( الفرق الرابع عشر والمائتان بين قاعدة الكذب وقاعدة
nindex.php?page=treesubj&link=18782الوعد وما يجب الوفاء به منه وما لا يجب )
قال الله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=2يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } والوعد إذا أخلف قول لم يفعل فيلزم أن يكون كذبا محرما ، وأن يحرم
nindex.php?page=treesubj&link=18783_18789إخلاف الوعد مطلقا .
وقال عليه السلام من {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87485علامة المنافق ثلاث إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا وعد أخلف } فذكره في سياق الذم دليل على التحريم ، ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ، وعد المؤمن واجب أي وعده واجب الوفاء به
[ ص: 21 ] وفي الموطإ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87486قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكذب لامرأتي فقال صلى الله عليه وسلم لا خير في الكذب فقال يا رسول الله أفأعدها ، وأقول لها فقال عليه السلام لا جناح عليك } فمنعه من الكذب المتعلق بالمستقبل فإن رضى النساء إنما يحصل به ، ونفى الجناح على الوعد ، وهو يدل على أمرين : ( أحدهما ) أن إخلاف الوعد لا يسمى كذبا لجعله قسيم الكذب
( وثانيها ) أن إخلاف الوعد لا حرج فيه
[ ص: 22 ]
ولو كان المقصود الوعد الذي يفي به لما احتاج للسؤال عنه ، ولما ذكره مقرونا بالكذب ، ولكن قصده إصلاح حال امرأته بما لا يفعله فتخيل الحرج في ذلك فاستأذن عليه ، وفي
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود قال عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87487إذا وعد أحدكم أخاه ، ومن نيته أن يفي فلم يف فلا شيء عليه } فهذه الأدلة تقتضي عدم الوفاء بالوعد ، وأن ذلك مباح ، والكذب ليس بمباح فلا يكون الوعد يدخله الكذب عكس الأدلة الأول ، واعلم أنا إذا فسرنا الكذب بالخبر الذي لا يطابق لزم دخول الكذب في الوعد بالضرورة مع أن ظاهر الحديث يأباه ، وكذلك التأثيم فمن الفقهاء من قال الكذب يختص بالماضي والحاضر ، والوعد إنما يتعلق بالمستقبل فلا يدخله الكذب ، وسيأتي الجواب عن الآية ونحوها إن شاء الله
[ ص: 23 ] تعالى ، ومنهم من يقول لم يتعين عدم المطابقة في المستقبل بسبب أن المستقبل زمان يقبل الوجود والعدم ، ولم يقع فيه بعد وجود ولا عدم فلا يوصف الخبر عند الإطلاق بعدم المطابقة ، ولا بالمطابقة لأنه لم يقع بعد ما يقتضي أحدهما ، وحيث قلنا الصدق القول المطابق ، والكذب القول الذي ليس بمطابق ظاهر في وقوع وصف المطابقة أو عدمها بالفعل ، وذلك مختص بالحال والماضي .
