( الفرق الحادي والأربعون والمائة بين قاعدة وهم أخو الأم وعم الأم وجد الأم وبنو الأخوات والبنات والعمات ونحوهم ممن يدلي بأنثى وبين قاعدة ذوي الأرحام لا يلون عقد الأنكحة وهم الآباء والأبناء والجدود والعمومة والإخوة الشقائق وإخوة الأب ) العصبة فإنهم يلون العقد في النكاح
والفرق بين الفرقين أن الولاء شرع لحفظ النسب فلا يدخل فيه إلا من يكون له نسب حتى تحصل الحكمة لمحافظته على مصلحة نفسه فذلك يكون أبلغ في اجتهاده في نظره في تحصيل الإكفاء ودرء العار عن النسب وخالف رضي الله عنه في الابن فقال لا ولاية له واحتج على ذلك بوجوه الشافعي
( أحدها ) قول النبي صلى الله عليه وسلم { } والابن لا يسمى مولى أيما امرأة أنكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل
( وثانيها ) أنه يدلي بها فلا يزوجها كتزويجها لنفسها فإن الفرع لا يكون أقوى من الأصل ولما أدلى بها صار في معناها
( وثالثها ) أنه شخص لا تصح من أبيه الولاية فلا تصح منه كابن الخال مع الخال . والجواب عن الأول أنه روي { } وهو وليها لأن الولاية من القرب لقول العرب هذا يلي هذا أي يقرب منه وابنها أقرب إليها من غيره لأنه جزؤها وجزء الشيء أقرب إليه من الأمور الخارجة عنه هذا على هذه الرواية وعلى الرواية الأخرى نقول المولى له معان كثيرة في لسان بغير إذن وليها العرب منها الناصر لقوله تعالى { فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين } أي ناصره ومنه قوله تعالى { وأن الكافرين لا مولى لهم } أي لا ناصر لهم وهو كثير والابن ناصر أمه فيكون هو مولاه وهذا الاحتمال أولى لأن فيه جمعا بين الروايتين وعن الثاني الفرق بقوة عقله الناشئ عن الذكورية وضعف عقلها الناشئ عن الأنوثة وعن الثالث أنه جزء منها فيتعلق به عارها بخلاف أبيه وابن الخال فإن ابن الخال بعيد عنها لا تنكيه فضيحتها كما تنكي ابنها بل يجب أن يكون الابن مقدما على جميع الأولياء لأنه جزؤها وجزؤها أمس بها من الأمور الخارجة والقاعدة أنه يقدم في كل ولاية من هو أقوم بمصالحها ولذلك قدم في القضاء من هو أيقظ وأكثر تفطنا لوجوه الحجاج [ ص: 103 ] وسياسة الخصوم وأضبط للفقه ويقدم في الحروب من هو أعرف بمكايد الحروب وسياسة الجند والجيوش .
ويقدم في الفتيا من هو أورع وأضبط لمنقولات الفقه وفي أمانة الحكم على الأيتام من هو أعرف بتنمية الأموال وأعرف بمقادير النفقات والكلف والجدال في الخصام ليناضل عن الأيتام ويقدم في سعاية الزكاة من هو أعرف بنصبها والواجب فيها وأحكام الزكاة من الاختلاط والافتراق وأقوى خرصا للثمار وربما كان المقدم في باب مؤخرا في باب آخر كما بسبب مزيد شفقتهن وصبرهن على الأطفال فكن لذلك أكمل في الحضانة من الرجال فإن مزيد إنفاقهم يمنعهم من تحصيل مصالح الأطفال فلهذه القاعدة قدم الابن على غيره فإنا نعلم بالضرورة أن ابن الإنسان أشفق عليه من ابن عمه لا سيما إذا بعد ويقدم كل ولي على غيره من الأولياء إذا كانت صفته أقرب وحاله على حسن النظر أكثر من غيره فيقدم لذلك . قدم الرجال في الحروب والإمامة وأخروا في الحضانة وقدم النساء عليهم