الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بيان حكم الغناء واستعمال آلات اللهو والطرب

قال - تبارك وتعالى -: ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين : [لقمان: 6]، فسر ابن عباس، والحسن "لهو الحديث" بالملاهي، و "الملاهي" تطلق على الغناء والمزامير غالبا. انتهى.

قال في "فتح البيان" : لهو الحديث: كل باطل يلهي ويشغل عن الخير; من الغناء، والملاهي، والأحاديث المكذوبة، والأضاحيك، والسمر بالأساطير التي لا أصل لها، والخرافات الكلامية، والقصص المختلقة، والمعازف، والمزامير، وكل ما هو منكر من القول.

والإضافة بيانية; أي: اللهو من الحديث; لأن اللهو يكون حديثا وغيره، وهذا أبلغ من حذف المضاف وقيل: المراد: شراء القينات المغنيات والمغنين، فيكون التقدير: من يشري أهل لهو الحديث.

قال الحسن: هو المعازف والغناء. وروي عنه: أنه قال: هو الكفر والشرك، وفيه بعد.

والمراد بـ "الحديث: الحديث المنكر، المعنى: يختارون حديث الباطل على الحديث الحق.

[ ص: 385 ] قال القرطبي: إن أولى ما قيل في هذا الباب هو تفسير "لهو الحديث" بالغناء. قال: وهو قول الصحابة والتابعين.

قال ابن عباس: "لهو الحديث" : باطله، وهو النضر بن الحارث بن علقمة، اشترى أحاديث الأعاجم وأخبار الأكاسرة وصنيعهم في دهرهم، وكان يكتب الكتب من الحيرة إلى الشام، ويحدث بها قريشا، ويكذب القرآن.

وعنه قال: هو الغناء وأشباهه. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" . وعنه قال: الجواري الضاربات.

وعن ابن مسعود، قال: هو والله الغناء. وفي لفظ قال: هو الغناء، والله الذي لا إله إلا هو ؟ يرددها ثلاث مرات.

وعن عكرمة، وسعيد بن جبير، قالا: هو الغناء، والآية نزلت فيه. وقيل: هو كل لهو ولعب.

والمعنى: يستبدل ويختار الغناء، والمزامير، والمعازف، على القرآن والحديث، مع أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

وعن أبي أمامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن، ولا خير في تجارة فيهن، وثمنهن حرام، في مثل هذا أنزلت هذه الآية" أخرجه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، والطبراني، والبيهقي، وغيرهم.

وفي إسناده عبيد بن زحر، عن علي بن زيد، عن القاسم بن عبد الرحمن. وفيهم ضعف.

وأخرج ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" ، وابن مردويه عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم القينة، وبيعها، وثمنها، وتعليمها، والاستمتاع بها" ، ثم قرأ: ومن الناس من يشتري لهو الحديث .

وعن ابن مسعود يرفعه: "الغناء ينبت النفاق، كما ينبت الماء البقل" أخرجه البيهقي في "السنن" ، وابن أبي الدنيا، وابن مردويه. وروي عنه موقوفا.

[ ص: 386 ] وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن مردويه عن أبي أمامة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما رفع أحد صوته بغناء، إلا بعث الله إليه شيطانين يجلسان على منكبيه، يقربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك" .

وأخرج الترمذي عنه مرفوعا نحوه. وفي الباب أحاديث، في كل حديث منها مقال.

وقال ابن مسعود: لهو الحديث : الرجل يشتري جارية تغنيه ليلا ونهارا.

وعن ابن عمر: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في لهو الحديث: "إنما ذلك شراء الرجل اللعب والباطل" : أخرجه ابن مردويه.

وعن نافع، قال: كنت أسير مع عبد الله بن عمر في طريق، فسمع زمارة، فوضع أصبعيه في أذنيه، ثم عدل عن الطريق، فلم يزل يقول: يا نافع! أتسمع ؟ قلت: لا، فأخرج أصبعيه من أذنيه، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع.

وعن ابن عوف: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: 1- صوت عند نغمة لهو، ومزامير شيطان. 2- وصوت عند مصيبة، خمش وجوه، وشق جيوب، ورنة شيطان" .

واللام في قوله: ليضل للتعليل; أي: ليضل غيره عن طريق الهدى، ومنهج الحق، وهذا على قراءة ضم الياء.

والمعنى على فتحها: ليضل هو في نفسه، ويدوم، ويستمر، ويثبت على الضلال، وهما سبعيتان.

فأفاد هذا التعليل أنه إنما يستحق الذم من اشترى لهو الحديث لهذا المقصد، ويؤيده سبب النزول.

قال ابن عباس: نزلت في رجل من قريش، اشترى جارية مغنية.

[ ص: 387 ] قال الطبري: قد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء، والمنع منه، وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد، وعبد الله العنبري.

قال ابن العربي المالكي: يجوز للرجل أن يسمع غناء جاريته، إذ ليس شيء منها عليه حراما، لا من ظاهرها، ولا من باطنها، فكيف يمنع من التلذذ بصوتها ؟ !وقال في "نيل الأوطار" بعد ذكر الاختلاف فيه مع الأدلة: لا يخفى على الناظر أن محل النزاع إذا خرج عن دائرة الحرام، لم يخرج عن دائرة الاشتباه، والمؤمنون وقافون عند الشبهات، كما صرح به الحديث الصحيح: "ومن تركها، فقد استبرأ لعرضه ودينه، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه" .

ولاسيما إذا كان مشتملا على ذكر القدود، والخدود، والجمال، والدلال، والهجر، والوصال، ومعاقرة العقار، وخلع العذار والوقار; فإن سامع ما كان كذلك لا يخلو عن بلية، وإن كان من التصلب في ذات الله على حد يقصر عنه الوصف، وكم لهذه الوسيلة الشيطانية من قتيل دمه مطلول، وأسير لهموم غرامه وهيامه مكبول، نسأل الله السداد والثبات. انتهى.

قال ابن القيم - رحمه الله -:

تلي الكتاب فأطرقوا لا خيفة لكنه إطراق ساه لاهي     وأتى الغناء فكالحمير تناهقوا
والله ما رقصوا لأجل الله     يا فرقة ما ضر دين محمد
وجنى عليه وحله إلا هي     دف ومزمار ونغمة شادن
أرأيت قط عبادة بملاهي

وفي الآية دليل على أن شراء لهو الحديث; للإضلال عن سبيل الله، وبغير علم بحال ما يشتريه، مهزوا به.

وهي، وإن نزلت في المنع من الغناء، لكنها عام في كل باطل ولهو، أي [ ص: 388 ] باطل كان; لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

فكل حديث يشتريه رجل وامرأة من القصص المكذوبة، والحكايات المفتعلة، والفنون الغير الإسلامية، والكلمات الهازلة، والعلوم الفلسفية ونحوها، بأي لسان كان ويكون، شعر، نظم، أو نثرا، حكمها حكم لهو الحديث.

وقد ملئت الدنيا بهذه الأساطير والدساتير، وعمت بها البلوى في الديار والمقاصير، واستشكل على أهل العلم دفعها، والمنع منها.

وكذلك يدخل في هذه الآية كل مزمور، صغيرا كان أو كبيرا، وبأي اسم سمي، وبأي لقب لقب.

وهو أيضا كثير جدا، لا يحصيه إلا الله، وشاع في الأعراس وفي الأفراح وفي المجالس البيوتية، ومحافل الرفاهة، والدعة.

وابتلي بها الولاة، والأمراء، وأهل الترف من الرعايا وغيرهم.

ولكل قوم، وجيل، ورهط، وقبيل، مزامير ومعازف خاصة، وكذلك إيقاعات الغناء أنواع، لهم بها شغف، لا يخلو أحدهم منها، إلا من رحمه الله تعالى.

وأكثر الناس به ابتلاء من المسلمين، من ينتسب إلى الفقر والسلوك، ويدعي الوصول إلى مقامات العارفين، والعامة مقلدة لهم، ومستندة بهم في جوازها، وهذا من عمل الشيطان، ليس عليه من الحديث برهان، ولا من القرآن سلطان.

وقال تعالى: واستفزز من استطعت ; أي: استزعج واستعجل واستزل واستخف منهم; أي: من بني آدم بصوتك داعيا لهم إلى معصية الله، وقيل: هو الوسوسة، والغناء، واللهو، واللعب، والمزامير وأجلب ; أي: الجلبة، وهي الصياح; أي: صح عليهم ; أي: اجمع كل ما تقدر عليه من [ ص: 389 ] مكائدك وحبائلك، واحثهم على الإغواء; أي: استعن عليهم، وتصرف فيهم بكل ما تتمكن منه، والأمر للتهديد بخيلك ; أي: بركبان جندك ورجلك ; أي: مشاتك وشاركهم في الأموال والأولاد .

