( القسم الرابع ) من المحرم الذي ليس بكفر أن يسأل الداعي من الله تعالى ثبوت أمر دل السمع على ثبوته وله أمثلة : الأول أن يقول الداعي جعل الله موت من مات لك من أولادك حجابا من النار ، وقد دل الحديث الصحيح على أن { من مات له اثنان من الولد كانا حجابا له من النار } فيكون هذا الدعاء معصية ، فإن قلت قد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ندعو له بقوله اللهم آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد ، وقد ورد في الحديث الصحيح أن الوسيلة درجة في الجنة لعبد صالح وأرجو أن أكون إياه وأن المقام المحمود هو الشفاعة ، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أعطيها فيلزم أحد الأمرين إما إباحة الدعاء بما هو ثابت وإما الإشكال على الإخبار على كونه عليه السلام أعطيها قلت ذكر العلماء في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم أنه أعطي هذه الأمور مرتبة على دعائنا وأعلم أن دعاءنا يحصل له ذلك فحسن أمرنا بالدعاء له ؛ لأنه سبب [ ص: 281 ] هذه الأمور وحسن الإخبار بحصولها ؛ لأنه أعلم بوقوع سبب حصولها والمحرم إنما هو الدعاء بحصول شيء قد علم حصوله من غير دعائنا فاندفع الإشكال .
( الثاني ) أن يقول الداعي اللهم اجعل صوم عاشوراء يكفر لي سنة ، وقد جاء في الحديث الصحيح أن { صوم يوم عرفة يكفر سنتين وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة } فلا يجوز طلب شيء من ذلك .
( الثالث ) أن يقول اللهم اجعل صلواتي كفارات لما بينهن ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح { الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما } فيكون الدعاء بذلك معصية لما مر وألحق بهذه المثل نظائرها


