( الفرق الحادي والأربعون والمائتان بين قاعدة المعصية التي هي كفر وقاعدة ما ليس بكفر ) :
اعلم أن النهي يعتمد المفاسد كما أن الأوامر تعتمد المصالح فأعلى رتب المفاسد الكفر ، وأدناها الصغائر والكبائر متوسطة بين المرتبتين ، وأكثر التباس الكفر إنما هو بالكبائر فأعلى رتب الكبائر يليها أدنى رتب الكفر ، وأدنى رتب الكبائر يليها أعلى رتب الصغائر
[ ص: 115 ] وأصل الكفر إنما هو انتهاك خاص لحرمة الربوبية إما بالجهل بوجود الصانع أو صفاته العلى ويكون الكفر بفعل
nindex.php?page=treesubj&link=10040_10041كرمي المصحف في القاذورات أو
nindex.php?page=treesubj&link=10043السجود للصنم [ ص: 116 ] أو
nindex.php?page=treesubj&link=26863التردد للكنائس في أعيادهم بزي النصارى ، ومباشرة أحوالهم أو
nindex.php?page=treesubj&link=10018جحد ما علم من الدين بالضرورة فقولنا انتهاك خاص احتراز من الكبائر والصغائر فإنها انتهاك ، وليست كفرا وسيأتي بيان هذا الخصوص بعد هذا إن شاء الله تعالى . وجحد ما علم من الدين بالضرورة كجحد الصلاة والصوم ، ولا يختص ذلك بالواجبات والقربات بل لو جحد بعض الإباحات المعلومة بالضرورة كفر كما لو
[ ص: 117 ] nindex.php?page=treesubj&link=10018قال إن الله تعالى لم يبح التين ، ولا العنب ، ولا يعتقد أن جاحد ما أجمع عليه يكفر على الإطلاق بل لا بد أن يكون المجمع عليه مشتهرا في الدين حتى صار ضروريا فكم من المسائل المجمع عليها إجماعا لا يعلمه إلا خواص الفقهاء
nindex.php?page=treesubj&link=10018فجحد مثل هذه المسائل التي يخفى الإجماع فيها ليس كفرا بل قد جحد أصل الإجماع جماعة كبيرة من
الروافض والخوارج nindex.php?page=showalam&ids=15414كالنظام ، ولم أر أحدا قال بكفرهم من حيث إنهم جحدوا أصل الإجماع وسبب ذلك أنهم بذلوا جهدهم في أدلته فما ظفروا بها كما ظفر بها الجمهور فكان ذلك عذرا في حقهم .
كما أن
nindex.php?page=treesubj&link=10018متجدد الإسلام إذا قدم من أرض الكفر وجحد في مبادئ أمره بعض شعائر الإسلام المعلومة لنا من الدين بالضرورة لا نكفره لعذره بعدم الاطلاع ، وإن كنا نكفر بذلك الجحد غيره وبهذا التقريب نجيب عن سؤال السائل كيف تكفرون
nindex.php?page=treesubj&link=10018جاحد المسائل المجمع عليها ، ولا تكفرون
nindex.php?page=treesubj&link=10018جاحد أصل الإجماع ؟ وكيف يكون الفرع أقوى من الأصل ؟ . والجواب بأن نقول إنا لم نكفر بالمجمع عليه من حيث هو مجمع عليه بل من حيث الشهرة المحصلة للضرورة فمتى انضافت هذه الشهرة للإجماع كفر جاحد المجمع عليه ، وإذا لم تنضف لم نكفره وعلى هذا التقرير لم يجعل الفرع أقوى من الأصل ، وإنما يلزم ذلك أن لو كفرنا به من حيث هو مجمع عليه لا من حيث هو مشتهر فمن
nindex.php?page=treesubj&link=10018جحد إباحة الفرائض لا نكفره من حيث إنه مجمع عليه فإن انعقاد الإجماع فيه إنما يعلمه خواص
[ ص: 118 ] الفقهاء أو الفقهاء دون غيرهم ، وألحق
الأشعري بالكفر إرادة الكفر
nindex.php?page=treesubj&link=26863كبناء الكنائس ليكفر فيها أو
nindex.php?page=treesubj&link=26863قتل نبي مع اعتقاده صحة رسالته ليميت شريعته ، ومنه
nindex.php?page=treesubj&link=26863تأخير إسلام من أتى ليسلم على يديك فتشير عليه بتأخير الإسلام ؛ لأنه إرادة لبقاء الكفر .