وأما المستقبل فليس فيه إلا قبول المطابقة وعدمها ، ونحن متى حددنا بوصف نحو قولنا في الإنسان الحيوان الناطق أو نحوه إنما نريد الحياة والنطق بالفعل لا بالقوة ، وإلا لكان كله إنسانا لأنه قابل للحياة ، والنطق ، وهذا التعليل يؤيد القول الأول
[ ص: 24 ] ومنهم من يقول الكل يدخله الكذب ، وإنما سومح في الوعد تكثيرا للعدة بالمعروف فعلى هذا القول لا فرق بين الكذب والوعد ، والأول هو الذي ظهر لي لعدم تعين المطابقة وعدمها اللذين هما ضابطا الصدق والكذب ، وعلى ذلك يقع الفرق بينه وبين الكذب وبين الصدق فلا يوصف بواحد منهما ، ويختص بالماضي والحاضر فإن قلت يلزم ذلك في وعد الشرائع ووعيدها فلا يوصفان بواحد منهما ، وليس كذلك لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وعدكم وعد الحق } ، وصدق الله وعده {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=74الحمد لله الذي صدقنا وعده ، وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء } {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44هل وجدتم ما وعد ربكم حقا } إلى غير ذلك من النصوص الدالة على
nindex.php?page=treesubj&link=18784دخول الصدق في وعد الله تعالى ووعيده ، والأصل في الاستعمال الحقيقة (
قلت ) الله تعالى يخبر عن معلوم ، وكل ما تعلق به العلم تجب مطابقته بخلاف واحد من البشر إنما ألزم نفسه أن يفعل مع تجويز أن يقع ذلك منه ، وأن لا يقع فلا تكون المطابقة وعدمها معلومين ، ولا واقعين فانتفيا بالكلية وقت الإخبار ، واعلم أن الفقهاء اختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=18789الوعد هل يجب الوفاء به شرعا أم لا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إذا سألك أن تهب له دينارا فقلت نعم ثم بدا لك
[ ص: 25 ] لا يلزمك ، ولو كان افتراق الغرماء عن وعد وإشهاد لأجله لزمك لإبطالك مغرما بالتأخير قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون الذي يلزم من الوعد قوله اهدم دارك ، وأنا أسلفك ما تبني به أو اخرج إلى الحج ، وأنا أسلفك أو اشتر سلعة أو تزوج امرأة ، وأنا أسلفك لأنك أدخلته بوعدك في ذلك أما مجرد الوعد فلا يلزم الوفاء به بل الوفاء من مكارم الأخلاق .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ يقضى عليك به تزوج الموعود أم لا ، وكذا أسلفني لأشتري سلعة كذا لزمك تسبب في ذلك أم لا ، والذي لا يلزم من ذلك أن تعده من غير ذكر سبب فيقول لك أسلفني كذا فتقول نعم بذلك قضى
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، وإن وعدت غريمك بتأخر الدين لزمك لأنه إسقاط لازم للحق سواء قلت له أؤخرك أو أخرتك ، وإذا أسلفته فعليك تأخيره مدة تصلح لذلك ، وحينئذ نقول وجه الجمع بين الأدلة المتقدمة التي يقتضي بعضها الوفاء به ، وبعضها عدم الوفاء به أنه إن أدخله في سبب يلزم بوعده لزم كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وابن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون أو وعده مقرونا بذكر السبب كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ لتأكد العزم على الدفع حينئذ ويحمل عدم اللزوم على خلاف ذلك مع أنه قد قيل في الآية إنها نزلت في قوم كانوا يقولون جاهدنا ، وما جاهدوا ، وفعلنا أنواعا من الخيرات ، وما فعلوها ، ولا شك أن هذا محرم لأنه كذب ، ولأنه تسميع بطاعة الله تعالى ، وكلاهما محرم ومعصية اتفاقا .
وأما ما ذكر من الإخلاف في
nindex.php?page=treesubj&link=18783_19241صفة المنافق فمعناه أنه سجية له ، ومقتضى حاله الإخلاف ، ومثل هذه السجية يحسن الذم بها كما يقال سجيته تقتضي البخل والمنع فمن كانت صفاته تحث على الخير مدح أو تحث على الشر ذم شرعا وعرفا ، واعلم أنه لا بد في هذا الفرق من مخالفة بعض الظواهر إن جعلنا الوعد يدخله الكذب بطل {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87488لقوله عليه السلام للسائل لما قال له أأكذب لامرأتي قال لا خير في الكذب } ، وأباح له الوعد ، وهو ظاهر في أنه ليس بكذب ، ولا يدخله الكذب ، ولأن الكذب حرام إجماعا فيلزم معصيته فيجب الوفاء به نفيا للمعصية ، وليس كذلك .
وإن قلنا إن الكذب لا يدخله ، ورد علينا ظواهر وعد الله ووعيده فلا بد من الجمع بينهما ، وما ذكرته أقرب الطرق في ذلك .
