واختلفوا في دلالة النص عليه : هل هي لفظية أو قياسية  ؟ على قولين ، حكاهما  الشافعي  في " الأم " . وظاهر كلامه ترجيح أنه قياس ، وهو الذي صدر به كلامه في " الرسالة " ، وأوضحه بالأمثلة . 
ثم قال : وقد منع بعض أهل العلم أن يسمى بيانا ، لأنه نقله من النص . ونقل الرافعي  في باب القضاء على الأكثرين أنه قياس . وكذا الهندي  في " النهاية " . وقال الصيرفي    : ذهبت طائفة جلة سيدهم  الشافعي  ، إلى أن هذا هو القياس الجلي ، وذلك أن المذكور هو المسمى باسمه ، وهو التنبيه على العموم ، وإذا كان به عقل كان هو الأصل ، وكان مما نبه عليه فرعه . 
وقال  الشيخ أبو إسحاق  في " شرح اللمع " : إنه الصحيح ، وجرى عليه  القفال الشاشي  فذكره في أنواع القياس . وقال سليم  في " التقريب " :  الشافعي  يومئ إلى أنه قياس جلي ، لا يجوز ورود الشرع بخلافه . 
قال : وأنكر  داود  المفهوم . قال : وذهب المتكلمون بأسرهم : الأشعرية  والمعتزلة  إلى أن المنع من التأفيف وسائر أنواع الأذى مستفاد من النطق . انتهى . 
وقال  الشيخ أبو حامد الإسفراييني    : الصحيح من المذاهب أنه جار مجرى النطق لا مجرى القياس ، وسماه الحنفية دلالة النص . وقال آخرون : ليس بقياس ولا يسمى دلالة النص ، لكن دلالته لفظية ، ثم اختلفوا ، فقيل : إن المنع من التأفيف مثلا منقول بالعرف عن موضوعه اللغوي إلى المنع من أنواع الأذى .  [ ص: 129 ] وقيل : إنه فهم بالسياق والقرائن ، وعليه المحققون من أهل هذا القول كالغزالي  ، وابن القشيري  ، والآمدي  ،  وابن الحاجب  ، والدلالة عندهم مجازية من باب إطلاق الأخص وإرادة الأعم . 
قال المازري    : والقائلون بهذا شرطوا كون المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق به . قال : والجمهور على أن دلالته من جهة اللغة لا من القياس ، وذهب  الشافعي  إلى أنه من باب القياس ، ورد عليه بأن سامع الخطاب يفهم منه النهي عن الضرب ، وإن لم ينظر في طرق القياس ، ويؤمن بذلك ، وإن لم يؤمن بالتعبد بالقياس . 
وقال عبد العزيز  في " كشف الأسرار " : ظن بعض الشافعية أن هذا قياس جلي ، وأصله التأفيف ، وفرعه الضرب ، وعلته دفع الأذى . وليس كما ظنوا ، لأن الأصل في القياس لا يجوز أن يكون ضربا من الفروع بالإجماع . وقد يكون في هذا أصلا بما يجعلوه فرعا ، ولأنه كان ثابتا قبل شرع القياس ، فعلم أنه من الدلالات اللفظية ، وليس بقياس ، ولهذا احتج به نفاة القياس ، ولأن المفهوم نظري ، وهذا ضروري . 
قال : وفائدة الخلاف في هذه المسألة أنه هل يعمل عمل النص ؟ وأنه هل يجري في الحدود والكفارات ؟ . 
				
						
						
