بيان حكم النياحة والإحداد
ومنها: النوحة والإحداد: وهي من المنكرات العظمى، والمهلكات الكبرى.
قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=153يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين [البقرة: 153].
فيها: الإرشاد إلى
nindex.php?page=treesubj&link=19572الاستعانة بالصبر عن المعاصي، وحظوظ النفس، واختيار
nindex.php?page=treesubj&link=19585الصبر عند البلايا والمصائب، والتحمل على الرزايا والمصاعب، وينافي ذلك: النوحة، والفزع الأكبر، ورفع الصوت برنة الشيطان، وترك الزينة.
وأيضا، فيها
nindex.php?page=treesubj&link=844الأمر بالصلاة التي هي عماد الدين، ومعراج المؤمنين، فإن من
[ ص: 447 ] جمع بين ذكر الله وشكره، واستعان بالصبر والصلاة على تأدية ما أمر الله به، ودفع ما يرد عليه من المحن والفتن، فقد هدي إلى الصواب، ووفق للخير المستطاب.
والصبر: حبس النفس على احتمال المكاره في ذات الله، وتوطينها على تحمل المشاق في العبادات، وسائر الطاعات، وتجنب الجزع والفزع عند المصيبات، والله سبحانه معهم في ذلك، وما أشرف هذه المعية وأكرمها !! اللهم ارزقنا.
والآية تدل - بفحوى الخطاب - على أن من لا يصبر على المحن والطاعات، ولا يستعين في الشدائد والآفات بالصلوات، فهذه المعية ليست له.
ولا أعظم من هذا الحرمان، الذي حصل من اتباع خطوات الشيطان، ونعوذ بالله من الخذلان بعد التلبس بالإيمان.
وقال تعالي:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وبشر الصابرين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156الذين إذا أصابتهم مصيبة هي واحدة "المصائب" ، وهي النكبة التي يتأذى بها الإنسان وإن صغرت،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156قالوا ; أي: باللسان والقلب، لا باللسان فقط; فإن التلفظ بذلك مع الجزع والنياحة قبيح وسخط للقضاء، وذلك أن يتصور ما خلق لأجله، وأنه يرجع إلى ربه، ويتذكر نعم الله عليه، ليرى أن ما أبقى الله عليه أضعاف ما استرده منه، فيهون عليه ويستسلم:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إنا لله وإنا إليه راجعون [البقرة: 156]; أي: في الآخرة، فيجازينا.
وصفهم بأنهم المسترجعون عند المصيبة; لأن ذلك تسليم، ورضاء.
وفيه: أن هذه الكلمات الطيبات ملجأ للمصابين، وعصمة للممتحنين فإنها جامعة بين الإقرار بالعبودية لله، والاعتراف بالبعث والنشور والرجوع، والتفويض إلى الله، والرضاء بكل ما نزل به من المصائب.
وفي الحديث:
nindex.php?page=hadith&LINKID=933465 "من استرجع عند المصيبة، جبر الله مصيبته، وأحسن عقباه، وجعل له خلفا صالحا يرضاه" .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني، nindex.php?page=showalam&ids=13507وابن مردويه مرفوعا:
nindex.php?page=hadith&LINKID=933464 "أعطيت أمتي شيئا لم يعطه أحد من [ ص: 448 ] الأمم: أن يقولوا عند المصيبة: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إنا لله وإنا إليه راجعون ؟ ألا تسمع إلى قول يعقوب عند فقد يوسف: nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=84يا أسفى على يوسف [يوسف: 84]" .
وقد ورد في فضل
nindex.php?page=treesubj&link=24434الاسترجاع عند المصيبة أحاديث كثيرة لا فائدة في ذكرها هاهنا.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=157أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة الصلاة هنا: المغفرة. قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس. أو الثناء الحسن. قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج. وعلى هذا، فذكر الرحمة لقصد التأكيد.
قال في "الكشاف" : الصلاة: الرحمة والتعطف، فوضعت موضع الرأفة، وجمع بينها وبين الرحمة; كقوله: رأفة ورحمة، رؤوف رحيم.
والمعنى: عليهم رأفة بعد رأفة، ورحمة بعد رحمة.
وعبر عن المغفرة بلفظ الجمع; للتنبيه على كثرتها وتنوعها، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي، وأبو السعود، وقيل: المراد بالرحمة: كشف الكربة، وقضاء الحاجة.
وإنما وصفوا هنا بذلك; لكونهم فعلوا ما فيه الوصول إلى طريق الصواب; من الاسترجاع، والتسليم.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=157وأولئك هم المهتدون [البقرة: 157] يعني: إلى الاسترجاع، وقيل: إلى الجنة، وقيل: إلى الحق والصواب، ولا مانع من الحمل على الكل، بل هو الأولى.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: نعم العدلان، ونعمت العلاوة، فالعدلان: الصلاة والرحمة، والعلاوة: الهداية.
وقد وردت أحاديث كثيرة في ثواب أهل البلايا، وأجر الصابرين على الرزايا، ذكرها المفسرون وغيرهم، لا نطول الكلام بذكرها، فإنها معروفة في كتب الآثار، وإنما المقصود هنا: إثبات أن الصبر على المصائب واجب، والجزع منها والفزع عليها منهي عنه، يفضى إلى سخط الله.
ومن الجزع:
nindex.php?page=treesubj&link=2315 "النياحة" ، و "الرنة" ، ورفع الأصوات، وشق الجيوب، [ ص: 449 ] وضرب الخدود، وغير ذلك من الأفعال الدالة على فقد الصبر، وحصول الاضطراب; فإن هذا كله ليس من الدين في شيء، إنما هو من خصال الجاهلية، وشيمة الكفرة الفجرة الفسقة، المتجاوزين عن الحد.
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22ما أصاب من مصيبة في الأرض ; أي: من زلزلة، وقحط مطر، وجدب، وضعف نبات، وقلته، ونقص ثمار، وعاهة زرع، وجائحة فاكهة، ونحوها.
و "المصيبة" غلبت في الشر. وقيل: المراد بها: جميع الحوادث من خير وشر.
وعلى الأول، إنما خصت بالذكر دون الخير; لأنها أهم على البشر.
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22ولا في أنفسكم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: بالأوصاب، والأسقام. وقال مقاتل: إقامة الحدود. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج: ضيق المعاش. وقيل: موت الأولاد. واللفظ أوسع من ذلك، فيشمل كل مصيبة، قلت أو كثرت.
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22إلا في كتاب ; أي: مكتوب في اللوح المحفوظ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22من قبل أن نبرأها ; أي: نخلقها. والضمير عائد إلى المصيبة، أو إلى الأنفس، أو إلى الأرض، أو إلى جميع ذلك. قاله المهدي، وهو حسن. قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: هو شيء قد فرغ منه قبل أن تبرأ الأنفس.
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22إن ذلك على الله يسير [الحديد: 22] غير عسير
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23لكيلا تأسوا ; أي: تحزنوا
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23على ما فاتكم من الدنيا وسعتها، ومن العافية وصحتها،
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23ولا تفرحوا ، أي: لا تبطروا بطر المختال الفخور،
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23بما آتاكم منها; أي: أعطاكم، وقيل: جاءكم; فإن ذلك يزول عن قريب، لا يستحق أن يفرح بحصوله، ولا يحزن على فوته.
قيل: الفرح والحزن المنهي عنهما: هما اللذان يتعدى فيهما إلى ما لا يجوز، وإلا فليس من أحد إلا وهو يحزن ويفرح، ولكن ينبغي أن يكون الفرح شكرا، والحزن صبرا، وإنما يلزم من الحزن الجزع المنافي للصبر، ومن الفرح
[ ص: 450 ] الأشر المطغي الملهي عن الشكر، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: ليس أحد إلا وهو يحزن ويفرح، ولكن من أصابته مصيبة، جعلها صبرا، ومن أصابه خير، جعله شكرا.
وعنه قال: يريد: مصائب المعاش، ولا يريد مصائب الدين، أمرهم أن يأسوا على السيئة، ويفرحوا بالحسنة.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق - عليه السلام -: يا ابن آدم! مالك تأسف على مفقود لا يرده إليك الفوت ؟ وما لك تفرح بمورود، لا يتركه في يديك الموت ؟
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23والله لا يحب كل مختال فخور [الحديد: 23]; أي: لا يحب من اتصف بهاتين الصفتين، وهما: الاختيال، والافتخار.
وقيل: هو ذم الفرح الذي يختال فيه صاحبه ويبطر.
وقيل: إن من فرح بالحظوظ الدنيوية، وعظمت في نفسه، اختال وافتخر بها.
وقيل: المختال: الذي ينظر إلى نفسه، والفخور: الذي ينظر إلى الناس بعين الاستحقار.
والأولى تفسير هاتين الصفتين بمعناهما الشرعي، ثم اللغوي، فمن حصلتا فيه، فهو الذي لا يحبه الله. هكذا في "فتح البيان" .
والمقصود هنا: إثبات الصبر على المصيبة، وعدم الجزع منها، والفزع عليها; لأن من ذلك هذه النوحة والإحداد المنهي عنهما.
بَيَانُ حُكْمِ النِّيَاحَةِ وَالْإِحْدَادِ
وَمِنْهَا: النَّوْحَةُ وَالْإِحْدَادُ: وَهِيَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ الْعُظْمَى، وَالْمُهْلِكَاتِ الْكُبْرَى.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=153يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الْبَقَرَةِ: 153].
فِيهَا: الْإِرْشَادُ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=19572الِاسْتِعَانَةِ بِالصَّبْرِ عَنِ الْمَعَاصِي، وَحُظُوظِ النَّفْسِ، وَاخْتِيَارُ
nindex.php?page=treesubj&link=19585الصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلَايَا وَالْمَصَائِبِ، وَالتَّحَمُّلُ عَلَى الرَّزَايَا وَالْمَصَاعِبِ، وَيُنَافِي ذَلِكَ: النَّوْحَةَ، وَالْفَزَعَ الْأَكْبَرَ، وَرَفْعَ الصَّوْتِ بِرَنَّةِ الشَّيْطَانِ، وَتَرْكَ الزِّينَةِ.
وَأَيْضًا، فِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=844الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ عِمَادُ الدِّينِ، وَمِعْرَاجُ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ مَنْ
[ ص: 447 ] جَمَعَ بَيْنَ ذِكْرِ اللَّهِ وَشُكْرِهِ، وَاسْتَعَانَ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ عَلَى تَأْدِيَةِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَدَفَعَ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنَ الْمِحَنِ وَالْفِتَنِ، فَقَدَ هُدِيَ إِلَى الصَّوَابِ، وَوُفِّقَ لِلْخَيْرِ الْمُسْتَطَابِ.
وَالصَّبْرُ: حَبْسُ النَّفْسِ عَلَى احْتِمَالِ الْمَكَارِهِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، وَتَوْطِينِهَا عَلَى تَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ فِي الْعِبَادَاتِ، وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ، وَتَجَنُّبِ الْجَزَعِ وَالْفَزَعِ عِنْدَ الْمُصِيبَاتِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَمَا أَشْرَفَ هَذِهِ الْمَعِيَّةَ وَأَكْرَمَهَا !! اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا.
وَالْآيَةُ تَدُلُّ - بِفَحْوَى الْخِطَابِ - عَلَى أَنَّ مَنْ لَا يَصْبِرُ عَلَى الْمِحَنِ وَالطَّاعَاتِ، وَلَا يَسْتَعِينُ فِي الشَّدَائِدِ وَالْآفَاتِ بِالصَّلَوَاتِ، فَهَذِهِ الْمَعِيَّةُ لَيْسَتْ لَهُ.
وَلَا أَعْظَمَ مِنْ هَذَا الْحِرْمَانِ، الَّذِي حَصَلَ مِنِ اتِّبَاعِ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخِذْلَانِ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِالْإِيمَانِ.
