المسألة الثالثة [ إجماع الصحابة ] إجماع الصحابة  حجة بلا خلاف بين القائلين بحجية الإجماع ، وهم أحق الناس بذلك ، ونقل عبد الوهاب  عن قوم من المبتدعة أن إجماعهم ليس بحجة ، وهكذا إجماع غيرهم من العلماء في سائر الأعصار خلافا  لداود الظاهري  حيث قال : إجماع اللازم يختص بعصر الصحابة ، فأما إجماع من بعدهم فليس بحجة ، وهو ظاهر كلام ابن حبان البستي  منا في صحيحه ، وقيل : إن  أحمد  علق القول به في رواية أبي داود  ، فقال :  [ ص: 439 ] الإجماع أن يتبع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وهو بعد في التابعين مخير ، لكنه في الرواية الأخرى سوى بين الكل . فمن أصحابه من أجرى له قولين ومنهم من قطع بالثاني ، وحمل الأول على آحاد التابعين ، لا إجماعهم . وأما قول  أبي حنيفة    : إذا أجمعت الصحابة على شيء سلمناه ، وإذا أجمع التابعون زاحمناهم ، فليس ذلك موافقا  لداود    ; لأنه رأى نفسه من التابعين ، فقد رأى  أنسا  رضي الله عنه . وقيل : أدرك أربعة منهم ، ولنا أن الإجماع إنما يكون عن أصل ، وهو شامل للكل ، وبالشهادة بالعصمة ، وهو عام ، فتخصيصه تحكم ، وهو كالقائل لا حجة إلا في قياس الصحابة بدليل { ويتبع غير سبيل المؤمنين    } ، وخص أبو الحسن السهيلي  في " أدب الجدل " النقل عن  داود  بما إذا أجمعوا عن نص كتاب أو سنة قال : فأما إذا أجمعوا على حكم من جهة القياس ، فاختلفوا فيه ، وقد سبق ، وقال ابن القطان    : ذهب  داود  وأصحابنا إلى أن الإجماع إنما هو إجماع الصحابة فقط ، وهو قول لا يجوز خلافه ; لأن الإجماع إنما يكون عن توقيف ، والصحابة هم الذين شهدوا التوقيف . فإن قيل : فما يقولون في إجماع من بعدهم . أيجوز أن يجمعوا على خطأ ؟ قلنا : هذا لا يجوز لأمرين . أحدهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب عن ذلك بقوله : { لا يزال طائفة من  [ ص: 440 ] أمتي ظاهرين على الحق   } . والثاني : أن سعة أقطار المسلمين ، وكثرة العدد لا يمكن أحدا ضبط أقوالهم ، ومن ادعى هذا لا يخفى على أحد كذبه . 
				
						
						
