إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون هم الملائكة عليهم السلام ومعنى العندية الزلفى والقرب منه تعالى بالمكانة لا بالمكان ، وذلك لتوفرهم على طاعته وابتغاء مرضاته ، ولما أمر تعالى بالذكر ورغب في المواظبة عليه ذكر من شأنهم ذلك فأخبر عنهم بأخبار ثلاثة ، [ ص: 454 ] الأول : نفي الاستكبار عن عبادته ، وذلك هو إظهار العبودية ، ونفي الاستكبار هو الموجب للطاعات كما أن الاستكبار هو الموجب للعصيان ؛ لأن المستكبر يرى لنفسه شفوفا ومزية فيمنعه ذلك من الطاعة ، الثاني : إثبات التسبيح منهم له تعالى وهو التنزيه والتطهير عن جميع ما لا يليق بذاته المقدسة ، والثالث : السجود له ، قيل : وتقديم المجرور يؤذن بالاختصاص ، أي لا يسجدون إلا له ، والذي يظهر أنه إنما قدم المجرور ليقع الفعل فاصلة ، فأخره لذلك ليناسب ما قبله من رءوس الآي ، ولما كانت العبادة ناشئة عن انتفاء الاستكبار ، وكانت على قسمين : عبادة قلبية وعبادة جسمانية ذكرهما ، فالقلبية : تنزيه الله تعالى عن كل سوء ، والجسمانية : السجود وهو الحال التي يكون العبد فيها أقرب إلى الله تعالى ، ، وفي الحديث : أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع شبر إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد وله يسجدون هو مكان سجدة ، وقيل : : ألم تنزيل : وحم تنزيل والنجم والعلق ، وذكر عن سجود التلاوة أربع سجدات أنها عشر أسقط آخر الحج وص وثلاثا في المفصل ، وروي عن ابن عباس مالك إحدى عشرة ، أسقط آخرة الحج وثلاث المفصل ، وعن ابن وهب أربع عشرة أسقط ثانية الحج ، وهو قول أبي حنيفة ، لكن والشافعي أبو حنيفة أسقط ثانية الحج وأثبت ص ، وعكس ، وعن الشافعي ابن وهب أيضا وابن حبيب خمس عشرة آخرها خاتمة العلق ، وعن بعض العلماء ست عشرة ، وزاد سجدة الحجر ، والجمهور على أنه ليس بواجب ، وقال أبو حنيفة هو واجب ولا خلاف في أن شرطه شرط الصلاة من طهارة خبث وحدث ونية واستقبال ووقت ، إلا ما روى عن البخاري ابن عمرو عن وابن المنكدر أنه يسجد على غير طهارة ، وذهب الشعبي الشافعي وأحمد وإسحاق إلى أنه يكبر ويرفع اليدين ، وقال مالك : يكبر لها في الخفض والرفع في الصلاة ، وأما في غير الصلاة فاختلف عنه ويسلم عند الجمهور ، وقال جماعة من السلف وإسحاق : لا يسلم ووقتها سائر الأوقات مطلقا لأنها صلاة بسبب ، وهو قول الشافعي وجماعة ، وقيل : ما لم يسفر ولم تصفر الشمس ، وقيل : لا يسجد بعد الصبح ولا بعد العصر ، وقيل : بعد الصبح لا بعد العصر ، وثلاثة الأقوال هذه في مذهب مالك ، وفي سنن عن ابن ماجه أنه عليه السلام : كان يقول في ابن عباس سجود التلاوة ، ومشهور مذهب مالك أنه لا يسجد في الفريضة سرا كانت أو جهرا ، ومذهب اللهم احطط عني بها وزرا واكتب لي بها أجرا واجعلها لي عندك ذخرا أبي حنيفة أنه واجب على السامع قصد الاستماع أو لا . والحمد لله أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا .