nindex.php?page=treesubj&link=21877_21876_21875_21874_21873_21872_21870 ( والمناسب ) ثلاثة أضرب .
nindex.php?page=treesubj&link=21877_21876_21875_21874_21873_21872الضرب الأول ( دنيوي ) وينقسم إلى ثلاثة أقسام الأول ( ضروري أصلا ، وهو أعلى
[ ص: 521 ] رتب المناسبات ) وهو ما كانت مصلحته في محل الضرورة . ويتنوع إلى خمسة أنواع ، وهي التي روعيت في كل ملة ، وهي ( حفظ الدين ، ف ) حفظ ( النفس ، ف ) حفظ ( العقل ، ف ) حفظ ( النسل ، ف ) حفظ ( المال ، و ) حفظ ( العرض ) .
فأما حفظ الدين : فبقتال الكفار ، قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله - } الآية " وقال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2081أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله } وقال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35954من بدل دينه فاقتلوه } .
وأما حفظ النفس : فبمشروعية القصاص ، قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=179ولكم في القصاص حياة } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46812وقال صلى الله عليه وسلم يا nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، كتاب الله القصاص } . وأما حفظ العقل : فبتحريم المسكرات ونحوها ، قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر } وقال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28821كل مسكر حرام } وأما حفظ النسل : فبوجوب حد الزاني . قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وقد {
جلد النبي صلى الله عليه وسلم ورجم } . وأما حفظ المال : فبقطع السارق وتضمينه وتضمين الغاصب ونحوه . قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا } وقال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46814إن أموالكم عليكم حرام } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } .
وأما حفظ العرض : فبحد القذف ، قال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11759إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام } وجعله في جمع الجوامع ومنظومة
البرماوي في رتبة المال ، لعطفه بالواو . وتابعناه ، فيكون من أدنى الكليات ( و ) يلحق بالضروري ما هو ( مكمل له ، كحفظ العقل بالحد بقليل مسكر ) ومعنى كونه مكملا له : أنه لا يستقل ضروريا بنفسه ، بل بطريق الانضمام ، فله تأثير فيه ، لكن لا بنفسه ; فيكون في حكم الضرورة مبالغة في مراعاته . فالمبالغة في حفظ العقل : بالحد بشرب قليل المسكر ، وتقدم . والمبالغة في حفظ الدين : بتحريم البدعة وعقوبة المبتدع الداعي إليها . والمبالغة في حفظ النفس : بإجراء القصاص في الجراحات . والمبالغة في حفظ النسب : بتحريم النظر واللمس والخلوة ، والتعزير عليه والمبالغة في حفظ المال بتعزير الغاصب ونحوه . والمبالغة في حفظ
[ ص: 522 ] العرض : بتعزير الساب بغير القذف ، ونحو ذلك .
القسم الثاني من الأقسام الثلاثة : الحاجي وهو الذي لا يكون في محل الضرورة ، بل في محل الحاجة ، وهو ما أشير إليه بقوله ( وحاجي ) ، ( كبيع ونحوه ) كإجارة ومضاربة ومساقاة ; لأن مالك الشيء قد لا يهبه ، فيحتاج إلى شرائه ، ولا يعيره فيحتاج إلى استئجاره ، وليس كل ذي مال يحسن التجارة ، فيحتاج إلى من يعمل له في ماله ، وليس كل مالك شجر يحسن القيام على شجره ، فيحتاج إلى من يساقيه عليها . فهذه الأشياء وما أشبهها لا يلزم من فواتها فوات شيء من الضروريات ( وبعضها ) أي وبعض صور الحاجي ( أبلغ ) من بعض ( وقد يكون ) الحاجي ( ضروريا ) في بعض الصور ( كشراء ولي ) طفل ( ما يحتاجه طفل ) من مطعوم وملبوس ، حيث كان في معرض من الجوع والبرد ( ونحوه ) أي ونحو ما ذكر ، كاستئجار الولي لحفظ الطفل من لم يجد غيره ، مع اشتغال الولي عن تربية الطفل بما هو أهم منها ( ومكمل له ) أي للحاجي ( كرعاية كفاءة ، و ) كرعاية ( مهر ، مثل في تزويج صغيرة ) وكإثبات خيار في بيع بأنواعه ، لما فيه من التروي ، وإن كان أصل الحاجة حاصلا بدونه .
nindex.php?page=treesubj&link=21878_21880القسم الثالث من الأقسام الثلاثة : التحسيني ، وهو ما ليس ضروريا ولا حاجيا ، ولكنه في محل التحسين ، وهو ما أشير إليه بقوله ( وتحسيني ) وهو ضربان ، أحدهما ( غير معارض للقواعد ) أي قواعد الشرع ( كتحريم النجاسة ) فإن نفرة الطباع معنى يناسب تحريمها حتى أنه يحرم التضمخ بالنجاسة بلا عذر ( و ) ك ( سلب المرأة عبارة عقد النكاح ) لاستحياء النساء من مباشرة العقود على فروجهن ، لإشعاره بتوقان نفوسهن إلى الرجال ، وهو غير لائق بالمروءة ، وكذا اعتبار الشهادة في النكاح لتعظيم شأنه وتمييزه عن السفاح بالإعلام والإظهار ( لا ) سلب ( العبد أهلية الشهادة على أصلنا ) لقبولها عندنا في كل شيء على المذهب . الضرب الثاني من التحسيني : المعارض لقواعد الشرع . وهو ما أشير إليه بقوله ( أو معارض ) ، ( كالكتابة ) وهي بيع سيد رقيقه نفسه بمال في ذمته يصح السلم فيه : مباح معلوم منجم نجمين فصاعدا ، أو منفعة مؤجلة ، فإن الكتابة
[ ص: 523 ] من حيث كونها مكرمة في القاعدة مستحسنة احتمل الشرع فيها جزم قاعدة ممهدة ، وهي امتناع بيع الإنسان مال نفسه بمال نفسه ومعاملة عبده ( وليست هذه المصلحة بحجة ) عند الأكثر ، خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك وبعض الشافعية ، وتسمى المصلحة المرسلة .
قال في الروضة : والصحيح أنها ليست بحجة . انتهى . واحتج لذلك بأنا لا نعلم محافظة الشرع عليها ، ولذلك لم يشرع في زواجرها أبلغ مما شرع ، كالمثلة في القصاص ، فإنها أبلغ في الزجر عن القتل ، وكذا القتل في السرقة وشرب الخمر ، فإنه أبلغ في الزجر عنهما ، ولم يشرع شيء من ذلك . فلو كانت هذه المصلحة حجة لحافظ الشرع على تحصيلها بأبلغ الطرق ، لكنه لم يعلم بفعل ، فلا تكون حجة ، فإذا إثباتها حجة من باب وضع الشرع بالرأي . واحتج من اعتبرها بأنا قد علمنا أنها من مقاصد الشرع بأدلة كثيرة ، لا حصر لها في الكتاب والسنة ، وقرائن الأحوال والأمارات ، وسموها مصلحة مرسلة ، ولم يسموها قياسا ; لأن القياس يرجع إلى أصل معين ، بخلاف هذه المصلحة ، فإنها لا ترجع إلى أصل معين ، بل رأينا الشارع اعتبرها في مواضع من الشريعة ، فاعتبرناها حيث وجدت ; لعلمنا أن جنسها مقصود له ، وبأن الرسل - صلى الله عليهم وسلم - بعثوا لتحصيل مصالح العباد ، فيعلم ذلك بالاستقراء ، فمهما وجدنا مصلحة غلب على الظن أنها مطلوبة للشرع فنعتبرها ; لأن الظن مناط العمل .