[ ص: 26 ]
( الْفَرْقُ الرَّابِعَ عَشَرَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْكَذِبِ وَقَاعِدَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=18782الْوَعْدِ وَمَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مِنْهُ وَمَا لَا يَجِبُ )
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=2يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } وَالْوَعْدُ إذَا أُخْلِفَ قَوْلٌ لَمْ يُفْعَلْ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كَذِبًا مُحَرَّمًا ، وَأَنْ يَحْرُمَ
nindex.php?page=treesubj&link=18783_18789إخْلَافُ الْوَعْدِ مُطْلَقًا .
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87485عَلَامَةِ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ } فَذِكْرُهُ فِي سِيَاقِ الذَّمِّ دَلِيلٌ عَلَى التَّحْرِيمِ ، وَيُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ، وَعْدُ الْمُؤْمِنِ وَاجِبٌ أَيْ وَعْدُهُ وَاجِبُ الْوَفَاءِ بِهِ
[ ص: 21 ] وَفِي الْمُوَطَّإِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87486قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْذِبُ لِامْرَأَتِي فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا خَيْرَ فِي الْكَذِبِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأَعِدُهَا ، وَأَقُولُ لَهَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا جُنَاحَ عَلَيْك } فَمَنَعَهُ مِنْ الْكَذِبِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّ رِضَى النِّسَاءِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ ، وَنَفَى الْجُنَاحَ عَلَى الْوَعْدِ ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَمْرَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) أَنَّ إخْلَافَ الْوَعْدِ لَا يُسَمَّى كَذِبًا لِجَعْلِهِ قَسِيمَ الْكَذِبِ
( وَثَانِيهَا ) أَنَّ إخْلَافَ الْوَعْدِ لَا حَرَجَ فِيهِ
[ ص: 22 ]
وَلَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْوَعْدَ الَّذِي يَفِي بِهِ لَمَا احْتَاجَ لِلسُّؤَالِ عَنْهُ ، وَلَمَا ذَكَرَهُ مَقْرُونًا بِالْكَذِبِ ، وَلَكِنْ قَصْدُهُ إصْلَاحُ حَالِ امْرَأَتِهِ بِمَا لَا يَفْعَلُهُ فَتَخَيَّلَ الْحَرَجَ فِي ذَلِكَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ، وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبِي دَاوُد قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87487إذَا وَعَدَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ، وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِيَ فَلَمْ يَفِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ } فَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ تَقْتَضِي عَدَمَ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ ، وَالْكَذِبُ لَيْسَ بِمُبَاحٍ فَلَا يَكُونُ الْوَعْدُ يَدْخُلُهُ الْكَذِبُ عَكْسُ الْأَدِلَّةِ الْأُوَلِ ، وَاعْلَمْ أَنَّا إذَا فَسَّرْنَا الْكَذِبَ بِالْخَبَرِ الَّذِي لَا يُطَابِقُ لَزِمَ دُخُولُ الْكَذِبِ فِي الْوَعْدِ بِالضَّرُورَةِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ يَأْبَاهُ ، وَكَذَلِكَ التَّأْثِيمُ فَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ قَالَ الْكَذِبُ يَخْتَصُّ بِالْمَاضِي وَالْحَاضِرَ ، وَالْوَعْدُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَدْخُلُهُ الْكَذِبُ ، وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْ الْآيَةِ وَنَحْوِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ
[ ص: 23 ] تَعَالَى ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَدَمُ الْمُطَابَقَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِسَبَبِ أَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ زَمَانٌ يَقْبَلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ ، وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ بُعْدُ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ فَلَا يُوصَفُ الْخَبَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِعَدَمِ الْمُطَابَقَةِ ، وَلَا بِالْمُطَابَقَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَعْدُ مَا يَقْتَضِي أَحَدَهُمَا ، وَحَيْثُ قُلْنَا الصِّدْقُ الْقَوْلُ الْمُطَابِقُ ، وَالْكَذِبُ الْقَوْلُ الَّذِي لَيْسَ بِمُطَابِقٍ ظَاهِرٌ فِي وُقُوعِ وَصْفِ الْمُطَابَقَةِ أَوْ عَدَمِهَا بِالْفِعْلِ ، وَذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالْحَالِ وَالْمَاضِي .
