(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=155وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ) " هذا " إشارة إلى القرآن ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=155أنزلناه ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=155مبارك ) صفتان ل (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=155كتاب ) ، أو خبران عن هذا على مذهب من يجيز تعداد الأخبار ، وإن لم يكن في معنى خبر واحد وكان الوصف بالإنزال آكد من الوصف بالبركة فقدم ; لأن الكلام مع من ينكر رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وينكر إنزال الكتب الإلهية ، وكونه مباركا عليهم هو وصف حاصل لهم منه متراخ عن الإنزال ; فلذلك تأخر الوصف بالبركة ، وتقدم الوصف بالإنزال ، وكان الوصف بالفعل المسند إلى نون العظمة أولى من الوصف بالاسم لما يدل الإسناد إلى الله - تعالى - من التعظيم والتشريف ، وليس ذلك في الاسم لو كان التركيب : منزل ، أو منزل منا ، وبركة القرآن بما يترتب عليه من النفع والنماء بجمع كلمة العرب به ، والمواعظ والحكم ، والإعلام بأخبار الأمم السالفة والأجور التالية ، والشفاء من الأدواء ، والشفاعة لقارئه ، وعده من أهل الله ، وكونه مع المكرمين من الملائكة ، وغير ذلك من البركات التي لا تحصى ، ثم أمر الله - تعالى - باتباعه وهو العمل بما فيه والانتهاء إلى ما تضمنه والرجوع إليه عند المشكلات . والظاهر في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=155واتقوا ) أنه أمر بالتقوى العامة في جميع الأشياء . وقيل : واتقوا مخالفته لرجاء الرحمة ، وقال
التبريزي : اتقوا غيره فإنه منسوخ ، وقال
التبريزي : في الكلام إشارة وهو وصف الله التوراة بالتمام ، والتمام يؤذن بالانصرام . قال الشاعر :
إذا تم أمر بدا نقصه توقع زوالا إذا قيل تم
فنسخها الله بالقرآن ودينها بالإسلام ، ووصف القرآن بأنه مبارك في مواضع كثيرة ، والمبارك هو الثابت الدائم في ازدياد ، وذلك مشعر ببقائه ودوامه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=155وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) " هَذَا " إِشَارَةٌ إِلَى الْقُرْآنِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=155أَنْزَلْنَاهُ ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=155مُبَارَكٌ ) صِفَتَانِ لِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=155كِتَابٌ ) ، أَوْ خَبَرَانِ عَنْ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجِيزُ تَعْدَادَ الْأَخْبَارِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى خَبَرٍ وَاحِدٍ وَكَانَ الْوَصْفُ بِالْإِنْزَالِ آكَدَ مِنَ الْوَصْفِ بِالْبَرَكَةِ فَقُدِّمَ ; لِأَنَّ الْكَلَامَ مَعَ مَنْ يُنْكِرُ رِسَالَةَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُنْكِرُ إِنْزَالَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ ، وَكَوْنَهُ مُبَارَكًا عَلَيْهِمْ هُوَ وَصْفٌ حَاصِلٌ لَهُمْ مِنْهُ مُتَرَاخٍ عَنِ الْإِنْزَالِ ; فَلِذَلِكَ تَأَخَّرَ الْوَصْفُ بِالْبَرَكَةِ ، وَتَقَدَّمَ الْوَصْفُ بِالْإِنْزَالِ ، وَكَانَ الْوَصْفُ بِالْفِعْلِ الْمُسْنَدِ إِلَى نُونِ الْعَظَمَةِ أَوْلَى مِنَ الْوَصْفِ بِالِاسْمِ لِمَا يَدُلُّ الْإِسْنَادُ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - مِنَ التَّعْظِيمِ وَالتَّشْرِيفِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الِاسْمِ لَوْ كَانَ التَّرْكِيبُ : مُنَزَّلٌ ، أَوْ مُنَزَّلٌ مِنَّا ، وَبِرْكَةُ الْقُرْآنِ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ النَّفْعِ وَالنَّمَاءِ بِجَمْعِ كَلِمَةِ الْعَرَبِ بِهِ ، وَالْمَوَاعِظِ وَالْحِكَمِ ، وَالْإِعْلَامِ بِأَخْبَارِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَالْأُجُورِ التَّالِيَةِ ، وَالشِّفَاءِ مِنَ الْأَدْوَاءِ ، وَالشَّفَاعَةِ لِقَارِئِهِ ، وَعَدِّهِ مِنْ أَهْلِ اللَّهِ ، وَكَوْنِهِ مَعَ الْمُكْرَمِينَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْبَرَكَاتِ الَّتِي لَا تُحْصَى ، ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِاتِّبَاعِهِ وَهُوَ الْعَمَلُ بِمَا فِيهِ وَالِانْتِهَاءُ إِلَى مَا تَضَمَّنَهُ وَالرُّجُوعُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْمُشْكِلَاتِ . وَالظَّاهِرُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=155وَاتَّقُوا ) أَنَّهُ أَمْرٌ بِالتَّقْوَى الْعَامَّةِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ . وَقِيلَ : وَاتَّقُوا مُخَالَفَتَهُ لِرَجَاءِ الرَّحْمَةِ ، وَقَالَ
التِّبْرِيزِيُّ : اتَّقُوا غَيْرَهُ فَإِنَّهُ مَنْسُوخٌ ، وَقَالَ
التِّبْرِيزِيُّ : فِي الْكَلَامِ إِشَارَةٌ وَهُوَ وَصْفُ اللَّهِ التَّوْرَاةَ بِالتَّمَامِ ، وَالتَّمَامُ يُؤْذِنُ بِالِانْصِرَامِ . قَالَ الشَّاعِرُ :
إِذَا تَمَّ أَمَرٌ بَدَا نَقْصُهُ تَوَقَّعْ زَوَالًا إِذَا قِيلَ تَمَّ
فَنَسَخَهَا اللَّهُ بِالْقُرْآنِ وَدَيَّنَهَا بِالْإِسْلَامِ ، وَوَصَفَ الْقُرْآنَ بِأَنَّهُ مُبَارَكٌ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ ، وَالْمُبَارَكُ هُوَ الثَّابِتُ الدَّائِمُ فِي ازْدِيَادٍ ، وَذَلِكَ مُشْعِرٌ بِبَقَائِهِ وَدَوَامِهِ .