(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=100nindex.php?page=treesubj&link=28976قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث ) . روى
جابر أن رجلا قال : يا رسول الله إن الخمر كانت تجارتي ، فهل ينفعني ذلك المال إذا عملته في طاعة الله تعالى ؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن الله لا يقبل إلا الطيب ، فنزلت هذه الآية تصديقا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم . ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما حذر عن المعصية ، ورغب في التوبة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=98اعلموا أن الله شديد العقاب ) الآية . وأتبعه في التكليف بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=99ما على الرسول إلا البلاغ ) ثم بالترغيب في الطاعة ، والتنفير عن المعصية بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=99والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ) أتبعه بنوع آخر من الترغيب في الطاعة ، والتنفير عن المعصية . فقال هل يستوي الخبيث والطيب ، الآية ، أو يقال لما بين أن عقابه شديد لمن عصى وأنه غفور رحيم لمن أطاع بين أنه لا يستوي المطيع والعاصي ، وإن كان من العصاة والكفار كثرة ، فلا يمنعه كثرتهم من عقابهم ، والظاهر أن الخبيث والطيب عامان ، فيندرج تحتهما حلال المال وحرامه ، وصالح العمل وفاسده ، وجيد الناس ورديئهم ، وصحيح العقائد وفاسدها ، والخبيث من هذا كله لا يصلح ولا يحب ولا يحسن له عاقبة ، والطيب ولو قل نافع جيد العاقبة . وينظر إلى هذه الآية قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58والبلد الطيب يخرج نباته ) الآية . والخبيث فاسد الباطن في الأشياء حتى يظن بها الصلاح ، والطيب خلاف ذلك ، وقد خصص بعض المتقدمين هنا الخبيث والطيب ببعض ما يقتضيه عموم اللفظ ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والحسن : هو الحلال والحرام . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : هو المؤمن والكافر . وذكر
الماوردي قولا : أنه المطيع والعاصي . وقولا آخر : أنه الجيد والرديء ، وقيل : الطيب المعرفة والطاعة والخبيث الجهل والمعصية ، والأحسن حمل هذه الأقوال على أنها تمثيل للطيب ، والخبيث لا قصر اللفظ عليها ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=100ولو أعجبك كثرة الخبيث ) ظاهره أنه من جملة المأمور بقوله ، ووجه كاف الخطاب في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=100ولو أعجبك ) أن المعنى ، ولو أعجبك أيها السامع ، أو أيها المخاطب ، وإما أن لا يكون من جملة ما أمر بقوله ، ويكون خطابا للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقد ذكر بعضهم أنه يحتمل ذلك ، والأولى القول الأول ، أو يحمل على أنه خطاب له في الظاهر ، والمراد غيره . (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=100فاتقوا الله ياأولي الألباب لعلكم تفلحون ) أي اتقوه في إيثار الطيب وإن قل على الخبيث وإن كثر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ومن حق هذه الآية أن يكفح بها المجبرة إذا افتخروا بالكثرة; قال شاعرهم :
وكاثر بسعد إن سعدا كثيرة ولا ترج من سعد وفاء ولا نصرا
وقال آخر
لا يدهمنك من دهمائهم عدد فإن جلهم بل كلهم بقر
وهو على عادته من تسمية أهل السنة مجبرة وذمهم ، وخص تعالى الخطاب والنداء بأولي الألباب; لأنهم المتقدمون في تمييز الطيب والخبيث ، فلا ينبغي لهم إهمال ذلك . قال
ابن عطية : وكأن الإشارة إلى لب التجربة الذي يزيد على لب التكليف بالجبلة والفطنة المستنبطة والنظر البعيد انتهى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=100nindex.php?page=treesubj&link=28976قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ) . رَوَى
جَابِرٌ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْخَمْرَ كَانَتْ تِجَارَتِي ، فَهَلْ يَنْفَعُنِي ذَلِكَ الْمَالُ إِذَا عَمِلْتُهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا الطَّيِّبَ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَصْدِيقًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَذَّرَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ ، وَرَغَّبَ فِي التَّوْبَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=98اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) الْآيَةَ . وَأَتْبَعَهُ فِي التَّكْلِيفِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=99مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ ) ثُمَّ بِالتَّرْغِيبِ فِي الطَّاعَةِ ، وَالتَّنْفِيرِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=99وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ) أَتْبَعَهُ بِنَوْعٍ آخَرَ مِنَ التَّرْغِيبِ فِي الطَّاعَةِ ، وَالتَّنْفِيرِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ . فَقَالَ هَلْ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ ، الْآيَةَ ، أَوْ يُقَالُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ عِقَابَهُ شَدِيدٌ لِمَنْ عَصَى وَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِمَنْ أَطَاعَ بَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَسْتَوِي الْمُطِيعُ وَالْعَاصِي ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعُصَاةِ وَالْكُفَّارِ كَثْرَةٌ ، فَلَا يَمْنَعُهُ كَثْرَتُهُمْ مِنْ عِقَابِهِمْ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخَبِيثَ وَالطَّيِّبَ عَامَّانِ ، فَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُمَا حَلَالُ الْمَالِ وَحَرَامُهُ ، وَصَالِحُ الْعَمَلِ وَفَاسِدُهُ ، وَجَيِّدُ النَّاسِ وَرَدِيئُهُمْ ، وَصَحِيحُ الْعَقَائِدِ وَفَاسِدُهَا ، وَالْخَبِيثُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ لَا يَصْلُحُ وَلَا يُحَبُّ وَلَا يَحْسُنُ لَهُ عَاقِبَةٌ ، وَالطَّيِّبُ وَلَوْ قَلَّ نَافِعٌ جَيِّدُ الْعَاقِبَةِ . وَيُنْظَرُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ ) الْآيَةَ . وَالْخَبِيثُ فَاسِدُ الْبَاطِنِ فِي الْأَشْيَاءِ حَتَّى يُظَنَّ بِهَا الصَّلَاحُ ، وَالطَّيِّبُ خِلَافُ ذَلِكَ ، وَقَدْ خَصَّصَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ هُنَا الْخَبِيثَ وَالطَّيِّبَ بِبَعْضِ مَا يَقْتَضِيهِ عُمُومُ اللَّفْظِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ : هُوَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : هُوَ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ . وَذَكَرَ
الْمَاوَرْدِيُّ قَوْلًا : أَنَّهُ الْمُطِيعُ وَالْعَاصِي . وَقَوْلًا آخَرَ : أَنَّهُ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ ، وَقِيلَ : الطَّيِّبُ الْمَعْرِفَةُ وَالطَّاعَةُ وَالْخَبِيثُ الْجَهْلُ وَالْمَعْصِيَةُ ، وَالْأَحْسَنُ حَمْلُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ عَلَى أَنَّهَا تَمْثِيلٌ لِلطَّيِّبِ ، وَالْخَبِيثِ لَا قَصْرُ اللَّفْظِ عَلَيْهَا ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=100وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَأْمُورِ بِقَوْلِهِ ، وَوَجْهُ كَافِ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=100وَلَوْ أَعْجَبَكَ ) أَنَّ الْمَعْنَى ، وَلَوْ أَعْجَبَكَ أَيُّهَا السَّامِعُ ، أَوْ أَيُّهَا الْمُخَاطَبُ ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ مَا أُمِرَ بِقَوْلِهِ ، وَيَكُونَ خِطَابًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ ، وَالْأَوْلَى الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ خِطَابٌ لَهُ فِي الظَّاهِرِ ، وَالْمُرَادُ غَيْرُهُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=100فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) أَيِ اتَّقُوهُ فِي إِيثَارِ الطَّيِّبِ وَإِنْ قَلَّ عَلَى الْخَبِيثِ وَإِنْ كَثُرَ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَمِنْ حَقِّ هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يُكْفَحَ بِهَا الْمُجْبِرَةُ إِذَا افْتَخَرُوا بِالْكَثْرَةِ; قَالَ شَاعِرُهُمْ :
وَكَاثِرْ بِسَعْدٍ إِنَّ سَعْدًا كَثِيرَةٌ وَلَا تَرْجُ مِنْ سَعْدٍ وَفَاءً وَلَا نَصْرَا
وَقَالَ آخَرُ
لَا يَدْهَمَنَّكَ مِنْ دَهْمَائِهِمْ عَدَدٌ فَإِنَّ جُلَّهُمْ بَلْ كُلَّهُمْ بَقَرُ
وَهُوَ عَلَى عَادَتِهِ مِنْ تَسْمِيَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ مُجْبَرَةً وَذَمِّهِمْ ، وَخَصَّ تَعَالَى الْخِطَابَ وَالنِّدَاءَ بِأُولِي الْأَلْبَابِ; لِأَنَّهُمُ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي تَمْيِيزِ الطَّيِّبِ وَالْخَبِيثِ ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ إِهْمَالُ ذَلِكَ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَكَأَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى لُبِّ التَّجْرِبَةِ الَّذِي يَزِيدُ عَلَى لُبِّ التَّكْلِيفِ بِالْجِبِلَّةِ وَالْفِطْنَةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ وَالنَّظَرِ الْبَعِيدِ انْتَهَى .