الوجه الثالث:
nindex.php?page=treesubj&link=28728أن الواحد منهم إذا اجتهد في الدعاء حال سجوده يجد قلبه يقصد العلو، مع أن وجهه يلي الأرض، بل كلما ازداد وجهه ذلا وتواضعا، ازداد قلبه قصدا للعلو، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=19واسجد واقترب [سورة العلق: 19] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657752أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.
فعلم أنهم يفرقون بين توجه وجوههم في حال السجود إلى الأرض، وتوجيه القلوب في حال الدعاء إلى من في السماء. والقلوب حال الدعاء لا تقصد إلا العلو، وأما الوجوه والأيدي فيتنوع حالها، تارة تكون في حال السجود إلى جهة الأرض، لكون ذلك غاية الخضوع، وتارة تكون حال القيام مطرقة، لكون ذلك أقرب إلى الخشوع، وتارة تتوجه إلى السماء لتوجه القلب.
[ ص: 24 ]
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن رفع البصر في الصلاة إلى السماء،
nindex.php?page=hadith&LINKID=667520وقال لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم أبصارهم.
وأما رفع البصر حال الدعاء خارج الصلاة، ففيه نزاع بين العلماء، وإنما نهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=22750رفع البصر في الصلاة لأنه ينافي الخشوع المأمور به في الصلاة.
قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خشعا أبصارهم [سورة القمر: 6-7] .
وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=43يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=44خاشعة أبصارهم [سورة المعارج: 43-44] .
وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=45وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي [سورة الشورى: 45] .
ورأى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه رجلا يصلي وهو يلتفت، فقال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه.
فخشوع القلب يستلزم خشوع البصر وذله، وذلك ينافي رفعه وفي اعتبار هذا في الدعاء نزاع. ولهذا يوجد من يخاطب المعظم عنده لا يرفع
[ ص: 25 ] بصره إليه. ومعلوم أنه لو كانت الجهات بالنسبة إلى الله سواء لم نؤمر بهذا.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ:
nindex.php?page=treesubj&link=28728أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ إِذَا اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ حَالَ سُجُودِهِ يَجِدُ قَلْبَهُ يَقْصِدُ الْعُلُوَّ، مَعَ أَنَّ وَجْهَهُ يَلِي الْأَرْضَ، بَلْ كُلَّمَا ازْدَادَ وَجْهُهُ ذُلًّا وَتَوَاضُعًا، ازْدَادَ قَلْبُهُ قَصْدًا لِلْعُلُوِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=19وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [سُورَةَ الْعَلَقِ: 19] .
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657752أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ.
فَعُلِمَ أَنَّهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ تَوَجُّهِ وُجُوهِهِمْ فِي حَالِ السُّجُودِ إِلَى الْأَرْضِ، وَتَوْجِيهِ الْقُلُوبِ فِي حَالِ الدُّعَاءِ إِلَى مَنْ فِي السَّمَاءِ. وَالْقُلُوبُ حَالَ الدُّعَاءِ لَا تَقْصِدُ إِلَّا الْعُلُوَّ، وَأَمَّا الْوُجُوهُ وَالْأَيْدِي فَيَتَنَوَّعُ حَالُهَا، تَارَةً تَكُونُ فِي حَالِ السُّجُودِ إِلَى جِهَةِ الْأَرْضِ، لِكَوْنِ ذَلِكَ غَايَةَ الْخُضُوعِ، وَتَارَةً تَكُونُ حَالَ الْقِيَامِ مُطْرِقَةً، لِكَوْنِ ذَلِكَ أَقْرَبَ إِلَى الْخُشُوعِ، وَتَارَةً تَتَوَجَّهُ إِلَى السَّمَاءِ لِتَوَجُّهِ الْقَلْبِ.
[ ص: 24 ]
وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ إِلَى السَّمَاءِ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=667520وَقَالَ لِيَنْتَهِينَ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِ أَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبْصَارُهُمْ.
وَأَمَّا رَفْعُ الْبَصَرِ حَالَ الدُّعَاءِ خَارِجَ الصَّلَاةِ، فَفِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=22750رَفْعِ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ يُنَافِي الْخُشُوعَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ [سُورَةَ الْقَمَرِ: 6-7] .
وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=43يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=44خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ [سُورَةَ الْمَعَارِجِ: 43-44] .
وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=45وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنَ طَرْفٍ خَفِيٍّ [سُورَةَ الشُّورَى: 45] .
وَرَأَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلًا يُصَلِّي وَهُوَ يَلْتَفِتُ، فَقَالَ: لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ.
فَخُشُوعُ الْقَلْبِ يَسْتَلْزِمُ خُشُوعَ الْبَصَرِ وَذُلَّهُ، وَذَلِكَ يُنَافِي رَفْعَهُ وَفِي اعْتِبَارِ هَذَا فِي الدُّعَاءِ نِزَاعٌ. وَلِهَذَا يُوجَدُ مَنْ يُخَاطِبُ الْمُعَظِّمَ عِنْدَهُ لَا يَرْفَعُ
[ ص: 25 ] بَصَرَهُ إِلَيْهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْجِهَاتُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ سَوَاءً لَمْ نُؤْمَرْ بِهَذَا.