( الفرق التاسع والخمسون والمائتان بين
nindex.php?page=treesubj&link=18670_17738_18682_18684قاعدة الكبر وقاعدة التجمل بالملابس والمراكب وغير ذلك )
اعلم أن الكبر لله - تعالى - على أعدائه حسن ، وعلى عباده وشرائعه حرام وكبيرة ، قال عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87598لن يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من الكبر فقالوا : يا رسول الله إن أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة فقال إن الله جميل يحب الجمال ولكن الكبر بطر الحق ، وغمص الناس } خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره قال العلماء رضي الله عنهم : بطر الحق رده على قائله وغمص الناس احتقارهم ، وقوله : عليه السلام لن يدخل الجنة وعيد عظيم يقتضي أن الكبر من الكبائر ، وعدم دخوله الجنة مطلقا
[ ص: 226 ] عند
المعتزلة ؛ لأن صاحب الكبيرة عندهم يخلد في النار كالكافر ، وعند
أهل السنة معناه لا يدخل في وقت يدخلها غير المتكبرين أي في المبدأ ، والنفي العام قد يراد به الخاص إذا اقتضته النصوص أو القواعد والكبر من أعظم ذنوب القلب نسأل الله - تعالى - العافية حتى قال بعض العلماء : كل ذنوب القلب يكون معه الفتح إلا الكبر ، وأما التجمل فقد يكون واجبا في ولاة الأمور وغيرهم إذا توقف عليه تنفيذ الواجب فإن الهيئات الرثة لا تحصل معها مصالح العامة من ولاة الأمور ، وقد يكون مندوبا إليها في الصلوات والجماعات وفي الحروب لرهبة العدو والمرأة لزوجها ، وفي العلماء لتعظيم العلم في نفوس الناس ، وقد قال
عمر أحب أن أنظر إلى قارئ القرآن أبيض الثياب وقد يكون حراما إذا كان وسيلة لمحرم كمن يتزين للنساء الأجنبيات ليزني بهن ، وقد يكون مباحا إذا عري عن هذه الأسباب وانقسم التجمل إلى هذه الأحكام الخمسة ، وكذلك الكبر أيضا قد يجب على الكفار في الحروب وغيرها ، وقد يندب على أهل البدع تقليلا للبدعة ، وقد يحرم كما جاء في الحديث ، والإباحة فيه بعيدة ، والفرق بينه وبين التجمل في تصور الإباحة فيه أن أصل التجمل الإباحة لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=32قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق } فإذا عدم المعارض الناقل عن الإباحة بقيت الإباحة ، وأصل الكبر التحريم ، فإذا عدم المعارض الناقل عن التحريم استصحب فيه التحريم فهذا فرق ، وفرق آخر أن الكبر من أعمال القلوب ، والتجمل
[ ص: 227 ] من أفعال الجوارح يتعلق به الحسن دون الكبر
[ ص: 227 ]
( الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ
nindex.php?page=treesubj&link=18670_17738_18682_18684قَاعِدَةِ الْكِبْرِ وَقَاعِدَةِ التَّجَمُّلِ بِالْمَلَابِسِ وَالْمَرَاكِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ )
اعْلَمْ أَنَّ الْكِبْرَ لِلَّهِ - تَعَالَى - عَلَى أَعْدَائِهِ حَسَنٌ ، وَعَلَى عِبَادِهِ وَشَرَائِعِهِ حَرَامٌ وَكَبِيرَةٌ ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87598لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ الْكِبْرِ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَحَدَنَا يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً فَقَالَ إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَلَكِنَّ الْكِبْرَ بَطَرُ الْحَقِّ ، وَغَمْصُ النَّاسِ } خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ : بَطَرُ الْحَقِّ رَدُّهُ عَلَى قَائِلِهِ وَغَمْصُ النَّاسِ احْتِقَارُهُمْ ، وَقَوْلُهُ : عَلَيْهِ السَّلَامُ لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَعِيدٌ عَظِيمٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْكِبْرَ مِنْ الْكَبَائِرِ ، وَعَدَمَ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ مُطْلَقًا
