وأما المانعون للتأخير فاختلفوا في مسألتين : إحداهما : أنه هل يجوز للرسول عليه السلام تأخير تبليغ ما أوحي إليه من الأحكام إلى وقت الحاجة ؟  فذهب أكثرهم إلى الجواز متمسكين بأن وجوب معرفتها إنما هو لوجوب العمل ، ولهذا لا تجب معرفة الأحكام التي لا يجب العمل بها ، ولا عمل قبل الوقت ، فلا يجب تبليغها . ومنعه الأقلون متمسكين بقوله تعالى : { بلغ ما أنزل إليك من ربك    } ورد بأنه ليس للفور ، وبأن المراد : القرآن ، والظاهر أنه لا فرق . وحكى صاحب المصادر عن عبد الجبار  أنه إن كان المنزل قرآنا وجب تبليغه في الحال ، لأن المقصود انتشاره وإبلاغه ، وإن كان غير قرآن لم يجب تعجيل التبليغ ، ورده لأن حال القرآن وغيره فيما أوحي إليه سواء . 
الثانية : في جواز سماع المخصوص بدون مخصصه  ، فقال أكثرهم :  [ ص: 119 ] يجوز ، ومنعه  أبو الهذيل  والجبائي  في المخصص السمعي دون العقلي ، وقد سبقت المسألة في باب العموم . وليس المسألة السابقة فردا من أفراد هذه ، لأنا إذا فرعنا على المنع ، فنحن مانعون من ورود العام إلا ومعه الخاص ، وتلك المسألة في تبليغ الحكم من حيث الجملة ، سواء العام المقارن للخاص ، والمطلق المقارن للمقيد ، والمجمل المقارن للمميز ، والمبين بنفسه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					