[ ص: 376 ] الكلمة الأولى في الهجرة المحمدية :
كان من
nindex.php?page=treesubj&link=28747حكمة الله تعالى في رسالة محمد خاتم النبيين ، المرسل رحمة للعالمين ، ومصلحا للناس أجمعين ، أن أعدلها في المرتبة الأولى الأمة العربية الأمية باستقلال الفكر ، وقوة الإرادة ، وذكاء القريحة ، وارتقاء اللغة والسلامة ، مما منيت به أمم الحضارة من الاستذلال والاستعباد للملوك والأمراء ورؤساء الدين . ثم كان من حكمته تعالى أن عادى هذه الدعوة والقائم بها كبراء قومه
قريش ، كبرا وبغيا وعلوا واستكبارا عن الاعتراف بضلالهم وضلال آبائهم وأجدادهم في شركهم ، لئلا يكون في ظهورها بالحق شبهة يظن بها أنها إنما قامت بعصبية
قريش ، وكان له ـ صلى الله عليه وسلم ـ بضعة أعمام لم يؤمن به منهم من السابقين إلا
حمزة ـ رضي الله عنه ـ أخوه في الرضاع وقريبه من جهة الأم ، فإن أمه ابنة عم
آمنة أم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وقد آمن في السنة الثانية من بعثته . وكان
أبو لهب عمه الكبير الغني أول من صارحه العداوة ، فقال
لقريش : خذوا على يديه ، قبل أن تجتمع العرب عليه . وحسبك ما أنزل الله فيه وفي امرأته حمالة الحطب ، وكان عمه
أبو طالب هو الذي كفله بعد وفاة جده
شيبة الحمد عبد المطلب ، وإنما كان يحميه ويدافع عنه لعصبية القرابة والتربية ، وكان لزوجه أم المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة ـ رضي الله عنها ـ مقام كبير في
قريش ، كان له تأثير سلبي في تقليل إيذائه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وقد توفيت هي
وأبو طالب في أسبوع واحد ، فاشتد إيذاء
قريش له بعدهما ، حتى أجمعوا على قتله قتلة تشترك فيها جميع قبائل
قريش ، بأن يأخذوا من كل قبيلة منها شابا نهدا قويا يعطونه سيفا فيحمل عليه هؤلاء الشبان حملة رجل واحد فيقطعونه بسيوفهم ؛ ليضيع دمه بين القبائل ، ويتعذر على
بني هاشم الأخذ بثأره على حسب عادة العرب فيرضون بالدية . عند هذا أمره الله تعالى بالهجرة إلى
يثرب التي صار اسمها
المدينة المنورة بهجرته إليها ، وكان قد آمن به وبايعه من أهلها
الأنصار في الموسم من جعلهم الله تعالى مقدمة لإيمان غيرهم من
الأنصار الكرام .
لم يكاشف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهجرته أحدا غير صاحبه الأول
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق : الذي كان
nindex.php?page=treesubj&link=29277أول من آمن به ممن دعاهم إلى الإسلام بعد أهل بيته ( وهم زوجه
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة وعتيقه
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة وربيبه
علي ، وكان دون البلوغ ، وهؤلاء قد علموا بنبوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصدقوه قبل أن يأمره الله بالجهر بالدعوة فكان
أبو بكر صاحبه الملازم ، ومستشاره الدائم ، ووزيره الأكبر وموضع سره ، وإنما كان رضي الله تعالى عنه أول من أسلم ؛ لأنه كان أشد هذه الأمة استعدادا لنور الإسلام بسلامة فطرته ، وطهارة نفسه ، وقوة عقله ، وعرفانه بفضائل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل النبوة ، وقد كان صديقه من سن الشباب .
