( ويفيد الاختصاص ) بالنصب على أنه مفعول
[ ص: 461 ] مقدم ليفيد ( وهو الحصر ) جملة اسمية وقعت بين الفعل وفاعله ( تقديم ) بالرفع على أنه فاعل يفيد ( المعمول ) بالجر على أنه مضاف إليه ، ومن ذلك قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد وإياك نستعين } أي نخصك بالعبادة والاستعانة ، وهذا معنى الحصر . وسواء في المعمول المفعول ، كما تقدم في {
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد } والحال والظرف والخبر بالنسبة إلى المبتدأ ، نحو تميمي أنا وبه صرح صاحب المثل السائر ، وأنكره صاحب الفلك الدائر ، وقال : لم يقل به أحد ، وإنكاره عجيب ، فكلام البيانيين طافح به ، وبه احتج أصحابنا وأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على تعيين لفظي التكبير والتسليم ، بقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35203تحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم } وهو يفيد الاختصاص قاله البيانيون ، وخالفهم في ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب ،
وأبو حيان ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في شرح المفصل : إن توهم الناس لذلك وهم ، وتمسكهم بنحو {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=66بل الله فاعبد } ضعيف لورود {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2فاعبد الله } فيلزم أن
nindex.php?page=treesubj&link=20819المؤخر يفيد عدم الحصر ، بكونه يقتضيه ، وأجيب : لا يستلزم حصرا ولا عدمه ولا يلزم من عدم إفادة الحصر إفادة نفيه لا سيما و " مخلصا " في قوله تعالى " {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2فاعبد الله مخلصا } مغن عن إفادة الحصر وقال
أبو حيان في أول تفسيره في رد دعوى الاختصاص : إن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه قال : إن التقديم للاهتمام والعناية ، فهو في التقديم والتأخير كما في ضرب زيد عمرا وضرب عمرا زيد ، فكما أن هذا لا يدل على الاختصاص ، فكذلك مثالنا ، وأجيب بأن تشبيه
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه إنما هو في أصل الإسناد ، وأن التقديم يشعر بالاهتمام والاعتناء ولا يلزم من ذلك نفي الاختصاص وقال صاحب الفلك الدائر : الحق أنه لا يدل على الاختصاص إلا بالقرائن ، والأكثر في القرآن التصريح به مع عدم الاختصاص نحو " {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=118إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى } ولم يكن ذلك خاصا به ، فإن
حواء كذلك ، وكون الاختصاص هو الحصر - كما في المتن - هو رأي جمهور العلماء وخالف
السبكي ، فقال : ليس معنى الاختصاص الحصر ، خلافا لما يفهمه كثير من الناس ; لأن الفضلاء -
nindex.php?page=showalam&ids=14423كالزمخشري - لم يعبروا في نحو ذلك إلا بالاختصاص . انتهى .
( وأقواها ) أي أقوى المفاهيم ( استثناء ،
[ ص: 462 ] ف ) يليه ( حصر بنفي ، ف ) يليه ( ما قيل : إنه منطوق ، ف ) يليه ( حصر مبتدأ ) في خبر ( ف ) يليه ( شرط ، فصفة مناسبة ، ف ) صفة هي ( علة ، فغيرها ) أي فصفة غير علة ( فعدد ، فتقديم معمول ) والله سبحانه وتعالى أعلم .
( وَيُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ
[ ص: 461 ] مُقَدَّمٌ لِيُفِيدَ ( وَهُوَ الْحَصْرُ ) جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ وَقَعَتْ بَيْنَ الْفِعْلِ وَفَاعِلِهِ ( تَقْدِيمُ ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ يُفِيدُ ( الْمَعْمُولِ ) بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ مُضَافٌ إلَيْهِ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } أَيْ نَخُصُّك بِالْعِبَادَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ ، وَهَذَا مَعْنَى الْحَصْرِ . وَسَوَاءٌ فِي الْمَعْمُولِ الْمَفْعُولُ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي {
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إيَّاكَ نَعْبُدُ } وَالْحَالُ وَالظَّرْفُ وَالْخَبَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُبْتَدَأِ ، نَحْوُ تَمِيمِيٌّ أَنَا وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمَثَلِ السَّائِرِ ، وَأَنْكَرَهُ صَاحِبُ الْفَلَكِ الدَّائِرِ ، وَقَالَ : لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ ، وَإِنْكَارُهُ عَجِيبٌ ، فَكَلَامُ الْبَيَانِيِّينَ طَافِحٌ بِهِ ، وَبِهِ احْتَجَّ أَصْحَابُنَا وَأَصْحَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ عَلَى تَعْيِينِ لَفْظَيْ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْلِيمِ ، بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35203تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ } وَهُوَ يُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ قَالَهُ الْبَيَانِيُّونَ ، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنُ الْحَاجِبِ ،
وَأَبُو حَيَّانَ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنُ الْحَاجِبِ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ : إنَّ تَوَهُّمَ النَّاسِ لِذَلِكَ وَهَمٌ ، وَتَمَسُّكَهُمْ بِنَحْوِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=66بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ } ضَعِيفٌ لِوُرُودِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2فَاعْبُدْ اللَّهَ } فَيَلْزَمُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20819الْمُؤَخَّرَ يُفِيدُ عَدَمَ الْحَصْرِ ، بِكَوْنِهِ يَقْتَضِيهِ ، وَأُجِيبَ : لَا يَسْتَلْزِمُ حَصْرًا وَلَا عَدَمَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ إفَادَةِ الْحَصْرِ إفَادَةُ نَفْيِهِ لَا سِيَّمَا وَ " مُخْلِصًا " فِي قَوْله تَعَالَى " {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصًا } مُغْنٍ عَنْ إفَادَةِ الْحَصْرِ وَقَالَ
أَبُو حَيَّانَ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِهِ فِي رَدِّ دَعْوَى الِاخْتِصَاصِ : إنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ قَالَ : إنَّ التَّقْدِيمَ لِلِاهْتِمَامِ وَالْعِنَايَةِ ، فَهُوَ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَمَا فِي ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا وَضَرَبَ عَمْرًا زَيْدٌ ، فَكَمَا أَنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ ، فَكَذَلِكَ مِثَالُنَا ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ تَشْبِيهَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِي أَصْلِ الْإِسْنَادِ ، وَأَنَّ التَّقْدِيمَ يُشْعِرُ بِالِاهْتِمَامِ وَالِاعْتِنَاءِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ نَفْيُ الِاخْتِصَاصِ وَقَالَ صَاحِبُ الْفَلَكِ الدَّائِرِ : الْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ إلَّا بِالْقَرَائِنِ ، وَالْأَكْثَرُ فِي الْقُرْآنِ التَّصْرِيحُ بِهِ مَعَ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ نَحْوَ " {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=118إنَّ لَك أَنْ لَا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى } وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خَاصًّا بِهِ ، فَإِنَّ
حَوَّاءَ كَذَلِكَ ، وَكَوْنُ الِاخْتِصَاصِ هُوَ الْحَصْرَ - كَمَا فِي الْمَتْنِ - هُوَ رَأْيُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَخَالَفَ
السُّبْكِيُّ ، فَقَالَ : لَيْسَ مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ الْحَصْرَ ، خِلَافًا لِمَا يَفْهَمُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ; لِأَنَّ الْفُضَلَاءَ -
nindex.php?page=showalam&ids=14423كَالزَّمَخْشَرِيِّ - لَمْ يُعَبِّرُوا فِي نَحْوِ ذَلِكَ إلَّا بِالِاخْتِصَاصِ . انْتَهَى .
( وَأَقْوَاهَا ) أَيْ أَقْوَى الْمَفَاهِيمِ ( اسْتِثْنَاءٌ ،
[ ص: 462 ] فَ ) يَلِيهِ ( حَصْرٌ بِنَفْيٍ ، فَ ) يَلِيهِ ( مَا قِيلَ : إنَّهُ مَنْطُوقٌ ، فَ ) يَلِيهِ ( حَصْرُ مُبْتَدَأٍ ) فِي خَبَرٍ ( فَ ) يَلِيهِ ( شَرْطٌ ، فَصِفَةٌ مُنَاسِبَةٌ ، فَ ) صِفَةٌ هِيَ ( عِلَّةٌ ، فَغَيْرُهَا ) أَيْ فَصِفَةٌ غَيْرُ عِلَّةٍ ( فَعَدَدٌ ، فَتَقْدِيمُ مَعْمُولٍ ) وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .