nindex.php?page=treesubj&link=28980_28842_32273nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون
كان المنافقون يرتقبون الفرص للصد عن الإسلام بالطعن على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالشبه التي يظنون أنها توقع الريب في قلوب ضعفاء الإيمان من الجانب الذي يوافق أهواءهم وقد كان منها قسمة الصدقات والغنائم . روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ومصنفو التفسير المأثور عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920332بينما النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقسم قسما إذ جاءه ذو الخويصرة التميمي فقال : اعدل يا رسول الله ، فقال : " ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل ؟ " فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : ائذن لي فأضرب عنقه ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " الحديث بطوله . قال (
أبو سعيد ) فنزلت فيهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58ومنهم من يلمزك في الصدقات الآية . وروى
ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920333لما قسم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ غنائم حنين سمعت رجلا يقول : إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله : فأتيت النبي فذكرت له ذلك فقال : " رحمة الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر " ونزل : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58ومنهم من يلمزك في الصدقات وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16061سنيد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
داود بن أبي عاصم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920334أتي النبي صلى الله عليه [ ص: 421 ] وسلم بصدقة فقسمها هاهنا وهاهنا حتى ذهبت ، ورآه رجل من الأنصار فقال : ما هذا بالعدل ، فنزلت هذه الآية . وهنالك روايات أخرى يدل مجموعها على أن هذا القول قاله أفراد من المنافقين ، وكان سببه حرمانهم من العطية كما هو مصرح به في الآية ، وكانوا من منافقي
الأنصار ، بل كان جميع المنافقين قبل فتح
مكة من
أهل المدينة وما حولها ، ولم يكن أحد منهم من
المهاجرين ؛ لأن جميع هؤلاء السابقين الأولين أسلموا في وقت ضعف الإسلام ، واحتملوا الإيذاء الشديد في سبيل إسلامهم ، ولا من
الأنصار الأولين كالذين بايعوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في
منى ، وقد تقدم في الكلام على غزوة
حنين من هذا الجزء سبب حرمان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
الأنصار من غنائم
هوازن ، ومن استاء منهم ومن تكلم ، وإرضاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهم ، ولكن الآية نص في قسمة الصدقات ، فجعل الغنائم سببا لنزولها من جملة تساهلهم فيما يسمونه أسباب النزول . قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58ومنهم من يلمزك في الصدقات nindex.php?page=treesubj&link=32534اللمز : مصدر لمزه إذا عابه وطعن عليه مطلقا أو في وجهه ، وأما همزه همزا فمعناه عابه في غيبته ، وأصله العض والضغط على الشيء . والمعنى : ومن هؤلاء المنافقين من يعيبك ويطعن عليك في قسمة الصدقات وهي أموال الزكاة المفروضة ، يزعمون أنك تحابي فيها
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يكن عطاؤهم باستحقاق ، كأن أظهروا الفقر كذبا واحتيالا أو كان لتأليف قلوبهم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون أي : وإن لم يعطوا منها فاجأهم السخط أو فاجئوك به وإن لم يكونوا مستحقين للعطاء ؛ لأنه لاهم لهم ، ولا حظ من الإسلام ، إلا المنعة الدنيوية كنيل الحطام . وقد عبر عن رضاهم بصيغة الماضي للدلالة على أنه كان يكون لأجل العطاء في وقته وينقضي ، فلا يعدونه نعمة يتمنون دوام الإسلام لدوامها ، وعبر عن سخطهم بـ " إذا " الفجائية ، وبفعل المضارع للدلالة على سرعته واستمراره . وهذا دأب المنافقين وخلقهم في كل زمان ومكان ، كما نراه بالعيان ، حتى من مدعي كمال الإيمان ، والعلم والعرفان .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59nindex.php?page=treesubj&link=28980ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله أي : ولو أنهم رضوا ما أعطاهم الله من فضله بما أنعم عليهم من الغنائم وغيرها ، وأعطاهم رسوله بقسمه للغنائم والصدقات كما أمره الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59وقالوا حسبنا الله أي : هو محسبنا وكافينا في كل حال
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59سيؤتينا الله من فضله ورسوله أي : سيعطينا الله من فضله في المستقبل من الغنائم والكسب ؛ لأن فضله دائم لا ينقطع ، ويعطينا رسوله مما يرد عليه من الغنائم والصدقات زيادة مما أعطانا من قبل ، لا يبخس أحدا منا حقا يستحقه في شرع الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59إنا إلى الله راغبون لا نرغب إلى غيره في شيء ؛ لأن بيده
[ ص: 422 ] ملكوت كل شيء ، فإليه نتوجه ، ومنه نرجو أن يبسط لنا في الرزق بما يوفقنا له من العمل ، ويهبه لنا من النصر - لكان خيرا لهم .
الرغب بالتحريك يتعدى بنفسه ، يقال رغبه ، ويتعدى بـ " في " يقال : رغب فيه ، أي : أحب حصوله له وتوجه شوقه إلى طلبه ، ويتعدى بـ " عن " لضد ذلك ، فيقال : رغب " عنه ، ومنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=130ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ( 2 : 13 ) وأما تعديته بـ " إلى فهو بمعنى التوجه إلى الغاية التي ليس بعدها غاية ، ولا ينبغي هذا إلا لله تعالى إذا أريد بالغاية ما بعد الأسباب المعروفة للبشر وهو مقام التوكل ؛ ولذلك لم يقل إنهم يقولون ، حسبنا الله ورسوله ، كما يقولون : سيؤتينا الله من فضله ورسوله ، فللرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كسب في الإيتاء بعد فضل الله تعالى ، ولكن المحسب الكافي هو الله وحده ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=36أليس الله بكاف عبده ( 39 : 36 ) ؟ وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=3ومن يتوكل على الله فهو حسبه ( 65 : 3 ) ولذلك استعمل في التنزيل بالصيغة الدالة على الحصر ، وما ثم إلا هذه الجملة في هذه السورة ومثلها في سورة القلم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59إنا إلى الله راغبون ( 68 : 32 ) وقوله تعالى لرسوله في سورة الانشراح :
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=8وإلى ربك فارغب ( 94 : 8 ) .
وإنما حذف جواب الشرط للعلم به من القرينة ، وتفصيل المعنى : ولو أنهم رضوا من الله بنعمته ، ومن الرسول بقسمته ، وعلقوا أملهم ورجاءهم بفضل الله وكفايته ، وما سينعم الله به في المستقبل ، وبعدل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في القسمة ، وانتهت رغبتهم في هذا وغيره إلى الله وحده ، لكان خيرا لهم من الطمع في غير مطمع ، ولمز الرسول المعصوم من كل ملمز ومهمز ، صلوات الله وسلامه عليه . والآيتان تهديان المؤمن إلى القناعة بكسبه وما يناله بحق من صدقة ونحوها ، ثم بأن يوجه قلبه إلى ربه ، ولا يرغب إلا إليه في شيء من رغائبه التي وراء كسبه وحقوقه الشرعية ، لا إلى الرسول ، ولا إلى من دونه فضلا وعدلا وقربا من الله تعالى بالأولى ، فتعسا لعباد القبور ، والراغبين إلى ما دفن فيها من مهمات الأمور .
nindex.php?page=treesubj&link=28980_28842_32273nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ
كَانَ الْمُنَافِقُونَ يَرْتَقِبُونَ الْفُرَصَ لِلصَّدِّ عَنِ الْإِسْلَامِ بِالطَّعْنِ عَلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِالشُّبَهِ الَّتِي يَظُنُّونَ أَنَّهَا تُوقِعُ الرَّيْبَ فِي قُلُوبِ ضُعَفَاءِ الْإِيمَانِ مِنَ الْجَانِبِ الَّذِي يُوَافِقُ أَهْوَاءَهُمْ وَقَدْ كَانَ مِنْهَا قِسْمَةُ الصَّدَقَاتِ وَالْغَنَائِمِ . رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ وَمُصَنِّفُو التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920332بَيْنَمَا النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقْسِمُ قَسَمًا إِذْ جَاءَهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ : اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ : " وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدَلْ ؟ " فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ : ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : " دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ " الْحَدِيثَ بِطُولِهِ . قَالَ (
أَبُو سَعِيدٍ ) فَنَزَلَتْ فِيهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ الْآيَةَ . وَرَوَى
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920333لَمَّا قَسَّمَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ : إِنَّ هَذِهِ قِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ : فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ : " رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ " وَنَزَلَ : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16061سُنَيْدٌ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ
دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920334أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [ ص: 421 ] وَسَلَّمَ بِصَدَقَةٍ فَقَسَّمَهَا هَاهُنَا وَهَاهُنَا حَتَّى ذَهَبَتْ ، وَرَآهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ : مَا هَذَا بِالْعَدْلِ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ . وَهُنَالِكَ رِوَايَاتٌ أُخْرَى يَدُلُّ مَجْمُوعُهَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ قَالَهُ أَفْرَادٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ ، وَكَانَ سَبَبُهُ حِرْمَانَهُمْ مِنَ الْعَطِيَّةِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْآيَةِ ، وَكَانُوا مِنْ مُنَافِقِي