[ ص: 377 ] وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يعرض الإسلام على أحد إلا وكان له فيه كبوة إلا
أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ ، وإننا نذكر أصح ما أورده نقاد المحدثين من خبر الهجرة . وأوضحه وأبسطه ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة والإمام
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري وغيرهم من حديث
عائشة ـ رضي الله عنها ـ فنبدأ به ، ونقفي عليه بأحاديث أخرى من الجامع الصحيح غير ناظرين إلى روايتها في غيره ، ثم نشير إلى غيرها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب الهجرة من صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17320يحيى بن بكير حدثنا
الليث عن
عقيل قال
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب : فأخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير أن
عائشة ـ رضي الله عنها ـ زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قالت : لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ طرفي النهار بكرة وعشية ، فلما ابتلي المسلمون خرج
أبو بكر مهاجرا نحو أرض
الحبشة حتى بلغ
برك الغماد لقيه
ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال : أين تريد يا
أبا بكر ؟ فقال
أبو بكر : أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي . قال
ابن الدغنة : فإن مثلك يا
أبا بكر لا يخرج ولا يخرج ، إنك تكسب المعدوم ، وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق فأنا لك جار ، ارجع واعبد ربك ببلدك ، فرجع وارتحل معه
ابن الدغنة ، فطاف
ابن الدغنة عشية في أشراف
قريش فقال لهم : إن
أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج ، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ، ويصل الرحم ، ويحمل الكل ، ويقري الضيف ، ويعين على نوائب الحق ؟ فلم تكذب
قريش جوار
ابن الدغنة ، وقالوا
لابن الدغنة : مر
أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا فقال ذلك
ابن الدغنة لأبي بكر ، فلبث
أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره ، ولا يستعلن بصلاته ، ولا يقرأ في غير داره ، ثم بدا
لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يتعجبون منه وينظرون إليه ، وكان
أبو بكر [ ص: 378 ] رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن . وأفزع ذلك أشراف
قريش من المشركين فأرسلوا إلى
ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا : إنا كنا أجرنا
أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره ، فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه ، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه ، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن بذلك ، فسله أن يرد إليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين
لأبي بكر الاستعلان . قالت
عائشة : فأتى
ابن الدغنة إلى
أبي بكر . فقال : قد علمت الذي عاقدت لك عليه ، فإما أن تقتصر على ذلك ، وإما أن ترجع إلي ذمتي ، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له ، فقال
أبو بكر : فإني أرد إليك جوارك ، وأرضى بجوار الله عز وجل .
والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يومئذ بمكة ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للمسلمين : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=920308إني أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين " وهما الحرتان ، فهاجر من هاجر قبل
المدينة ، ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى
المدينة ، وتجهز
أبو بكر قبل
المدينة nindex.php?page=hadith&LINKID=920309فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي " فقال أبو بكر : وهل ترجو ذلك بأبي أنت ؟ قال : " نعم " فحبس
أبو بكر نفسه على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليصحبه ، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر وهو الخبط أربعة أشهر .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب : قال
عروة قالت
عائشة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003434فبينما نحن يوما جلوسا في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر : هذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها ، فقال أبو بكر : فداء له أبي وأمي ، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر . قالت : فجاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاستأذن له ، فدخل فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي بكر : " أخرج من عندك " فقال أبو بكر : إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله ، قال : " إني قد أذن لي في الخروج " فقال أبو بكر : الصحبة بأبي أنت يا رسول الله . قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " نعم " . قال أبو بكر : فخذ بأبي أنت [ ص: 379 ] يا رسول الله - إحدى راحلتي هاتين . قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " بالثمن " . قالت عائشة : فجهزناهما أحث الجهاز . وصنعنا لهما سفرة في جراب ، فقطعت nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب ، فبذلك سميت nindex.php?page=treesubj&link=31526ذات النطاق . قالت : ثم لحق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبو بكر بغار في جبل ثور فكمنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما nindex.php?page=showalam&ids=16397عبد الله بن أبي بكر ، وهو غلام شاب ثقف لقن فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت ، فلا يسمع أمرا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم ، فيريحها عليهما حين يذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسل وهو لبن منحتهما ورضيفهما حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس ، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث . واستأجر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبو بكر رجلا من بني الديل وهو من بني عبد بن عدي هاديا خريتا - والخريت الماهر بالهداية - قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي ، وهو على دين كفار قريش ، فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث ، وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم طريق السواحل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب : وأخبرني
عبد الرحمن بن مالك المدلجي ، وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم أن أباه أخبره أنه سمع
سراقة بن جعشم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003435جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبي بكر دية كل واحد منهما من قتله أو أسره ، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس ، فقال : يا سراقة إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل أراها محمدا وأصحابه ، قال سراقة : فعرفت أنهم هم ، فقلت له : إنهم ليسوا بهم ، ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا ، ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت فدخلت ، فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها علي ، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فحططت بزجه [ ص: 380 ] الأرض وخفضت عاليه حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم ، فعثرت بي فرسي فخررت عنها فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا ، فخرج الذي أكره ، فركبت فرسي وعصيت الأزلام تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات ، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين ، فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت لم تكد تخرج يديها ، فلما استوت قائمة إذ لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان ، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره فناديتهم بالأمان فوقفوا ، فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقلت له : إن قومك قد جعلوا فيك الدية ، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم ، وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني ولم يسألاني إلا أن قال : " أخف عنا " فسألته أن يكتب لي كتاب أمن ، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم ثم مضى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب فأخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير nindex.php?page=hadith&LINKID=2003436أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشام ، فكسا الزبير رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبا بكر ثياب بياض ، وسمع المسلمون بالمدينة nindex.php?page=treesubj&link=29301مخرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة ، فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم فلما أووا إلى بيوتهم أو في رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه ، فبصر برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته : يا معشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرون . فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل [ ص: 381 ] بهم في بني عمرو بن عوف ، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول ، فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صامتا ، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحيي أبا بكر حتى أصابت الشمس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه فعرف الناس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند ذلك ، فلبث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة ، nindex.php?page=treesubj&link=29303وأسس المسجد الذي أسس على التقوى ، وصلى فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم ركب راحلته فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول بالمدينة ، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين ، وكان مربدا للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر nindex.php?page=showalam&ids=103أسعد بن زرارة . فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين بركت به راحلته ، هذا إن شاء الله المنزل ، ثم دعا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا : لا ، بل نهبه لك يا رسول الله ، ثم بناه مسجدا وطفق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينقل معهم اللبن في بنيانه ويقول وهو ينقل اللبن :
هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر ربنا وأطهر
ويقول :
" اللهم إن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة "
فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب : ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت .
( حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12508عبد الله بن أبي شيبة حدثنا
أبو أسامة حدثنا
هشام عن أبيه
وفاطمة عن
أسماء ـ رضي الله عنها ـ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003437صنعت سفرة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبي بكر حين أراد المدينة ، فقلت لأبي : ما أجد شيئا أربطه إلا نطاقي ، قال : فشقيه ففعلت ، فسميت ذات النطاقين . حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر حدثنا
شعبة عن
أبي إسحاق قال : سمعت
البراء ـ رضي الله عنه ـ قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003438لما nindex.php?page=treesubj&link=29301أقبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المدينة تبعه سراقة بن مالك بن جعشم فدعا عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فساخت به فرسه ، قال : ادع الله لي ولا أضرك ، فدعا له . [ ص: 382 ] قال : فعطش رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمر براع ، قال أبو بكر : فأخذت قدحا فحلبت فيه كثبة من لبن فأتيته فشرب حتى رضيت اهـ .
( أقول ) : هذا ما اخترت نقله من صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من خبر الهجرة ، وفي أحاديث أخرى تراجع في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره من الصحاح والسنن والسير وفيها عبر كثيرة ، وإنني أقفي عليه بوصف الغار الذي شرفه الله بإيوائه إليه إتماما للفائدة .
[ ص: 376 ] الْكَلِمَةُ الْأُولَى فِي الْهِجْرَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ :
كَانَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28747حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ ، الْمُرْسَلِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ، وَمُصْلِحًا لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، أَنَّ أَعْدَلَهَا فِي الْمَرْتَبَةِ الْأَوْلَى الْأُمَّةُ الْعَرَبِيَّةُ الْأُمِّيَّةُ بِاسْتِقْلَالِ الْفِكْرِ ، وَقُوَّةِ الْإِرَادَةِ ، وَذَكَاءِ الْقَرِيحَةِ ، وَارْتِقَاءِ اللُّغَةِ وَالسَّلَامَةِ ، مِمَّا مُنِيَتْ بِهِ أُمَمُ الْحَضَارَةِ مِنَ الِاسْتِذْلَالِ وَالِاسْتِعْبَادِ لِلْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ وَرُؤَسَاءِ الدِّينِ . ثُمَّ كَانَ مِنْ حِكْمَتِهِ تَعَالَى أَنْ عَادَى هَذِهِ الدَّعْوَةَ وَالْقَائِمَ بِهَا كُبَرَاءُ قَوْمِهِ
قُرَيْشٍ ، كِبْرًا وَبَغْيًا وَعُلُوًّا وَاسْتِكْبَارًا عَنِ الِاعْتِرَافِ بِضَلَالِهِمْ وَضَلَالِ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ فِي شِرْكِهِمْ ، لِئَلَّا يَكُونَ فِي ظُهُورِهَا بِالْحَقِّ شُبْهَةٌ يُظُنُّ بِهَا أَنَّهَا إِنَّمَا قَامَتْ بِعَصَبِيَّةِ
قُرَيْشٍ ، وَكَانَ لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِضْعَةُ أَعْمَامٍ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مِنْهُمْ مِنَ السَّابِقِينَ إِلَّا
حَمْزَةُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أَخُوهُ فِي الرَّضَاعِ وَقَرِيبُهُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ ، فَإِنَّ أُمَّهُ ابْنَةُ عَمِّ
آمِنَةَ أُمِّ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ، وَقَدْ آمَنَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ بِعْثَتِهِ . وَكَانَ
أَبُو لَهَبٍ عَمُّهُ الْكَبِيرُ الْغَنِيُّ أَوَّلَ مَنْ صَارَحَهُ الْعَدَاوَةَ ، فَقَالَ
لِقُرَيْشٍ : خُذُوا عَلَى يَدَيْهِ ، قَبْلَ أَنْ تَجْتَمِعَ الْعَرَبُ عَلَيْهِ . وَحَسْبُكَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَفِي امْرَأَتِهِ حَمَّالَةِ الْحَطَبِ ، وَكَانَ عَمُّهُ
أَبُو طَالِبٍ هُوَ الَّذِي كَفَلَهُ بَعْدَ وَفَاةِ جَدِّهِ
شَيْبَةَ الْحَمْدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَإِنَّمَا كَانَ يَحْمِيهِ وَيُدَافِعُ عَنْهُ لِعَصَبِيَّةِ الْقَرَابَةِ وَالتَّرْبِيَةِ ، وَكَانَ لِزَوْجِهِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ مَقَامٌ كَبِيرٌ فِي
قُرَيْشٍ ، كَانَ لَهُ تَأْثِيرٌ سَلْبِيٌّ فِي تَقْلِيلِ إِيذَائِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ، وَقَدْ تُوُفِّيَتْ هِيَ
وَأَبُو طَالِبٍ فِي أُسْبُوعٍ وَاحِدٍ ، فَاشْتَدَّ إِيذَاءُ
قُرَيْشٍ لَهُ بَعْدَهُمَا ، حَتَّى أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ قِتَلَةً تَشْتَرِكُ فِيهَا جَمِيعُ قَبَائِلِ
قُرَيْشٍ ، بِأَنْ يَأْخُذُوا مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ مِنْهَا شَابًّا نَهْدًا قَوِيًّا يُعْطُونَهُ سَيْفًا فَيَحْمِلُ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الشُّبَّانُ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُقَطِّعُونَهُ بِسُيُوفِهِمْ ؛ لِيَضِيعَ دَمُهُ بَيْنَ الْقَبَائِلِ ، وَيَتَعَذَّرَ عَلَى
بَنِي هَاشِمٍ الْأَخْذُ بِثَأْرِهِ عَلَى حَسَبِ عَادَةِ الْعَرَبِ فَيَرْضَوْنَ بِالدِّيَةِ . عِنْدَ هَذَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْهِجْرَةِ إِلَى
يَثْرِبَ الَّتِي صَارَ اسْمُهَا
الْمَدِينَةَ الْمُنَوَّرَةَ بِهِجْرَتِهِ إِلَيْهَا ، وَكَانَ قَدْ آمَنَ بِهِ وَبَايَعَهُ مَنْ أَهْلِهَا
الْأَنْصَارُ فِي الْمَوْسِمِ مَنْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مُقَدِّمَةً لِإِيمَانِ غَيْرِهِمْ مِنَ
الْأَنْصَارِ الْكِرَامِ .