ولا يندرج في إرادة الكفر
nindex.php?page=treesubj&link=26863_19740_19746الدعاء بسوء الخاتمة على من تعاديه وإن كان فيه إرادة الكفر ؛ لأنه ليس
[ ص: 119 ] مقصودا فيه انتهاك حرمة الله تعالى بل إذاية المدعو عليه ، وليس منه أيضا اختيار الإمام عقد الجزية على الأسارى على القتل الموجب لمحو الكفر من قلوبهم وفي عقد الجزية إرادة استمرار الكفر في قلوبهم فهو فيه إرادة الكفر ؛ لأن مقصوده توقع الإسلام منهم أو من ذراريهم إذا بقوا أحياء وفي تعجيل القتل عليهم سد باب الإيمان منهم ومن ذريتهم فالمقصود توقع الإيمان وحصول الكفر وقع بالعرض فهو مشروع مأمور به واجب عند تعيين مقتضيه ويثاب عليه الإمام والفاعل له بخلاف الدعاء
[ ص: 120 ] بسوء الخاتمة فهو منهي عنه ويأثم قائله ، وإن لم يكفر بذلك .
واستشكل بعض العلماء الفرق بين
nindex.php?page=treesubj&link=10043السجود للشجرة والسجود للوالد في أن الأول كفر دون الثاني ، وإن كان الساجد في الحالتين معتقدا ما يجب لله تعالى ، وما يستحيل ، وما يجوز عليه ، وإنما أراد التشريك في السجود وهو يعتقد بذلك التقرب إلى الله تعالى كما يعتقده الساجد للوالد وقد قالت
عبدة الأوثان {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى }
[ ص: 121 ] مع أن القاعدة أن
nindex.php?page=treesubj&link=28674_27522الفرق بين الكفر والكبيرة إنما هو بعظم المفسدة وصغرها لاشتراك الجميع في المفسدة والنهي والتحريم ، وما بين هاتين الصورتين من المفسدة التي نعلمها ما يقتضي الكفر في إحداهما دون الأخرى وقد أمر الله تعالى الملائكة بالسجود
لآدم فسجدوا له ، ولم يكن قبلة على أحد القولين بل هو المقصود بالتعظيم بذلك السجود ، ولم يقل أحد إن الله تعالى أمر هنالك بما نهى عنه من الكفر ، ولا أنه أباح الكفر لأجل
آدم ، ولا أن في السجود
لآدم مفسدة تقتضي كفرا .
ولو فعل من غير أمر ربه ، ولا يمكن أن يقال إن الأمر والنهي عنهما سببا المفاسد والمصالح
[ ص: 122 ] فإن نهى عن السجود كان مفسدة ، وإن أمر به كان مصلحة ؛ لأن هذا يلزم منه الدور ؛ لأن المفسدة تكون حينئذ تابعة للنهي مع أن النهي يتبع المفسدة فيكون كل واحد منهما تابعا لصاحبه فيلزم الدور بل الحق أن المفسدة يتبعها النهي ، وما لا مفسدة فيه لا يكون منهيا عنه واستقراء الشرائع يدل على ذلك فإن السرقة لما كان فيها ضياع المال نهى عنها ، ولما كان في القتل فوات الحياة نهى عنه ولما كان في الزنا مفسدة اختلاط الأنساب نهى عنه ، ولما كان في الخمر ذهاب العقول نهى عنه فلا جرم لما صار الخمر خلا ذهب عنه النهي ولما كان عصيرا لا يفسد العقل لم يكن منهيا عنه فالاستقراء دل على أن المفاسد والمصالح سابقة على الأوامر والنواهي ، والثواب
[ ص: 123 ] والعقاب تابع للأوامر والنواهي فما فيه مفسدة ينهى عنه فإذا فعل حصل العقاب ، وما فيه مصلحة أمر به فإذا فعل حصل الثواب فالثواب والعقاب في الرتبة الأولى فلو علل الأمر والنهي بالثواب والعقاب لزم تقدم الشيء على نفسه برتبتين ولذلك يقول الأغبياء من الطلبة مصلحة هذا الأمر أنه يثاب عليه فيعللون بالثواب والعقاب وهو غلط
[ ص: 124 ]
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=27988_27989الجهل بالله تعالى عشرة أقسام ( أحدها ) ما لم نؤمر بإزالته أصلا ، ولم نؤاخذ ببقائه ؛ لأنه لازم لنا لا يمكن الانفكاك عنه وهو جلال الله تعالى وصفاته التي لم تدل عليها الصنعة ، ولم يقدر العبد على تحصيله بالنظر فعفا عنه لعجزنا عنه ، وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29793لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك } وقول
الصديق العجز عن درك الإدراك إدراك
[ ص: 125 ] وقسم ) أجمع المسلمون على أنه كفر قال
nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض في كتاب الشفاء انعقد الإجماع على تكفير من
nindex.php?page=treesubj&link=10016جحد أن الله تعالى عالم أو متكلم أو غير ذلك من صفاته الذاتية فإن جهل الصفة ، ولم ينفها كفره
الطبري وغيره وقيل لا يكفر ، وإليه رجع
الأشعري ؛ لأنه لم يصمم على اعتقاد
[ ص: 126 ] ذلك ويعضده حديث
nindex.php?page=treesubj&link=10016القائل لئن قدر الله علي ليعذبني الحديث . وحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87546السوداء لما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله قالت في السماء } قال ، ولو كوشف أكثر الناس على الصفات لم يعلمها (
قلت ) فنفي الصفات والجزم بنفيها هو المجمع عليه ، وليس معناه نفي العلم أو الكلام أو الإرادة ونحو ذلك بل العالم والمتكلم والمريد فمن نفى أصل المعنى وحكمه هو المجمع على كفره وهذا هو مذهب جمع كثير من
الفلاسفة والدهرية دون أرباب الشرائع .
( الْفَرْقُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي هِيَ كُفْرٌ وَقَاعِدَةِ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ ) :
اعْلَمْ أَنَّ النَّهْيَ يَعْتَمِدُ الْمَفَاسِدَ كَمَا أَنَّ الْأَوَامِرَ تَعْتَمِدُ الْمَصَالِحَ فَأَعْلَى رُتَبِ الْمَفَاسِدِ الْكُفْرُ ، وَأَدْنَاهَا الصَّغَائِرُ وَالْكَبَائِرُ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ ، وَأَكْثَرُ الْتِبَاسِ الْكُفْرِ إنَّمَا هُوَ بِالْكَبَائِرِ فَأَعْلَى رُتَبِ الْكَبَائِرِ يَلِيهَا أَدْنَى رُتَبِ الْكُفْرِ ، وَأَدْنَى رُتَبِ الْكَبَائِرِ يَلِيهَا أَعْلَى رُتَبِ الصَّغَائِرِ
[ ص: 115 ] وَأَصْلُ الْكُفْرِ إنَّمَا هُوَ انْتِهَاكٌ خَاصٌّ لِحُرْمَةِ الرُّبُوبِيَّةِ إمَّا بِالْجَهْلِ بِوُجُودِ الصَّانِعِ أَوْ صِفَاتِهِ الْعُلَى وَيَكُونُ الْكُفْرُ بِفِعْلٍ
nindex.php?page=treesubj&link=10040_10041كَرَمْيِ الْمُصْحَفِ فِي الْقَاذُورَاتِ أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=10043السُّجُودِ لِلصَّنَمِ [ ص: 116 ] أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=26863التَّرَدُّدِ لِلْكَنَائِسِ فِي أَعْيَادِهِمْ بِزِيِّ النَّصَارَى ، وَمُبَاشَرَةِ أَحْوَالِهِمْ أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=10018جَحْدِ مَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَقَوْلُنَا انْتِهَاكٌ خَاصٌّ احْتِرَازٌ مِنْ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ فَإِنَّهَا انْتِهَاكٌ ، وَلَيْسَتْ كُفْرًا وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا الْخُصُوصِ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَجَحْدُ مَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَجَحْدِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ ، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْوَاجِبَاتِ وَالْقُرُبَاتِ بَلْ لَوْ جَحَدَ بَعْضَ الْإِبَاحَاتِ الْمَعْلُومَةِ بِالضَّرُورَةِ كَفَرَ كَمَا لَوْ
[ ص: 117 ] nindex.php?page=treesubj&link=10018قَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُبِحْ التِّينَ ، وَلَا الْعِنَبَ ، وَلَا يَعْتَقِدُ أَنَّ جَاحِدَ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ يَكْفُرُ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مُشْتَهِرًا فِي الدِّينِ حَتَّى صَارَ ضَرُورِيًّا فَكَمْ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا إجْمَاعًا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا خَوَاصُّ الْفُقَهَاءِ
nindex.php?page=treesubj&link=10018فَجَحْدُ مِثْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَخْفَى الْإِجْمَاعُ فِيهَا لَيْسَ كُفْرًا بَلْ قَدْ جَحَدَ أَصْلَ الْإِجْمَاعِ جَمَاعَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ
الرَّوَافِضِ وَالْخَوَارِجِ nindex.php?page=showalam&ids=15414كَالنَّظَّامِ ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا قَالَ بِكُفْرِهِمْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ جَحَدُوا أَصْلَ الْإِجْمَاعِ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ بَذَلُوا جُهْدَهُمْ فِي أَدِلَّتِهِ فَمَا ظَفِرُوا بِهَا كَمَا ظَفِرَ بِهَا الْجُمْهُورُ فَكَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي حَقِّهِمْ .
كَمَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10018مُتَجَدِّدَ الْإِسْلَامِ إذَا قَدِمَ مِنْ أَرْضِ الْكُفْرِ وَجَحَدَ فِي مَبَادِئِ أَمْرِهِ بَعْضَ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الْمَعْلُومَةِ لَنَا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ لَا نُكَفِّرُهُ لِعُذْرِهِ بِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ ، وَإِنْ كُنَّا نُكَفِّرُ بِذَلِكَ الْجَحْدِ غَيْرَهُ وَبِهَذَا التَّقْرِيبِ نُجِيبُ عَنْ سُؤَالِ السَّائِلِ كَيْفَ تُكَفِّرُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=10018جَاحِدَ الْمَسَائِلِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا ، وَلَا تُكَفِّرُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=10018جَاحِدَ أَصْلِ الْإِجْمَاعِ ؟ وَكَيْفَ يَكُونُ الْفَرْعُ أَقْوَى مِنْ الْأَصْلِ ؟ . وَالْجَوَابُ بِأَنْ نَقُولَ إنَّا لَمْ نُكَفِّرْ بِالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَلْ مِنْ حَيْثُ الشُّهْرَةُ الْمُحَصِّلَةُ لِلضَّرُورَةِ فَمَتَى انْضَافَتْ هَذِهِ الشُّهْرَةُ لِلْإِجْمَاعِ كَفَرَ جَاحِدُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ ، وَإِذَا لَمْ تَنْضَفْ لَمْ نُكَفِّرْهُ وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ لَمْ يُجْعَلْ الْفَرْعُ أَقْوَى مِنْ الْأَصْلِ ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَفَّرْنَا بِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَا مِنْ حَيْثُ هُوَ مُشْتَهِرٌ فَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10018جَحَدَ إبَاحَةَ الْفَرَائِضِ لَا نُكَفِّرُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَإِنَّ انْعِقَادَ الْإِجْمَاعِ فِيهِ إنَّمَا يَعْلَمُهُ خَوَاصُّ
[ ص: 118 ] الْفُقَهَاءِ أَوْ الْفُقَهَاءُ دُونَ غَيْرِهِمْ ، وَأَلْحَقَ
الْأَشْعَرِيُّ بِالْكُفْرِ إرَادَةَ الْكُفْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=26863كَبِنَاءِ الْكَنَائِسِ لِيَكْفُرَ فِيهَا أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=26863قَتْلِ نَبِيٍّ مَعَ اعْتِقَادِهِ صِحَّةَ رِسَالَتِهِ لِيُمِيتَ شَرِيعَتَهُ ، وَمِنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=26863تَأْخِيرُ إسْلَامِ مَنْ أَتَى لِيُسْلِمَ عَلَى يَدَيْك فَتُشِيرُ عَلَيْهِ بِتَأْخِيرِ الْإِسْلَامِ ؛ لِأَنَّهُ إرَادَةٌ لِبَقَاءِ الْكُفْرِ .