وَقَالَ تَعَالِيَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ هِيَ وَاحِدَةُ "الْمَصَائِبِ" ، وَهِيَ النَّكْبَةُ الَّتِي يَتَأَذَّى بِهَا الْإِنْسَانُ وَإِنْ صَغُرَتْ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156قَالُوا ; أَيْ: بِاللِّسَانِ وَالْقَلْبِ، لَا بِاللِّسَانِ فَقَطْ; فَإِنَّ التَّلَفُّظَ بِذَلِكَ مَعَ الْجَزَعِ وَالنِّيَاحَةِ قَبِيحٌ وَسُخْطٌ لِلْقَضَاءِ، وَذَلِكَ أَنْ يَتَصَوَّرَ مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ، وَأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى رَبِّهِ، وَيَتَذَكَّرَ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، لِيَرَى أَنَّ مَا أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ أَضْعَافُ مَا اسْتَرَدَّهُ مِنْهُ، فَيَهُونُ عَلَيْهِ وَيَسْتَسْلِمُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [الْبَقَرَةِ: 156]; أَيْ: فِي الْآخِرَةِ، فَيُجَازِينَا.
وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمُ الْمُسْتَرْجِعُونَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ; لِأَنَّ ذَلِكَ تَسْلِيمٌ، وَرِضَاءٌ.
وَفِيهِ: أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الطَّيِّبَاتِ مَلْجَأٌ لِلْمُصَابِينَ، وَعِصْمَةٌ لِلْمُمْتَحِنِينَ فَإِنَّهَا جَامِعَةٌ بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِالْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ، وَالِاعْتِرَافِ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَالرُّجُوعِ، وَالتَّفْوِيضِ إِلَى اللَّهِ، وَالرِّضَاءِ بِكُلِّ مَا نَزَلَ بِهِ مِنَ الْمَصَائِبِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=933465 "مَنِ اسْتَرْجَعَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، جَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَهُ، وَأَحْسَنَ عُقْبَاهُ، وَجَعَلَ لَهُ خَلَفًا صَالِحًا يَرْضَاهُ" .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ، nindex.php?page=showalam&ids=13507وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مَرْفُوعًا:
nindex.php?page=hadith&LINKID=933464 "أَعْطَيْتُ أُمَّتِي شَيْئًا لَمْ يُعْطَهُ أَحَدٌ مِنَ [ ص: 448 ] الْأُمَمِ: أَنْ يَقُولُوا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ؟ أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ يَعْقُوبَ عِنْدَ فَقْدِ يُوسُفَ: nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=84يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ [يُوسُفَ: 84]" .
وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْلِ
nindex.php?page=treesubj&link=24434الِاسْتِرْجَاعِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهَا هَاهُنَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=157أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ الصَّلَاةُ هُنَا: الْمَغْفِرَةُ. قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ. أَوِ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ. قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ. وَعَلَى هَذَا، فَذَكِرُ الرَّحْمَةِ لِقَصْدِ التَّأْكِيدِ.
قَالَ فِي "الْكَشَّافِ" : الصَّلَاةُ: الرَّحْمَةُ وَالتَّعَطُّفُ، فَوُضِعَتْ مَوْضِعَ الرَّأْفَةِ، وَجُمِعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّحْمَةِ; كَقَوْلِهِ: رَأْفَةٌ وَرَحْمَةٌ، رُؤُوفٌ رَحِيمٌ.
وَالْمَعْنَى: عَلَيْهِمْ رَأْفَةٌ بَعْدَ رَأْفَةٍ، وَرَحْمَةٌ بَعْدَ رَحْمَةٍ.
وَعَبَّرَ عَنِ الْمَغْفِرَةِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ; لِلتَّنْبِيهِ عَلَى كَثْرَتِهَا وَتَنَوُّعِهَا، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13926الْبَيْضَاوِيُّ، وَأَبُو السُّعُودِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالرَّحْمَةِ: كَشْفُ الْكُرْبَةِ، وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ.
