ : صَرِيحٌ ، وَغَيْرُ صَرِيحٍ ثُمَّ الصَّرِيحُ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( فَإِنْ وُضِعَ لَهُ ) أَيْ وُضِعَ اللَّفْظُ لِذَلِكَ الْمَعْنَى ( فَصَرِيحٌ ) سَوَاءٌ كَانَتْ دَلَالَةَ مُطَابَقَةٍ أَوْ تَضَمُّنٍ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا . النَّوْعُ الثَّانِي : غَيْرُ الصَّرِيحِ وَهُوَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( وَإِنْ لَزِمَ عَنْهُ ) أَيْ لَزِمَ الْمَعْنَى عَنْ اللَّفْظِ بِأَنَّ دَلَّ اللَّفْظُ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ ( فَغَيْرُهُ ) أَيْ فَغَيْرُ صَرِيحٍ . وَتُسَمَّى هَذِهِ الدَّلَالَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=20799_20798_20797_20796_20795_20792_20791دَلَالَةَ الْتِزَامٍ وَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ : اقْتِضَاءٍ وَإِشَارَةٍ ، وَتَنْبِيهٍ وَيُسَمَّى التَّنْبِيهُ : إيمَاءً ; لِأَنَّ الْمَعْنَى إمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا لِلْمُتَكَلِّمِ مُتَضَمِّنًا لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِدْقُ اللَّفْظِ ، أَوْ لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ عَقْلًا ، أَوْ لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ شَرْعًا ، أَوْ لَا يَكُونُ مَقْصُودًا لِلْمُتَكَلِّمِ .
فَالْأَوَّلُ ، وَهُوَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( وَإِنْ قَصَدَ وَتَوَقَّفَ الصِّدْقُ عَلَيْهِ كَ ) قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15395النَّسَائِيُّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19568رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ } فَإِنَّ ذَاتَ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ لَمْ يَرْتَفِعَا ، فَيَتَضَمَّنُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّدْقُ مِنْ الْإِثْمِ أَوْ الْمُؤَاخَذَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَالثَّانِي : مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( أَوْ الصِّحَّةُ عَقْلًا ) أَيْ مَا يَتَضَمَّنُ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ عَقْلًا نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82 " وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا } أَيْ أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَأَهْلَ الْعِيرِ ، فَإِنَّهُ إذْ لَوْ لَمْ يُقَدَّرْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ عَقْلًا ; إذْ الْقَرْيَةُ وَالْعِيرُ لَا يُسْأَلَانِ . وَمِثْلُهُ
[ ص: 447 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاك الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ } أَيْ فَضَرَبَ فَانْفَلَقَ وَمِثْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } أَيْ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ : وَالثَّالِثُ : مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( أَوْ شَرْعًا ) أَيْ مَا يَتَضَمَّنَ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ شَرْعًا ( كَ ) قَوْلِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ لِمَنْ يَمْلِكُ عَبْدًا ( أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي ) عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا ، أَوْ أَعْتِقْهُ عَنَى مَجَّانًا فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إذَا أَعْتَقَهُ : بَيْعٌ ضِمْنِيٌّ ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ : هِبَةٌ ضِمْنِيَّةٌ لِاسْتِدْعَاءِ سَبْقِ الْمِلْكِ ; لِتَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ ( فَ ) الدَّلَالَةُ فِي صُوَرِ الْمَتْنِ الثَّلَاثِ (
nindex.php?page=treesubj&link=20797دَلَالَةُ اقْتِضَاءٍ ) لِاقْتِضَائِهَا شَيْئًا زَائِدًا عَلَى اللَّفْظِ .