nindex.php?page=treesubj&link=21877_21876_21875_21874_21873_21872_21870 ( وَالْمُنَاسِبُ ) ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=21877_21876_21875_21874_21873_21872الضَّرْبُ الْأَوَّلُ ( دُنْيَوِيٌّ ) وَيَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ ( ضَرُورِيٌّ أَصْلًا ، وَهُوَ أَعْلَى
[ ص: 521 ] رُتَبِ الْمُنَاسَبَاتِ ) وَهُوَ مَا كَانَتْ مَصْلَحَتُهُ فِي مَحَلِّ الضَّرُورَةِ . وَيَتَنَوَّعُ إلَى خَمْسَةِ أَنْوَاعٍ ، وَهِيَ الَّتِي رُوعِيَتْ فِي كُلِّ مِلَّةٍ ، وَهِيَ ( حِفْظُ الدِّينِ ، فَ ) حِفْظُ ( النَّفْسِ ، فَ ) حِفْظُ ( الْعَقْلِ ، فَ ) حِفْظُ ( النَّسْلِ ، فَ ) حِفْظُ ( الْمَالِ ، وَ ) حِفْظُ ( الْعِرْضِ ) .
فَأَمَّا حِفْظُ الدِّينِ : فَبِقِتَالِ الْكُفَّارِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ - } الْآيَةَ " وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2081أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ } وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35954مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ } .
وَأَمَّا حِفْظُ النَّفْسِ : فَبِمَشْرُوعِيَّةِ الْقِصَاصِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=179وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46812وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسُ ، كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ } . وَأَمَّا حِفْظُ الْعَقْلِ : فَبِتَحْرِيمِ الْمُسْكِرَاتِ وَنَحْوِهَا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ } وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28821كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ } وَأَمَّا حِفْظُ النَّسْلِ : فَبِوُجُوبِ حَدِّ الزَّانِي . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ } وَقَدْ {
جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمَ } . وَأَمَّا حِفْظُ الْمَالِ : فَبِقَطْعِ السَّارِقِ وَتَضْمِينِهِ وَتَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَنَحْوِهِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا } وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46814إنَّ أَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ } .
وَأَمَّا حِفْظُ الْعِرْضِ : فَبِحَدِّ الْقَذْفِ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11759إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ } وَجَعَلَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَمَنْظُومَةِ
الْبِرْمَاوِيِّ فِي رُتْبَةِ الْمَالِ ، لِعَطْفِهِ بِالْوَاوِ . وَتَابَعْنَاهُ ، فَيَكُونُ مِنْ أَدْنَى الْكُلِّيَّاتِ ( وَ ) يَلْحَقُ بِالضَّرُورِيِّ مَا هُوَ ( مُكَمِّلٌ لَهُ ، كَحِفْظِ الْعَقْلِ بِالْحَدِّ بِقَلِيلٍ مُسْكِرٍ ) وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُكَمِّلًا لَهُ : أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ ضَرُورِيًّا بِنَفْسِهِ ، بَلْ بِطَرِيقِ الِانْضِمَامِ ، فَلَهُ تَأْثِيرٌ فِيهِ ، لَكِنْ لَا بِنَفْسِهِ ; فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الضَّرُورَةِ مُبَالَغَةً فِي مُرَاعَاتِهِ . فَالْمُبَالَغَةُ فِي حِفْظِ الْعَقْلِ : بِالْحَدِّ بِشُرْبِ قَلِيلِ الْمُسْكِرِ ، وَتَقَدَّمَ . وَالْمُبَالَغَةُ فِي حِفْظِ الدِّينِ : بِتَحْرِيمِ الْبِدْعَةِ وَعُقُوبَةِ الْمُبْتَدِعِ الدَّاعِي إلَيْهَا . وَالْمُبَالَغَةُ فِي حِفْظِ النَّفْسِ : بِإِجْرَاءِ الْقِصَاصِ فِي الْجِرَاحَاتِ . وَالْمُبَالَغَةُ فِي حِفْظِ النَّسَبِ : بِتَحْرِيمِ النَّظَرِ وَاللَّمْسِ وَالْخَلْوَةِ ، وَالتَّعْزِيرِ عَلَيْهِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي حِفْظِ الْمَالِ بِتَعْزِيرِ الْغَاصِبِ وَنَحْوِهِ . وَالْمُبَالَغَةُ فِي حِفْظِ
[ ص: 522 ] الْعِرْضِ : بِتَعْزِيرِ السَّابِّ بِغَيْرِ الْقَذْفِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ .
الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ : الْحَاجِيُّ وَهُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ فِي مَحَلِّ الضَّرُورَةِ ، بَلْ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ ، وَهُوَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( وَحَاجِيٌّ ) ، ( كَبَيْعٍ وَنَحْوِهِ ) كَإِجَارَةٍ وَمُضَارَبَةٍ وَمُسَاقَاةٍ ; لِأَنَّ مَالِكَ الشَّيْءِ قَدْ لَا يَهَبُهُ ، فَيَحْتَاجُ إلَى شِرَائِهِ ، وَلَا يُعِيرُهُ فَيَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْجَارِهِ ، وَلَيْسَ كُلُّ ذِي مَالٍ يُحْسِنُ التِّجَارَةَ ، فَيَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَعْمَلُ لَهُ فِي مَالِهِ ، وَلَيْسَ كُلُّ مَالِكِ شَجَرٍ يُحْسِنُ الْقِيَامَ عَلَى شَجَرِهِ ، فَيَحْتَاجُ إلَى مَنْ يُسَاقِيهِ عَلَيْهَا . فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَمَا أَشْبَهَهَا لَا يَلْزَمُ مِنْ فَوَاتِهَا فَوَاتُ شَيْءٍ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ ( وَبَعْضُهَا ) أَيْ وَبَعْضُ صُوَرِ الْحَاجِيِّ ( أَبْلَغُ ) مِنْ بَعْضٍ ( وَقَدْ يَكُونُ ) الْحَاجِيُّ ( ضَرُورِيًّا ) فِي بَعْضِ الصُّوَرِ ( كَشِرَاءِ وَلِيِّ ) طِفْلٍ ( مَا يَحْتَاجُهُ طِفْلٌ ) مِنْ مَطْعُومٍ وَمَلْبُوسٍ ، حَيْثُ كَانَ فِي مَعْرِضٍ مِنْ الْجُوعِ وَالْبَرْدِ ( وَنَحْوِهِ ) أَيْ وَنَحْوِ مَا ذُكِرَ ، كَاسْتِئْجَارِ الْوَلِيِّ لِحِفْظِ الطِّفْلِ مَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ ، مَعَ اشْتِغَالِ الْوَلِيِّ عَنْ تَرْبِيَةِ الطِّفْلِ بِمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهَا ( وَمُكَمِّلٍ لَهُ ) أَيْ لِلْحَاجِيِّ ( كَرِعَايَةِ كَفَاءَةٍ ، وَ ) كَرِعَايَةِ ( مَهْرِ ، مِثْلٍ فِي تَزْوِيجِ صَغِيرَةٍ ) وَكَإِثْبَاتِ خِيَارٍ فِي بَيْعٍ بِأَنْوَاعِهِ ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّرَوِّي ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْحَاجَةِ حَاصِلًا بِدُونِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=21878_21880الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ : التَّحْسِينِيُّ ، وَهُوَ مَا لَيْسَ ضَرُورِيًّا وَلَا حَاجِيًّا ، وَلَكِنَّهُ فِي مَحَلِّ التَّحْسِينِ ، وَهُوَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( وَتَحْسِينِيٌّ ) وَهُوَ ضَرْبَانِ ، أَحَدُهُمَا ( غَيْرُ مُعَارِضٍ لِلْقَوَاعِدِ ) أَيْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ ( كَتَحْرِيمِ النَّجَاسَةِ ) فَإِنَّ نَفْرَةَ الطِّبَاعِ مَعْنًى يُنَاسِبُ تَحْرِيمَهَا حَتَّى أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّضَمُّخُ بِالنَّجَاسَةِ بِلَا عُذْرٍ ( وَ ) كَ ( سَلْبِ الْمَرْأَةِ عِبَارَةَ عَقْدِ النِّكَاحِ ) لِاسْتِحْيَاءِ النِّسَاءِ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْعُقُودِ عَلَى فُرُوجِهِنَّ ، لِإِشْعَارِهِ بِتَوَقَانِ نُفُوسِهِنَّ إلَى الرِّجَالِ ، وَهُوَ غَيْرُ لَائِقٍ بِالْمُرُوءَةِ ، وَكَذَا اعْتِبَارُ الشَّهَادَةِ فِي النِّكَاحِ لِتَعْظِيمِ شَأْنِهِ وَتَمْيِيزِهِ عَنْ السِّفَاحِ بِالْإِعْلَامِ وَالْإِظْهَارِ ( لَا ) سَلْبِ ( الْعَبْدِ أَهْلِيَّةَ الشَّهَادَةِ عَلَى أَصْلِنَا ) لِقَبُولِهَا عِنْدَنَا فِي كُلِّ شَيْءٍ عَلَى الْمَذْهَبِ . الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ التَّحْسِينِيِّ : الْمُعَارِضُ لِقَوَاعِدِ الشَّرْعِ . وَهُوَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( أَوْ مُعَارِضٍ ) ، ( كَالْكِتَابَةِ ) وَهِيَ بَيْعُ سَيِّدٍ رَقِيقَهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهِ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ : مُبَاحٍ مَعْلُومٍ مُنَجَّمٍ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا ، أَوْ مَنْفَعَةٍ مُؤَجَّلَةٍ ، فَإِنَّ الْكِتَابَةَ