وَأَمَّا الْمُسْتَقْبَلُ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا قَبُولُ الْمُطَابَقَةِ وَعَدَمِهَا ، وَنَحْنُ مَتَى حَدَّدْنَا بِوَصْفٍ نَحْوِ قَوْلِنَا فِي الْإِنْسَانِ الْحَيَوَانُ النَّاطِقُ أَوْ نَحْوُهُ إنَّمَا نُرِيدُ الْحَيَاةَ وَالنُّطْقَ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقُوَّةِ ، وَإِلَّا لَكَانَ كُلُّهُ إنْسَانًا لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلْحَيَاةِ ، وَالنُّطْقِ ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ
[ ص: 24 ] وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ الْكُلُّ يَدْخُلُهُ الْكَذِبُ ، وَإِنَّمَا سُومِحَ فِي الْوَعْدِ تَكْثِيرًا لِلْعِدَةِ بِالْمَعْرُوفِ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَذِبِ وَالْوَعْدِ ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي ظَهَرَ لِي لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمُطَابَقَةِ وَعَدَمِهَا اللَّذَيْنِ هُمَا ضَابِطَا الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ ، وَعَلَى ذَلِكَ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَذِبِ وَبَيْنَ الصِّدْقِ فَلَا يُوصَفُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَيَخْتَصُّ بِالْمَاضِي وَالْحَاضِرِ فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي وَعْدِ الشَّرَائِعِ وَوَعِيدِهَا فَلَا يُوصَفَانِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ } ، وَصَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=74الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ ، وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا } إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=18784دُخُولِ الصِّدْقِ فِي وَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَعِيدِهِ ، وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ (
قُلْت ) اللَّهُ تَعَالَى يُخْبِرُ عَنْ مَعْلُومٍ ، وَكُلُّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْعِلْمُ تَجِبُ مُطَابَقَتُهُ بِخِلَافِ وَاحِدٍ مِنْ الْبَشَرِ إنَّمَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَعَ تَجْوِيزِ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ ، وَأَنْ لَا يَقَعَ فَلَا تَكُونُ الْمُطَابَقَةُ وَعَدَمُهَا مَعْلُومَيْنِ ، وَلَا وَاقِعَيْنِ فَانْتَفَيَا بِالْكُلِّيَّةِ وَقْتَ الْإِخْبَارِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=18789الْوَعْدِ هَلْ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ شَرْعًا أَمْ لَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ إذَا سَأَلَك أَنْ تَهَبَ لَهُ دِينَارًا فَقُلْت نَعَمْ ثُمَّ بَدَا لَك
[ ص: 25 ] لَا يَلْزَمُك ، وَلَوْ كَانَ افْتِرَاقُ الْغُرَمَاءِ عَنْ وَعْدٍ وَإِشْهَادٍ لِأَجْلِهِ لَزِمَك لِإِبْطَالِك مَغْرَمًا بِالتَّأْخِيرِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ الْوَعْدِ قَوْلُهُ اهْدِمْ دَارَك ، وَأَنَا أُسَلِّفُك مَا تَبْنِي بِهِ أَوْ اُخْرُجْ إلَى الْحَجِّ ، وَأَنَا أُسَلِّفُك أَوْ اشْتَرِ سِلْعَةً أَوْ تَزَوَّجْ امْرَأَةً ، وَأَنَا أُسَلِّفُك لِأَنَّك أَدْخَلْته بِوَعْدِك فِي ذَلِكَ أَمَّا مُجَرَّدُ الْوَعْدِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ بَلْ الْوَفَاءُ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12322أَصْبَغُ يُقْضَى عَلَيْك بِهِ تَزَوَّجَ الْمَوْعُودُ أَمْ لَا ، وَكَذَا أَسْلِفْنِي لِأَشْتَرِيَ سِلْعَةَ كَذَا لَزِمَك تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا ، وَاَلَّذِي لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَعِدَهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ فَيَقُولَ لَك أَسْلِفْنِي كَذَا فَتَقُولَ نَعَمْ بِذَلِكَ قَضَى
