( الفرق الثالث والسبعون والمائتان بين
nindex.php?page=treesubj&link=19735قاعدة ما هو محرم من الدعاء وليس بكفر وبين قاعدة ما ليس محرما ) .
وقد حضرني من المحرم الذي ليس بكفر اثنا عشر قسما ثبت الحصر فيها بالاستقراء فتكون هي
[ ص: 266 ] المحرمة وما عداها ليس محرما عملا بالاستقراء في القسمين ، فإن ظفر أحد بقسم آخر محرم أضافه لهذه الاثني عشر وها أنا أمثل كل قسم بمثله اللائقة به ليقاس عليها نظائرها
:
nindex.php?page=treesubj&link=19735القسم الأول أن يطلب الداعي من الله تعالى المستحيلات التي لا تخل بجلال الربوبية وله أمثلة :
( الأول ) أن
nindex.php?page=treesubj&link=19735يطلب من الله تعالى أن يجعله في مكانين متباعدين في زمن واحد ليكون مطلعا على أحوال الإقليمين فهذا سوء أدب على الله تعالى ولا يطلب من الملوك إلا ما يعلم أنه في قدرتهم ومن فعل غير ذلك فقد عرضهم للعجز لا سيما والعبد مأمور أن لا يطلب إلا ما يتصور وقوعه لئلا يكون متهكما بالربوبية .
[ ص: 267 ] الثاني ) أن
nindex.php?page=treesubj&link=19735يسأل الله تعالى دوام إصابة كلامه من الحكم الدقيقة والعلوم الشريفة أبد الدهر ليفتخر بذلك على سائر الفضلاء وينتفع به أكثر من سائر العلماء .
( الثالث ) أن
nindex.php?page=treesubj&link=19735يسأل الله تعالى الاستغناء في ذاته عن الأعراض ليسلم طول عمره من الآلام والأسقام والأنكاد والمخاوف وغير ذلك من البلايا ، وقد دلت العقول على استحالة جميع ذلك فإذا كانت هذه الأمور مستحيلة في حقه عقلا كان طلبها من الله تعالى سوء أدب عليه ؛ لأن طلبها يعد في العادة تلاعبا وضحكا من المطلوب منه ، والله تعالى يجب له من الإجلال فوق ما يجب لخلقه فما نافى إجلال خلقه أولى أن ينافي جلاله من كل نقص بل قد عاب الله تعالى جميع خلقه بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وما قدروا الله حق قدره } أي ما عظموه حق تعظيمه ، وقال عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29793لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك } أي ثناؤك
[ ص: 268 ] المستحق ثناؤك على نفسك أما ثناء الخلق فلا ؛ لأنه دون المستحق وقس على هذه المثل نظائرها واقض بأنها معصية ولا تصل إلى الكفر لأنها من باب قلة الأدب في المعاملة دون انتهاك حرمة ذي الجلال والعظمة
( الْفَرْقُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ
nindex.php?page=treesubj&link=19735قَاعِدَةِ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ مِنْ الدُّعَاءِ وَلَيْسَ بِكُفْرٍ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَيْسَ مُحَرَّمًا ) .
وَقَدْ حَضَرَنِي مِنْ الْمُحَرَّمِ الَّذِي لَيْسَ بِكُفْرٍ اثْنَا عَشَرَ قِسْمًا ثَبَتَ الْحَصْرُ فِيهَا بِالِاسْتِقْرَاءِ فَتَكُونُ هِيَ
[ ص: 266 ] الْمُحَرَّمَةَ وَمَا عَدَاهَا لَيْسَ مُحَرَّمًا عَمَلًا بِالِاسْتِقْرَاءِ فِي الْقِسْمَيْنِ ، فَإِنْ ظَفِرَ أَحَدٌ بِقِسْمٍ آخَرَ مُحَرَّمٍ أَضَافَهُ لِهَذِهِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَهَا أَنَا أُمَثِّلُ كُلَّ قِسْمٍ بِمُثُلِهِ اللَّائِقَةِ بِهِ لِيُقَاسَ عَلَيْهَا نَظَائِرُهَا
:
nindex.php?page=treesubj&link=19735الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يَطْلُبَ الدَّاعِي مِنْ اللَّهِ تَعَالَى الْمُسْتَحِيلَاتِ الَّتِي لَا تُخِلُّ بِجَلَالِ الرُّبُوبِيَّةِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ :
( الْأَوَّلُ ) أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=19735يَطْلُبَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ لِيَكُونَ مُطَّلِعًا عَلَى أَحْوَالِ الْإِقْلِيمَيْنِ فَهَذَا سُوءُ أَدَبٍ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُطْلَبُ مِنْ الْمُلُوكِ إلَّا مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ فِي قُدْرَتِهِمْ وَمَنْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ عَرَّضَهُمْ لِلْعَجْزِ لَا سِيَّمَا وَالْعَبْدُ مَأْمُورٌ أَنْ لَا يَطْلُبَ إلَّا مَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ لِئَلَّا يَكُونَ مُتَهَكِّمًا بِالرُّبُوبِيَّةِ .
[ ص: 267 ] الثَّانِي ) أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=19735يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى دَوَامَ إصَابَةِ كَلَامِهِ مِنْ الْحِكَمِ الدَّقِيقَةِ وَالْعُلُومِ الشَّرِيفَةِ أَبَدَ الدَّهْرِ لِيَفْتَخِرَ بِذَلِكَ عَلَى سَائِرِ الْفُضَلَاءِ وَيَنْتَفِعَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ .
( الثَّالِثُ ) أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=19735يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى الِاسْتِغْنَاءَ فِي ذَاتِهِ عَنْ الْأَعْرَاضِ لِيَسْلَمَ طُولَ عُمْرِهِ مِنْ الْآلَامِ وَالْأَسْقَامِ وَالْأَنْكَادِ وَالْمَخَاوِفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْبَلَايَا ، وَقَدْ دَلَّتْ الْعُقُولُ عَلَى اسْتِحَالَةِ جَمِيعِ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ مُسْتَحِيلَةً فِي حَقِّهِ عَقْلًا كَانَ طَلَبُهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى سُوءَ أَدَبٍ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ طَلَبَهَا يُعَدُّ فِي الْعَادَةِ تَلَاعُبًا وَضَحِكًا مِنْ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَجِبُ لَهُ مِنْ الْإِجْلَالِ فَوْقَ مَا يَجِبُ لِخَلْقِهِ فَمَا نَافَى إجْلَالَ خَلْقِهِ أَوْلَى أَنْ يُنَافِيَ جَلَالَهُ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ بَلْ قَدْ عَابَ اللَّهُ تَعَالَى جَمِيعَ خَلْقِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } أَيْ مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ تَعْظِيمِهِ ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29793لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك } أَيْ ثَنَاؤُك
[ ص: 268 ] الْمُسْتَحَقُّ ثَنَاؤُك عَلَى نَفْسِك أَمَّا ثَنَاءُ الْخَلْقِ فَلَا ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْمُسْتَحَقِّ وَقِسْ عَلَى هَذِهِ الْمُثُلِ نَظَائِرَهَا وَاقْضِ بِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ وَلَا تَصِلْ إلَى الْكُفْرِ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ قِلَّةِ الْأَدَبِ فِي الْمُعَامَلَةِ دُونَ انْتِهَاكِ حُرْمَةِ ذِي الْجَلَالِ وَالْعَظَمَةِ