وَلَا يَنْدَرِجُ فِي إرَادَةِ الْكُفْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=26863_19740_19746الدُّعَاءُ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ عَلَى مَنْ تُعَادِيهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إرَادَةُ الْكُفْرِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ
[ ص: 119 ] مَقْصُودًا فِيهِ انْتِهَاكُ حُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ إذَايَةُ الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْضًا اخْتِيَارُ الْإِمَامِ عَقْدَ الْجِزْيَةِ عَلَى الْأُسَارَى عَلَى الْقَتْلِ الْمُوجِبِ لِمَحْوِ الْكُفْرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَفِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ إرَادَةُ اسْتِمْرَارِ الْكُفْرِ فِي قُلُوبِهِمْ فَهُوَ فِيهِ إرَادَةُ الْكُفْرِ ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ تَوَقُّعُ الْإِسْلَامِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ ذَرَارِيِّهِمْ إذَا بَقُوا أَحْيَاءَ وَفِي تَعْجِيلِ الْقَتْلِ عَلَيْهِمْ سَدُّ بَابِ الْإِيمَانِ مِنْهُمْ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ فَالْمَقْصُودُ تَوَقُّعُ الْإِيمَانِ وَحُصُولُ الْكُفْرِ وَقَعَ بِالْعَرَضِ فَهُوَ مَشْرُوعٌ مَأْمُورٌ بِهِ وَاجِبٌ عِنْدَ تَعْيِينِ مُقْتَضِيهِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْفَاعِلُ لَهُ بِخِلَافِ الدُّعَاءِ
[ ص: 120 ] بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَيَأْثَمُ قَائِلُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكْفُرْ بِذَلِكَ .
وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْفَرْقَ بَيْنَ
nindex.php?page=treesubj&link=10043السُّجُودِ لِلشَّجَرَةِ وَالسُّجُودِ لِلْوَالِدِ فِي أَنَّ الْأَوَّلَ كُفْرٌ دُونَ الثَّانِي ، وَإِنْ كَانَ السَّاجِدُ فِي الْحَالَتَيْنِ مُعْتَقِدًا مَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَمَا يَسْتَحِيلُ ، وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّشْرِيكَ فِي السُّجُودِ وَهُوَ يَعْتَقِدُ بِذَلِكَ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يَعْتَقِدُهُ السَّاجِدُ لِلْوَالِدِ وَقَدْ قَالَتْ
عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3مَا نَعْبُدُهُمْ إلَّا لِيُقَرِّبُونَا إلَى اللَّهِ زُلْفَى }
[ ص: 121 ] مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28674_27522الْفَرْقَ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْكَبِيرَةِ إنَّمَا هُوَ بِعِظَمِ الْمَفْسَدَةِ وَصِغَرِهَا لِاشْتِرَاكِ الْجَمِيعِ فِي الْمَفْسَدَةِ وَالنَّهْيِ وَالتَّحْرِيمِ ، وَمَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي نَعْلَمُهَا مَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ فِي إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ
لِآدَمَ فَسَجَدُوا لَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ قِبْلَةً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بَلْ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالتَّعْظِيمِ بِذَلِكَ السُّجُودِ ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ هُنَالِكَ بِمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ الْكُفْرِ ، وَلَا أَنَّهُ أَبَاحَ الْكُفْرَ لِأَجْلِ
آدَمَ ، وَلَا أَنَّ فِي السُّجُودِ
لِآدَمَ مَفْسَدَةً تَقْتَضِي كُفْرًا .