أما المشاركة في الأموال، فهي كل تصرف فيها يخالف وجه الشرع، سواء كان أخذا من غير حق، أو وضعا في غير حق; كالغصب، والسرقة، والربا، وإنفاقها في الرقص، والتصوير، وبناء لا حاجة إليه، وتبذير في الملابس والمآكل والمشارب، والمناكح، والرشا، ونحو ذلك.

قال في "فتح البيان" : ومن ذلك تبتيك آذان الأنعام، وجعلها بحيرة، وسائبة. انتهى.

وجعلها لغير الله بالإهلال والذبح، وبذلها في البدع، والمحدثات، ومعاصي الله.

وأما المشاركة في الأولاد، فدعوى الولد بغير سبب شرعي، وتحصيله بالزنا، وتسميتهم إضافة إلى غيره سبحانه; كعبد الرسول، وعبد النبي، وعبد الحسين ونحوها، والإساءة في تربيتهم على وجه يألفون فيه خصال الشعر، وأفعال السوء.

ويدخل فيه ما قتلوا من الأولاد خشية إملاق، ووأد البنات، وتصيير الأولاد على الملة الكفرية، والشركية، والبدعية، التي هم عليها من الأديان الزائغة والحرف الذميمة، والأفعال القبيحة. ومن ذلك مشاركته للمجامع إذا لم يسم.

وعن ابن عباس: أنه سأله رجل: إن امرأتي استيقظت وفي فرجها شعلة نار ؟

قال: ذلك من وطء الجن.

وعدهم بأنهم لا يبعثون. وقال الفراء: قل لهم: لا جنة ولا نار. وقيل: وعدهم المواعيد الكاذبة الباطلة; من النصرة على من خالفهم، [ ص: 390 ] وشفاعة الآلهة، والكرامة على الله بالأنساب الشريفة، والاتكال عليها، وتأخير التوبة لطول الأمل، وإيثار العاجل على الآجل، وإراءة البدع الباطلة، والآراء الفاسدة، والأقيسة الكاسدة حقا في أعينهم وخيالاتهم، وتحسين التقليدات، وتقبيح الاتباع، وتزيين الأعمال السيئة، والخطوات، وتذميم الصالحات والحسنات عندهم، ونحو ذلك مما يكثر تعداده، وهذا على طريق التهديد.

وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ; أي: باطلا. وأصل الغرور: تزيين الخطأ بما يوهم الصواب وبالجملة: الآية دالة على هذه المعاني كلها.

والمقصود منها هاهنا: أن الغناء من صوت الشيطان، وهو عدو الإنسان في كل زمان ومكان، لا يخلص من شركه إلا من رحمه الله; كما قال سبحانه بعد هذه الآية: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان [الإسراء: 65].

والمراد بالعباد: المؤمنون المتقون عن الغناء، وعن كل عصيان لله، حتى الإمكان، وما أشرف هذه الإضافة !!وقيل: المراد: الأنبياء، وأهل الصلاح والفضل; لأنه لا يقدر على إغوائهم.

وقيل: المراد: جميع العباد، بدليل الاستثناء في غير هذا الموضع إلا من اتبعك من الغاوين [الحجر: 42] ويدخل في الغواة أهل الطرب، والغناء، والسماع مع المزامير.

وقد فسر الصوت في هذه الآية مجاهد، بالغناء والمزمار.

وقد تقدم حديثا جابر في كون الغناء منبتا للنفاق، وكونه من جملة صوتين أحمقين، وفي رواية أخرى عنه: "ورنة شيطان" ، والمراد به: الغناء.

وعن بريدة، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءته جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله! إني كنت نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف والغناء.

[ ص: 391 ] فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن كنت نذرت، فاضربي، وإلا، فلا" .

فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر، فألقت الدف تحت استها، ثم قعدت عليها.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر، ألقت الدف"
رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح، غريب.

قال في كتاب "الإدراك" : والمراد به: الدف الذي كان في زمن المتقدمين، وأما ما فيه الجلاجل، فينبغي أن يكون مكروها بالاتفاق، وتقدم حديث نافع عن ابن عمر، وله ألفاظ وطرق.

وفي بعضها: قال ابن عمر: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع صوت يراع، فصنع مثل ما صنعت، قال نافع: وكنت إذ ذاك صغيرا. رواه أحمد، وأبو داود.

وفي حديث ابن عباس يرفعه، قال: "إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة". رواه البيهقي في "شعب الإيمان" .

قيل: "الكوبة" - بضم الكاف -: الطبل.

قال صاحب "رد الإشراك" : قد فسرها بعض العلماء بأنها "طبل" طرفاه واسعان، ووسطه ضيق، فالظاهر أنها هي التي يقال لها باللسان الهندي: دورو. انتهى. زاد في "الإدراك" : وقد فسرها صالح بن مهدي المقبلي بأنها، هي النرد، وقيل: "البربط" ، وقيل: "الشطرنج" ، وقيل: الطبل الصغير" .

وزاد في حديث ابن عمر مرفوعا: نهى عن الخمر والميسر والكوبة والغبيراء. رواه أبو داود.

و "الغبيراء" : شراب تعمله الحبشة من الذرة يقال له: "السكركة" - بضم السين والكاف الأولى، وسكون الراء -.

[ ص: 392 ] وفيه: أنه صلى الله عليه وسلم قرن الكوبة مع الخمر والميسر، كأن حكمها جميعا، حكم واحد، وهو التحريم.

وعن أبي أمامة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله بعثني رحمة للعالمين، وهدى للعالمين، وأمرني ربي بمحق المعازف والمزامير، والأوثان والصلب، وأمر الجاهلية" الحديث رواه أحمد.

قال في "الإدراك" : المراد بالمعازف: آلات اللهو والغناء. وفي "النهاية" : هي الدفوف وغيرها مما يضرب. والمزامير: جمع مزمار" ، وهي القصبة التي يزمر منها.

و "الصلب" : جمع صليب، زاد في "رد الإشراك" : والمراد بالجاهلية: هي التي دارت بين المسلمين. انتهى.

وقيل: هو النياحة، والحمية للعصبية، والفخر بالأنساب.

والأولى: أن المراد بها كل أمر جاهلي من دون تخصيص، فيشمل جميع أمورها، سواء جرت وشاعت بين المسلمين اليوم أم لا، ولكن قرب القيامة أتى بكل أمر منها، حتى لم يبق من الإسلام إلا اسمه، ومن الدين إلا رسمه.

وفي حديث أبي عامر، أو أبي مالك الأشعري مرفوعا: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز، والحرير، والخمر، والمعازف" الحديث رواه البخاري.

وفي بعض نسخ "المصابيح" : "الحر" - بالحاء والراء المهملتين -، وهو تصحيف، وإنما هو بالخاء والزاي المعجمتين، نص عليه الحميدي، وابن الأثير في هذا الحديث.

والحديث دليل على تحريم المعازف، وهي تصدق على كل آلة للغناء بأي شكل كان، وبأي اسم يسمى.

وفيه من أعلام النبوة; حيث أخبر بما سيكون في أمته، وقد كان كما أخبر. وابتلي به عامة الناس من أمته اليوم، وأحدثوا من أنواعها ما لا يأتي عليه الحصر [ ص: 393 ] حتى إنك ترى الصبيان في الدور، يشترون لهو الحديث، وهذه الآلات الخبيثة، وهي في أيديهم يلعبون بها في الدار وفي صحنه، وفي الأسواق والسكك، وينفخون فيها، فيظهر أصوات مختلفة، فيستريحون إليها، وإلى تصاوير للحيوان من الإنسان وغيره، كأنه لم يبق لهم إلا هذه الملاهي والملاعب، وترى آباءهم وأبناءهم يأتون بها من السوق، ويشرونها لهم، وهم مسلمون عالمون بتحريم ذلك كله، لكن سامحوا في هذا حبا للولد والبنات، وزعموا أنها ليست معظمة عندهم حتى تكون معصية، وذلك زعم منهم باطل.

بل الذي يجب عليهم، أن يمحوا التصاوير، ويكسروا المعازف حيث وجدوها، ويقدموا أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على محبة الأولاد والبنات، ويذكروا قوله سبحانه في مثل هذا المقام: إنما أموالكم وأولادكم فتنة [التغابن: 15]، قوا أنفسكم وأهليكم نارا [التحريم: 6]، إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم [التغابن: 14] هذا حكم المعازف والمزامير.

التالي السابق


الخدمات العلمية