[ ص: 163 ] قبول رواية التائب عن الكذب    ] الرابعة : من عرف بالكذب في أحاديث الناس لم تقبل روايته ، وإن كان يصدق في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، حكاه عبد الوهاب  عن  مالك  ، وأما إذا تعمد الكذب في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تقبل روايته أبدا ، وإن تاب وحسنت توبته كما قاله جماعة من الأئمة ، منهم  أحمد بن حنبل  ،  وأبو بكر الحميدي  ، بخلاف التائب من الكذب في حديث الناس . قال  ابن الصلاح    : وأطلق  أبو بكر الصيرفي  في " شرحه لرسالة  الشافعي    " كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه لم نعد لقبوله بتوبة تظهر منه ، ومن ضعفنا نقله لم نجعله قويا بعد ذلك ، وذكر أن ذلك مما فارقت فيه الرواية الشهادة . قال : وذكر  أبو المظفر بن السمعاني  أن من يكذب في خبر واحد وجب إسقاط ما تقدم من حديثه . قلت    : وكذا قال الماوردي  والروياني    : من كذب في حديث رد به جميع أحاديثه المتقدمة ، ووجب نقض ما عمل به منها ، وإن لم ينتقض الحكم بشهادة من حدث فسقه ، لأن الحديث حجة لازمة لجميع الناس ، فكان حكمه أغلظ . ا هـ . وحكى الروياني  في باب الرجوع عن الشهادة عن القفال  أن الراوي إذا كذب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل حديثه أبدا ، وكذا قال أبو الحسين بن القطان  في كتابه : من قال كذبت في هذا الحديث فقد فسق ، ولم يؤخذ بعد ذلك بحديث حدث به قبله أو بعده .  [ ص: 164 ] قال ثم إن كان له راو غيره اكتفي به ، وإن لم يكن له راو غيره فقد كان بعض أصحابنا يجعل ذلك كالشهادة ، ويقبله ، وبعضهم قال : وليس هذا متعلقا بالشهادة ، وإلا لوجب أن ينتقض الحكم ، ولا يسمع ما لم ينفذ الحكم ، ويقبل رجوعه فيما حكم وفيما لم يحكم ، يعلم أن أخباره كلها مردودة . 
قال : وجملته أن من قال : إذا رجع عن خبر لا أحكم به ، ومتى حكمت به لم أنقض . فأجراه مجرى الشهادة إذا فسق . قال : وأما إذا ارتد أو عمل بما يوجب ردته أو فسقه لم يمنع من قبول ما تقدم من أخباره . ا هـ . وما حكاه عن بعض الأصحاب هو الذي أجاب به القاضي أبو بكر الشامي  أنه لا يقبل خبره فيما رد ، ويقبل في غيره اعتبارا بالشهادة ، والصحيح الأول ، وظهر بهذا أن قول النووي    : المختار القطع بصحة توبته وقبول رواياته بعدها ، ليس بموافق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					