وَلَوْ فَعَلَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ رَبِّهِ ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ عَنْهُمَا سَبَبَا الْمَفَاسِدِ وَالْمَصَالِحِ
[ ص: 122 ] فَإِنْ نَهَى عَنْ السُّجُودِ كَانَ مَفْسَدَةً ، وَإِنْ أَمَرَ بِهِ كَانَ مَصْلَحَةً ؛ لِأَنَّ هَذَا يَلْزَمُ مِنْهُ الدَّوْرُ ؛ لِأَنَّ الْمَفْسَدَةَ تَكُونُ حِينَئِذٍ تَابِعَةً لِلنَّهْيِ مَعَ أَنَّ النَّهْيَ يَتْبَعُ الْمَفْسَدَةَ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَابِعًا لِصَاحِبِهِ فَيَلْزَمْ الدَّوْرَ بَلْ الْحَقُّ أَنَّ الْمَفْسَدَةَ يَتْبَعُهَا النَّهْيُ ، وَمَا لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ لَا يَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ وَاسْتِقْرَاءُ الشَّرَائِعِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ السَّرِقَةَ لَمَّا كَانَ فِيهَا ضَيَاعُ الْمَالِ نَهَى عَنْهَا ، وَلَمَّا كَانَ فِي الْقَتْلِ فَوَاتُ الْحَيَاةِ نَهَى عَنْهُ وَلَمَّا كَانَ فِي الزِّنَا مَفْسَدَةُ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ نَهَى عَنْهُ ، وَلَمَّا كَانَ فِي الْخَمْرِ ذَهَابُ الْعُقُولِ نَهَى عَنْهُ فَلَا جَرَمَ لَمَّا صَارَ الْخَمْرُ خَلًّا ذَهَبَ عَنْهُ النَّهْيُ وَلَمَّا كَانَ عَصِيرًا لَا يُفْسِدُ الْعَقْلَ لَمْ يَكُنْ مَنْهِيًّا عَنْهُ فَالِاسْتِقْرَاءُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَفَاسِدَ وَالْمَصَالِحَ سَابِقَةٌ عَلَى الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي ، وَالثَّوَابَ
[ ص: 123 ] وَالْعِقَابَ تَابِعٌ لِلْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي فَمَا فِيهِ مَفْسَدَةٌ يَنْهَى عَنْهُ فَإِذَا فَعَلَ حَصَلَ الْعِقَابُ ، وَمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ أَمَرَ بِهِ فَإِذَا فَعَلَ حَصَلَ الثَّوَابُ فَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ فِي الرُّتْبَةِ الْأُولَى فَلَوْ عَلَّلَ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ لَزِمَ تَقَدُّمُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِرُتْبَتَيْنِ وَلِذَلِكَ يَقُولُ الْأَغْبِيَاءُ مِنْ الطَّلَبَةِ مَصْلَحَةُ هَذَا الْأَمْرِ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ فَيُعَلِّلُونَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَهُوَ غَلَطٌ
[ ص: 124 ]
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=27988_27989الْجَهْلُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَشَرَةُ أَقْسَامٍ ( أَحَدُهَا ) مَا لَمْ نُؤْمَرْ بِإِزَالَتِهِ أَصْلًا ، وَلَمْ نُؤَاخَذْ بِبَقَائِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَنَا لَا يُمْكِنُ الِانْفِكَاكُ عَنْهُ وَهُوَ جَلَالُ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتُهُ الَّتِي لَمْ تَدُلَّ عَلَيْهَا الصَّنْعَةُ ، وَلَمْ يَقْدِرْ الْعَبْدُ عَلَى تَحْصِيلِهِ بِالنَّظَرِ فَعَفَا عَنْهُ لِعَجْزِنَا عَنْهُ ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29793لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِك } وَقَوْلِ
الصِّدِّيقِ الْعَجْزُ عَنْ دَرْكِ الْإِدْرَاكِ إدْرَاكٌ
[ ص: 125 ] وَقِسْمٌ ) أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ كُفْرٌ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14961الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي كِتَابِ الشِّفَاءِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10016جَحَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ أَوْ مُتَكَلِّمٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ فَإِنْ جَهِلَ الصِّفَةَ ، وَلَمْ يَنْفِهَا كَفَّرَهُ
الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ لَا يَكْفُرُ ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ
الْأَشْعَرِيُّ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَمِّمْ عَلَى اعْتِقَادِ
[ ص: 126 ] ذَلِكَ وَيَعْضُدُهُ حَدِيثُ
nindex.php?page=treesubj&link=10016الْقَائِلِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ لَيُعَذِّبَنِّي الْحَدِيثَ . وَحَدِيثُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87546السَّوْدَاءِ لَمَّا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ } قَالَ ، وَلَوْ كُوشِفَ أَكْثَرُ النَّاسِ عَلَى الصِّفَاتِ لَمْ يَعْلَمْهَا (
قُلْتُ ) فَنَفْيُ الصِّفَاتِ وَالْجَزْمُ بِنَفْيِهَا هُوَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ نَفْيَ الْعِلْمِ أَوْ الْكَلَامِ أَوْ الْإِرَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بَلْ الْعَالِمُ وَالْمُتَكَلِّمُ وَالْمُرِيدُ فَمَنْ نَفَى أَصْلَ الْمَعْنَى وَحُكْمَهُ هُوَ الْمُجْمَعُ عَلَى كُفْرِهِ وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ
الْفَلَاسِفَةِ وَالدَّهْرِيَّةِ دُونَ أَرْبَابِ الشَّرَائِعِ .