( و ) من أدلة الفقه أيضا (
nindex.php?page=treesubj&link=23626_13654_9364جعل المعدوم كالموجود احتياطا ) كالمقتول تورث عنه الدية .
[ ص: 601 ] وإنما تجب بموته ولا تورث عنه إلا إذا دخلت في ملكه ، فيقدر دخولها قبل موته . ويلتحق بما تقدم : قاعدة نقلها
العلائي عن بعض الفضلاء . وهي أن " إدارة الأمور في الأحكام على قصدها " ودليلها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12419إنما الأعمال بالنيات } وربما أخذت من قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } ; لأن أفعال العقلاء إذا كانت معتبرة ، فإنما تكون عن قصد .
وأيضا : فقد ذهب كثير من العلماء إلى أن أول الواجبات على المكلف : القصد إلى النظر الموصل إلى معرفة الله سبحانه وتعالى . فالقصد سابق دائما ، وسواء في اعتبار التصديق في الأفعال : المسلم والكافر ، إلا أن المسلم يختص بقصد التقرب إلى الله - سبحانه وتعالى - فلا تصح هذه النية من كافر ، بخلاف نية الاستثناء ، والنية في الكنايات ونحو ذلك . وقد تكلم الحافظ العلامة
ابن رجب وغيره على حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كلاما شافيا منه : أن العلماء قد اختلفوا في تقدير معناه فقال بعضهم : إنه من دلالة المقتضى ، وأنه لا بد من تقدير لصحة هذا الكلام ، وأرباب هذا القول اختلفوا . فقال بعضهم : يقدر " صحة " الأعمال بالنيات أو " اعتبارها " أو نحو ذلك وقيل : يقدر " كمال " الأعمال بالنيات . وقال بعض المحققين : إنه ليس من دلالة المقتضى ، وإنه لا حاجة إلى تقدير شيء أصلا ; لأن الحقيقة الشرعية تنتفي بانتفاء ركنها أو شرطها . فإذا لم يكن العمل بنية فهو صورة عمل لا عمل شرعي . فصح النفي ، فلا حاجة لتقدير .
وبالجملة : فمما تدخل فيه النية العبادات جميعها . ومنها : الوضوء والتيمم والغسل عندنا والصلاة فرضها ونفلها ، عينها وكفايتها ، والزكاة والصيام والاعتكاف ، والحج فرض الكل ونفله والأضحية والهدي ، والنذور والكفارات ، والجهاد والعتق ، والتدبير والكتابة ، بمعنى أن حصول الثواب في هذه المسائل الأربعة : يتوقف على قصد التقرب إلى الله تعالى ، ويقال بل يسري هذا إلى سائر المباحات إذا قصد بها التقوي على طاعة الله سبحانه وتعالى ، أو التوصل إليها كالأكل والنوم ، واكتساب المال ، والنكاح والوطء فيه ، وفي الأمة إذا قصد بها الإعفاف ، أو تحصيل الولد الصالح ، أو تكثير الأمة والله أعلم .
( وَ ) مِنْ أَدِلَّةِ الْفِقْهِ أَيْضًا (
nindex.php?page=treesubj&link=23626_13654_9364جَعْلُ الْمَعْدُومِ كَالْمَوْجُودِ احْتِيَاطًا ) كَالْمَقْتُولِ تُورَثُ عَنْهُ الدِّيَةُ .
[ ص: 601 ] وَإِنَّمَا تَجِبُ بِمَوْتِهِ وَلَا تُورَثُ عَنْهُ إلَّا إذَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ ، فَيُقَدَّرُ دُخُولُهَا قَبْلَ مَوْتِهِ . وَيَلْتَحِقُ بِمَا تَقَدَّمَ : قَاعِدَةٌ نَقَلَهَا
الْعَلَائِيُّ عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ . وَهِيَ أَنَّ " إدَارَةَ الْأُمُورِ فِي الْأَحْكَامِ عَلَى قَصْدِهَا " وَدَلِيلُهَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12419إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ } وَرُبَّمَا أُخِذَتْ مِنْ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } ; لِأَنَّ أَفْعَالَ الْعُقَلَاءِ إذَا كَانَتْ مُعْتَبَرَةً ، فَإِنَّمَا تَكُونُ عَنْ قَصْدٍ .
وَأَيْضًا : فَقَدْ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ أَوَّلَ الْوَاجِبَاتِ عَلَى الْمُكَلَّفِ : الْقَصْدُ إلَى النَّظَرِ الْمُوصِلِ إلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى . فَالْقَصْدُ سَابِقٌ دَائِمًا ، وَسَوَاءٌ فِي اعْتِبَارِ التَّصْدِيقِ فِي الْأَفْعَالِ : الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ ، إلَّا أَنَّ الْمُسْلِمَ يَخْتَصُّ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ النِّيَّةُ مِنْ كَافِرٍ ، بِخِلَافِ نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ ، وَالنِّيَّةِ فِي الْكِنَايَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَقَدْ تَكَلَّمَ الْحَافِظُ الْعَلَّامَةُ
ابْنُ رَجَبٍ وَغَيْرُهُ عَلَى حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ كَلَامًا شَافِيًا مِنْهُ : أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِ مَعْنَاهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّهُ مِنْ دَلَالَةِ الْمُقْتَضَى ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ لِصِحَّةِ هَذَا الْكَلَامِ ، وَأَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفُوا . فَقَالَ بَعْضُهُمْ : يُقَدَّرُ " صِحَّةُ " الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ أَوْ " اعْتِبَارُهَا " أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَقِيلَ : يُقَدَّرُ " كَمَالُ " الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ . وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ : إنَّهُ لَيْسَ مِنْ دَلَالَةِ الْمُقْتَضَى ، وَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ شَيْءٍ أَصْلًا ; لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ تَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ رُكْنِهَا أَوْ شَرْطِهَا . فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْعَمَلُ بِنِيَّةٍ فَهُوَ صُورَةُ عَمَلٍ لَا عَمَلٌ شَرْعِيٌّ . فَصَحَّ النَّفْيُ ، فَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرٍ .
وَبِالْجُمْلَةِ : فَمِمَّا تَدْخُلُ فِيهِ النِّيَّةُ الْعِبَادَاتُ جَمِيعُهَا . وَمِنْهَا : الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ وَالْغُسْلُ عِنْدَنَا وَالصَّلَاةُ فَرْضُهَا وَنَفْلُهَا ، عَيْنُهَا وَكِفَايَتُهَا ، وَالزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ وَالِاعْتِكَافُ ، وَالْحَجُّ فَرْضُ الْكُلِّ وَنَفْلُهُ وَالْأُضْحِيَّةُ وَالْهَدْيُ ، وَالنُّذُورُ وَالْكَفَّارَاتُ ، وَالْجِهَادُ وَالْعِتْقُ ، وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ ، بِمَعْنَى أَنَّ حُصُولَ الثَّوَابِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ : يَتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَيُقَالُ بَلْ يَسْرِي هَذَا إلَى سَائِرِ الْمُبَاحَاتِ إذَا قُصِدَ بِهَا التَّقَوِّي عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، أَوْ التَّوَصُّلِ إلَيْهَا كَالْأَكْلِ وَالنَّوْمِ ، وَاكْتِسَابِ الْمَالِ ، وَالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ فِيهِ ، وَفِي الْأَمَةِ إذَا قَصَدَ بِهَا الْإِعْفَافَ ، أَوْ تَحْصِيلَ الْوَلَدِ الصَّالِحِ ، أَوْ تَكْثِيرَ الْأُمَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .