(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=99ما على الرسول إلا البلاغ ) لما تقدم الترغيب والترهيب ، أخبر تعالى أنه كلف رسوله بالتبليغ وهو توصيل الأحكام إلى أمته ، وهذا فيه تشديد على إيجاب القيام بما أمر به تعالى ، وأن الرسول قد فرغ مما وجب عليه من التبليغ ، وقامت عليه الحجة ، ولزمتكم الطاعة ، فلا عذر لكم في التفريط . قال
ابن عطية : هي إخبار للمؤمنين ولا يتصور أن يقال هي أنه موادعة منسوخة بآيات القتال ، بل هذه حال من آمن بهذا ، وشهد شهادة الحق فإنه عصم من الرسول ماله ودمه ، فليس على الرسول في جهته أكثر من التبليغ انتهى . وذكر بعض المفسرين الخلاف فيها أهي محكمة ، أم منسوخة بآية السيف ، والرسول هنا
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وقيل : يجوز أن يكون اسم جنس ، والمعنى ما على كل من أرسل إلا البلاغ ، والبلاغ والبلوغ مصدران لبلغ ، وإذا كان
[ ص: 27 ] مصدرا لبلغ ، فبلاغ الشرائع مستلزم لتبليغ من أرسل بها ، فعبر باللازم عن الملزوم ، ويحتمل أن يكون مصدرا لبلغ المشدد على حذف الزوائد ، فمعنى البلاغ : التبليغ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=99والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ) جملة فيها تهديد إذ أخبر تعالى أنه مطلع على حال العبد ظاهرا وباطنا ، فهو مجازيه على ذلك ثوابا أو عقابا ، ويحتمل أن يكون المعنى أنه تعالى ألزم رسوله التبليغ للشريعة ، وألزمكم أنتم تبليغها ، فهو العالم بما تبدون منها وما تكتمونه ، فيجازيكم على ذلك ، وكان ذلك خطابا لأمته إذا كان الإبداء والكتم يمكن صدورهما منهم ، بخلاف الرسول فإنه يستحيل عليه أن يكتم شيئا من شرائع الله تعالى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=99مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ ) لَمَّا تَقَدَّمَ التَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ ، أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ كَلَّفَ رَسُولَهُ بِالتَّبْلِيغِ وَهُوَ تَوْصِيلُ الْأَحْكَامِ إِلَى أُمَّتِهِ ، وَهَذَا فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى إِيجَابِ الْقِيَامِ بِمَا أَمَرَ بِهِ تَعَالَى ، وَأَنَّ الرَّسُولَ قَدْ فَرَغَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ التَّبْلِيغِ ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ ، وَلَزِمَتْكُمُ الطَّاعَةُ ، فَلَا عُذْرَ لَكُمْ فِي التَّفْرِيطِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : هِيَ إِخْبَارٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُقَالَ هِيَ أَنَّهُ مُوَادَعَةٌ مَنْسُوخَةٌ بِآيَاتِ الْقِتَالِ ، بَلْ هَذِهِ حَالُ مَنْ آمَنَ بِهَذَا ، وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ فَإِنَّهُ عَصَمَ مِنَ الرَّسُولِ مَالَهُ وَدَمَهُ ، فَلَيْسَ عَلَى الرَّسُولِ فِي جِهَتِهِ أَكْثَرُ مِنَ التَّبْلِيغِ انْتَهَى . وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ الْخِلَافَ فِيهَا أَهِيَ مُحْكَمَةٌ ، أَمْ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ ، وَالرَّسُولُ هَنَا
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقِيلَ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمَ جِنْسٍ ، وَالْمَعْنَى مَا عَلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلَ إِلَّا الْبَلَاغُ ، وَالْبَلَاغُ وَالْبُلُوغُ مَصْدَرَانِ لِبَلَغَ ، وَإِذَا كَانَ
[ ص: 27 ] مَصْدَرًا لِبَلَغَ ، فَبَلَاغُ الشَّرَائِعِ مُسْتَلْزِمٌ لِتَبْلِيغِ مَنْ أُرْسِلَ بِهَا ، فَعَبَّرَ بِاللَّازِمِ عَنِ الْمَلْزُومِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لِبَلَّغَ الْمُشَدَّدِ عَلَى حَذْفِ الزَّوَائِدِ ، فَمَعْنَى الْبَلَاغِ : التَّبْلِيغُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=99وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ) جُمْلَةٌ فِيهَا تَهْدِيدٌ إِذْ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى حَالِ الْعَبْدِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، فَهُوَ مُجَازِيهِ عَلَى ذَلِكَ ثَوَابًا أَوْ عِقَابًا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى أَلْزَمَ رَسُولَهُ التَّبْلِيغَ لِلشَّرِيعَةِ ، وَأَلْزَمَكُمْ أَنْتُمْ تَبْلِيغَهَا ، فَهُوَ الْعَالِمُ بِمَا تُبْدُونَ مِنْهَا وَمَا تَكْتُمُونَهُ ، فَيُجَازِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ ، وَكَانَ ذَلِكَ خِطَابًا لِأُمَّتِهِ إِذَا كَانَ الْإِبْدَاءُ وَالْكَتْمُ يُمْكِنُ صُدُورُهُمَا مِنْهُمْ ، بِخِلَافِ الرَّسُولِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُمَ شَيْئًا مِنْ شَرَائِعِ اللَّهِ تَعَالَى .