( الفرق الرابع والستون والمائتان بين قاعدة المداهنة المحرمة وبين قاعدة المداهنة التي لا تحرم  ،  وقد تجب ) 
اعلم أن معنى المداهنة معاملة الناس بما يحبون من القول ومنه قوله تعالى { ودوا لو تدهن فيدهنون    } أي هم يودون لو أثنيت على أحوالهم وعباداتهم  ،  ويقولون لك مثل ذلك فهذه مداهنة حرام  ،  وكذلك كل من يشكر ظالما على ظلمه أو مبتدعا على بدعته أو مبطلا على إبطاله وباطله فهي مداهنة حرام  ؛  لأن ذلك وسيلة لتكثير ذلك الظلم والباطل من أهله  ،  وروي عن  أبي موسى الأشعري  أنه كان يقول : إنا لنشكر في وجوه أقوام  ،  وإن قلوبنا لتلعنهم يريد الظلمة والفسقة الذين يتقى شرهم  ،  ويتبسم في وجوههم ويشكرون بالكلمات الحقة فإن ما من أحد إلا وفيه صفة تشكر  ،  ولو كان من أنحس الناس فيقال له ذلك استكفاء لشره فهذا قد يكون مباحا  ،  وقد يكون واجبا إن كان يتوصل به القائل لدفع ظلم محرم أو محرمات لا تندفع إلا بذلك القول ويكون الحال يقتضي ذلك  ،  وقد يكون مندوبا إن كان وسيلة لمندوب أو مندوبات  ،  وقد يكون مكروها إن كان عن ضعف لا ضرورة تتقاضاه بل خور في الطبع أو يكون وسيلة للوقوع في مكروه فانقسمت المداهنة على هذه الأحكام الخمسة الشرعية  ،  وظهر - حينئذ - الفرق بين المداهنة المحرمة وغير المحرمة  ،  وقد شاع بين الناس أن المداهنة كلها محرمة  ،  وليس كذلك بل الأمر كما تقدم تقريره  [ ص: 237 ] 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					