(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70nindex.php?page=treesubj&link=28977وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا ) هذا أمر بتركهم ، وكان ذلك لقلة أتباع الإسلام حينئذ . قال
قتادة : ثم نسخ ذلك وما جرى مجراه بالقتال . وقال
مجاهد : إنما هو أمر تهديد ووعيد كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=11ذرني ومن خلقت وحيدا ) ، ولا نسخ فيها لأنها متضمنة خبرا وهو التهديد ، ودينهم ما كانوا عليه من البحائر والسوائب والحوامي والوصائل وعبادة الأصنام والطواف حول البيت عراة يصفرون ويصفقون ، أو الذي كلفوه ودعوا إليه وهو دين الإسلام (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لعبا ولهوا ) حيث سخروا به واستهزءوا ، أو عبادتهم لأنهم كانوا مستغرقين في اللهو واللعب وشرب الخمر والعزف والرقص لم تكن لهم عبادة إلا ذلك ، أقوال ثلاثة . وانتصب (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لعبا ولهوا ) على المفعول الثاني لـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70اتخذوا ) . وقال
أبو عبد الله الرازي : الأقرب أن المحقق في الدين هو الذي ينصر الدين لأجل أنه قام الدليل على أنه حق وصدق وصواب ، وأما الذين ينصرونه ليتوسلوا به إلى أخذ المناصب والرئاسة وغلبة الخصم وجمع الأموال ، فهم نصروا الدين للدنيا ، وقد حكم الله على الدنيا في سائر الآيات بأنها لعب ولهو ، فالآية إشارة إلى من يتوسل بدينه إلى دنياه ، وأكثر الخلق موصوفون بهذه الصفة . انتهى . وفيه بعض تلخيص ، وظاهر تفسيره يقتضي أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70اتخذوا ) هنا متعدية إلى واحد ، وأن انتصاب (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لعبا ولهوا ) على المفعول من أجله ، فيصير المعنى : اكتسبوا دينهم وعملوه وأظهروا اللعب واللهو أي للدنيا واكتسابها ، ويظهر من بعض كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري [ ص: 155 ] وابن عطية أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لعبا ولهوا ) هو المفعول الأول لـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70اتخذوا ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70دينهم ) هو المفعول الثاني . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أي دينهم الذي كان يجب أن يأخذوا به (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لعبا ولهوا ) ، وذلك أن عبادتهم وما كانوا عليه من تحريم البحائر والسوائب وغير ذلك من باب اللعب واتباع هوى النفس والعمل بالشهوة ، ومن جنس الهزل دون الجد ، واتخذوا ما هو لعب ولهو من عبادة الأصنام وغيرها دينا لهم واتخذوا دينهم الذي كلفوه ودعوا إليه وهو دين الإسلام (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لعبا ولهوا ) ، حيث سخروا به واستهزءوا . انتهى . فظاهر تقديره الثاني هو ما ذكرناه عنه . وقال
ابن عطية : وأضاف الدين إليهم على معنى أنهم جعلوا اللهو واللعب دينا ، ويحتمل أن يكون المعنى : اتخذوا دينهم الذي كان ينبغي لهم لعبا ولهوا . انتهى . فتفسيره الأول هو ما ذكرناه عنه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقيل : جعل الله لكل قوم عيدا يعظمونه ويصلون فيه ويعمرونه بذكر الله ، والناس كلهم من المشركين وأهل الكتاب اتخذوا عيدهم لعبا ولهوا ، غير المسلمين فإنهم اتخذوا دينهم عيدهم كما شرعه الله .
ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91ذرهم ) أعرض عنهم ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم ولا تشغل قلبك بهم . انتهى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70وغرتهم الحياة الدنيا ) يحتمل أن يكون معطوفا على الصلة ، وأن يكون استئناف إخبار أي خدعتهم الغرور وهي الأطماع فيما لا يتحصل فاغتروا بنعم الله ورزقه وإمهاله إياهم . وقيل : غرتهم بتكذيبهم بالبعث . وقال
أبو عبد الله الرازي : لأجل استيلاء حب الدنيا أعرضوا عن حقيقة الدين واقتصروا على تزيين الظواهر ليتوصلوا بها إلى حطام الدنيا . انتهى . وقيل : ( غرتهم ) من الغر بفتح الغين ، أي : ملأت أفواههم وأشبعتهم . ومنه قول الشاعر :
ولما التقينا بالحليبة غرني بمعروفه حتى خرجت أفوق
ومنه غر الطائر فرخه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ) الضمير في ( به ) عائد على القرآن أو على الدين أو على (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=69حسابهم ) ثلاثة أقوال أولاها الأول كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=45فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70تبسل ) ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : تفضح . وقال
الحسن وعكرمة : تسلم . وقال
قتادة : تحبس وترتهن . وقال
الكلبي وابن زيد والأخفش : تجزى . وقال
الضحاك : تحرق . وقال
ابن زيد أيضا : تؤخذ . وقال
مورج : تعذب . وقيل : يحرم عليها النجاة ودخول الجنة . وقال
أبو بكر : استحسن بعض شيوخنا قول من قال : تسلم بعملها لا تقدر على التخلص ; لأنه يقال : استبسل للموت ، أي : رأى ما لا يقدر على دفعه ، واتفقوا على أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70تبسل ) في موضع المفعول من أجله وقدروا : كراهة (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70أن تبسل ) ومخافة (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70أن تبسل ) ولئلا تبسل ، ويجوز عندي أن يكون في موضع جر على البدل من الضمير ، والضمير مفسر بالبدل ، وأضمر الإبسال لما في الإضمار من التفخيم كما أضمر الأمر والشأن وفسر بالبدل وهو الإبسال ، فالتقدير : وذكر بارتهان النفوس وحبسها بما كسبت ، كما قالوا : اللهم صل عليه الرؤوف الرحيم ، وقد أجاز ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه قال : فإن قلت : ضربت وضربوني قومك ، نصبت ، إلا في قول من قال : أكلوني البراغيث ، أو يحمله
[ ص: 156 ] على البدل من المضمر ، وقال أيضا : فإن قلت ضربني وضربتهم قومك رفعت على التقديم والتأخير ، إلا أن تجعل هاهنا البدل كما جعلته في الرفع ، وقد روي قوله :
تنخل فاستاكت به عود إسحل
بجر عود على أنه بدل من الضمير ، والمعنى : أن تبسل نفس تاركة للإيمان بما كسبت من الكفر أو بكسبها السيئ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70ليس لها من دون الله ) أي : من دون عذاب الله ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70ولي ) فينصرها ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70ولا شفيع ) فيدفع عنها بمسألته ، وهذه الجملة صفة أو حال أو مستأنفة إخبارا ، وهو الأظهر ، و ( من ) لابتداء الغاية . وقال
ابن عطية : ويجوز أن تكون زائدة . انتهى . وهو ضعيف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها ) أي : وإن تفد كل فداء ، والعدل الفدية لأن الفادي يعدل الفداء بمثله ، ونقل عن
أبي عبيدة أن المعني بالعدل هنا ضد الجور وهو القسط أي : وإن تقسط كل قسط بالتوحيد والانقياد بعد العناد ، وضعف هذا القول
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري بالإجماع على أن توبة الكافر مقبولة ، ولا يلزم هذا لأنه إخبار عن حاله يوم القيامة وهي حال معاينة وإلجاء لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، قالوا : وانتصب (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70كل عدل ) على المصدر ، و ( يؤخذ ) الضمير فيه عائد على المعدول به المفهوم من سياق الكلام ، ولا يعود على المصدر ; لأنه لا يسند إليه الأخذ ، وأما في (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لا يؤخذ منها أولئك ) فمعنى المفدى به ، فيصح إسناده إليه ، ويجوز أن ينتصب (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70كل عدل ) على المفعول به أي : وإن تعدل بذاتها ، ( كل ) أي : كل ما تفدي به لا يؤخذ منها ، ويكون الضمير على هذا عائدا على (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70كل عدل ) ، وهذه الجملة الشرطية على سبيل الفرض والتقدير لا على سبيل إمكان وقوعها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا ) الظاهر أنه يعود على (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70الذين اتخذوا ) ، وقاله
الحوفي وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . وقال
ابن عطية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70أولئك ) إشارة إلى الجنس المدلول عليه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70أن تبسل نفس ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ) الأظهر أنها جملة استئناف إخبار ، ويحتمل أن تكون حالا ، و ( شراب ) فعال بمعنى مفعول كطعام بمعنى مطعوم ، ولا ينقاس فعال بمعنى مفعول ، لا يقال : ضراب ولا قتال بمعنى مضروب ولا مقتول .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70nindex.php?page=treesubj&link=28977وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا ) هَذَا أَمْرٌ بِتَرْكِهِمْ ، وَكَانَ ذَلِكَ لِقِلَّةِ أَتْبَاعِ الْإِسْلَامِ حِينَئِذٍ . قَالَ
قَتَادَةُ : ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ بِالْقِتَالِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : إِنَّمَا هُوَ أَمْرُ تَهْدِيدٍ وَوَعِيدٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=11ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) ، وَلَا نَسْخَ فِيهَا لِأَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ خَبَرًا وَهُوَ التَّهْدِيدُ ، وَدِينُهُمْ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْبَحَائِرِ وَالسَّوَائِبِ وَالْحَوَامِي وَالْوَصَائِلِ وَعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالطَّوَافِ حَوْلَ الْبَيْتِ عُرَاةً يُصَفِّرُونَ وَيُصَفِّقُونَ ، أَوِ الَّذِي كُلِّفُوهُ وَدُعُوا إِلَيْهِ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لَعِبًا وَلَهْوًا ) حَيْثُ سَخِرُوا بِهِ وَاسْتَهْزَءُوا ، أَوْ عِبَادَتَهَمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُسْتَغْرِقِينَ فِي اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْعَزْفِ وَالرَّقْصِ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ عِبَادَةٌ إِلَّا ذَلِكَ ، أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ . وَانْتَصَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لَعِبًا وَلَهْوًا ) عَلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70اتَّخَذُوا ) . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : الْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُحَقِّقَ فِي الدِّينِ هُوَ الَّذِي يَنْصُرُ الدِّينَ لِأَجْلِ أَنَّهُ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ وَصِدْقٌ وَصَوَابٌ ، وَأَمَّا الَّذِينَ يَنْصُرُونَهُ لِيَتَوَسَّلُوا بِهِ إِلَى أَخْذِ الْمَنَاصِبِ وَالرِّئَاسَةِ وَغَلَبَةِ الْخَصْمِ وَجَمْعِ الْأَمْوَالِ ، فَهُمْ نَصَرُوا الدِّينَ لِلدُّنْيَا ، وَقَدْ حَكَمَ اللَّهُ عَلَى الدُّنْيَا فِي سَائِرِ الْآيَاتِ بِأَنَّهَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ، فَالْآيَةُ إِشَارَةٌ إِلَى مَنْ يَتَوَسَّلُ بِدِينِهِ إِلَى دُنْيَاهُ ، وَأَكْثَرُ الْخَلْقِ مَوْصُوفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ . انْتَهَى . وَفِيهِ بَعْضُ تَلْخِيصٍ ، وَظَاهِرُ تَفْسِيرِهِ يَقْتَضِي أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70اتَّخَذُوا ) هُنَا مُتَعَدِّيَةٌ إِلَى وَاحِدٍ ، وَأَنَّ انْتِصَابَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لَعِبًا وَلَهْوًا ) عَلَى الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ ، فَيَصِيرُ الْمَعْنَى : اكْتَسَبُوا دِينَهُمْ وَعَمِلُوهُ وَأَظْهَرُوا اللَّعِبَ وَاللَّهْوَ أَيْ لِلدُّنْيَا وَاكْتِسَابِهَا ، وَيَظْهَرُ مِنْ بَعْضِ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ [ ص: 155 ] وَابْنِ عَطِيَّةَ أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لَعِبًا وَلَهْوًا ) هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ لِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70اتَّخَذُوا ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70دِينَهُمْ ) هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَيْ دِينَهُمُ الَّذِي كَانَ يَجِبُ أَنْ يَأْخُذُوا بِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لَعِبًا وَلَهْوًا ) ، وَذَلِكَ أَنَّ عِبَادَتَهُمْ وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ تَحْرِيمِ الْبَحَائِرِ وَالسَّوَائِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بَابِ اللَّعِبِ وَاتِّبَاعِ هَوَى النَّفْسِ وَالْعَمَلِ بِالشَّهْوَةِ ، وَمِنْ جِنْسِ الْهَزْلِ دُونَ الْجَدِّ ، وَاتَّخَذُوا مَا هُوَ لَعِبٌ وَلَهْوٌ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَغَيْرِهَا دِينًا لَهُمْ وَاتَّخَذُوا دِينَهُمُ الَّذِي كُلِّفُوهُ وَدُعُوا إِلَيْهِ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لَعِبًا وَلَهْوًا ) ، حَيْثُ سَخِرُوا بِهِ وَاسْتَهْزَءُوا . انْتَهَى . فَظَاهِرُ تَقْدِيرِهِ الثَّانِي هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَأَضَافَ الدِّينَ إِلَيْهِمْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُمْ جَعَلُوا اللَّهْوَ وَاللَّعِبَ دِينًا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : اتَّخَذُوا دِينَهُمُ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا . انْتَهَى . فَتَفْسِيرُهُ الْأَوَّلُ هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَقِيلَ : جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا يُعَظِّمُونَهُ وَيُصَلُّونَ فِيهِ وَيُعَمِّرُونَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ اتَّخَذُوا عِيدَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا ، غَيْرَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمُ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ عِيدَهُمْ كَمَا شَرَعَهُ اللَّهُ .
وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91ذَرْهُمْ ) أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَلَا تُبَالِ بِتَكْذِيبِهِمْ وَاسْتِهْزَائِهِمْ وَلَا تَشْغَلْ قَلْبَكَ بِهِمْ . انْتَهَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الصِّلَةِ ، وَأَنْ يَكُونَ اسْتِئْنَافَ إِخْبَارٍ أَيْ خَدَعَتْهُمُ الْغُرُورُ وَهِيَ الْأَطْمَاعُ فِيمَا لَا يُتَحَصَّلُ فَاغْتَرُّوا بِنِعَمِ اللَّهِ وَرِزْقِهِ وَإِمْهَالِهِ إِيَّاهُمْ . وَقِيلَ : غَرَّتْهُمْ بِتَكْذِيبِهِمْ بِالْبَعْثِ . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : لِأَجْلِ اسْتِيلَاءِ حُبِّ الدُّنْيَا أَعْرَضُوا عَنْ حَقِيقَةِ الدِّينِ وَاقْتَصَرُوا عَلَى تَزْيِينِ الظَّوَاهِرِ لِيَتَوَصَّلُوا بِهَا إِلَى حُطَامِ الدُّنْيَا . انْتَهَى . وَقِيلَ : ( غَرَّتْهُمْ ) مِنَ الْغَرِّ بِفَتْحِ الْغَيْنِ ، أَيْ : مَلَأَتْ أَفْوَاهَهُمْ وَأَشْبَعَتْهُمْ . وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
وَلَمَّا الْتَقَيْنَا بِالْحُلَيْبَةِ غَرَّنِي بِمَعْرُوفِهِ حَتَّى خَرَجْتُ أَفُوقُ
وَمِنْهُ غَرَّ الطَّائِرُ فَرْخَهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ ) الضَّمِيرُ فِي ( بِهِ ) عَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ أَوْ عَلَى الدِّينِ أَوْ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=69حِسَابِهِمْ ) ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَوْلَاهَا الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=45فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ) ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70تُبْسَلَ ) ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : تُفْضَحُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ : تُسْلَمُ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : تُحْبَسُ وَتُرْتَهَنُ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ وَابْنُ زَيْدٍ وَالْأَخْفَشُ : تُجْزَى . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : تُحْرَقُ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ أَيْضًا : تُؤْخَذُ . وَقَالَ
مُوَرِّجٌ : تُعَذَّبُ . وَقِيلَ : يُحَرَّمُ عَلَيْهَا النَّجَاةُ وَدُخُولُ الْجَنَّةِ . وَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ : اسْتَحْسَنَ بَعْضُ شُيُوخِنَا قَوْلَ مَنْ قَالَ : تُسْلَمُ بِعَمَلِهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ ; لِأَنَّهُ يُقَالُ : اسْتَبْسَلَ لِلْمَوْتِ ، أَيْ : رَأَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70تُبْسَلَ ) فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ وَقَدَّرُوا : كَرَاهَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70أَنْ تُبْسَلَ ) وَمَخَافَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70أَنْ تُبْسَلَ ) وَلِئَلَّا تُبْسَلَ ، وَيَجُوزُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الضَّمِيرِ ، وَالضَّمِيرُ مُفَسَّرٌ بِالْبَدَلِ ، وَأُضْمِرَ الْإِبْسَالُ لِمَا فِي الْإِضْمَارِ مِنَ التَّفْخِيمِ كَمَا أُضْمِرَ الْأَمْرُ وَالشَّأْنُ وَفُسِّرَ بِالْبَدَلِ وَهُوَ الْإِبْسَالُ ، فَالتَّقْدِيرُ : وَذَكِّرْ بِارْتِهَانِ النُّفُوسِ وَحَبْسِهَا بِمَا كَسَبَتْ ، كَمَا قَالُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ الرَّؤُوفِ الرَّحِيمِ ، وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ قَالَ : فَإِنْ قُلْتَ : ضَرَبْتُ وَضَرَبُونِي قَوْمَكَ ، نَصَبْتَ ، إِلَّا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ : أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ ، أَوْ يَحْمِلُهُ
[ ص: 156 ] عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْمُضْمَرِ ، وَقَالَ أَيْضًا : فَإِنْ قُلْتَ ضَرَبَنِي وَضَرَبْتُهُمْ قَوْمُكَ رَفَعْتَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ، إِلَّا أَنْ تَجْعَلَ هَاهُنَا الْبَدَلَ كَمَا جَعَلْتَهُ فِي الرَّفْعِ ، وَقَدْ رُوِيَ قَوْلُهُ :
تُنُخِّلَ فَاسْتَاكَتْ بِهِ عُودِ إِسْحَلِ
بِجَرِّ عُودٍ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ تُبْسَلَ نَفْسٌ تَارِكَةٌ لِلْإِيمَانِ بِمَا كَسَبَتْ مِنَ الْكُفْرِ أَوْ بِكَسْبِهَا السَّيِّئِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ ) أَيْ : مِنْ دُونِ عَذَابِ اللَّهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70وَلِيٌّ ) فَيَنْصُرُهَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70وَلَا شَفِيعٌ ) فَيَدْفَعُ عَنْهَا بِمَسْأَلَتِهِ ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةٌ أَوْ حَالٌ أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ إِخْبَارًا ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ ، وَ ( مِنْ ) لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً . انْتَهَى . وَهُوَ ضَعِيفٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا ) أَيْ : وَإِنْ تُفْدِ كُلَّ فِدَاءٍ ، وَالْعَدْلُ الْفِدْيَةُ لِأَنَّ الْفَادِيَ يَعْدِلُ الْفِدَاءَ بِمِثْلِهِ ، وَنُقِلَ عَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِالْعَدْلِ هُنَا ضِدُّ الْجَوْرِ وَهُوَ الْقِسْطُ أَيْ : وَإِنْ تُقْسِطْ كُلَّ قِسْطٍ بِالتَّوْحِيدِ وَالِانْقِيَادِ بَعْدَ الْعِنَادِ ، وَضَعَّفَ هَذَا الْقَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ تَوْبَةَ الْكَافِرِ مَقْبُولَةٌ ، وَلَا يَلْزَمُ هَذَا لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ حَالِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهِيَ حَالُ مُعَايَنَةٍ وَإِلْجَاءٍ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ، قَالُوا : وَانْتَصَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70كُلَّ عَدْلٍ ) عَلَى الْمَصْدَرِ ، وَ ( يُؤْخَذْ ) الضَّمِيرُ فِيهِ عَائِدٌ عَلَى الْمَعْدُولِ بِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ ، وَلَا يَعُودُ عَلَى الْمَصْدَرِ ; لِأَنَّهُ لَا يُسْنَدُ إِلَيْهِ الْأَخْذُ ، وَأَمَّا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ ) فَمَعْنَى الْمُفْدَى بِهِ ، فَيَصِحُّ إِسْنَادُهُ إِلَيْهِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70كُلَّ عَدْلٍ ) عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ أَيْ : وَإِنْ تَعْدِلْ بِذَاتِهَا ، ( كُلَّ ) أَيْ : كُلَّ مَا تُفْدِي بِهِ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا ، وَيَكُونُ الضَّمِيرُ عَلَى هَذَا عَائِدًا عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70كُلَّ عَدْلٍ ) ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ لَا عَلَى سَبِيلِ إِمْكَانِ وُقُوعِهَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعُودُ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70الَّذِينَ اتَّخَذُوا ) ، وَقَالَهُ
الْحَوْفِيُّ وَتَبِعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70أُولَئِكَ ) إِشَارَةٌ إِلَى الْجِنْسِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=70لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ) الْأَظْهَرُ أَنَّهَا جُمْلَةُ اسْتِئْنَافِ إِخْبَارٍ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ حَالًا ، وَ ( شَرَابٌ ) فَعَالٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَطَعَامٍ بِمَعْنَى مَطْعُومٍ ، وَلَا يَنْقَاسُ فِعَالٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ، لَا يُقَالُ : ضِرَابٌ وَلَا قِتَالٌ بِمَعْنَى مَضْرُوبٍ وَلَا مَقْتُولٍ .