ذكر حياتها وعقاربها ، أعاذنا الله منها برحمته 
قال تعالى : سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة    [ آل عمران : 180 ] . وثبت في " صحيح  البخاري    " من طريق  عبد الله بن دينار ،  عن أبي صالح ،   [ ص: 170 ] عن  أبي هريرة ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع ، له زبيبتان ، يأخذ بلهزمتيه فيقول : أنا مالك ، أنا كنزك   " . وفي رواية : " يفر منه ، وهو يتبعه ، ويتقي منه ، فيلقمه يده ، ثم يطوقه " . وقرأ هذه الآية . وقد روي مثله عن ابن مسعود  مرفوعا . 
وقال الأعمش    : عن عبد الله بن مرة ،  عن مسروق ،  عن  عبد الله بن مسعود ،  في قوله تعالى : الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون    [ النحل : 88 ] . قال : زيدوا عقارب ، لها أذناب كالنخل الطوال . 
 [ ص: 171 ] وروى  البيهقي ،  عن  الحاكم ،  عن الأصم ،  عن محمد بن إسحاق ،  عن أصبغ بن الفرج ،  عن ابن وهب ،  عن عمرو بن الحارث ،  أن دراجا أبا السمح  حدثه أنه سمع  عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن في النار لحيات أمثال أعناق البخت ، يلسعن اللسعة فيجد حموتها أربعين خريفا ، وإن فيها لعقارب كالبغال المؤكفة ، يلسعن اللسعة فيجد حموتها أربعين خريفا   . 
وقال ابن أبي الدنيا :  حدثني محمد بن إدريس الحنظلي ،  حدثنا محمد بن عثمان ، أبو الجماهر ،  عن إسماعيل بن عياش ،  عن سعيد بن يوسف ،  عن  يحيى بن أبي كثير ،  عن أبي سلام ،  حدثني الحجاج بن عبد الله الثمالي    - وكان قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، وحج معه حجة الوداع - أن نفير بن مجيب    - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقدمائهم - قال : إن في جهنم سبعين ألف واد ، في كل واد سبعون ألف شعب ، في كل شعب سبعون ألف دار ، في كل دار سبعون ألف بيت ، في كل بيت سبعون ألف شق ، في كل شق سبعون ألف ثعبان ، في شدق كل   [ ص: 172 ] ثعبان سبعون ألف عقرب ، لا ينتهي الكافر والمنافق حتى يواقع ذلك كله ، وهذا موقوف ، وغريب جدا ، بل منكر نكارة شديدة ، وسعيد بن يوسف  هذا - الذي حدث عنه به إسماعيل بن عياش    - مجهول ، والله أعلم ، وبتقدير رواية إسماعيل بن عياش  له ، عن  يحيى بن أبي كثير    ; وهو حجازي ، وإسماعيل  في غير الشاميين غير مقبول ، وقد ذكر هذا الأثر  البخاري  في " تاريخه الكبير " ، بنحو من هذا السياق ، فالله أعلم . 
وقد ذكر بعض المفسرين في تفسير : " غي " و " أثام " ، أنهما واديان من أودية جهنم ، أجارنا الله تعالى منها . وقال بعضهم في قوله تعالى : وجعلنا بينهم موبقا    [ الكهف : 52 ] . قال : هو نهر من قيح ودم . وقال عبد الله بن عمرو  ، ومجاهد    : هو واد من أودية جهنم . زاد عبد الله بن عمرو    : عميق ، فرق به يوم القيامة بين أهل الهدى ، وأهل الضلالة . 
وروى  البيهقي ،  عن  الحاكم ،  عن الأصم ،  عن عباس الدوري ،  عن ابن معين ،  عن هشيم ،  عن العوام بن حوشب ،  عن عبد الجبار   [ ص: 173 ] الخولاني ،  قال : قدم علينا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دمشق ،  فرأى ما فيه الناس - يعني من الدنيا - فقال : وما يغني عنهم ، أليس من ورائهم الفلق ؟ وقد تقدم هذا الأثر . 
وروى  البيهقي ،  عن  الحاكم  وغيره ، عن الأصم ،  عن إبراهيم بن مرزوق  بمصر ،  عن سعيد بن عامر ،  عن شعبة ،  قال : كتب إلي منصور  وقرأته عليه ، عن مجاهد ،  عن يزيد بن شجرة ،  وكان يزيد بن شجرة  رجلا من الزهاد ، وكان معاوية  يستعمله على الجيوش ، فخطبنا يوما ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، اذكروا نعمة الله عليكم ، ما أحسن أثر نعمة الله عليكم لو ترون ما أرى من بين أحمر وأصفر ومن كل لون ، وفي الرحال ما فيها ، إنه إذا أقيمت الصلاة فتحت أبواب السماء وأبواب الجنة وأبواب النار ، وإذا التقى الصفان فتحت أبواب الجنة وأبواب النار وزين الحور العين فيطلعن ، فإذا أقبل أحدكم بوجهه إلى القتال ، قلن : اللهم ثبته ، اللهم انصره . وإذا أدبر احتجبن عنه ، وقلن : اللهم اغفر له ، فانهكوا وجوه القوم ، فداكم أبي وأمي ، فإن أول   [ ص: 174 ] قطرة تقطر من دم أحدكم يحط الله بها عنه خطاياه ، كما يحط الغصن من ورق الشجر ، وتبتدره اثنتان من الحور العين ويمسحان التراب عن وجهه ، وتقولان : فدانا لك . ويقول : فدانا لكما . فيكسى مائة حلة لو وضعت بين إصبعي هاتين لوسعتاهن ، ليست من نسج بني آدم ، ولكنها من ثياب الجنة ، إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم وسيماكم ونجواكم وحلاكم ومجالسكم ، فإذا كان يوم القيامة قيل : يا فلان ، هذا نورك ، يا فلان ، لا نور لك ، وإن لجهنم جبابا من ساحل كساحل البحر ، فيه هوام وحيات كالبخاتي ، وعقارب كالبغال الدلم ، أو كالدلم البغال ، فإذا سأل أهل النار التخفيف قيل : اخرجوا إلى الساحل . فتأخذهم تلك الهوام بشفاههم وجنوبهم ، وبما شاء الله من ذلك ، فتكشطها فيرجعون ، فيبادرون إلى معظم النار ، ويسلط عليهم الجرب ، حتى إن أحدهم ليحك جلده حتى يبدو العظم ، فيقال له : يا   [ ص: 175 ] فلان ، هل يؤذيك هذا ؟ فيقول : نعم ، فيقال له : ذلك بما كنت تؤذي المؤمنين . 
وروى الترمذي ،  عن أبي سعيد ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة : اللهم أدخله الجنة   . ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار : اللهم أجره من النار   " . 
وروى  البيهقي ،  عن أبي سعيد ،  أو عن ابن حجيرة الأكبر ،  عن  أبي هريرة ،  أن أحدهما حدثه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا كان يوم حار ألقى الله سمعه وبصره إلى أهل السماء وأهل الأرض ، فإذا قال العبد : لا إله إلا الله ، ما أشد حر هذا اليوم ، اللهم أجرني من حر نار جهنم . قال الله عز وجل لجهنم : إن عبدا من عبادي قد استجار بي منك ، وإني أشهدك أني قد أجرته . وإذا كان يوم شديد البرد ألقى الله سبحانه سمعه وبصره إلى أهل السماء وأهل الأرض ، فإذا قال العبد : لا إله إلا الله ، ما أشد برد هذا اليوم ، اللهم أجرني من زمهرير جهنم . قال الله تعالى لجهنم : إن عبدا من عبادي قد استجار بي من زمهريرك ، وإني أشهدك أني قد أجرته " . قالوا : وما زمهرير جهنم ؟ قال : " جب يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة البرد بعضه من بعض   " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					