( الفرق الثالث والعشرون والمائتان بين قاعدة
nindex.php?page=treesubj&link=15158_20295ما ينفذ من تصرفات الولاة والقضاة وبين قاعدة ما لا ينفذ من ذلك ، وهو خمسة أقسام )
( القسم الأول )
nindex.php?page=treesubj&link=15158ما لم تتناوله الولاية بالأصالة اعلم أن كل من ولي ولاية الخلافة فما دونها إلى الوصية لا يحل له أن يتصرف إلا بجلب مصلحة أو درء مفسدة لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } ولقوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87295من ولي من أمور أمتي شيئا ثم لم يجتهد لهم ، ولم ينصح فالجنة عليه حرام } فيكون الأئمة والولاة معزولين عما ليس فيه بذل الجهد ، والمرجوح أبدا ليس بالأحسن بل الأحسن ضده ، وليس الأخذ به بذلا للاجتهاد بل الأخذ بضده فقد حجر الله تعالى على الأوصياء التصرف فيما هو ليس بأحسن مع قلة الفائت من المصلحة في ولايتهم لخستها بالنسبة إلى الولاة والقضاة فأولى أن يحجر على الولاة والقضاة في ذلك ، ومقتضى هذه النصوص أن يكون الجميع معزولين عن المفسدة الراجحة والمصلحة المرجوحة والمساوية ، وما لا مفسدة فيه ، ولا مصلحة لأن هذه الأقسام الأربعة ليست من باب ما هو أحسن ، وتكون الولاية إنما تتناول جلب المصلحة الخالصة أو الراجحة ، ودرء المفسدة الخالصة أو الراجحة فأربعة معتبرة ، وأربعة ساقطة ، ولهذه القاعدة قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه لا يبيع الوصي صاعا بصاع لأنه لا فائدة في ذلك ، ولا يفعل الخليفة ذلك في أموال المسلمين ، ويجب عليه
nindex.php?page=treesubj&link=15067_15068_15154عزل الحاكم إذا ارتاب فيه دفعا لمفسدة الريبة عن المسلمين .
ويعزل المرجوح عند وجود الراجح تحصيلا لمزيد المصلحة للمسلمين ، واختلف في عزل أحد المساويين بالآخر فقيل يمتنع لأنه ليس أصلح للمسلمين ، ولأنه يؤذي المعزول بالعزل والتهم من الناس ، ولأن ترك الفساد أولى من تحصيل الصلاح للمتولى .
وأما الإنسان في نفسه فيجوز له ذلك فيما يختص به حصلت مصلحة أم لا فللإنسان أن يبيع صاعا بصاع ، وما يساوي ألفا بمائة فإن قلت تجويز ذلك يوجب أن يلتبس من يحجر عليه بمن لا يحجر عليه ، ويلتبس الرشيد بالسفيه لأن السفيه هو
[ ص: 40 ] الذي يفعل ذلك قلت لا نسلم أنا نحجر على من يفوت المصلحة كيف كانت بل ضابط ما يحجر به أن كل تصرف خرج عن العادة ، ولم يستجلب به حمدا شرعيا ، وقد تكرر منه فإنه يحجر به ، والقيد الثاني احتراز من استجلاب حمد الشراب والمساخر ، والثالث احتراز عن رمي درهم في البحر فإنه لا يحجر عليه حتى يتكرر ذلك منه تكررا يدل على سفهه وعدم اكترائه بالمال إذا تقرر هذا القسم الذي لا ينفذ لعدم تناول الولاية له فيلحق به القضاء من القاضي بغير عمله فإنه لا تتناوله الولاية لأن صحة التصرف إنما يستفاد من عقد الولاية ، وعقد الولاية إنما يتناول منصبا معينا ، وبلدا معينا فكان معزولا عما عداه لا ينفذ فيه حكمه ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم .
وما علمت فيه خلافا ، وفي الجواهر
nindex.php?page=treesubj&link=15172_16319إن شافه قاض قاضيا لم يكف في ثبوت ذلك الحكم لأن أحدهما بغير عمله فلا يؤثر إسماعه وسماعه إلا إذا كانا قاضيين ببلدة واحدة أو تجاذبا في ذلك في طرفي ولايتهما فيكون ذلك أقوى من الشهادة على كتاب القاضي فيعتمد ، وفي هذا القسم فروع في كتب الفقه .
( الْفَرْقُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=15158_20295مَا يُنَفَّذُ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُنَفَّذُ مِنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ )
( الْقِسْمُ الْأَوَّلُ )
nindex.php?page=treesubj&link=15158مَا لَمْ تَتَنَاوَلْهُ الْوِلَايَةُ بِالْأَصَالَةِ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ وِلَايَةَ الْخِلَافَةِ فَمَا دُونَهَا إلَى الْوَصِيَّةِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ إلَّا بِجَلْبِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَرْءِ مَفْسَدَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87295مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ أُمَّتِي شَيْئًا ثُمَّ لَمْ يَجْتَهِدْ لَهُمْ ، وَلَمْ يَنْصَحْ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ } فَيَكُونُ الْأَئِمَّةُ وَالْوُلَاةُ مَعْزُولِينَ عَمَّا لَيْسَ فِيهِ بَذْلُ الْجَهْدِ ، وَالْمَرْجُوحُ أَبَدًا لَيْسَ بِالْأَحْسَنِ بَلْ الْأَحْسَنُ ضِدُّهُ ، وَلَيْسَ الْأَخْذُ بِهِ بَذْلًا لِلِاجْتِهَادِ بَلْ الْأَخْذُ بِضِدِّهِ فَقَدْ حَجَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْأَوْصِيَاءِ التَّصَرُّفَ فِيمَا هُوَ لَيْسَ بِأَحْسَنَ مَعَ قِلَّةِ الْفَائِتِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ فِي وِلَايَتِهِمْ لِخِسَّتِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ فَأَوْلَى أَنْ يَحْجُرَ عَلَى الْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ فِي ذَلِكَ ، وَمُقْتَضَى هَذِهِ النُّصُوصِ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ مَعْزُولِينَ عَنْ الْمَفْسَدَةِ الرَّاجِحَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الْمَرْجُوحَةِ وَالْمُسَاوِيَةِ ، وَمَا لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ ، وَلَا مَصْلَحَةَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ مَا هُوَ أَحْسَنُ ، وَتَكُونُ الْوِلَايَةُ إنَّمَا تَتَنَاوَلُ جَلْبَ الْمَصْلَحَةِ الْخَالِصَةِ أَوْ الرَّاجِحَةِ ، وَدَرْءُ الْمَفْسَدَةِ الْخَالِصَةِ أَوْ الرَّاجِحَةِ فَأَرْبَعَةٌ مُعْتَبَرَةٌ ، وَأَرْبَعَةٌ سَاقِطَةٌ ، وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ صَاعًا بِصَاعٍ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ ، وَلَا يَفْعَلُ الْخَلِيفَةُ ذَلِكَ فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ
nindex.php?page=treesubj&link=15067_15068_15154عَزْلُ الْحَاكِمِ إذَا ارْتَابَ فِيهِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الرِّيبَةِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ .
وَيُعْزَلُ الْمَرْجُوحُ عِنْدَ وُجُودِ الرَّاجِحِ تَحْصِيلًا لِمَزِيدِ الْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَاخْتُلِفَ فِي عَزْلِ أَحَدِ الْمُسَاوِيَيْنِ بِالْآخَرِ فَقِيلَ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَصْلَحَ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَلِأَنَّهُ يُؤْذِي الْمَعْزُولَ بِالْعَزْلِ وَالتُّهَمِ مِنْ النَّاسِ ، وَلِأَنَّ تَرْكَ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ تَحْصِيلِ الصَّلَاحِ لِلْمُتَوَلَّى .
وَأَمَّا الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ حَصَلَتْ مَصْلَحَةٌ أَمْ لَا فَلِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبِيعَ صَاعًا بِصَاعٍ ، وَمَا يُسَاوِي أَلْفًا بِمِائَةٍ فَإِنْ قُلْت تَجْوِيزُ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يَلْتَبِسَ مَنْ يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِمَنْ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ ، وَيَلْتَبِسُ الرَّشِيدُ بِالسَّفِيهِ لِأَنَّ السَّفِيهَ هُوَ
[ ص: 40 ] الَّذِي يَفْعَلُ ذَلِكَ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّا نَحْجُرُ عَلَى مَنْ يُفَوِّتُ الْمَصْلَحَةَ كَيْفَ كَانَتْ بَلْ ضَابِطُ مَا يُحْجَرُ بِهِ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ ، وَلَمْ يَسْتَجْلِبْ بِهِ حَمْدًا شَرْعِيًّا ، وَقَدْ تَكَرَّرَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ بِهِ ، وَالْقَيْدُ الثَّانِي احْتِرَازٌ مِنْ اسْتِجْلَابِ حَمْدِ الشُّرَّابِ وَالْمَسَاخِرِ ، وَالثَّالِثُ احْتِرَازٌ عَنْ رَمْيِ دِرْهَمٍ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ تَكَرُّرًا يَدُلُّ عَلَى سَفَهِهِ وَعَدَمِ اكْتِرَائِهِ بِالْمَالِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا الْقِسْمُ الَّذِي لَا يَنْفُذُ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْوِلَايَةِ لَهُ فَيَلْحَقُ بِهِ الْقَضَاءُ مِنْ الْقَاضِي بِغَيْرِ عَمَلِهِ فَإِنَّهُ لَا تَتَنَاوَلُهُ الْوِلَايَةُ لِأَنَّ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ إنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عَقْدِ الْوِلَايَةِ ، وَعَقْدُ الْوِلَايَةِ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَنْصِبًا مُعَيَّنًا ، وَبَلَدًا مُعَيَّنًا فَكَانَ مَعْزُولًا عَمَّا عَدَاهُ لَا يَنْفُذُ فِيهِ حُكْمُهُ ، وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
وَمَا عَلِمْت فِيهِ خِلَافًا ، وَفِي الْجَوَاهِرِ
nindex.php?page=treesubj&link=15172_16319إنْ شَافَهَ قَاضٍ قَاضِيًا لَمْ يَكْفِ فِي ثُبُوتِ ذَلِكَ الْحُكْمِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا بِغَيْرِ عَمَلِهِ فَلَا يُؤَثِّرُ إسْمَاعُهُ وَسَمَاعُهُ إلَّا إذَا كَانَا قَاضِيَيْنِ بِبَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ تَجَاذَبَا فِي ذَلِكَ فِي طَرَفَيْ وِلَايَتِهِمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ أَقْوَى مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي فَيُعْتَمَدُ ، وَفِي هَذَا الْقِسْمِ فُرُوعٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ .