وأما اليتامى والمساكين وابن السبيل فدول هذا العصر لا تجعل لهم حقا في أموال الدولة بهذه العناوين والألقاب ، ولكن الدول المنظمة التي تعنى بأمور الشعب تخصص للفقراء الذين لا يجدون أعمالا يرزقون منها مالا يكفيهم . وبعض الحكومات تعطي هؤلاء المحتاجين إعانات من الأوقاف الخيرية التي تتولى أمر استغلالها ، وإنفاق ريعها على المستحقين له .
هذا هو المدرك الظاهر لقسمة خمس الغنيمة ، وتوجيه بما يقرب من نظم بعض حكومات العصر ، وقد توسع في هذا التوجيه لمصارف الخمس وغير الخمس من أموال الدولة الإسلامية العلامة الهندي الأكبر ، الملقب بمجدد الألف الثاني عشر ،
الشيخ ولي الله الدهلوي في كتابه الحجة البالغة فقال رحمه الله : ( واعلم ) أن
nindex.php?page=treesubj&link=8419الأموال المأخوذة من الكفار على قسمين : ما حصل منهم بإيجاف الخيل والركاب ، واحتمال أعباء القتال وهو الغنيمة ، وما حصل منهم بغير قتال كالجزية والخراج والعشور المأخوذة من تجارهم ، وما بذلوا صلحا أو هربوا عنه فزعا . فالغنيمة تخمس ، ويصرف الخمس إلى ما ذكر الله تعالى في كتابه حيث قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فيوضع سهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعده في مصالح المسلمين الأهم فالأهم ، وسهم ذوي القربى في
بني هاشم وبني المطلب الفقير منهم والغني ، والذكر والأنثى . وعندي أنه يخير الإمام في تعيين المقادير ، وكان
عمر ـ رضي الله عنه ـ يزيد في فرض آل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من بيت المال ويعين
[ ص: 11 ] المدين منهم والناكح وذا الحاجة ، وسهم اليتامى لصغير فقير لا أب له ، وسهم الفقراء والمساكين لهم ، يفوض كل ذلك إلى الإمام يجتهد في الفرض ، وتقديم الأهم فالأهم ، ويفعل ما أدى إليه اجتهاده ،
nindex.php?page=treesubj&link=8435ويقسم أربعة أخماسه في الغانمين .
يجتهد الإمام ( أولا ) في حال الجيش ، فمن كان نفله أوفق بمصلحة المسلمين نفل له ، وذلك بإحدى ثلاث : ( أولاها ) أن يكون الإمام دخل دار الحرب فبعث سرية تغير على قرية مثلا فيجعل لها الربع بعد الخمس أو الثلث بعد الخمس ، فما قدمت به السرية رفع خمسه ثم أعطى السرية ربع ما غبر أو ثلثه وجعل الباقي في المغانم .
( وثانيتها ) أن يجعل الإمام جعلا لمن يعمل عملا فيه غناء عن المسلمين ، مثل أن يقول : من طلع هذا الحصن فله كذا ، من جاء بأسير فله كذا ، من قتل قتيلا فله سلبه ، فإن شرط من مال المسلمين أعطى منه ، وإن شرط من الغنيمة أعطى من أربعة أخماس .
( وثالثتها ) أن يخص به الإمام بعض الغانمين بشيء لعنائه وبأسه كما
nindex.php?page=hadith&LINKID=920156أعطى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع في غزوة ذي قرد سهم الفارس والراجل ، حيث ظهر منه نفع عظيم للمسلمين . والأصح عندي أن
nindex.php?page=treesubj&link=8557السلب إنما يستحقه القاتل بجعل الإمام قبل القتل أو تنفيله بعده ، ويرفع ما ينبغي أن
nindex.php?page=treesubj&link=8535يرضخ دون السهم للنساء يداوين المرضى ، ويطبخن الطعام ، ويصلحن شأن الغزاة ، وللعبيد والصبيان
وأهل الذمة الذين أذن لهم الإمام إن حصل منهم نفع للغزاة ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=8428عثر على أن شيئا من الغنيمة كان مال مسلم ظفر به العدو رد عليه بلا شيء ، ثم يقسم الباقي على من حضر الوقعة ، للفارس ثلاثة أسهم ، وللراجل سهم . وعندي أنه إن رأى الإمام أن يزيد لركبان الإبل أو للرماة شيئا أو يفضل العراب على البراذين بشيء دون السهم فله ذلك بعد أن يشاور أهل الرأي ، ويكون أمرا لا يختلف عليه لأجله ، وبه يجمع ( بين ) اختلاف سير النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه ـ رضي الله عنهم ـ في الباب ، ومن بعثه الأمير لمصلحة الجيش كالبريد والطليعة والجاسوس يسهم له ، وإن لم يحضر الوقعة كما كان
لعثمان يوم
بدر .
"
nindex.php?page=treesubj&link=8585وأما الفيء فمصرفه ما بين الله تعالى حيث قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=10رءوف رحيم [ ص: 12 ] ( 59 : 7 - 10 ) ولما قرأها
عمر ـ رضي الله عنه ـ قال : هذه استوعبت المسلمين فيصرفه إلى الأهم فالأهم ، وينظر في ذلك إلى مصالح المسلمين لا مصلحته الخاصة به .
" واختلفت السنن في
nindex.php?page=treesubj&link=8574كيفية قسمة الفيء ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=920157فكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أتاه الفيء قسمه في يومه فأعطى الآهل حظين ، وأعطى الأعزب حظا ، وكان
أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يقسم للحر وللعبد يتوخى كفاية الحاجة ، ووضع
عمر ـ رضي الله عنه ـ الديوان على السوابق والحاجات ، فالرجل وقدمه والرجل وبلاؤه ، والرجل وعياله ، والرجل وحاجته ، والأصل في كل ما كان مثل هذا من الاختلاف أن يحمل على أنه إنما فعل ذلك على الاجتهاد فتوخى كل المصلحة بحسب ما رأى في وقته .
"
nindex.php?page=treesubj&link=26045_27735والأراضي التي غلب عليها المسلمون للإمام فيها الخيار إن شاء قسمها في الغانمين ، وإن شاء أوقفها على الغزاة كما
فعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بخيبر قسم نصفها ، ووقف نصفها ، ووقف
عمر ـ رضي الله عنه ـ
أرض السواد ، وإن شاء أسكنها الكفار ذمة لنا ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=920159وأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معاذا ـ رضي الله عنه ـ أن يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله معافر ، وفرض
عمر ـ رضي الله عنه ـ على الموسر ثمانية وأربعين درهما ، وعلى المتوسط أربعة وعشرين ، وعلى الفقير المعتمل اثني عشر . ومن هنا يعلم أن قدره مفوض إلى الإمام يفعل ما يرى من المصلحة ، ولذلك اختلفت سيرهم . وكذلك الحكم عندي في مقادير الخراج ، وجميع ما اختلفت فيه سير النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخلفائه ـ رضي الله عنهم ـ وإنما أباح الله لنا الغنيمة والفيء لما بينه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920160لم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920161إن الله فضل أمتي على الأمم وأحل لنا الغنائم وقد شرحنا هذا في القسم الأول فلا نعيده .
وَأَمَّا الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ وَابْنُ السَّبِيلِ فَدُوَلُ هَذَا الْعَصْرِ لَا تَجْعَلُ لَهُمْ حَقًّا فِي أَمْوَالِ الدَّوْلَةِ بِهَذِهِ الْعَنَاوِينِ وَالْأَلْقَابِ ، وَلَكِنَّ الدُّوَلَ الْمُنَظَّمَةَ الَّتِي تُعْنَى بِأُمُورِ الشَّعْبِ تُخَصِّصُ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ أَعْمَالًا يُرْزَقُونَ مِنْهَا مَالًا يَكْفِيهِمْ . وَبَعْضُ الْحُكُومَاتِ تُعْطِي هَؤُلَاءِ الْمُحْتَاجِينَ إِعَانَاتٍ مِنَ الْأَوْقَافِ الْخَيْرِيَّةِ الَّتِي تَتَوَلَّى أَمْرَ اسْتِغْلَالِهَا ، وَإِنْفَاقَ رِيعِهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ لَهُ .
هَذَا هُوَ الْمُدْرَكُ الظَّاهِرُ لِقِسْمَةِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ ، وَتَوْجِيهٌ بِمَا يَقْرُبُ مِنْ نُظُمِ بَعْضِ حُكُومَاتِ الْعَصْرِ ، وَقَدْ تَوَسَّعَ فِي هَذَا التَّوْجِيهِ لِمَصَارِفِ الْخُمُسِ وَغَيْرِ الْخُمُسِ مِنْ أَمْوَالِ الدَّوْلَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْعَلَّامَةُ الْهِنْدِيُّ الْأَكْبَرُ ، الْمُلَقَّبُ بِمُجَدِّدِ الْأَلْفِ الثَّانِي عَشَرَ ،
الشَّيْخُ وَلِيُّ اللَّهِ الدَّهْلَوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : ( وَاعْلَمْ ) أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=8419الْأَمْوَالَ الْمَأْخُوذَةَ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى قِسْمَيْنِ : مَا حُصِّلَ مِنْهُمْ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ ، وَاحْتِمَالِ أَعْبَاءِ الْقِتَالِ وَهُوَ الْغَنِيمَةُ ، وَمَا حُصِّلَ مِنْهُمْ بِغَيْرِ قِتَالٍ كَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ وَالْعُشُورِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ تُجَّارِهِمْ ، وَمَا بَذَلُوا صُلْحًا أَوْ هَرَبُوا عَنْهُ فَزَعًا . فَالْغَنِيمَةُ تُخَمَّسُ ، وَيُصْرَفُ الْخُمُسُ إِلَى مَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَيُوضَعُ سَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَعْدَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ ، وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى فِي
بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ الْفَقِيرِ مِنْهُمْ وَالْغَنِيِّ ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى . وَعِنْدِي أَنَّهُ يُخَيَّرُ الْإِمَامَ فِي تَعْيِينِ الْمَقَادِيرِ ، وَكَانَ
عُمَرُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ يَزِيدُ فِي فَرْضِ آلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيُعِينُ
[ ص: 11 ] الْمَدِينَ مِنْهُمْ وَالنَّاكِحَ وَذَا الْحَاجَةِ ، وَسَهْمُ الْيَتَامَى لِصَغِيرٍ فَقِيرٍ لَا أَبَ لَهُ ، وَسَهْمُ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَهُمْ ، يُفَوَّضُ كُلُّ ذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ يَجْتَهِدُ فِي الْفَرْضِ ، وَتَقْدِيمِ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ ، وَيَفْعَلُ مَا أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=8435وَيُقَسِّمُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ فِي الْغَانِمِينَ .
يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ ( أَوَّلًا ) فِي حَالِ الْجَيْشِ ، فَمَنْ كَانَ نَفْلُهُ أَوْفَقَ بِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ نَفَلَ لَهُ ، وَذَلِكَ بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : ( أُولَاهَا ) أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَبَعَثَ سَرِيَّةً تُغِيرُ عَلَى قَرْيَةٍ مَثَلًا فَيَجْعَلُ لَهَا الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ أَوِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ ، فَمَا قَدِمَتْ بِهِ السَّرِيَّةُ رَفَعَ خُمُسَهُ ثُمَّ أَعْطَى السَّرِيَّةَ رُبُعَ مَا غَبَرَ أَوْ ثُلُثَهُ وَجَعَلَ الْبَاقِيَ فِي الْمَغَانِمِ .
( وَثَانِيَتُهَا ) أَنْ يَجْعَلَ الْإِمَامُ جُعْلًا لِمَنْ يَعْمَلُ عَمَلًا فِيهِ غَنَاءٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : مَنْ طَلَعَ هَذَا الْحِصْنَ فَلَهُ كَذَا ، مَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ فَلَهُ كَذَا ، مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ ، فَإِنْ شَرَطَ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ أَعْطَى مِنْهُ ، وَإِنْ شَرَطَ مِنَ الْغَنِيمَةِ أَعْطَى مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ .
( وَثَالِثَتُهَا ) أَنْ يَخُصَّ بِهِ الْإِمَامُ بَعْضَ الْغَانِمِينَ بِشَيْءٍ لِعَنَائِهِ وَبَأْسِهِ كَمَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=920156أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ nindex.php?page=showalam&ids=119سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ فِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ سَهْمَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ ، حَيْثُ ظَهَرَ مِنْهُ نَفْعٌ عَظِيمٌ لِلْمُسْلِمِينَ . وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=8557السَّلَبَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِلُ بِجَعْلِ الْإِمَامِ قَبْلَ الْقَتْلِ أَوْ تَنْفِيلِهِ بَعْدَهُ ، وَيَرْفَعُ مَا يَنْبَغِي أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=8535يَرْضَخَ دُونَ السَّهْمِ لِلنِّسَاءِ يُدَاوِينَ الْمَرْضَى ، وَيَطْبُخْنَ الطَّعَامَ ، وَيُصْلِحْنَ شَأْنَ الْغُزَاةِ ، وَلِلْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ
وَأَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ أَذِنَ لَهُمُ الْإِمَامُ إِنْ حَصَلَ مِنْهُمْ نَفْعٌ لِلْغُزَاةِ ، وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=8428عُثِرَ عَلَى أَنَّ شَيْئًا مِنَ الْغَنِيمَةِ كَانَ مَالَ مُسْلِمٍ ظَفِرَ بِهِ الْعَدُوُّ رُدَّ عَلَيْهِ بِلَا شَيْءٍ ، ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ ، لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ . وَعِنْدِي أَنَّهُ إِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَزِيدَ لِرُكْبَانِ الْإِبِلِ أَوْ لِلرُّمَاةِ شَيْئًا أَوْ يُفَضِّلُ الْعِرَابَ عَلَى الْبَرَاذِينِ بِشَيْءٍ دُونَ السَّهْمِ فَلَهُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُشَاوِرَ أَهْلَ الرَّأْيِ ، وَيَكُونُ أَمْرًا لَا يُخْتَلَفُ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ ، وَبِهِ يُجْمَعُ ( بَيْنَ ) اخْتِلَافِ سِيَرِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَصْحَابِهِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ فِي الْبَابِ ، وَمَنْ بَعَثَهُ الْأَمِيرُ لِمَصْلَحَةِ الْجَيْشِ كَالْبَرِيدِ وَالطَّلِيعَةِ وَالْجَاسُوسِ يُسْهَمُ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْوَقْعَةَ كَمَا كَانَ
لِعُثْمَانَ يَوْمَ
بَدْرٍ .
"
nindex.php?page=treesubj&link=8585وَأَمَّا الْفَيْءُ فَمَصْرِفُهُ مَا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=10رَءُوفٌ رَحِيمٌ [ ص: 12 ] ( 59 : 7 - 10 ) وَلَمَّا قَرَأَهَا
عُمَرُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ : هَذِهِ اسْتَوْعَبَتِ الْمُسْلِمِينَ فَيَصْرِفُهُ إِلَى الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ ، وَيَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ لَا مَصْلَحَتِهِ الْخَاصَّةِ بِهِ .
" وَاخْتَلَفَتِ السُّنَنُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=8574كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الْفَيْءِ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=920157فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِذَا أَتَاهُ الْفَيْءُ قَسَمَهُ فِي يَوْمِهِ فَأَعْطَى الْآهِلَ حَظَّيْنِ ، وَأَعْطَى الْأَعْزَبَ حَظًّا ، وَكَانَ
أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ يَقْسِمُ لِلْحُرِّ وَلِلْعَبْدِ يَتَوَخَّى كِفَايَةَ الْحَاجَةِ ، وَوَضَعَ
عُمَرُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ الدِّيوَانَ عَلَى السَّوَابِقِ وَالْحَاجَاتِ ، فَالرَّجُلُ وَقِدَمُهُ وَالرَّجُلُ وَبَلَاؤُهُ ، وَالرَّجُلُ وَعِيَالُهُ ، وَالرَّجُلُ وَحَاجَتُهُ ، وَالْأَصْلُ فِي كُلِّ مَا كَانَ مِثْلَ هَذَا مِنَ الِاخْتِلَافِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى الِاجْتِهَادِ فَتَوَخَّى كُلٌّ الْمَصْلَحَةَ بِحَسَبِ مَا رَأَى فِي وَقْتِهِ .
"
nindex.php?page=treesubj&link=26045_27735وَالْأَرَاضِي الَّتِي غَلَبَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ لِلْإِمَامِ فِيهَا الْخِيَارُ إِنْ شَاءَ قَسَمَهَا فِي الْغَانِمِينَ ، وَإِنْ شَاءَ أَوْقَفَهَا عَلَى الْغُزَاةِ كَمَا
فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِخَيْبَرَ قَسَمَ نِصْفَهَا ، وَوَقَفَ نِصْفَهَا ، وَوَقَفَ
عُمَرُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ
أَرْضَ السَّوَادِ ، وَإِنْ شَاءَ أَسْكَنَهَا الْكُفَّارَ ذِمَّةً لَنَا ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=920159وَأَمَرَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مُعَاذًا ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مَعَافِرَ ، وَفَرَضَ
عُمَرُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ عَلَى الْمُوسِرِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ، وَعَلَى الْفَقِيرِ الْمُعْتَمَلِ اثْنَيْ عَشَرَ . وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ قَدْرَهُ مُفَوَّضٌ إِلَى الْإِمَامِ يَفْعَلُ مَا يَرَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ ، وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ سِيَرُهُمْ . وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدِي فِي مَقَادِيرِ الْخَرَاجِ ، وَجَمِيعِ مَا اخْتَلَفَتْ فِيهِ سِيَرُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَخُلَفَائِهِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ وَإِنَّمَا أَبَاحَ اللَّهُ لَنَا الْغَنِيمَةَ وَالْفَيْءَ لِمَا بَيَّنَهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَيْثُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920160لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ مِنْ قَبْلِنَا ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا وَقَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920161إِنَّ اللَّهَ فَضَلَّ أُمَّتِي عَلَى الْأُمَمِ وَأَحَلَّ لَنَا الْغَنَائِمَ وَقَدْ شَرَحْنَا هَذَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَلَا نُعِيدُهُ .