nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=13ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله الإشارة إلى ما حل بهم من إلقاء الرعب في قلوبهم وما أصابهم من الضرب والقتل ، والكاف لخطاب الرسول ، أو لخطاب كل سامع ، أو لخطاب الكفار على سبيل الالتفات ، وذلك مبتدأ وبأنهم هو الخبر ، والضمير عائد على الكفار ، وتقدم الكلام في المشاقة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137فإنما هم في شقاق والمشاقة هنا مفاعلة ، فكأنه تعالى لما شرع شرعا وأمر بأوامر وكذبوا بها وصدوا تباعد ما بينهم وانفصل وانشق ، وعبر
المفسرون في قوله : شاقوا الله ، أي : صاروا في شق غير شقه .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=13ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب أجمعوا على الفك في يشاقق اتباعا لخط المصحف ، وهي لغة
الحجاز ، والإدغام لغة
تميم ، كما جاء في الآية الأخرى ،
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4ومن يشاق الله ; وقيل : فيه حذف مضاف ، تقديره : شاقوا
[ ص: 472 ] أولياء الله ، ومن شرطية ، والجواب فإن وما بعدها ، والعائد على من محذوف ، أي : شديد العقاب له ، وتضمن وعيدا وتهديدا ، وبدأهم بعذاب الدنيا من القتل والأسر والاستيلاء عليهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=14ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار جمع بين العذابين عذاب الدنيا وهو المعجل ، وعذاب الآخرة وهو المؤجل ، والإشارة بذلكم إلى ما حل بهم من عذاب الدنيا ، والخطاب للمشاقين ، ولما كان عذاب الدنيا بالنسبة إلى عذاب الآخرة يسيرا سمى ما أصابهم منه ذوقا ; لأن الذوق يعرف به الطعم ، وهو يسير ليعرف به حال الطعم الكثير ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=51ثم إنكم أيها الضالون المكذبون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=52لآكلون من شجر من زقوم nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=53فمالئون منها البطون فما حصل لهم من العذاب في الدنيا كالذوق القليل بالنسبة إلى ما أعد لهم في الآخرة من العذاب العظيم ، وذلكم مرفوع إما على ابتداء والخبر محذوف ، أي : ذلكم العقاب ، أو على الخبر والمبتدأ محذوف ، أي : العقاب ذلكم ، وهما تقديران
nindex.php?page=showalam&ids=14423للزمخشري . وقال
ابن عطية : أي : ذلكم الضرب والقتل وما أوقع الله بهم يوم
بدر ، فكأنه قال : الأمر ذلكم فذوقوه ، انتهى . وهذا تقدير
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يكون نصبا على عليكم ذلكم فذوقوه ، كقولك زيدا فاضربه ، انتهى ، ولا يجوز هذا التقدير : لأن عليكم من أسماء الأفعال ، وأسماء الأفعال لا تضمر ، وتشبيهه له بقولك : زيدا فاضربه ليس بجيد ; لأنهم لم يقدروه بعليك زيدا فاضربه ، وإنما هذا منصوب على الاشتغال ، وقد أجاز بعضهم في ذلك أن يكون منصوبا على الاشتغال ، وقال بعضهم : لا يجوز أن يكون ذلكم مبتدأ أو فذوقوه خبرا ; لأن ما بعد الفاء لا يكون خبرا لمبتدأ ، إلا أن يكون المبتدأ اسما موصولا أو نكرة موصوفة ، نحو : الذي يأتيني فله درهم ، وكل رجل في الدار فمكرم ، انتهى ، وهذا الذي قاله صحيح ، ومسألة الاشتغال تنبني على صحة جواز أن يكون ذلكم يصح فيه الابتداء ، إلا أن قولهم : زيدا فاضربه وزيد فاضربه ليست الفاء هنا كالفاء في : الذي يأتيني فله درهم ، لأن هذه الفاء دخلت لتضمن المبتدأ معنى اسم الشرط ، ولذلك شروط ذكرت في النحو ، والفاء في : زيد فاضربه هي جواب لأمر مقدر ومؤخرة من تقديم ، والتقدير : تنبه فزيد اضربه وقالت العرب زيدا فاضربه ، وقدره النحاة : تنبه فاضرب زيدا ، وابتنى الاشتغال في زيدا فاضربه على هذا التقدير ، فقد بان الفرق بين الفاءين ، ولولا هذا التقدير لم يجز : زيدا فاضرب ، بل كان يكون التركيب زيدا اضرب ، كما هو إذا لم يقدر هناك أمر بالتنبيه محذوف . وقرأ
الجمهور : وأن بفتح الهمزة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : عطف على ذلكم في وجهيه ، أو نصب على أن الواو