[ ص: 523 ] مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَكْرُمَةً فِي الْقَاعِدَةِ مُسْتَحْسَنَةً احْتَمَلَ الشَّرْعُ فِيهَا جَزْمَ قَاعِدَةٍ مُمَهِّدَةٍ ، وَهِيَ امْتِنَاعُ بَيْعِ الْإِنْسَانِ مَالَ نَفْسِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَمُعَامَلَةِ عَبْدِهِ ( وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ بِحُجَّةٍ ) عِنْدَ الْأَكْثَرِ ، خِلَافًا
nindex.php?page=showalam&ids=16867لِمَالِكٍ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ ، وَتُسَمَّى الْمَصْلَحَةَ الْمُرْسَلَةَ .
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ . انْتَهَى . وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِأَنَّا لَا نَعْلَمُ مُحَافَظَةَ الشَّرْعِ عَلَيْهَا ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُشْرَعْ فِي زَوَاجِرِهَا أَبْلَغُ مِمَّا شُرِعَ ، كَالْمُثْلَةِ فِي الْقِصَاصِ ، فَإِنَّهَا أَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ عَنْ الْقَتْلِ ، وَكَذَا الْقَتْلُ فِي السَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ ، فَإِنَّهُ أَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ عَنْهُمَا ، وَلَمْ يُشْرَعْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ . فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ حُجَّةً لَحَافَظَ الشَّرْعُ عَلَى تَحْصِيلِهَا بِأَبْلَغِ الطُّرُقِ ، لَكِنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ بِفِعْلٍ ، فَلَا تَكُونُ حُجَّةً ، فَإِذًا إثْبَاتُهَا حُجَّةٌ مِنْ بَابِ وَضْعِ الشَّرْعِ بِالرَّأْيِ . وَاحْتَجَّ مَنْ اعْتَبَرَهَا بِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهَا مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ ، لَا حَصْرَ لَهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَالْأَمَارَاتِ ، وَسَمَّوْهَا مَصْلَحَةً مُرْسَلَةً ، وَلَمْ يُسَمُّوهَا قِيَاسًا ; لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَرْجِعُ إلَى أَصْلٍ مُعَيَّنٍ ، بِخِلَافِ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ ، فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلَى أَصْلٍ مُعَيَّنٍ ، بَلْ رَأَيْنَا الشَّارِعَ اعْتَبَرَهَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ الشَّرِيعَةِ ، فَاعْتَبَرْنَاهَا حَيْثُ وُجِدَتْ ; لِعِلْمِنَا أَنَّ جِنْسَهَا مَقْصُودٌ لَهُ ، وَبِأَنَّ الرُّسُلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ - بُعِثُوا لِتَحْصِيلِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ ، فَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالِاسْتِقْرَاءِ ، فَمَهْمَا وَجَدْنَا مَصْلَحَةً غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ لِلشَّرْعِ فَنَعْتَبِرُهَا ; لِأَنَّ الظَّنَّ مَنَاطُ الْعَمَلِ .