مسألة [ نسخ المتواتر بالآحاد ] 
لا خلاف في جواز نسخ القرآن بالقرآن ، والسنة المتواترة بمثلها ، والآحاد بالآحاد ، والآحاد بالمتواتر ، وأما نسخ المتواتر سنة أو قرآنا بالآحاد  ، فالكلام في الجواز والوقوع .  [ ص: 260 ] أما الجواز عقلا فالأكثرون عليه ، وحكاه سليم  عن الأشعرية  ، والمعتزلة    . ومنهم من نقل فيه الاتفاق ، وبه صرح ابن برهان  في " الأوسط " فقال : لا يستحيل عقلا نسخ الكتاب بخبر الواحد بلا خلاف ، وإنما الخلاف في جوازه شرعا . ومنعه الهندي  ، وظاهر كلام سليم  في " التقريب " أن غير الأشعرية  ، والمعتزلة  يقولون بمنعه عقلا ، وهو ظاهر ما نقله القاضي  في " التقريب " عن الجمهور . 
وقال إلكيا    : لا يمنع منه ، ولا يلتفت إلى من قال : إن خبر الواحد يفيد الظن ، وكتاب الله قطعي ، فكيف يرفع المقطوع بمظنون ؟ فإن هذا شاع مما يلوج في الظاهر ، لأن خبر الواحد وإن كان مفضيا إلى الظن ، لكن العمل به مستند إلى قاطع ، وذلك القاطع أوجب علينا العمل بالظن ، ولولاه لما صرنا إلى العمل به . فوجوب العمل به مقطوع ، والظن وراء ذلك . فعلى هذا ما رفعنا المقطوع بمظنون . 
وأما الوقوع ، فذهب الجمهور كما قاله ابن برهان  ،  وابن الحاجب  وغيرهما إلى أنه غير واقع ، ونقل ابن السمعاني  وسليم  في " التقريب " فيه الإجماع ، وعبارتهما : لا يجوز بلا خلاف . وهكذا عبارة  القاضي أبي الطيب  في " شرح الكفاية " ،  والشيخ أبي إسحاق  في " اللمع " ، ولم يحكيا خلافا . وينبغي حمل كلامهم على نفي الوقوع لما ذكرناه ، وإن كانت أدلتهم صريحة في نفي الجواز .  [ ص: 261 ] وذهب جماعة من أهل الظاهر  منهم  ابن حزم  إلى وقوعه ، وهي رواية عن  أحمد  احتجاجا بقصة أهل قباء  ، حكاها  ابن عقيل  ، وألزم  الشافعي  ذلك أيضا ، فإنه احتج على خبر الواحد بقصة قباء    . وفصل القاضي  في " التقريب " ، والغزالي  ،  وأبو الوليد الباجي  ،  والقرطبي  بين زمان الرسول وما بعده ، فقالا : بوقوعه في زمانه . وكذا قال إمام الحرمين    : أجمع العلماء على أن الثابت قطعا لا ينسخه مظنون ، ولم يتعرض لزمان الرسول . وكأن الفارق أن الأحكام في زمان الرسول في معرض التغير ، وفيما بعده مستقرة ، فكان لا قطع في زمانه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					