[ ص: 203 ] إذا ثبت هذا فنقول : في الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع  مذاهب : أحدها : أنها على الإباحة ، وبه قال معتزلة البصرة    .  ، وأهل الرأي وأهل الظاهر  كما قال  الأستاذ أبو منصور    . وقال أبو زيد الدبوسي  في تقويم الأدلة " : إنه قول علماء الحنفية . وقال ابن برهان    : إنه الصحيح عند المعتزلة    . وحكاه ابن السمعاني  في القواطع " عن القاضي  أبي حامد المروذي  وعن  أبي إسحاق المروزي  من أصحابنا . قال : وحكي عن ابن سريج  أيضا . وهو قول أصحاب  أبي حنيفة  ، وأكثر المعتزلة  وحكاه أبو عبد الله الزبيري  من قدماء أصحابنا في كتابه عن كثير من أصحابنا منهم أبو الطيب بن الخلال  وغيره . وحكاه  القاضي أبو الطيب الطبري  عن  القاضي أبي حامد  وحكاه سليم الرازي  عن  أبي إسحاق المروزي  ، وابن سريج  ، وأكثر الحنفية ، وأهل الظاهر    . وحكاه عبد الوهاب  والباجي  عن أبي الفرج المالكي    . 
وقال صاحب المصادر " اختاره  الشريف المرتضى  ، وهو الصحيح . وقال صاحب الواضح " من المعتزلة    : إنه قول عامة الفقهاء والمسلمين ، وبه قال أبو علي  وابنه  أبو هاشم  الجبائيان ، وأبو عبد الله البصري  ، ونصره عبد الجبار    .  [ ص: 204 ] والثاني : أنها على الحظر ، وبه قال معتزلة بغداد     . وقال أبو عبد الله الزبيري  من أصحابنا : إنه الحق . وبه قال  أبو علي بن أبي هريرة  ، وعلي بن أبان الطبري  ، وأبو الحسين بن القطان    : وممن حكاه عن  ابن أبي هريرة   القاضي أبو الطيب  وسليم الرازي    . وحكاه أيضا عن بعض الحنفية . قال : إلا أنهم خصوا التنفس بالهواء والانتقال من مكان إلى مكان فقالوا : هو على الإباحة ، وحكي عن المالكية ، وفهم من مذهب عبد الملك  في الموازية " ، وقد سئل عن الطفل هل هو حلال ؟ فقال : لا : إن الله لم يحله . وقال صاحب المصادر " : اختلف القائلون بالحظر ، فمنهم من قال كل ما لا يقوم البدن إلا به ولا يتم العيش إلا معه على الإباحة ، وما عداه على الحظر ، ومنهم من سوى بين الكل في الحظر . انتهى . 
وهو كما قال من وجود الخلاف . فقد قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني  في شرح الترتيب " : كان أوائل القدرية  يطلق أن البغداديين  أنها على الحظر ، والبصريين  على الإباحة . وفصله أبو هاشم  ، وكان موفقا في تحقيق المذاهب ، فقال : الأشياء قبل الشرع عند البغداديين   كالكعبي  وأتباعه على الحظر ، في ما عدا ما للإنسان منه فكاك ولا يضطر إليه ، فأما ما يكون مضطرا كالتنفس والكون فلا .  [ ص: 205 ] قال الأستاذ : وكان الدقاق  ممن ينسب إلى أصحاب  الشافعي  يذهب مذهب  الكعبي  ويقول : إنها على الحظر ، وكان  أبو حامد  من أجلاء أصحاب الحديث يذهب مذهب البصريين  ويقول : إنها على الإباحة ، وإنما بينا مذهبهما على أصول الاعتزال ، فنظر إلى أقاويلهما من لا معرفة له بالأصول ، فظنهما من أصحابنا لانتسابهما في الفروع إلى  الشافعي  وهو  أبو علي الطبري    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					