[ المبحث السادس ] في أنه حجة قطعية قال الروياني  في البحر : إذا انعقد الإجماع على أحد أدلته ، فهل يقطع على صحته ؟  فيه وجهان : أحدهما : نعم ; ليصح قيام الحجة . الثاني : المنع اعتبارا بأهله في انتفاء العصمة عن آحادهم ، فكذا عن جميعهم . وأطلق جماعة من الأصوليين بأنه حجة قطعية . منهم الصيرفي  ، وابن برهان  ، وجزم به من الحنفية الدبوسي  ، وشمس الأئمة    . وقالا : كرامة لهذه الأمة ، وقال الأصفهاني    : إنه المشهور ، وإنه يقدم على الأدلة كلها ، ولا يعارضه دليل أصلا ، ونسبه إلى الأكثرين . قال : بحيث يكفر أو يضلل  [ ص: 389 ] ويبدع مخالفه . وخالفه الإمام الرازي  والآمدي  ، فقالا : إنه لا يفيد إلا الظن ، والحق التفصيل بين ما اتفق عليه المعتبرون فحجة قطعية ، وبين ما اختلفوا فيه كالسكوتي ، وما ندري مخالفه ، فحجة ظنية . 
وقال البزدوي  وجماعة من الحنفية : الإجماع مراتب    : فإجماع الصحابة مثل الكتاب والخبر المتواتر ، وإجماع من بعدهم بمنزلة المشهور من الأحاديث . والإجماع الذي سبق فيه الخلاف في العصر السالف بمنزلة خبر الواحد ، واختار بعضهم في الكل أنه يوجب العمل لا العلم ، فصارت المذاهب أربعة : يوجب العلم والعمل . لا يوجبهما . يوجب العلم حيث اتفقوا عليه قطعا . يوجب العلم في إجماع الصحابة . وقد أورد صاحب التقويم " أن الإجماع قد يقع عن أمارة ، فكيف يوجب العلم إجماع تفرع عن الظن ؟  وأجاب بأن الموجب لذلك اتصالها بالإجماع ، وقد ثبت عصمتهم من الخطأ ، فكان بمنزلة الاتصال برسول الله صلى الله عليه وسلم وتقريره على ذلك . وأما أن الإجماع من الأصول الكلية التي يحكم بها على القواطع التي هي نصوص الكتاب والسنة المتواترة  ، فلا بد أن يكون قاطعا ; لاستحالة رفع القاطع بما ليس بقاطع ، وحكى الأستاذ أبو إسحاق  في تعليقه ، والبندنيجي  في الذخيرة " قولين في أن لفظ الإجماع هل يطلق على القطعي والظني ، أو لا يطلق إلا على القطعي ؟  وصرحا بأنه خلاف في العبارة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					