[ ص: 176 ] النوع الثامن مفهوم المكان  ، نحو : جلست أمام زيد ، مفهومه أنه لم يجلس عن شماله ، ونحو : اضرب زيدا في الدار ، قال تعالى : { فاذكروا الله عند المشعر الحرام    } . وهو حجة عند  الشافعي  أيضا ، كما نقله الإمام  والغزالي  في " المنخول " . ولو قال : بع في مكان كذا ، تعين على الأصح . 
وهنا بحث نفيس وهو أنه هل يشترط في الفاعل والمفعول أن يكونا في الظرف أم لا ؟ مقتضى كلام النحاة أنه لا يشترط . وقد فرق أصحابنا بين ما لو قال : إن قذفت زيدا في المسجد فأنت طالق ، أنه لا بد من وجود القاذف والمقذوف في المسجد . ولو قال إن قذفت زيدا في المسجد فأنت طالق ، يشترط وجود القاذف في المسجد . 
والتحقيق في هذه القاعدة التفصيل بين المشخصات الحسية ، فيشترط وجودها كالمسألة الأولى ، وإلا فيشترط وجود الفاعل في الظرف كالثانية . 
وينشأ عن هذا الخلاف بيننا وبين الحنفية في حديث : { صلى على سهيل بن بيضاء  في المسجد   } فهم يقولون : كان النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ،  وسهيل  خارجه . قلنا : هذا ضعيف ، لأن الصلاة من الحسيات ، فلا بد من وجود الفاعل والمفعول . وأما من جهة الواقع فليس في حائط المسجد فرجة حتى يراه النبي صلى الله عليه وسلم ، ومثله : { البصاق في المسجد خطيئة   } ، هل  [ ص: 177 ] يمتنع على من بالمسجد أن يبصق إلى خارج المسجد ؟ فيه هذا العمل . 
				
						
						
