[ ص: 86 ] نص كلام
ابن القيم في
nindex.php?page=treesubj&link=28677_29437تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر
قال
ابن القيم في "شرح المنازل" في باب التوبة: وأما الشرك، فهو نوعان :
شرك أكبر وأصغر.
فالأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهو أن يتخذ من دون الله ندا يحبه كما يحب الله، بل أكثرهم يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله، ويغضبون لمنتقص معبودهم من المشايخ أعظم مما يغضبون إذا ما انتقص أحد رب العالمين، وقد شاهدنا هذا نحن وغيرنا منهم جهرة.
ونرى أحدهم قد اتخذ ذكر معبوده على لسانه، إن قام، وإن قعد، وإن عثر. وهو لا ينكر ذلك، ويزعم أنه باب حاجته إلى الله، وشفيعه عنده، وهكذا كان عباد الأصنام سواء.
وهذا القدر هو الذي قام بقلوبهم، وتوارثه المشركون بحسب اختلاف آلهتهم.
فأولئك كانت آلهتهم من الحجر، وغيرهم اتخذها من البشر، قال الله تعالى حاكيا عن أسلاف هؤلاء:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ، فهكذا حال من اتخذ من دون الله وليا، يزعم أنه يقربه إلى الله تعالى.
وما أعز من تخلص من هذا!! بل ما أعز من يعادي من أنكره!!
والذي قام بقلوب هؤلاء المشركين: أن آلهتهم تشفع لهم عند الله، وهذا غير الشرك، وقد أنكر الله ذلك في كتابه، وأبطله، وأخبر أن الشفاعة كلها له.
ثم ذكر الآية التي في سورة سبأ، وهي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ، وتكلم عليها، ثم قال :
[ ص: 87 ] والقرآن مملوء من أمثالها، ولكن أكثر الناس لا يشعرون بدخول الواقع تحته، ويظنه في قوم قد خلوا ولم يعقبوا وارثا.
[ ص: 86 ] نَصُّ كَلَامِ
ابْنِ الْقَيِّمِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28677_29437تَقْسِيمِ الشِّرْكِ إِلَى أَكْبَرَ وَأَصْغَرَ
قَالَ
ابْنُ الْقَيِّمِ فِي "شَرْحِ الْمَنَازِلِ" فِي بَابِ التَّوْبَةِ: وَأَمَّا الشِّرْكُ، فَهُوَ نَوْعَانِ :
شِرْكٌ أَكْبَرُ وَأَصْغَرُ.
فَالْأَكْبَرُ لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ مِنْهُ، وَهُوَ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا يُحِبُّهُ كَمَا يُحِبُّ اللَّهَ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ يُحِبُّونَ آلِهَتَهُمْ أَعْظَمَ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ، وَيَغْضَبُونَ لِمُنْتَقِصِ مَعْبُودِهِمْ مِنَ الْمَشَايِخِ أَعْظَمَ مِمَّا يَغْضَبُونَ إِذَا مَا انْتَقَصَ أَحَدٌ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَقَدْ شَاهَدْنَا هَذَا نَحْنُ وَغَيْرُنَا مِنْهُمْ جَهْرَةً.
وَنَرَى أَحَدَهُمْ قَدِ اتَّخَذَ ذِكْرَ مَعْبُودِهِ عَلَى لِسَانِهِ، إِنْ قَامَ، وَإِنْ قَعَدَ، وَإِنْ عَثَرَ. وَهُوَ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ بَابُ حَاجَتِهِ إِلَى اللَّهِ، وَشَفِيعُهُ عِنْدَهُ، وَهَكَذَا كَانَ عُبَّادُ الْأَصْنَامِ سَوَاءً.
وَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ الَّذِي قَامَ بِقُلُوبِهِمْ، وَتَوَارَثَهُ الْمُشْرِكُونَ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ آلِهَتِهِمْ.
فَأُولَئِكَ كَانَتْ آلِهَتُهُمْ مِنَ الْحَجَرِ، وَغَيْرُهُمُ اتَّخَذَهَا مِنَ الْبَشَرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ أَسْلَافِ هَؤُلَاءِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهِ لا يَهْدِي مِنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ، فَهَكَذَا حَالُ مَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا، يَزْعُمُ أَنَّهُ يُقَرِّبُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَمَا أَعَزَّ مَنْ تَخَلَّصَ مِنْ هَذَا!! بَلْ مَا أَعَزَّ مَنْ يُعَادِي مَنْ أَنْكَرَهُ!!
وَالَّذِي قَامَ بِقُلُوبِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ: أَنَّ آلِهَتَهُمْ تَشْفَعُ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، وَهَذَا غَيْرُ الشِّرْكِ، وَقَدْ أَنْكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، وَأَبْطَلَهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ كُلَّهَا لَهُ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ سَبَأٍ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ ، وَتَكَلَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ :
[ ص: 87 ] وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ أَمْثَالِهَا، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْعُرُونَ بِدُخُولِ الْوَاقِعِ تَحْتَهُ، وَيَظُنُّهُ فِي قَوْمٍ قَدْ خَلَوْا وَلَمْ يَعْقُبُوا وَارِثًا.