[ ص: 226 ] عِنْدَ
الْمُعْتَزِلَةِ ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ عِنْدَهُمْ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ كَالْكَافِرِ ، وَعِنْدَ
أَهْلِ السُّنَّةِ مَعْنَاهُ لَا يَدْخُلُ فِي وَقْتٍ يَدْخُلُهَا غَيْرُ الْمُتَكَبِّرِينَ أَيْ فِي الْمَبْدَأِ ، وَالنَّفْيُ الْعَامُّ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ إذَا اقْتَضَتْهُ النُّصُوصُ أَوْ الْقَوَاعِدُ وَالْكِبْرُ مِنْ أَعْظَمِ ذُنُوبِ الْقَلْبِ نَسْأَلُ اللَّهَ - تَعَالَى - الْعَافِيَةَ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : كُلُّ ذُنُوبِ الْقَلْبِ يَكُونُ مَعَهُ الْفَتْحُ إلَّا الْكِبْرَ ، وَأَمَّا التَّجَمُّلُ فَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا فِي وُلَاةِ الْأُمُورِ وَغَيْرِهِمْ إذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ تَنْفِيذُ الْوَاجِبِ فَإِنَّ الْهَيْئَاتِ الرَّثَّةَ لَا تَحْصُلُ مَعَهَا مَصَالِحُ الْعَامَّةِ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ ، وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا إلَيْهَا فِي الصَّلَوَاتِ وَالْجَمَاعَاتِ وَفِي الْحُرُوبِ لِرَهْبَةِ الْعَدُوِّ وَالْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا ، وَفِي الْعُلَمَاءِ لِتَعْظِيمِ الْعِلْمِ فِي نُفُوسِ النَّاسِ ، وَقَدْ قَالَ
عُمَرُ أُحِبُّ أَنْ أَنْظُرَ إلَى قَارِئِ الْقُرْآنِ أَبْيَضَ الثِّيَابِ وَقَدْ يَكُونُ حَرَامًا إذَا كَانَ وَسِيلَةً لِمُحَرَّمٍ كَمَنْ يَتَزَيَّنُ لِلنِّسَاءِ الْأَجْنَبِيَّاتِ لِيَزْنِيَ بِهِنَّ ، وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا إذَا عَرِيَ عَنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ وَانْقَسَمَ التَّجَمُّلُ إلَى هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ ، وَكَذَلِكَ الْكِبْرُ أَيْضًا قَدْ يَجِبُ عَلَى الْكُفَّارِ فِي الْحُرُوبِ وَغَيْرِهَا ، وَقَدْ يُنْدَبُ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ تَقْلِيلًا لِلْبِدْعَةِ ، وَقَدْ يَحْرُمُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ، وَالْإِبَاحَةُ فِيهِ بَعِيدَةٌ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّجَمُّلِ فِي تَصَوُّرِ الْإِبَاحَةِ فِيهِ أَنَّ أَصْلَ التَّجَمُّلِ الْإِبَاحَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=32قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ } فَإِذَا عُدِمَ الْمُعَارِضُ النَّاقِلُ عَنْ الْإِبَاحَةِ بَقِيَتْ الْإِبَاحَةُ ، وَأَصْلُ الْكِبْرِ التَّحْرِيمُ ، فَإِذَا عُدِمَ الْمُعَارِضُ النَّاقِلُ عَنْ التَّحْرِيمِ اُسْتُصْحِبَ فِيهِ التَّحْرِيمُ فَهَذَا فَرْقٌ ، وَفَرْقٌ آخَرَ أَنَّ الْكِبْرَ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ ، وَالتَّجَمُّلُ
[ ص: 227 ] مِنْ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَسَنُ دُونَ الْكِبْرِ
[ ص: 227 ]