الْأَنْصَارِ ، بَلْ كَانَ جَمِيعُ الْمُنَافِقِينَ قَبْلَ فَتْحِ
مَكَّةَ مِنْ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَا حَوْلَهَا ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَنِ
الْمُهَاجِرِينَ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ هَؤُلَاءِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ أَسْلَمُوا فِي وَقْتِ ضَعْفِ الْإِسْلَامِ ، وَاحْتَمَلُوا الْإِيذَاءَ الشَّدِيدَ فِي سَبِيلِ إِسْلَامِهِمْ ، وَلَا مِنَ
الْأَنْصَارِ الْأَوَّلِينَ كَالَّذِينِ بَايَعُوا النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي
مِنًى ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى غَزْوَةِ
حُنَيْنٍ مِنْ هَذَا الْجُزْءِ سَبَبُ حِرْمَانِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ
الْأَنْصَارَ مِنْ غَنَائِمِ
هَوَازِنَ ، وَمَنِ اسْتَاءَ مِنْهُمْ وَمَنْ تَكَلَّمَ ، وَإِرْضَاءُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَهُمْ ، وَلَكِنَّ الْآيَةَ نَصٌّ فِي قِسْمَةِ الصَّدَقَاتِ ، فَجَعَلَ الْغَنَائِمَ سَبَبًا لِنُزُولِهَا مِنْ جُمْلَةِ تَسَاهُلِهِمْ فِيمَا يُسَمُّونَهُ أَسْبَابَ النُّزُولِ . قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ nindex.php?page=treesubj&link=32534اللَّمْزُ : مَصْدَرُ لَمَزَهُ إِذَا عَابَهُ وَطَعَنَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَوْ فِي وَجْهِهِ ، وَأَمَّا هَمَزَهُ هَمْزًا فَمَعْنَاهُ عَابَهُ فِي غِيبَتِهِ ، وَأَصْلُهُ الْعَضُّ وَالضَّغْطُ عَلَى الشَّيْءِ . وَالْمَعْنَى : وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ مَنْ يَعِيبُكَ وَيَطْعَنُ عَلَيْكَ فِي قِسْمَةِ الصَّدَقَاتِ وَهِيَ أَمْوَالُ الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ ، يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تُحَابِي فِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَطَاؤُهُمْ بِاسْتِحْقَاقٍ ، كَأَنْ أَظْهَرُوا الْفَقْرَ كَذِبًا وَاحْتِيَالًا أَوْ كَانَ لِتَأْلِيفِ قُلُوبِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ أَيْ : وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا فَاجَأَهُمُ السُّخْطُ أَوْ فَاجَئُوكَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ لِلْعَطَاءِ ؛ لِأَنَّهُ لَاهَمَّ لَهُمْ ، وَلَا حَظَّ مِنَ الْإِسْلَامِ ، إِلَّا الْمَنَعَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ كَنَيْلِ الْحُطَامِ . وَقَدْ عَبَّرَ عَنْ رِضَاهُمْ بِصِيغَةِ الْمَاضِي لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَكُونُ لِأَجْلِ الْعَطَاءِ فِي وَقْتِهِ وَيَنْقَضِي ، فَلَا يَعُدُّونَهُ نِعْمَةً يَتَمَنَّوْنَ دَوَامَ الْإِسْلَامِ لِدَوَامِهَا ، وَعَبَّرَ عَنْ سُخْطِهِمْ بِـ " إِذَا " الْفُجَائِيَّةِ ، وَبِفِعْلِ الْمُضَارِعِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى سُرْعَتِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ . وَهَذَا دَأْبُ الْمُنَافِقِينَ وَخُلُقُهُمْ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ، كَمَا نَرَاهُ بِالْعِيَانِ ، حَتَّى مِنْ مُدَّعِي كَمَالِ الْإِيمَانِ ، وَالْعِلْمِ وَالْعِرْفَانِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59nindex.php?page=treesubj&link=28980وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَيْ : وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ بِمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْغَنَائِمِ وَغَيْرِهَا ، وَأَعْطَاهُمْ رَسُولُهُ بِقَسْمِهِ لِلْغَنَائِمِ وَالصَّدَقَاتِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ أَيْ : هُوَ مُحْسِبُنَا وَكَافِينَا فِي كُلِّ حَالٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ أَيْ : سَيُعْطِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الْغَنَائِمِ وَالْكَسْبِ ؛ لِأَنَّ فَضْلَهُ دَائِمٌ لَا يَنْقَطِعُ ، وَيُعْطِينَا رَسُولُهُ مِمَّا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنَ الْغَنَائِمِ وَالصَّدَقَاتِ زِيَادَةً مِمَّا أَعْطَانَا مِنْ قَبْلُ ، لَا يَبْخَسُ أَحَدًا مِنَّا حَقًّا يَسْتَحِقُّهُ فِي شَرْعِ اللَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ لَا نَرْغَبُ إِلَى غَيْرِهِ فِي شَيْءٍ ؛ لِأَنَّ بِيَدِهِ
[ ص: 422 ] مَلَكُوتَ كُلِّ شَيْءٍ ، فَإِلَيْهِ نَتَوَجَّهُ ، وَمِنْهُ نَرْجُو أَنْ يَبْسُطَ لَنَا فِي الرِّزْقِ بِمَا يُوَفِّقُنَا لَهُ مِنَ الْعَمَلِ ، وَيَهَبُهُ لَنَا مِنَ النَّصْرِ - لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ .
الرَّغَبُ بِالتَّحْرِيكِ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ ، يُقَالُ رَغِبَهُ ، وَيَتَعَدَّى بِـ " فِي " يُقَالُ : رَغِبَ فِيهِ ، أَيْ : أَحَبَّ حُصُولَهُ لَهُ وَتَوَجَّهَ شَوْقُهُ إِلَى طَلَبِهِ ، وَيَتَعَدَّى بِـ " عَنْ " لِضِدِّ ذَلِكَ ، فَيُقَالُ : رَغِبَ " عَنْهُ ، وَمِنْهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=130وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ( 2 : 13 ) وَأَمَّا تَعْدِيَتُهُ بِـ " إِلَى فَهُوَ بِمَعْنَى التَّوَجُّهِ إِلَى الْغَايَةِ الَّتِي لَيْسَ بَعْدَهَا غَايَةٌ ، وَلَا يَنْبَغِي هَذَا إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى إِذَا أُرِيدَ بِالْغَايَةِ مَا بَعْدَ الْأَسْبَابِ الْمَعْرُوفَةِ لِلْبَشَرِ وَهُوَ مَقَامُ التَّوَكُّلِ ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ ، حَسْبُنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، كَمَا يَقُولُونَ : سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ ، فَلِلرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَسْبٌ فِي الْإِيتَاءِ بَعْدَ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَكِنَّ الْمُحْسِبَ الْكَافِيَ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=36أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ( 39 : 36 ) ؟ وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=3وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ( 65 : 3 ) وَلِذَلِكَ اسْتُعْمِلَ فِي التَّنْزِيلِ بِالصِّيغَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْحَصْرِ ، وَمَا ثَمَّ إِلَّا هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَمِثْلُهَا فِي سُورَةِ الْقَلَمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ( 68 : 32 ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ فِي سُورَةِ الِانْشِرَاحِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=8وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ( 94 : 8 ) .
وَإِنَّمَا حُذِفَ جَوَابُ الشَّرْطِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنَ الْقَرِينَةِ ، وَتَفْصِيلُ الْمَعْنَى : وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مِنَ اللَّهِ بِنِعْمَتِهِ ، وَمِنَ الرَّسُولِ بِقِسْمَتِهِ ، وَعَلَّقُوا أَمَلَهُمْ وَرَجَاءَهُمْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَكِفَايَتِهِ ، وَمَا سَيُنْعِمُ اللَّهُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَبِعَدْلِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْقِسْمَةِ ، وَانْتَهَتْ رَغْبَتُهُمْ فِي هَذَا وَغَيْرِهِ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ ، لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنَ الطَّمَعِ فِي غَيْرِ مَطْمَعٍ ، وَلَمْزِ الرَّسُولِ الْمَعْصُومِ مِنْ كُلِّ مَلْمَزٍ وَمَهْمَزٍ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ . وَالْآيَتَانِ تَهْدِيَانِ الْمُؤْمِنَ إِلَى الْقَنَاعَةِ بِكَسْبِهِ وَمَا يَنَالُهُ بِحَقٍّ مِنْ صَدَقَةٍ وَنَحْوِهَا ، ثُمَّ بِأَنْ يُوَجِّهَ قَلْبَهُ إِلَى رَبِّهِ ، وَلَا يَرْغَبَ إِلَّا إِلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ رَغَائِبِهِ الَّتِي وَرَاءَ كَسْبِهِ وَحُقُوقِهِ الشَّرْعِيَّةِ ، لَا إِلَى الرَّسُولِ ، وَلَا إِلَى مَنْ دُونَهُ فَضْلًا وَعَدْلًا وَقُرْبًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَوْلَى ، فَتَعِسًا لِعُبَّادِ الْقُبُورِ ، وَالرَّاغِبِينَ إِلَى مَا دُفِنَ فِيهَا مِنْ مُهِمَّاتِ الْأُمُورِ .