[ ص: 473 ] بمعنى مع ، ذوقوا هذا العذاب العاجل مع الآجل الذي لكم في الآخرة ، فوضع الظاهر موضع الضمير ، أي مكان : وإن لكم ، وإن للكافرين . وقال
ابن عطية : إما على تقدير : وحتم أن ، فتقدير ابتداء محذوف يكون خبره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : التقدير : الأمر ذلكم ، وإما على تقدير : واعلموا أن ، فهي في موضع نصب ، انتهى . وقرأ
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي nindex.php?page=showalam&ids=16043وسليمان التيمي : وإن ، بكسر الهمزة على استئناف الأخبار .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=13ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ الْإِشَارَةُ إِلَى مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ إِلْقَاءِ الرُّعْبِ فِي قُلُوبِهِمْ وَمَا أَصَابَهُمْ مِنَ الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ ، وَالْكَافُ لِخِطَابِ الرَّسُولِ ، أَوْ لِخِطَابِ كُلِّ سَامِعٍ ، أَوْ لِخِطَابِ الْكُفَّارِ عَلَى سَبِيلِ الِالْتِفَاتِ ، وَذَلِكَ مُبْتَدَأٌ وَبِأَنَّهُمْ هُوَ الْخَبَرُ ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْكُفَّارِ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْمُشَاقَّةِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ وَالْمُشَاقَّةُ هُنَا مُفَاعَلَةٌ ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا شَرَعَ شَرْعًا وَأَمَرَ بِأَوَامِرَ وَكَذَّبُوا بِهَا وَصَدُّوا تَبَاعَدَ مَا بَيْنَهُمْ وَانْفَصَلَ وَانْشَقَّ ، وَعَبَّرَ
الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ : شَاقُّوا اللَّهَ ، أَيْ : صَارُوا فِي شَقٍّ غَيْرِ شَقِّهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=13وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ أَجْمَعُوا عَلَى الْفَكِّ فِي يُشَاقِقِ اتِّبَاعًا لِخَطِّ الْمُصْحَفِ ، وَهِيَ لُغَةُ
الْحِجَازِ ، وَالْإِدْغَامُ لُغَةُ
تَمِيمٍ ، كَمَا جَاءَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى ،
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ ; وَقِيلَ : فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ ، تَقْدِيرُهُ : شَاقُّوا
[ ص: 472 ] أَوْلِيَاءَ اللَّهِ ، وَمَنْ شَرْطِيَّةٌ ، وَالْجَوَابُ فَإِنَّ وَمَا بَعْدَهَا ، وَالْعَائِدُ عَلَى مَنْ مَحْذُوفٌ ، أَيْ : شَدِيدُ الْعِقَابِ لَهُ ، وَتَضَمَّنَ وَعِيدًا وَتَهْدِيدًا ، وَبَدَأَهُمْ بِعَذَابِ الدُّنْيَا مِنَ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=14ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ جَمَعَ بَيْنَ الْعَذَابَيْنِ عَذَابِ الدُّنْيَا وَهُوَ الْمُعَجَّلُ ، وَعَذَابِ الْآخِرَةِ وَهُوَ الْمُؤَجَّلُ ، وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكُمْ إِلَى مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا ، وَالْخِطَابُ لِلْمُشَاقِّينَ ، وَلَمَّا كَانَ عَذَابُ الدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَذَابِ الْآخِرَةِ يَسِيرًا سَمَّى مَا أَصَابَهُمْ مِنْهُ ذَوْقًا ; لِأَنَّ الذَّوْقَ يُعْرَفُ بِهِ الطَّعْمُ ، وَهُوَ يَسِيرٌ لِيُعْرَفَ بِهِ حَالُ الطَّعْمِ الْكَثِيرِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=51ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=52لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=53فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا كَالذَّوْقِ الْقَلِيلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا أُعِدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْعَذَابِ الْعَظِيمِ ، وَذَلِكُمْ مَرْفُوعٌ إِمَّا عَلَى ابْتِدَاءٍ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ : ذَلِكُمُ الْعِقَابُ ، أَوْ عَلَى الْخَبَرِ وَالْمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ ، أَيِ : الْعِقَابُ ذَلِكُمْ ، وَهُمَا تَقْدِيرَانِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423لِلزَّمَخْشَرِيِّ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : أَيْ : ذَلِكُمُ الضَّرْبُ وَالْقَتْلُ وَمَا أَوْقَعَ اللَّهُ بِهِمْ يَوْمَ
بَدْرٍ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : الْأَمْرُ ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ ، انْتَهَى . وَهَذَا تَقْدِيرُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى عَلَيْكُمْ ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ ، كَقَوْلِكَ زَيْدًا فَاضْرِبْهُ ، انْتَهَى ، وَلَا يَجُوزُ هَذَا التَّقْدِيرُ : لِأَنَّ عَلَيْكُمْ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ ، وَأَسْمَاءُ الْأَفْعَالِ لَا تُضْمَرُ ، وَتَشْبِيهُهُ لَهُ بِقَوْلِكَ : زَيْدًا فَاضْرِبْهُ لَيْسَ بِجَيِّدٍ ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَدِّرُوهُ بِعَلَيْكَ زَيْدًا فَاضْرِبْهُ ، وَإِنَّمَا هَذَا مَنْصُوبٌ عَلَى الِاشْتِغَالِ ، وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الِاشْتِغَالِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكُمْ مُبْتَدَأً أَوْ فَذُوقُوهُ خَبَرًا ; لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْفَاءِ لَا يَكُونُ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُبْتَدَأُ اسْمًا مَوْصُولًا أَوْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً ، نَحْوُ : الَّذِي يَأْتِينِي فَلَهُ دِرْهَمٌ ، وَكُلُّ رَجُلٍ فِي الدَّارِ فَمُكْرَمٌ ، انْتَهَى ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ صَحِيحٌ ، وَمَسْأَلَةُ الِاشْتِغَالِ تَنْبَنِي عَلَى صِحَّةِ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكُمْ يَصِحُّ فِيهِ الِابْتِدَاءُ ، إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُمْ : زَيْدًا فَاضْرِبْهُ وَزَيْدٌ فَاضْرِبْهُ لَيْسَتِ الْفَاءُ هُنَا كَالْفَاءِ فِي : الَّذِي يَأْتِينِي فَلَهُ دِرْهَمٌ ، لِأَنَّ هَذِهِ الْفَاءَ دَخَلَتْ لِتَضَمُّنِ الْمُبْتَدَأِ مَعْنَى اسْمِ الشَّرْطِ ، وَلِذَلِكَ شُرُوطٌ ذُكِرَتْ فِي النَّحْوِ ، وَالْفَاءُ فِي : زَيْدٌ فَاضْرِبْهُ هِيَ جَوَابٌ لِأَمْرٍ مُقَدَّرٍ وَمُؤَخَّرَةٌ مِنْ تَقْدِيمٍ ، وَالتَّقْدِيرُ : تَنَبَّهَ فَزَيْدٌ اضْرِبْهُ وَقَالَتِ الْعَرَبُ زَيْدًا فَاضْرِبْهُ ، وَقَدَّرَهُ النُّحَاةُ : تَنَبَّهَ فَاضْرِبْ زَيْدًا ، وَابْتَنَى الِاشْتِغَالُ فِي زَيْدًا فَاضْرِبْهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ، فَقَدْ بَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَاءَيْنِ ، وَلَوْلَا هَذَا التَّقْدِيرُ لَمْ يَجُزْ : زَيْدًا فَاضْرِبْ ، بَلْ كَانَ يَكُونُ التَّرْكِيبُ زَيْدًا اضْرِبْ ، كَمَا هُوَ إِذَا لَمْ يُقَدَّرْ هُنَاكَ أَمْرٌ بِالتَّنْبِيهِ مَحْذُوفٌ . وَقَرَأَ
الْجُمْهُورُ : وَأَنَّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : عُطِفَ عَلَى ذَلِكُمْ فِي وَجْهَيْهِ ، أَوْ نُصِبَ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ
[ ص: 473 ] بِمَعْنَى مَعَ ، ذُوقُوا هَذَا الْعَذَابَ الْعَاجِلَ مَعَ الْآجِلِ الَّذِي لَكُمْ فِي الْآخِرَةِ ، فَوُضِعَ الظَّاهِرُ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ ، أَيْ مَكَانَ : وَإِنَّ لَكُمْ ، وَإِنَّ لِلْكَافِرِينَ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : إِمَّا عَلَى تَقْدِيرِ : وَحَتْمٌ أَنَّ ، فَتَقْدِيرُ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ يَكُونُ خَبَرَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : التَّقْدِيرُ : الْأَمْرُ ذَلِكُمْ ، وَإِمَّا عَلَى تَقْدِيرِ : وَاعْلَمُوا أَنَّ ، فَهِيَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ، انْتَهَى . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=16043وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ : وَإِنَّ ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى اسْتِئْنَافِ الْأَخْبَارِ .