وَإِنَّمَا وَصَفُوا هُنَا بِذَلِكَ; لِكَوْنِهِمْ فَعَلُوا مَا فِيهِ الْوُصُولُ إِلَى طَرِيقِ الصَّوَابِ; مِنَ الِاسْتِرْجَاعِ، وَالتَّسْلِيمِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=157وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [الْبَقَرَةِ: 157] يَعْنِي: إِلَى الِاسْتِرْجَاعِ، وَقِيلَ: إِلَى الْجَنَّةِ، وَقِيلَ: إِلَى الْحَقِّ وَالصَّوَابِ، وَلَا مَانِعَ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى الْكُلِّ، بَلْ هُوَ الْأَوْلَى.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: نِعْمَ الْعَدْلَانِ، وَنَعِمَتِ الْعِلَاوَةُ، فَالْعَدْلَانِ: الصَّلَاةُ وَالرَّحْمَةُ، وَالْعِلَاوَةُ: الْهِدَايَةُ.
وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي ثَوَابِ أَهْلِ الْبَلَايَا، وَأَجْرِ الصَّابِرِينَ عَلَى الرَّزَايَا، ذَكَرَهَا الْمُفَسِّرُونَ وَغَيْرُهُمْ، لَا نُطَوِّلُ الْكَلَامَ بِذِكْرِهَا، فَإِنَّهَا مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ الْآثَارِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا: إِثْبَاتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى الْمَصَائِبِ وَاجِبٌ، وَالْجَزَعَ مِنْهَا وَالْفَزَعَ عَلَيْهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ، يُفْضَى إِلَى سُخْطِ اللَّهِ.
وَمِنَ الْجَزَعِ:
nindex.php?page=treesubj&link=2315 "النِّيَاحَةُ" ، وَ "الرَّنَّةُ" ، وَرَفْعُ الْأَصْوَاتِ، وَشَقُّ الْجُيُوبِ، [ ص: 449 ] وَضَرْبُ الْخُدُودِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَفْعَالِ الدَّالَّةِ عَلَى فَقْدِ الصَّبْرِ، وَحُصُولِ الِاضْطِرَابِ; فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَيْسَ مِنَ الدِّينِ فِي شَيْءٍ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ خِصَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَشِيمَةُ الْكَفَرَةِ الْفَجَرَةِ الْفَسَقَةِ، الْمُتَجَاوِزِينَ عَنِ الْحَدِّ.
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ ; أَيْ: مِنْ زَلْزَلَةٍ، وَقَحْطِ مَطَرٍ، وَجَدْبٍ، وَضَعْفِ نَبَاتٍ، وَقِلَّتِهِ، وَنَقْصِ ثِمَارٍ، وَعَاهَةِ زَرْعٍ، وَجَائِحَةِ فَاكِهَةٍ، وَنَحْوِهَا.
وَ "الْمُصِيبَةُ" غَلَبَتْ فِي الشَّرِّ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا: جَمِيعُ الْحَوَادِثِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ.
وَعَلَى الْأَوَّلِ، إِنَّمَا خُصَّتْ بِالذِّكْرِ دُونَ الْخَيْرِ; لِأَنَّهَا أَهَمُّ عَلَى الْبَشَرِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ: بِالْأَوْصَابِ، وَالْأَسْقَامِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: إِقَامَةُ الْحُدُودِ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ: ضِيقُ الْمَعَاشِ. وَقِيلَ: مَوْتُ الْأَوْلَادِ. وَاللَّفْظُ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ، فَيَشْمَلُ كُلَّ مُصِيبَةٍ، قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22إِلا فِي كِتَابٍ ; أَيْ: مَكْتُوبٌ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ; أَيْ: نَخْلُقُهَا. وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى الْمُصِيبَةِ، أَوْ إِلَى الْأَنْفُسِ، أَوْ إِلَى الْأَرْضِ، أَوْ إِلَى جَمِيعِ ذَلِكَ. قَالَهُ الْمَهْدِيُّ، وَهُوَ حَسَنٌ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ شَيْءٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ تَبْرَأَ الْأَنْفُسُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الْحَدِيدِ: 22] غَيْرُ عَسِيرٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23لِكَيْلا تَأْسَوْا ; أَيْ: تَحْزَنُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23عَلَى مَا فَاتَكُمْ مِنَ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا، وَمِنَ الْعَافِيَةِ وَصِحَّتِهَا،
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23وَلا تَفْرَحُوا ، أَيْ: لَا تَبْطُرُوا بَطَرَ الْمُخْتَالِ الْفَخُورِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23بِمَا آتَاكُمْ مِنْهَا; أَيْ: أَعْطَاكُمْ، وَقِيلَ: جَاءَكُمْ; فَإِنَّ ذَلِكَ يَزُولُ عَنْ قَرِيبٍ، لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَفْرَحَ بِحُصُولِهِ، وَلَا يَحْزَنَ عَلَى فَوْتِهِ.
قِيلَ: الْفَرَحُ وَالْحُزْنُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُمَا: هُمَا اللَّذَانِ يُتَعَدَّى فِيهِمَا إِلَى مَا لَا يَجُوزُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَهُوَ يَحْزَنُ وَيَفْرَحُ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَرَحُ شُكْرًا، وَالْحُزْنُ صَبْرًا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنَ الْحُزْنِ الْجَزَعُ الْمُنَافِي لِلصَّبْرِ، وَمِنَ الْفَرَحِ
[ ص: 450 ] الْأَشَرَ الْمُطْغِي الْمُلْهِي عَنِ الشُّكْرِ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ يَحْزَنُ وَيَفْرَحُ، وَلَكِنْ مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ، جَعَلَهَا صَبْرًا، وَمَنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ، جَعَلَهُ شُكْرًا.
وَعَنْهُ قَالَ: يُرِيدُ: مَصَائِبَ الْمَعَاشِ، وَلَا يُرِيدُ مَصَائِبَ الدِّينِ، أَمَرَهُمْ أَنْ يَأْسَوْا عَلَى السَّيِّئَةِ، وَيَفْرَحُوا بِالْحَسَنَةِ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرٌ الصَّادِقُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: يَا ابْنَ آدَمَ! مَالَكَ تَأْسَفُ عَلَى مَفْقُودٍ لَا يَرُدُّهُ إِلَيْكَ الْفَوْتُ ؟ وَمَا لَكَ تَفْرَحُ بِمَوْرُودٍ، لَا يَتْرُكُهُ فِي يَدَيْكَ الْمَوْتُ ؟
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [الْحَدِيدِ: 23]; أَيْ: لَا يُحِبُّ مَنِ اتَّصَفَ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ، وَهُمَا: الِاخْتِيَالُ، وَالِافْتِخَارُ.
وَقِيلَ: هُوَ ذَمُّ الْفَرَحِ الَّذِي يَخْتَالُ فِيهِ صَاحِبُهُ وَيَبْطَرُ.
وَقِيلَ: إِنَّ مَنْ فَرِحَ بِالْحُظُوظِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَعَظُمَتْ فِي نَفْسِهِ، اخْتَالَ وَافْتَخَرَ بِهَا.
وَقِيلَ: الْمُخْتَالُ: الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى نَفْسِهِ، وَالْفَخُورُ: الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ بِعَيْنِ الِاسْتِحْقَارِ.
وَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ بِمَعْنَاهُمَا الشَّرْعِيِّ، ثُمَّ اللُّغَوِيِّ، فَمَنْ حَصَلَتَا فِيهِ، فَهُوَ الَّذِي لَا يُحِبُّهُ اللَّهُ. هَكَذَا فِي "فَتْحِ الْبَيَانِ" .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا: إِثْبَاتُ الصَّبْرِ عَلَى الْمُصِيبَةِ، وَعَدَمُ الْجَزَعِ مِنْهَا، وَالْفَزَعِ عَلَيْهَا; لِأَنَّ مِنْ ذَلِكَ هَذِهِ النَّوْحَةُ وَالْإِحْدَادُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُمَا.