[ ص: 615 ] ( فصل :
nindex.php?page=treesubj&link=22167يجوز أن يقال لنبي أو مجتهد : احكم بما شئت فهو صواب ويكون ) ذلك ( مدركا شرعيا ويسمى : التفويض ) عند الأكثر ; لأن طريق معرفة الأحكام الشرعية : إما التبليغ عن الله - سبحانه وتعالى - بإخبار رسله عنه بها ، وهو ما سبق من كتاب الله سبحانه وتعالى وثبت بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما تفرع عن ذلك ، من إجماع وقياس وغيرهما من الاستدلالات ، وطرقها بالاجتهاد ، ولو من النبي صلى الله عليه وسلم . وإما أن يكون طريق معرفة الحكم : التفويض إلى رأي نبي أو عالم ، فيجوز أن يقال لنبي أو لمجتهد غير نبي : احكم بما شئت فهو صواب عند بعض العلماء ، ويؤخذ ذلك من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل ، وصرحا بجوازه للنبي صلى الله عليه وسلم ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأكثر أصحابه ، وجمهور أهل الحديث ، فيكون حكمه من جملة المدارك الشرعية ، فإذا قال " هذا حلال " عرفنا أن الله سبحانه وتعالى في الأزل حكم بحله ، وكذا " هذا حرام " ونحو ذلك ، لا أنه ينشئ الحكم ; لأن ذلك من خصائص الربوبية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب وتبعه
ابن مفلح ، وتردد
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، أي في جوازه ، كما قال
إمام الحرمين ، وقال : الجمهور في وقوعه ، ولكنه قاطع بجوازه ، والمنع : إنما هو منقول عن جمهور
المعتزلة ، قاله
ابن مفلح ، ومنعه
السرخسي وجماعة من
المعتزلة ; واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب ، وذكره عن أكثر الفقهاء ، وأنه أشبه بمذهبنا ; لأن الحق عليه أمارة ، فكيف يحكم بغير طلبها ؟ وقيل : يجوز ذلك في النبي دون غيره ( و ) على القول بالجواز ( لم يقع ) في الأصح ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب : المختار أنه لم يقع ، واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل وغيرهما للقول الأول : بقوله - سبحانه وتعالى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=93إلا ما حرم إسرائيل على نفسه } لأنه لا يمكن أن يحرم على نفسه إلا بتفويض الله سبحانه وتعالى الأمر إليه ، لا أنه بإبلاغه ذلك الحكم لتخصيص هذا التحريم بنسبته إليه ، وإلا فكل محرم فهو بتحريم الله سبحانه وتعالى ، إما بالتبليغ أو بالتفويض .
واستدل له أيضا بما في
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46842فرض عليكم الحج ، فحجوا ، فقال رجل : أكل عام ؟ فقال : لو قلت : نعم ، لوجبت ، ولما استطعتم } ( و ) يجوز أن يقال ذلك ( لعامي عقلا ) أي جوازا من جهة العقل ; لأنه ليس بمحال ، لا من جهة الشرع إجماعا ( و ) يجوز ( في قول )
nindex.php?page=showalam&ids=14953للقاضي [ ص: 616 ] nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل : أن يقال له ( وأخبر فإنك لا تخبر إلا بصواب ) ومنعه
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب . قال في التمهيد : لو جاز ، خرج كون الإخبار عن الغيوب دالة على ثبوت الأنبياء وكلف بتصديق النبي وغيره من غير علمه بذلك ، قال
ابن مفلح : كذا قال .
[ ص: 615 ] ( فَصْلٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=22167يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِنَبِيٍّ أَوْ مُجْتَهِدٍ : اُحْكُمْ بِمَا شِئْت فَهُوَ صَوَابٌ وَيَكُونُ ) ذَلِكَ ( مَدْرَكًا شَرْعِيًّا وَيُسَمَّى : التَّفْوِيضَ ) عِنْدَ الْأَكْثَرِ ; لِأَنَّ طَرِيقَ مَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ : إمَّا التَّبْلِيغُ عَنْ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بِإِخْبَارِ رُسُلِهِ عَنْهُ بِهَا ، وَهُوَ مَا سَبَقَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَثَبَتَ بِسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا تَفَرَّعَ عَنْ ذَلِكَ ، مِنْ إجْمَاعٍ وَقِيَاسٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الِاسْتِدْلَالَاتِ ، وَطُرُقِهَا بِالِاجْتِهَادِ ، وَلَوْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ : التَّفْوِيضُ إلَى رَأْيِ نَبِيٍّ أَوْ عَالِمٍ ، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِنَبِيٍّ أَوْ لِمُجْتَهِدٍ غَيْرِ نَبِيٍّ : اُحْكُمْ بِمَا شِئْت فَهُوَ صَوَابٌ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ ، وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي nindex.php?page=showalam&ids=13372وَابْنِ عَقِيلٍ ، وَصَرَّحَا بِجَوَازِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ ، وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَدَارِكِ الشَّرْعِيَّةِ ، فَإِذَا قَالَ " هَذَا حَلَالٌ " عَرَفْنَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْأَزَلِ حَكَمَ بِحِلِّهِ ، وَكَذَا " هَذَا حَرَامٌ " وَنَحْوُ ذَلِكَ ، لَا أَنَّهُ يُنْشِئُ الْحُكْمَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الرُّبُوبِيَّةِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُ
ابْنُ مُفْلِحٍ ، وَتَرَدَّدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ، أَيْ فِي جَوَازِهِ ، كَمَا قَالَ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ ، وَقَالَ : الْجُمْهُورُ فِي وُقُوعِهِ ، وَلَكِنَّهُ قَاطِعٌ بِجَوَازِهِ ، وَالْمَنْعُ : إنَّمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ جُمْهُورِ
الْمُعْتَزِلَةِ ، قَالَهُ
ابْنُ مُفْلِحٍ ، وَمَنَعَهُ
السَّرَخْسِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ
الْمُعْتَزِلَةِ ; وَاخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11851أَبُو الْخَطَّابِ ، وَذَكَرَهُ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ ، وَأَنَّهُ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِنَا ; لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ أَمَارَةٌ ، فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِغَيْرِ طَلَبِهَا ؟ وَقِيلَ : يَجُوزُ ذَلِكَ فِي النَّبِيِّ دُونَ غَيْرِهِ ( وَ ) عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ ( لَمْ يَقَعْ ) فِي الْأَصَحِّ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنُ الْحَاجِبِ : الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ ، وَاحْتَجَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي nindex.php?page=showalam&ids=13372وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ : بِقَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=93إلَّا مَا حَرَّمَ إسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ } لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُحَرِّمَ عَلَى نَفْسِهِ إلَّا بِتَفْوِيضِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْأَمْرَ إلَيْهِ ، لَا أَنَّهُ بِإِبْلَاغِهِ ذَلِكَ الْحُكْمَ لِتَخْصِيصِ هَذَا التَّحْرِيمِ بِنِسْبَتِهِ إلَيْهِ ، وَإِلَّا فَكُلُّ مُحَرَّمٍ فَهُوَ بِتَحْرِيمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، إمَّا بِالتَّبْلِيغِ أَوْ بِالتَّفْوِيضِ .
وَاسْتَدَلَّ لَهُ أَيْضًا بِمَا فِي
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46842فُرِضَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ ، فَحُجُّوا ، فَقَالَ رَجُلٌ : أَكُلَّ عَامٍ ؟ فَقَالَ : لَوْ قُلْت : نَعَمْ ، لَوَجَبَتْ ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ } ( وَ ) يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ ( لِعَامِّيٍّ عَقْلًا ) أَيْ جَوَازًا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَالٍ ، لَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ إجْمَاعًا ( وَ ) يَجُوزُ ( فِي قَوْلٍ )
nindex.php?page=showalam&ids=14953لِلْقَاضِي [ ص: 616 ] nindex.php?page=showalam&ids=13372وَابْنِ عَقِيلٍ : أَنْ يُقَالَ لَهُ ( وَأَخْبِرْ فَإِنَّك لَا تُخْبِرُ إلَّا بِصَوَابٍ ) وَمَنَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11851أَبُو الْخَطَّابِ . قَالَ فِي التَّمْهِيدِ : لَوْ جَازَ ، خَرَجَ كَوْنُ الْإِخْبَارِ عَنْ الْغُيُوبِ دَالَّةً عَلَى ثُبُوتِ الْأَنْبِيَاءِ وَكُلِّفَ بِتَصْدِيقِ النَّبِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ ، قَالَ
ابْنُ مُفْلِحٍ : كَذَا قَالَ .