لَمْ يُكَاشِفِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِهِجْرَتِهِ أَحَدًا غَيْرَ صَاحِبِهِ الْأَوَّلِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ : الَّذِي كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=29277أَوَّلَ مَنْ آمَنُ بِهِ مِمَّنْ دَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَهْلِ بَيْتِهِ ( وَهُمْ زَوْجُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةُ وَعَتِيقُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَرَبِيبُهُ
عَلِيٌّ ، وَكَانَ دُونَ الْبُلُوغِ ، وَهَؤُلَاءِ قَدْ عَلِمُوا بِنُبُوَّتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَصَدَّقُوهُ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ اللَّهُ بِالْجَهْرِ بِالدَّعْوَةِ فَكَانَ
أَبُو بَكْرٍ صَاحِبَهُ الْمُلَازِمَ ، وَمُسْتَشَارَهُ الدَّائِمَ ، وَوَزِيرَهُ الْأَكْبَرَ وَمَوْضِعَ سِرِّهِ ، وَإِنَّمَا كَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَشَدَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ اسْتِعْدَادًا لِنُورِ الْإِسْلَامِ بِسَلَامَةِ فِطْرَتِهِ ، وَطَهَارَةِ نَفْسِهِ ، وَقُوَّةِ عَقْلِهِ ، وَعِرْفَانِهِ بِفَضَائِلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَبْلَ النُّبُوَّةِ ، وَقَدْ كَانَ صَدِيقُهُ مِنْ سِنِّ الشَّبَابِ .
[ ص: 377 ] وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَمْ يَعْرِضِ الْإِسْلَامَ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا وَكَانَ لَهُ فِيهِ كَبْوَةٌ إِلَّا
أَبَا بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ ، وَإِنَّنَا نَذْكُرُ أَصَحَّ مَا أَوْرَدَهُ نُقَّادُ الْمُحَدِّثِينَ مِنْ خَبَرِ الْهِجْرَةِ . وَأَوْضَحُهُ وَأَبْسَطُهُ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْإِمَامُ
أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=12070وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ
عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ فَنَبْدَأُ بِهِ ، وَنُقَفِّي عَلَيْهِ بِأَحَادِيثَ أُخْرَى مِنَ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِلَى رِوَايَتِهَا فِي غَيْرِهِ ، ثُمَّ نُشِيرُ إِلَى غَيْرِهَا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْهِجْرَةِ مِنْ صَحِيحِهِ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17320يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا
اللَّيْثُ عَنْ
عُقَيلٍ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ : فَأَخْبَرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ
عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ زَوْجَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَتْ : لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ طَرَفَيِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً ، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ
أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ
الْحَبَشَةِ حَتَّى بَلَغَ
بِرْكَ الْغَمَادِ لَقِيَهُ
ابْنُ الدَّغِنَةِ وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَّةِ فَقَالَ : أَيْنَ تُرِيدُ يَا
أَبَا بَكْرٍ ؟ فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ : أَخْرَجَنِي قَوْمِي فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي . قَالَ
ابْنُ الدَّغِنَةِ : فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا
أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ ، إِنَّكَ تُكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتُقِرِي الضَّيْفَ ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَأَنَا لَكَ جَارٌ ، ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ ، فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ
ابْنُ الدَّغِنَةِ ، فَطَافَ
ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرَافِ
قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ
أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ؟ فَلَمْ تُكَذِّبْ
قُرَيْشٌ جِوَارَ
ابْنِ الدَّغِنَةِ ، وَقَالُوا
لِابْنِ الدَّغِنَةِ : مُرْ
أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَلْيُصَلِ فِيهَا وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ وَلَا يُؤْذِيَنَا بِذَلِكَ وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَقَالَ ذَلِكَ
ابْنُ الدَّغِنَةِ لِأَبِي بَكْر ، فَلَبِثَ
أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِصَلَاتِهِ ، وَلَا يَقْرَأُ فِي غَيْرِ دَارِهِ ، ثُمَّ بَدَا
لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَتَقَذَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ، وَكَانَ
أَبُو بَكْرٍ [ ص: 378 ] رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ . وَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ
قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَرْسَلُوا إِلَى
ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا : إِنَّا كُنَّا أَجْرَنَا
أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ فَأَعْلَنَ بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَانْهَهُ ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ
لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ . قَالَتْ
عَائِشَةُ : فَأَتَى
ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى
أَبِي بَكْرٍ . فَقَالَ : قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِمَّا أَنْ تُرْجِعَ إِلَيَّ ذِمَّتِي ، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ ، فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ : فَإِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وَالنَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِلْمُسْلِمِينَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=920308إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ " وَهُمَا الْحَرَّتَانِ ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ
الْمَدِينَةِ ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى
الْمَدِينَةِ ، وَتَجَهَّزَ
أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ
الْمَدِينَةِ nindex.php?page=hadith&LINKID=920309فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : " عَلَى رِسْلِكَ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " فَحَبَسَ
أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِيَصْحَبَهُ ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ وَهُوَ الْخَبْطُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ .
( قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ : قَالَ
عُرْوَةُ قَالَتْ
عَائِشَةُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003434فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسًا فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي ، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ . قَالَتْ : فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَاسْتَأْذَنَ لَهُ ، فَدَخَلَ فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِأَبِي بَكْرٍ : " أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " إِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : الصُّحْبَةَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : " نَعَمْ " . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَخُذْ بِأَبِي أَنْتَ [ ص: 379 ] يَا رَسُولَ اللَّهِ - إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : " بِالثَّمَنِ " . قَالَتْ عَائِشَةُ : فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ . وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ ، فَقَطَعَتْ nindex.php?page=showalam&ids=64أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ nindex.php?page=treesubj&link=31526ذَاتُ النِّطَاقِ . قَالَتْ : ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ فَكَمِنَا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يَبِيتُ عِنْدَهُمَا nindex.php?page=showalam&ids=16397عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ ، فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فَهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ يَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعَشَاءِ فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ وَهُوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فَهَيْرَةَ بِغَلَسٍ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ . وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مَنْ بَنِيَ الدِّيلِ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا - وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ - قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلَاثٍ ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فَهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ : وَأَخْبَرَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ
سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003435جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِي بَنِيَ مُدْلِجٍ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ ، فَقَالَ : يَا سُرَاقَةَ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ أَرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ ، قَالَ سُرَاقَةُ : فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا ، ثُمَّ لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ سَاعَةً ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ ، فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ ، وَأَخَذْتُ رُمْحِيَ فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ فَحطَطْتُ بِزُجِّهِ [ ص: 380 ] الْأَرْضَ وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا فَرَفَعْتُهَا تُقَرِّبُ بِي حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ ، فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي فَخرَرْتُ عَنْهَا فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِيَ إِلَى كِنَانَتِي فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الْأَزْلَامَ فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَمْ لَا ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَعَصَيْتُ الْأَزْلَامَ تُقَرِّبُ بِي حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ ، سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الْأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ لَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذْ لِأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَّانِ ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالْأَزْلَامِ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ فَنَادَيْتُهُمْ بِالْأَمَانِ فَوَقَفُوا ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ ، وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ فَلَمْ يَرْزَآنِي وَلَمْ يَسْأَلَانِي إِلَّا أَنْ قَالَ : " أَخْفِ عَنَّا " فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فَهَيْرَةَ فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ nindex.php?page=hadith&LINKID=2003436أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَقِيَ الزُّبَيْرَ فِي رَكْبٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا تُجَّارًا قَافِلِينَ مِنَ الشَّامِ ، فَكَسَا الزُّبَيْرُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَبَا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاضٍ ، وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ nindex.php?page=treesubj&link=29301مَخْرَجَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْ مَكَّةَ فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الْحَرَّةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَ مَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ أَوْ فِي رَجُلٍ مِنْ يَهُوْدَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ لِأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ فَلَمْ يَمْلِكِ الْيَهُودِيُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ . فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلَاحِ فَتَلَقَّوا رَسُولَ اللَّهِ بِظَهْرِ الْحَرَّةِ فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ [ ص: 381 ] بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ صَامِتًا ، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يُحَيِّي أَبَا بَكْرٍ حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ، nindex.php?page=treesubj&link=29303وَأُسِّسَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ، وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَسَارَ يَمْشِي مَعَهُ النَّاسُ حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ بِالْمَدِينَةِ ، وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَكَانَ مِرْبَدًا لِلتَّمْرِ لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ غُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي حِجْرِ nindex.php?page=showalam&ids=103أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ ، هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَنْزِلُ ، ثُمَّ دَعَا رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْغُلَامَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا فَقَالَا : لَا ، بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَنْقُلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِي بُنْيَانِهِ وَيَقُولُ وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ :
هَذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالُ خَيْبَرْ هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ
وَيَقُولُ :
" اللَّهُمَّ إِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ الْآخِرَةِ فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةَ "
فَتَمَثَّلَ بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِي . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ : وَلَمْ يَبْلُغْنَا فِي الْأَحَادِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ غَيْرَ هَذَا الْبَيْتِ .
( حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12508عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا
أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا
هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ
وَفَاطِمَةُ عَنْ
أَسْمَاءَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003437صَنَعْتُ سُفْرَةً لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَبِي بَكْرٍ حِينَ أَرَادَ الْمَدِينَةَ ، فَقُلْتُ لِأَبِي : مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبُطُهُ إِلَّا نِطَاقِي ، قَالَ : فَشُقِّيهِ فَفَعَلْتُ ، فَسُمِّيَتْ ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ . حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16769غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ : سَمِعْتُ
الْبَرَاءَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003438لَمَّا nindex.php?page=treesubj&link=29301أَقْبَلَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَى الْمَدِينَةِ تَبِعَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ ، قَالَ : ادْعُ اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكَ ، فَدَعَا لَهُ . [ ص: 382 ] قَالَ : فَعَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَمَرَّ بِرَاعٍ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَأَخَذْتُ قَدَحًا فَحَلَبْتُ فِيهِ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ فَأَتَيْتُهُ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ اهـ .
( أَقُولُ ) : هَذَا مَا اخْتَرْتُ نَقَلَهُ مِنْ صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ مِنْ خَبَرِ الْهِجْرَةِ ، وَفِي أَحَادِيثَ أُخْرَى تُرَاجَعُ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالسِّيَرِ وَفِيهَا عِبَرٌ كَثِيرَةٌ ، وَإِنَّنِي أُقَفِّي عَلَيْهِ بِوَصْفِ الْغَارِ الَّذِي شَرَّفَهُ اللَّهُ بِإِيوَائِهِ إِلَيْهِ إِتْمَامًا لِلْفَائِدَةِ .