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَإِنْ وَعَدْت غَرِيمَك بِتَأَخُّرِ الدَّيْنِ لَزِمَك لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لَازِمٌ لِلْحَقِّ سَوَاءٌ قُلْت لَهُ أُؤَخِّرُك أَوْ أَخَّرْتُك ، وَإِذَا أَسْلَفْته فَعَلَيْك تَأْخِيرُهُ مُدَّةً تَصْلُحُ لِذَلِكَ ، وَحِينَئِذٍ نَقُولُ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي يَقْتَضِي بَعْضُهَا الْوَفَاءَ بِهِ ، وَبَعْضُهَا عَدَمَ الْوَفَاءِ بِهِ أَنَّهُ إنْ أَدْخَلَهُ فِي سَبَبٍ يَلْزَمُ بِوَعْدِهِ لَزِمَ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ nindex.php?page=showalam&ids=15968وَسَحْنُونٌ أَوْ وَعَدَهُ مَقْرُونًا بِذِكْرِ السَّبَبِ كَمَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12322أَصْبَغُ لِتَأَكُّدِ الْعَزْمِ عَلَى الدَّفْعِ حِينَئِذٍ وَيُحْمَلُ عَدَمُ اللُّزُومِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ فِي الْآيَةِ إنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ كَانُوا يَقُولُونَ جَاهَدْنَا ، وَمَا جَاهَدُوا ، وَفَعَلْنَا أَنْوَاعًا مِنْ الْخَيْرَاتِ ، وَمَا فَعَلُوهَا ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ لِأَنَّهُ كَذِبٌ ، وَلِأَنَّهُ تَسْمِيعٌ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَكِلَاهُمَا مُحَرَّمٌ وَمَعْصِيَةٌ اتِّفَاقًا .
وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِخْلَافِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=18783_19241صِفَةِ الْمُنَافِقِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ سَجِيَّةٌ لَهُ ، وَمُقْتَضَى حَالِهِ الْإِخْلَافُ ، وَمِثْلُ هَذِهِ السَّجِيَّةِ يَحْسُنُ الذَّمُّ بِهَا كَمَا يُقَالُ سَجِيَّتُهُ تَقْتَضِي الْبُخْلَ وَالْمَنْعَ فَمَنْ كَانَتْ صِفَاتُهُ تَحُثُّ عَلَى الْخَيْرِ مُدِحَ أَوْ تَحُثُّ عَلَى الشَّرِّ ذُمَّ شَرْعًا وَعُرْفًا ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي هَذَا الْفَرْقِ مِنْ مُخَالَفَةِ بَعْضِ الظَّوَاهِرِ إنْ جَعَلْنَا الْوَعْدَ يَدْخُلُهُ الْكَذِبُ بَطَلَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87488لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلسَّائِلِ لَمَّا قَالَ لَهُ أَأَكْذِبُ لِامْرَأَتِي قَالَ لَا خَيْرَ فِي الْكَذِبِ } ، وَأَبَاحَ لَهُ الْوَعْدَ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِكَذِبٍ ، وَلَا يَدْخُلُهُ الْكَذِبُ ، وَلِأَنَّ الْكَذِبَ حَرَامٌ إجْمَاعًا فَيَلْزَمُ مَعْصِيَتُهُ فَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ نَفْيًا لِلْمَعْصِيَةِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْكَذِبَ لَا يَدْخُلُهُ ، وَرُدَّ عَلَيْنَا ظَوَاهِرُ وَعْدِ اللَّهِ وَوَعِيدِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ، وَمَا ذَكَرْته أَقْرَبُ الطُّرُقِ فِي ذَلِكَ .
[ ص: 26 ]